Saturday 13 October 2018

سورية وحلف المقاومة تحت المظلة النووية الروسية



أكتوبر 10, 2018

محمد صادق الحسيني

يبدو أن القدر قد حكم على قيادات «إسرائيل» الأمنية والعسكرية أن تخرج من أزمة لتدخل في أخرى أكثر عمقاً وأبعد تأثيراً من نوبات الكذب والهستيريا التي نضحت بها أحاديث نتن ياهو خلال الفترة القريبة الماضية.

نقول ذلك لأن الأزمة، لا بل النفق المظلم، الذي دخلته القيادات الإسرائيلية، إثر إعلان وزير الدفاع الروسي، الجنرال سيرجيو شويغو، عن تسليم سورية تسعة وأربعين وحدة، من الوحدات المكونة لمنظومة «إس 300» للدفاع الجوي، لا تبدو أزمة عابرة بإمكان غادي ايزينكوت وضباط أركانه حلها او حتى التعامل معها بشكل مهني مقبول في الحدود الدنيا.

كما أن إبلاغ الرئيس بوتين شخصياً بالأمر، وتأكيد وزير الدفاع بأن نشر وتركيب وتشغيل هذه الأنظمة سيُنجز في حد أقصاه يوم العشرين من الشهر الحالي، قد زاد الأمر تعقيداً، لا بل جعله يصل الى حد الكارثة التي لحقت بـ«إسرائيل»، حيث إن هذا الإعلان قد وضع حداً لكل هلوسات بنيامين نتن ياهو وأحلامه بأن يتمكّن من التأثير على الموقف الروسي، بشأن تسليم هذه المنظومات الصاروخية للجيش العربي السوري، لاتجاه تأخير او إلغاء الأمر.

إذن لقد قضي الأمر وأنجزت المهمة واكتمل الطوق…!

أما وقد قضي الأمر فلعل من المفيد الإضاءة على الأسباب التي تقف وراء موجة الرعب هذه، التي تعتري القادة الإسرائيليين، لعلهم ينزلون عن شجرة عنصريتهم وعنجهيتهم واستعلائهم وجنون العظمة الذي يشعرون به، ويبدأون بالتعامل مع الواقع الجديد الناتج عن انتصار قوات محور المقاومة في كامل مسرح العمليات، الممتدّ من باب المندب وصولاً إلى قطاع غزة المستمرّ في مسيرات العودة التي وصلت بالوناتها الحارقة الى مستوطنة موديعين، غرب رام الله، والتي تبعد عن حدود قطاع غزة سبعين كيلومتراً الى سورية التي تستكمل ماراتون تحرير جميع الأراضي السورية وتقترب من تحقيق هدفها بتؤدة وثبات وعزم لا يلين الى لبنان، الذي تصدّى بكل الوسائل لما روّجه نتن ياهو من أكاذيب في الأمم المتحدة، والعراق الذي نجح في استكمال مسيرة ترتيب البيت الداخلي العراقي وانتخابه رئيساً لجمهورية العراق وقيامه بتكليف شخصية توافقية عراقية بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وما يعنيه ذلك من فشل للولايات المتحدة وأذنابها الصهاينة والأعراب.

وإيران، التي حصلت على قرار أممي يدين إعادة الولايات المتحدة فرض عقوبات عليها، وذلك بعد يومين فقط من رسائلها الصاروخية الهامة الى كل من يعنيه الأمر في المنطقة والعالم.

ونظراً، لكل هذه العوامل المشار اليها أعلاه وعلى أهميتها، فإننا نؤكد وجود مجموعة عوامل أخرى، غاية في الأهمية، تقضّ مضاجع قادة «إسرائيل» السياسية والعسكرية والأمنية. وأهم هذه العوامل هي التالية:

أولاً: إن قرار الرئيس بوتين بتسليم نظام الدفاع الجوي الموحّد، من طراز «أس 300» المطور، للجيش العربي السوري قد اتخذ فور إسقاط الطائرة العسكرية الروسية من طراز اليوشن 20 مساء يوم 17/9/2018. ولعل قادة «إسرائيل» العسكريين، وبسبب ضحالتهم ومحدودية تفكيرهم العسكري، لم يفهموا أبعاد عبارة: نظام الدفاع الجوي الموحّد من طراز / إس 300/ Unified S – S 300 Air Defense Systems، التي ذكرها وزير الدفاع الروسي في معرض إعلانه عن تسليم هذا النظام للجيش العربي السوري.

ثانياً: لذلك نقول لهم: إن هذه العبارة تعني دمج نظام الدفاع الجوي السوري ليس فقط مع نظام الدفاع الجوي الروسي، الذي يحمي موسكو وغيرها من مدن روسيا العظمى، وإنما يعني ما هو أبعد وأهم وأخطر من ذلك بكثير:

إن هذه العبارة تعني دمج أنظمة الدفاع الجوي للجيش العربي السوري، وتالياً الأنظمة التي تشكل غطاء جوياً لقوات حلف المقاومة في سورية ولبنان، تعني دمجها في نظام قيادة الصواريخ النووية الاستراتيجية العابرة للقارات. وهي القيادة التي تسمّى بالانجليزية: C 3 Command او قيادة اليد الميتة: Dead Hand. وهي القيادة السرية للصواريخ النووية الاستراتيجية العابرة للقارات والمكلفة بتنفيذ الضربة النووية الثانية أو ضربة الرد، آلياً أو إلكترونياً ودون وجود أو تدخل أي عنصر بشري، على أي ضربة نووية معادية ينجم عنها تدمير مراكز قيادة القوات النووية الروسية المأهولة، أي التي يديرها ويشغّلها بشر. وهذه القيادة يوازيها في الولايات المتحدة نظام يسمّى AN / DRC – 8 وهي مختصر كلمات: Emergency Rocket Communications systems ERCS .

ثالثاً: إن قرار الدمج هذا، يعني رفع روسيا لمستوى تصدّيها للولايات المتحدة وسياساتها العدوانية في سورية الى حد غير مسبوق، وبالتالي فهو بمثابة تعبير عن قلب لموازين القوى الاستراتيجية بين الدولتين الأقوى في سورية.

وذلك لأن دمج أنظمة الدفاع الجوي السورية بالأنظمة الروسية، كما هو موضح أعلاه، يعني وضع المدن السورية او المحافظات السورية في مستوى المدن والمحافظات الروسية نفسه، التي يحميها نظام الدفاع الجوي والدفاع الصاروخي الروسي المخصص للتصدي للهجمات النووية العابرة للقارات.

وهذا يعني أن الدولة السورية وجميع القوات الحليفة الموجودة على أراضيها قد أصبحت تتمتع بمظلة نووية روسية وليس فقط بنظام دفاع جوي متطوّر جداً من طراز / اس 300/، الأمر الذي يثير رعب القيادة العسكرية والسياسية الإسرائيلية ويفسر تزايد الضغط الدبلوماسي الروسي الذي يركّز على ضرورة رحيل كافة القوات الأجنبية الموجودة على الأرض السورية من دون موافقة الحكومة السورية الشرعية.

رابعاً: وبناء على كل ما تقدم من إيضاحات فإننا ننصح جميع المسؤولين الإسرائيليين، من مدنيين وعسكريين بمن فيهم «ممعوط الذنب» أفيخاي أدرعي، أن يكفوا عن الهراء الذي يردّدونه حول قدرة سلاح الجو الإسرائيلي على التعامل مع أنظمة الدفاع الجوي الجديدة من طراز / أس 300/، الموجودة بحوزة الجيش السوري، وذلك للأسباب التالية:

إن هذه الأنظمة الجديدة تختلف جذرياً عن الأنظمة التي يعرفها سلاح الجو الإسرائيلي، من خلال تدريباته الجوية المشتركة مع سلاح الجو اليوناني في الأجواء اليونانية، والتي تدرّب فيها على التعامل مع أنظمة «إس 300» الموجودة بحوزة الجيش اليوناني، وهي أنظمة قديمة نسبياً ولا يتجاوز مستواها التكنولوجي مستوى أنظمة صواريخ /إس 200/ الموجودة بحوزة الجيش السوري منذ زمن بعيد، لا يتجاوز ذلك المستوى إلا بقليل. وبالتالي فأنتم لا تعرفون شيئاً عن كيفية التعامل مع الأنظمة الجديدة لأنكم تجهلون قدراتها العملياتية بشكل كامل، أي أنكم عميٌ ولا مجال لمواصلة المكابرة والتبجّح.

إن قرار الرئيس بوتين والرئيس الأسد المعلومات تؤكد أن هذه المنظومات كانت موجودة بحوزة الجيش السوري حتى قبل جريمة إسقاط الطائرة الروسية، ولكن الجيش السوري كان يحتفظ بها كمفاجأة تسليحية في حال وقوع أي حرب بينه وبين «إسرائيل» في المستقبل الإعلان عن وجود منظومة إس 300، الأكثر تطوراً، للدفاع الجوي بحوزة الجيش العربي السوري إنما يتعدّى في أهدافه، مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، الى اختبار فعالية هذا السلاح، وفِي ظروف قتال حقيقي، في مواجهة طائرات الشبح الأميركية من طراز F 22 وF35 ، بخاصة أن «إسرائيل» تمتلك عدداً من طائرات F 35 والتي تحاول أيضاً اختبارها في ظروف قتالية حقيقية.

وختاماً نقول لهؤلاء الجنرالات الإسرائيليين الخائبين: إنكم وجيشكم أصغر من أن تلعبوا مع الكبار، بدءاً بروسيا العظمى مروراً بإيران التي رسمت لكم ليس فقط خطاً أحمر عن بُعد، بل وخطاً صاروخياً تعرفون بالضبط تأثيراته على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، تلك الجبهة التي تترنّح بسبب الطائرات والبالونات الفلسطينية الحارقة التي تنطلق من قطاع غزة، وصولاً الى لبنان التي خاطبكم منها سيد المقاومة، سماحة السيد حسن نصر الله، في أحد خطاباته قائلاً:

إن قوات المقاومة باتت أقوى من جيشكم.

وأخيراً عساكم تفقهون بأن نظرية ثنائي الطائرة والدبابة ونقل المعركة الى عمق أراضي العدو، التي طبّقتها ألمانيا النازية، بقيادة هتلر، في الأعوام 1939 في بولندا و1940 في فرنسا و1941 في الاتحاد السوفياتي، قد سقطت وعفى عليها الزمن، أي Caduc ، كما يُقال بالفرنسية.

بعدنا طيّبين، قولوا الله.

Related Videos
Related Articles

River to Sea Uprooted Palestinian   
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!

No comments: