Sunday 20 November 2016

نارام سرجون: ما أشبه الحب بالحرب .. بانتظار المعجزة من سيحبّ ترامب ومن سيحاربه؟

61002
السبت , 19 نوفمبر 2016

نارام سرجون

Image result for ‫نارام سرجون: ما أشبه الحب بالحرب‬‎

ماأشبه الحب بالحرب

فعندما يعيد العاشق انتاج نفس اللغة والأشعار والكلمات ومفردات العشق فهذا مؤشر على أنه
نضب من كل مخزون اللغة الذي افتتح به غزواته العاطفية .. ونضب فيه نهر الحب وصار العشق لديه في عمر التقاعد .. لأن الحب خلاق ومبدع ولايكرر نفسه ولا كلماته ولايقفز في نفس الماء مرتين .. ولايتوقف عن اختراع ألوان الشوق والكلمات .. ولأن العشق هو لمحة خاطفة ورحلة عابرة نحو الخلود .. ان استمرت وصلت اليه ..

وفي الحرب فان اعادة انتاج نفس السلاح الذي بدأنا به الحرب واعادة استخدامه يعني أننا استنفذنا كل الأسلحة .. وأننا صرنا نقاتل كيلا نهزم فقط وليس كي ننتصر .. وهذا هو حال المعارضة السورية التي دخلت في مرحلة الصدمة والروع ونهايات قصة الحب بينها وبين أميريكا وبها بدأت نهاية قصة الحرب وقصة نهاية الحرب .. بعد صدمة دونالد ترامب التي دوخت عشاق الحرية والديمقراطية ودوخت كل اللحى والعمامات .. وجعلت الملائكة التي يراها العريفي في ميادين القتال حائرة ..

سبحان مغير الأحوال .. وسبحان الذي يغير ولايتغير .. تكاد تراجيديا الحرب على سورية أن تخلق من كل انسان فيلسوفا ولو كان لايعرف من الفلسفة الا بمقدار مايعرفه حمار قصص عزيز نيسين الكاتب التركي المعروف أو حمار آل سعود الوزير عادل الجبير .. اما اذا كان من أولئك الذين ينسبون كل المعجزات الى قوة الأله الخارقة لسبّح باسم الله وردد وهو يتابع المعجزة الالهية التي نزلت على المعارضة السورية (سبحان مغير الأحوال .. وسبحان الذي يغير ولايتغير .. ) ..

ربما لانزال جميعا نذكر كيف أن الحملات الاعلامية الهائلة على الشعب السوري منذ الفيتو الروسي الأول كانت مصرة على تثبيت حقائق لاتقبل النقاش لأنها محشوة بالدلائل القطعية .. وفي عروقها تجري دماء البدهية وفي خلاياها تستقر برامج التاريخ الوراثية .. ومن هذه الحقائق الثابتة التي تدور حول الشمس مثل الكواكب والأقمار أن الروس سيتغير موقفهم بسرعة أمام الثبات والزخم الأميريكي .. وأنهم لايقدرون على مواصلة دعم “النظام السوري” لأنه لاقدرة لهم على الدفع بأكثر مما فعلوا .. وأنهم تحت المطرقة السياسية الضخمة لحلف الناتو الذي لاترد أقداره وأقدار أوروبة والعرب النفطيين .. وهناك المغريات الاقتصادية والتهديدات الاقتصادية وهناك أوكرانيا التي سيقايض بها وأن هناك مفاوضات تحت الطاولة للتسليم .. وأن الايرانيين اقتنعوا أخيرا ان سورية ليست لهم وهم يفاوضون على الخروج بأقل الخسائر ..

أوهام كثيرة كنا نتعب ونحن لانقدر حتى على على تعدادها وهي تتدفق مثل الطوفان .. وكنا نصاب بالاعياء ونحن نفتك بها لكثرتها مثل الوحوش في ألعاب الكومبيوتر التي تهاجمك وأنت تقتلها ولكنها تنبع بلا نهاية أو تنهض بعد موتها وتتجه اليك رغم أنك اشبعتها ضربا ورصاصا وحمما ونيرانا .. فمهما قتلت لاتتوقف قوافل الوحوش والطيور والمومياءات التي تحول الامساك بك .. شلال من الدعاية والوهم .. وكان كلما تحدث مسؤول روسي وانزلقت منه كلمة بلا معنى .. الحقائق السياسية تم اختطافها وتعذيبها وجلدها حتى تعترف انها تريد ان تقول أن الروس أصابهم الاعياء وان علينا توقع رسالة التغيير المنتظر في الموقف الروسي الذي تراخى ..

ولكن سبحان الذي يغير ولا يتغير فعلا .. فقد انقلبت الدنيا على الدنيا .. وخرج دم الحقائق من عروقها .. وصار الخطاب الثوري الآن يحاول استنهاض الهمم بالتأكيد على أن الذي سيتغير هو دونالد ترامب الرئيس الأميريكي المنتخب الذي تريده الثورة السورية أن يغير شعاراته وخياراته لتصبح مطابقة لنكهة مشروع هيلاري كلينتون .. وأن ماقاله من كلام مزعج بحق “التعاون مع روسيا والاسد” هو كلام انتخابي لايعني شيئا .. وأن هناك مؤسسات هي التي توجهه وتسيره .. وانه لايقدر على تخطي حواجر اللوبيات الضاغطة التي ستجره من أذنه ليتابع مشروع اسقاط الاسد وتسليم سورية للاسلاميين “المعتدلين” كما تريد اللوبيات .. بل ان أحد المنفعلين قال بتوكيد اليقين بأن زعماء اللوبيات سيقتلونه اذا لم يتابع الخط المرسوم كما قتلوا جون كينيدي .. أي أن هذا الثوري يعرف ان اللوبيات قد تقتل الرئيس الاميريكي من أجل مشروع خاص بها وهو ابتلاع سورية وليس من أجل تسليم الاسلاميين السلطة وتمني التوفيق والسعادة لهم .. رغم الاعتراف بهذه الحقيقة وأن الثورة مدعومة من لوبيات معادية للشعب السوري فان هذا الحلم يدغدغ عقل الثورجي الذي لايعنيه لماذا سورية مهمة في نظر اللوبيات حتى يصل الأمر بهم الى حد قتل رئيس الولايات المتحدة القادم دونالد ترامب ولايسأل لماذا يريد اللوبي الاميريكي للاسلاميين لن يكونوا في السلطة مالم تكن هناك صفقة عبودية واستعباد عند الاستلام والتسليم .. وطبعا لن تكون العبودية من نصيب اللوبيات بل من نصيب الاسلاميين ..

كلما قرأت مايكتبه المثقفون والمحللون الثوريون ومايتبادلونه من أوهام وأحلام بعودة اميريكا عن قرارها بالنأي بالنفس منذ هزة دونالد ترامب اقول (سبحان مغير الأحوال .. وسبحان الذي يغير ولايتغير) … ألم تكن هذه النبوءة بالأمس من نصيب فلاديمير بوتين الذي كان الجميع يتوقعون اعلان انقلابه على تحالفه مع الدولة السورية وجيشها .. فانتهى التوقع أن وصل بوتين مع جيشه لدعم الشعب والدولة السورية ..

مختصر القول أن هناك محاولة فاشلة يائسة من قبل البعض لتطمين من بقي حائرا فيما يفعل خاصة ان قادمات الأيام لاتبشر بالخير أبدا للمعارضة السورية .. وتحمل له هذه التطمينات رسائل الوهم الذي بدأ مع فلاديمير بوتين وتغيره الحتمي .. وتغير الصين الحتمي .. وتغير ايران الحتمي .. وتغير مزاج الشعب السوري .. وصار الآن يعمل على تغيير مزاج ترامب وقلب شعاراته بالاستفادة من مقولة ان الادارات وقوى الضغط والشخصيات النافذة هي التي تختار السياسة الامريكية وتمليها على الرئيس وليس الرئيس هو من يقرر السياسة ويمليها .. وفي هذا طبعا احتقار واسقاط لكل مقولات الحرية والديمقراطية والاعجاب بالنموذج الحر الاميريكي الذي كنا نحلم باستنساخه وتبنيه والذي صدعنا فيه وعاظ الديمقراطية والليبرالية وصناديق الانتخاب والحرية الاعلامية .. وكانوا يحلمون أن نكون نسخة عن أميريكا كي يكون عندما اعلام يضحك من الرئيس وينتقده ويغيره ونغيره بصندوق انتخاب ونغير سياساته كما يشتهي الشعب .. فاذا بكل هذا الترويج الدعائي والاعجاب اللامتناهي بقيم الحرية الاميركية يتبخر .. ونعود من جديد الى مقولة انه لابد من المخابرات وقوى الضغط واللوبيات لتصويب المسار السياسي للدول الديمقراطية وفرض وجهة نظرها على الرئيس الذي اختاره الشعب واختار برنامجه الانتخابي كما يحدث في اميريكا التي لن يقدر ترامب على تحدي ارادة القوى الضاغطة حوله والتي ستتحكم بمساره وقراراته وتخفف من اندفاعه أو تدفعه عندما يخف اندفاعه ..

وهذا أيضا يقودنا الى معنى جديد لمشروع الحرية الذي كلف السوريين عشرات آلاف الضحايا من جميع الأطراف ..لأننا بعد كل هذه الثورة تبين أننا كنا نريد اعادة انتاج نظام الديكتاتورية الشمولية – الذي ثرنا عليه – ولكن على الطريقة الأمريكية لنكون مثل النظام الامريكي الذي لايقرر الشعب فيه شيئا حتى وان انتخب برنامجا ورئيسا بعد سنة كاملة من حملات الانتخاب وحفلاتها الصاخبة ومهرجاناتها .. والذي لايقرر الرئيس فيه شيئا لأنه لاقوة فوق مراكز القوى الثقيلة في المجتمع .. أي أننا لانريد مخابرات عامة ولاعسكرية ولا مخابرات جوية ولاشعبة أمن سياسي .. بل نريد مخابرات مركزية سورية واف بي آي .. وبعض اللوبيات السوريين المرتبطين بعجلة الاقتصاد والنفط .. وغالبا بدول خارجية نافذة .. ثم نلعب لعبة الانتخابات ونضحك فيها على الناس ونغير الدمى ولكن يبقى الشعب شعبا فقط ليلعب لعبة الانتخابات والمهرجانات الانتخابية والمناظرات التافهة المعدة بعناية فائقة دون أن يغير شيئا ..

المضحك أن الثورة صارت تنتظر معجزة من نوع آخر فهي لم تعد تحلم بتغيير الموقف الروسي القديم الراسخ بل بتغيير الموقف الاميركي الجديد المعلن .. وطبعا كنا نصحنا هؤلاء الذين أمطرونا يوما بالتوقعات الصارمة التي حاولت الايحاء أنها لاتحترم قراءة البخت والحظ ولاالطقس السياسي ولاأسلوب المنجمين بل الحسابات العقلية والعلمية السياسية المستندة على يقين المعلومات من معاهد الابحاث الراقية ومن نظريات المفكر العربي عزمي بشارة وفلاسفة الاتجاه المعاكس وهيغل قطر حمد بن جبر آل ثاني صاحب خطاب النعاج الشهير .. وأعادت نبوءاتها كأنها وحي يوحى بأن الروس سيتغيرون وأن القدر قادم من الغرب مهما طال الانتظار ..

وكنا نشرح لهم أن الروس لايمكن لهم أن يتغيروا لأنها معركة حياة أو موت بالنسبة لروسيا .. وكذلك لايران .. وكذلك لسورية .. ثلاث قوى لن تستسلم في معركة الموت وهي تدرك ان استسلام أحدها أو سقوطه هو انتحار للباقيين ..

ونعيد النصيحة اليوم بأن المعادلة مختلفة في الغرب وفي اميريكا بالذات لأن اميريكا لن تموت اذا بقيت سورية الا أنها قد تموت ان غامرت عسكريا لاسقاطها لأنها مواجهة مع محور كامل وليس مع سورية وحدها .. ولذلك فان الدولة العميقة في أميريكا التي تتحكم بمسار الأحداث لم تمانع برنامج ترامب الذي هو في الحقيقة لانقاذ اميريكا وانقاذ ماء الوجه أمام تراجع حتمي ستفرضه الأرض والميدان الذي امتلأ بعساكر الجيش الروسي وطائراته ودباباته وغواصاته وطراداته .. لأن كلينتون كانت حتما لن تقدر على المغامرة بالمواجهة مع بوتين في سورية وستنحني أمام الاعصار الروسي الذي استقر أمام الشواطئ السورية .. مالم تقرر الدخول في حرب لايعرف الا الله كيف ستنتهي .. وسيكون تراجع كلينتون أكبر اهانة لسمعة أميريكا لانه التراجع الثاني بعد تراجع أوباما الشهير الذي عاد بخفي حنين من غزوة الكيماوي حيث تم تحميله ببراميل الكيماوي كغنائم .. والايام ستكشف أنها كانت ثمنا بخسا لما دفعه مقابلها ..

ومن جديد لاأملك الا أن أقول (سبحان مغير الأحوال) .. وأنا أسمع معارضين يقذفون أميريكا بشتى الشتائم والتهم وأنها لاعهد لها ولاميثاق .. لأننا نحن من علم المعارضة أن تقول ان أميريكا لاعهد لها ولاميثاق سواء الديمقراطية منها او الجمهورية .. وأن هناك مؤسسات ومراكز قوى هي التي تقود العملية السياسية وليست تمثيليات الديمقراطية .. فاذا بما نقوله يتحول الى نشيد للمعارضة ..

نحن لانراهن على ثبات ترامب ولاعلى غيره .. ولاننتظر منه خيرا لنا .. فالرجل أميريكي في النهاية .. وأميريكا لايرتجى منها خير .. ولكن علينا أن نتأمل الرسالة التي حملها وصوله الى السلطة في أميريكا .. فرسالته لم تكن للداخل الامريكي فقط وتطمينا له بل للعالم الذي يريد الساسة الاميركيون تطمينه بأن محاولات السيطرة على خطوط الغاز والطاقة توقفت بعد مرحلتي القوة الخشنة والناعمة (بوش وأوباما) وأنه آن الآن أوان التفاوض ومعرفة حدود النفوذ والاعتراف المتبادل بها .. بعد ان استنفذت كل المحاولات لكسر الدرع الروسي الصيني على شواطئ المتوسط .. ومرحلة المواجهة بلغت ذروتها في سورية في عهد اوباما ولكنها انتهت .. وجاء اعلان النهاية باقصاء كل فريق اوباما ونظرياته والاتيان بدونالد ترامب الرجل الاقتصادي الذي يفاوض كرجل أعمال وليس كايديولوجي .. فهو يفهم في البزنس وتبادل الصفقات والحصص والكعك الجغرافي ..

لم تكن الدولة السورية يوما مغرمة بأي رئيس اميريكي .. ولم تنتظر يوما نتائج انتخابات لتغير شيئا على الأرض .. لأن العمل كان دوما على قاعدة ثابتة هي أن الرئيس الأميريكي الأفضل هو الرئيس الأعرج الذي تصنعه معادلات القوة العسكرية والردع على الأرض .. ولذلك فان جورج بوش هو أعتى الرؤساء الاميركيين وأشرسهم على الاطلاق تحول الى بطة عرجاء في العراق عندما تمت مفاوضته عسكريا عبر اطلاق المقاومة العراقية المدعومة سورية وايرانيا ..

أما أوباما فوصل به الجنون انه وصل بقدميه السوداوين الى مياه الشواطئ السورية وكاد يكبس أزرار التوماهوك لكن أزرارا أخرى في الجهة السورية المقابلة كانت على وشك أن تضغط أيضا في خيار شمشمون .. ووصلت اصابع الضباط السوريين واصابع الحلفاء لحظة لامست فيها أزرار اطلاق النار وكان بينها وبين الاطلاق ثوان قليلة حيث ستثب صواريخ لاأحد يعلم اين كانت ستحط .. في السفن والبوارج أم في القواعد المحيطة أم في تل أبيب .. فبنك الأهداف الاميركية وأصدقائها حولنا أكبر بكثير من بنك الأهداف السورية التي لدى الاميركيين ..

الثورجيون يعيدون صناعة نفس الأسلحة القديمة التي افتتحوا بها غزواتهم .. ويسرقون منا بعض الأسلحة .. ويعيدون توزيعها على بعضهم .. وهذا يعني أنهم صاروا يقاتلون من أجل الا يهزموا فقط .. أما نحن فنقاتل من أجل أن ننتصر .. ولذلك سيكون لدينا عهد جديد من الصراع والحب والحرب من أجل بلادنا التي نحبها .. وستكون لدينا أسلحة جديدة لمرحلة جديدة .. وعشق جديد ورحلة أخرى نحو الخلود .. لننتصر في الحب وفي الحرب .. فما اشبه الحرب بالحب .. وما أشبه الحب بالحرب .. وماأجمل طعم الحرب في الحب .. وطعم الحب في الحرب!

Related Videos
Related Articles
River to Sea Uprooted Palestinian   
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!

No comments: