Sunday 28 October 2018

مستقبل السعودية قضية أولى دولياً وإقليمياً



أكتوبر 25, 2018

ناصر قنديل

– إشارتان مهمتان تستحقان التوقف ملياً أمامهما، في التداعيات المرافقة لقضية مقتل جمال الخاشقجي، ومستقبل ولي العهد السعودي المسؤول الأول عن العملية، ومعه مستقبل السعودية، الأولى هي ما بات شبه مؤكد عن مشاركة أجهزة الأمن الإسرائيلية والإماراتية، وربما بعض الفروع من أجهزة أميركية في العملية، والثانية ما بات واضحاً عن انطلاق عملية تشاور دولية واسعة النطاق تطال أميركا وروسيا وأوروبا من جهة، وتركيا وإيران و»إسرائيل» من جهة أخرى، تتصل بكيفية إدارة ملف مستقبل السعودية بصورة لا ترتب خسائر وانهيارات اقتصادية وأمنية وسياسية في منطقة غاية في الحساسية والأهمية، في ظل غياب بدائل جاهزة للنظام السعودي القائم، والذي لم يعد ممكناً التعايش مع وضعه الراهن، وقد دخل في الاحتضار مع فقدان القدرة على القيام بأدوار إقليمية، وانطلاق موجة عالمية يصعب السيطرة عليها، تكبر ككرة ثلج تطالب بعزله ومعاقبته، وصولاً لتجريم كل علاقة معه.

– «إسرائيل» التي يعني أمنها الكثير لواشنطن تشكل الخاسر الأكبر من سقوط الهالة التي أحاطت بالحكم السعودي لعقود طويلة، كما كانت الخاسر الأكبر من عجزه عن تأدية موجباته بتأمين شريك فلسطيني في صفقة القرن وإطلاق حلف عربي إسرائيلي بوجه إيران، وتليها الإمارات التي ربطت الكثير من مكانتها بصعود ولي العهد السعودي، بعد تحوّلات جذرية أدخلها ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد على أسلوب الإمارات في التعامل مع توازنات المنطقة، وعلى مكانتها الخاصة التي تتسم بالاعتدال في قلب هذه التوازنات، وجعلها رأس حربة في التعاون الأميركي السعودي الإسرائيلي. أما واشنطن التي شكل الاستثمار على مكانة محمد بن سلمان رهانها الرئيسي المالي والسياسي مع التراجعات التي أصابت السياسات الأميركية في المنطقة، مقابل تنامي وتعاظم الدورين الروسي والإيراني، تجد أنها بين استحالتين، الأولى تجاهل حقيقة أن أمر بن سلمان قد انتهى وأن لا شيء سينفع في تجنيب السعودية الاهتزازات المقبلة، والثانية استحالة ترك الأمور تتم من تلقاء ذاتها دون إحاطة تتيح التحكم بالتحولات ومنع حدوث مفاجآت يمكن أن تخرج عن السيطرة سواء في سوق النفط أو في توازنات المنطقة، أو في خيارات انتحارية يمكن أن يقدم عليها إبن سلمان وهو يستشعر مصيره المظلم.

– بالمقابل تقف إيران ومعها بالتتابع اليمن وقطر والفلسطينيين والبحرانيين على رأس قائمة المستفيدين من هذا المسار الانحداري المتتابع في وضع الحكم السعودي، وتقف المعارضة السعودية في الصف الأول للمستفيدين، وسيكون هؤلاء جميعاً على لائحة الطلب لجهة السعي لإقامة تفاهمات معهم تضمن مشاركتهم أو تغاضيهم أو تسهيلهم، في حال تبلور أي خطة انتقالية يتوصل إليها اللاعبون الكبار، خصوصاً واشنطن وموسكو، بينما تشكل تركيا وروسيا وبنسبة أقل الصين، الجهات التي يجب التفاهم معها حول الخطة الانتقالية، التي تؤمن الانتقال الهادئ بالسعودية من وضع إلى وضع جديد، وإلا فإن واشنطن تدرك أن اي عناد في تجنب هذه الشراكات والتعامل مع حصرية القدرة على التحكم بالمسار السعودي ستجلب الكوارث، وتقف أوروبا في هذه العملية على نقطة الوسط بين كرة الثلج المناهضة للحكم السعودي في الرأي العام العالمي التي تضغط عليها، وبين لعبة المصالح التي تفرض البحث عن موقع ودور من بوابة المشاركة في صفقة السعودية المقبلة.

– مصير السعودية سيتقدّم على مستقبل الحل السياسي في سورية، في القمة الرباعية التي ستسضيفها تركيا وتضم معها روسيا وفرنسا وألمانيا، والتي ستعقد خلال يومين، ومصير السعودية سيكون الطبق الأول على مائدة الرئيسين الروسي والأميركي في قمة باريس التي ستجمعهما بعد عشرين يوماً، ومصير السعودية سيجعل من التعامل الأميركي مع موعد الرابع من تشرين الثاني كموعد لإطلاق ما سمي بالحزمة الخانقة من العقوبات ضد إيران بقدر من العقلانية والتروي، سواء بسبب محدودية التجاوب العالمي مع العقوبات، أو بسبب الحاجة لتفاوض غير مباشر وتحت الطاولة مع إيران، لضمان تسهيل الانتقال الذي سترسو عليه السفينة الأميركية في مقاربة مستقبل السعودية بالتنسيق مع روسيا وتركيا وأوروبا.

Related Videos
Related Articles

River to Sea Uprooted Palestinian   
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!

No comments: