في المقابل، تبدو أميركا المتفوقة عسكرياً وسياسياً واقتصادياً في حالة إرباك. فهي غير قادرة على الركون الى أي من حلفائها في المنطقة. بل باتت مضطرة إلى الدفاع عن جنودها المنتشرين هنا، وعن أنظمة أقرب المقربين إليها، من إسرائيل الى آل سعود. كما أنها مضطرة ــــ في حال قررت المواجهة ــــ إلى القيام بخطوات عملانية، وإعداد موازنات تتجاوز أضعاف ما أنفقته في حروبها المفتوحة منذ عام 2001. لذلك، فإن من يجلس الى طاولة الرئيس الأميركي ليس مدعواً الى إلقاء خطب حماسية، بل الى تقديم عرض عملاني لحجم القدرة المفترض استخدامها في الحرب، ولحجم الكلفة المتوقعة، وهما أمران غير سهلين في ظل انعدام معرفة مدى قدرة الطرف الآخر على الحركة.

ما حصل أمس، والتخبط الواضح في خطاب البيت الأبيض وسيده، لا يعني أن الأمور متجهة الى الهدوء. على العكس من ذلك، نحن وسط مناخات توتر تفتح المجال أمام أخطاء تقود الى حروب كبيرة. لكن المؤكد، الآن، أن في أميركا صاحب قرار يذرع مكتبه جيئة وذهاباً وهو يستمع الى الخيارات المفتوحة، بين رد موضعي وحرب قاسية وشاملة، لكنه شارد في محاولة الإجابة عن سؤال: هل أفعلها؟ وكيف؟

على الهامش: عندما يستمع الصحافي منا الى كلام الرئيس الأميركي، أمس، ستصعب عليه متابعة التصريحات والحملات القائمة في إسرائيل والسعودية. وفي لحظة ما، يمكننا أن نفهم أن ما يجري بين أميركا وإيران اليوم، يفتح الباب جدياً على سؤال ليس قائماً الآن، لكنه بات متاحاً، يتعلق بمصير نظامي إسرائيل وآل سعود معاً!