الجمعة، 12 نيسان، 2013
أوقات الشام
موقف مرشد الاخوان وخيرت الشاطر
انتهى اللقاء لأن المجتمعين كانوا على موعد للقاء المرشد وخيرت الشاطر، وتم الاتفاق في هذا اللقاء على ترحيل الأزمة والتعايش خلال الفترة القادمة، وقد فهم أعضاء حماس من خلال هذا اللقاء أن موقف الأخوان المسلمين في مصر حالياً ليس مع إسقاط نظام بشار الأسد، لأن الإخوان المسلمين مقتنعون تماماً أن إخوان سوريا غير قادرين الآن ولا مؤهلين، وأن السيناريو الأقوى في حال سقوط نظام بشار الأسد هو تقسيم سوريا، وهو أكبر الأخطار التي تهدد أمن مصر القومي والإقليمي، وأكبر الإنفراجات لأزمة اسرائيل، وموقف الاخوان بالنسبة لدعم دول الخليج لما يحصل في سوريا غير مطمئن، وهم معنيون الآن باستعادة الدور السعودي على حساب الدور القطري، وهم ينظرون بريبة وشك وعدم اطمئنان لأي دور قطري،
المرشد تمنى على قادة حماس حسم خلافاتهم، والتوافق بالسرعة المطلقة، لأن الرئيس مرسي محرج من ملف المصالحة الفلسطينية، وهو يريد أولا حسم الخلافات داخل حماس، ثم الإنتقال فوراً لملف المصالحة، لأن التأخير لا يخدم مصر، والمطلوب منكم في هذه الفترة أن تساعدوا الرئيس مرسي قبل أن يساعدكم.. مصر الآن مهددة في أمنها، والرئيس مرسي أمام مصالح الأمن القومي المصري لا يهتم كثيرا،ً ولا يبحث عن مصالح لا الاخوان المسلمين ولا حماس، أمن مصر القومي خط أحمر لكل المصريين، ولا تنتظروا في هذه الفترة الشيء الكثير من الدكتور مرسي، عبئه ثقيل، والمطلوب أن تساعدوه لأن ملف المصالحة الفلسطينية هو انجاز مهم للدكتور ولمصر جميعاً، الوضع الفلسطيني الحالي هو ثغرة في جدار أمن مصر والمؤسسة الأمنية المصرية، والجيش ينظر بريبة لما يحدث في الأنفاق، وهناك تقارير أمنية تصل للدكتور مرسي تقول: إن إسرائيل تخترق بعض الأنفاق ما بين غزة ومصر، الدكتور مرسي لن يضحي ولن يهمل أمن مصر.
في الختام يجب أن نكون واعين جميعاً أننا في بداية الطريق، ويجب أن نضحي ببعض المصالح والمكاسب من أجل أن تكون تجربتنا في الحكم تجربة رائدة، فالكل يراهن ويتصيد فشلنا، والدكتور مرسي يمكن أن يتصادم مع الجميع، لكن لا يمكن أن يتصادم مع المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية، من أجل أمن مصر.
يا إخواني بارك الله فيكم جميعاً، وننتظر أخباركم السارة القريبة ان شاء الله من أجل مصلحة شعبكم وأمتكم الإسلامية.
وبالقدر الذي تساعدوا أنفسكم فيه .. تساعدونا وتساعدوا مصر... وشكراً.
دعم قطري لرفع معنويات مشعل
بعد هذا اللقاء أدرك مشعل أن الأمور التي سار عليها لم تكن مضمونه، وليس هو سيد الموقف، وغادر القاهرة متوجهاً إلى الدوحة وهو غاضب، دون أن يلتقي أو يودع أياً من قيادات حماس الموجودين في القاهرة.
فالموقف الذي أخذه بانتقال وتغيير موقع وموقف حماس لم ينل التأييد الكبير في صفوف حماس، بهذه الخيبة طلب فور عودته إلى قطر لقاءً سريعاً مع أمير قطر ليضعه بصورة ما حدث في القاهرة، مخبراً إياه أن موقفه صعب للغاية، وأن هناك حالة تمرد واسعة في صفوف حماس على قيادته، وأنه في هذه الحالة لم يعد سهلاً عليه مواصلة المشروع إلى نهايته، وأن تنحيه عن قيادة حماس هو أحد الأمور التي تشغل تفكيره الآن.
هنا شعر أمير قطر أن مشعل محبط للغاية وقد هزم في القاهرة، فلا بد من خطوة كبيرة من أجل عودة القوة إلى موقف وموقع مشعل، فطلب من رئيس الوزراء القطري ورئيس المخابرات القطرية التنسيق السريع مع حكومة تركيا ومخابراتها من أجل أن يذهب مشعل إلى تركيا، ويلتقي سريعاً بقيادة المعارضة السورية السياسيين والعسكريين، ليضعوه في صورة الأمور وما يحدث في سوريا والدور المطلوب منه في هذه المرحلة.
وفعلاً ذهب مشعل ومعه عزت الرشق ونزار عوض الله بمرافقة رئيس المخابرات القطرية إلى أسطنبول، وهناك في انضم إليهم صالح العاروري عضو المكتب السياسي المقيم بأسطنبول، وفوراً بدأت المخابرات التركية بعقد لقاءات سريعة بين وفد حماس وفصائل المعارضة السورية العسكرية والسياسية، كان الهدف منها هو رفع معنويات خالد مشعل وإقناعه بصحة الموقف الذي اتخذه.
مشعل يلتقي المعارضة السورية
الخلاصة التي توصل إليها خالد مشعل في تركيا هي أن نظام الأسد قد انتهى، وأن سقوطه أصبح في غضون أسابيع، إذا لم يكن في غضون أيام؛ إن ما علمه من المعارضة السورية أن الأوروبيين والأميركان وحلف الناتو أصبحوا على وشك توجيه ضربة قاضية لنظام الأسد، وزاد القناعة أن موقفه كان صحيحاً، فالذهاب مع الفاتحين والمنتصرين أفضل لحماس من الهزيمة والهروب مع المنهزمين والخاسرين.
في لقاءاته في أسطنبول يبدو أن المعارضة السورية والمخابرات التركية والقطرية طلبت مساعدة مشعل في بعض التسهيلات الفنية واللوجستية، خصوصاً فيما يتعلق بالتواجد الإيراني وتواجد حزب الله في سوريا، ويبدو أن مشعل قد وافق ضمناً على ما طلب منه.
عاد مشعل إلى الدوحة مرتفع المعنويات، وإن كان صالح العاروري في اسطنبول قد طالبه بعدم الاندفاع السريع في هذا الاتجاه أو ذاك، وقال له: ماذا تريد من قادة المعارضة السورية أن يقولوا لك غير أنهم على أبواب دمشق؟ إن لم يقولوا إنهم على أبواب القصر الجمهوري في دمشق، وهذا ما ينفيه إخوتنا المقيمين في سوريا والمطلعين على أدق التفاصيل في سوريا. إخوتنا يقولون إن المعركة إن لم تكن مستحيلة فهي طويلة جداً بالنسبة لسقوط النظام.
كلام العاروري لم يؤثر كثيراً في مشعل الذي كان بحاجة لشيء يعيد اعتباره في حماس.
فور عودة مشعل إلى الدوحة طلبت منه المخابرات القطرية سرعة الإلتزام بتنفيذ ما وعد به المعارضة السورية، بالمساعدة للوصول لبعض الأهداف الإيرانية وحزب الله داخل الأراضي السورية، وفعلاً أعطاهم مشعل اسم وعنوان وطريقة الاتصال بأحد القادة العسكريين والأمنيين الكبار لحماس في سوريا، وهو ضابط ارتباط لحماس مع الإيرانيين وحزب الله وهو (كمال غناجة).
تصفية كمال غناجة .. وموقف حماس
تحركت بعض قوى المعارضة السورية نحو غناجة في دمشق بناءً على ترتيب من خالد مشعل، وفعلاً التقى غناجة ببعض قادة المعارضة السورية، وطلبوا منه المساعدة وتسهيل ضرب أهداف ايرانية في سوريا، المفاجئ أن غناجة لم يكن من مؤيدي وجهة نظر مشعل، ويرى أن مشعل غير وفي بضرب رفاقه وحلفائه ومن احتضنوه، غناجة أبلغ قادة حزب الله الموجودين في سوريا بما حصل معه، وبعد التنسيق مع المخابرات السورية طلب من غناجة الإستمرار بالتنسيق مع المعارضة السورية، لكن وفق خطة يضعها الأمن السوري وأمن حزب الله لاصطياد المعارضة السورية، وفعلاً بقي غناجة يزود المعارضة السورية بأسماء وعناوين أنها للأمن الإيراني وحزب الله، وفي كل هجوم كانت تشنه المعارضة السورية على هذه الأهداف كانت تباد بالكامل، حتى شعرت المعارضة انها وقعت في كمين اسمه غناجة، فكان لا بد من تصفيته في منزل في إحدى ضواحي دمشق تدعى قدسية،
وفور مقتله سارعت حماس بإصدار بيان تتهم فيه قوات النظام السوري بتصفية أحد قادتها وكوادرها، في محاولة منها لخلط الأوراق، ولم تكن على علم بأن غناجة كان على تنسيق دائم مع المخابرات السورية وحزب الله، وهذا ما دفع الحج (وفيق صفا) أحد القادة الأمنيين في حزب الله في لبنان إلى استدعاء عضو المكتب السياسي لحماس أسامة حمدان المقيم في بيروت للقاء سريع وعاجل، ومن هذا اللقاء أسقط في يد حماس بعد أن أطلع الحج وفيق صفا اسامة حمدان على كاسيت فيديو بالصوت والصورة لغناجة وهو يروي بأدق التفاصيل ما حصل معه، وكيف طلب منه التعاون مع المعارضة السورية، وكيف رفض، ولماذا رفض، وكيف تعامل من ناحية وطنية وضمير مع هذه الموضوع، محملاً مسؤولية ما حصل لخالد مشعل.
أسامة حمدان فور خروجه من لقاء وفيق صفا أصدر بياناً صحفياً أعلن فيه أن غناجة ربما يكون قد قتل على أيدي مجموعة تابعة للموساد الإسرائيلي، نافياً تحميل النظام السوري مسؤولية مقلته، هذا الموقف من أسامة حمدان جاء بعد تهديد الحج وفيق صفا لحماس مطالباً إياهم بإعلان بيان واضح يبرئ النظام السوري من مقتل غناجة الآن، فإن لم تفعلوا فهذا الكاسيت سيبث مساء اليوم على تلفزيون الميادين فوراً.
بيان أسامة حمدان هذا من بيروت رد عليه عزت الرشق ببيان آخر من الدوحة يقول فيه: إن غناجة قد قتل في سوريا نتيجة انفجار مولد كهربائي في شقته في قدسية.
ايران تحظر التعامل مع مشعل
بعد كل هذا أدرك مشعل أن الأمر قد انكشف، وأن حماس ربما تكون قد خسرت أكبر حلفائها؛ وهما ايران وحزب الله، وهنا تدخل بعض القادة من التيار الآخر المحسوبين على ايران وحزب الله لتطويق تداعيات ما حصل، محملين خالد مشعل شخصياً مسؤولية ما حصل، ولم يكن قادة حماس على علم بكل هذه الترتيبات، ولو عرضت عليهم لرفضوها بالمطلق.
هذا الموقف أقنع القيادة الإيرانية بأن يكون قرارها فقط حظر التعامل مع مشعل شخصياً ومن معه دون أن يكون حظر للتعامل مع حماس بالمجمل، على اثر ذلك توجه وفد قيادي عالِ من حماس بقيادة موسى أبو مرزوق وعدد من أعضاء المكتب السياسي كان بينهم احمد الجعبري وعماد العلمي إلى إيران، وتم الإتفاق مع الإيرانيين على طي هذه الصفحة، والتحقيق المشترك فيما بينهم بخصوص ما حصل، والتأكيد على العلاقة الإستراتيجية بين حماس وطهران، وتم الإتفاق أيضاً على وقف أي تعامل رسمي (أمني، مالي، سياسي، عسكري) مع خالد مشعل، وتم الاتفاق أيضاً على أن ايران ستبقى ملتزمة بمعونتها المالية الثابتة لحماس على أن تكون: (سبعة ملايين دولار شهرياً لكتائب القسام من خلال أحمد الجعبري، وسبع ملايين دولار شهرياً تصرف لحماس في سوريا ولبنان من خلال حزب الله، ومليون دولار شهرياً تذهب لمكتب هنية في غزة).
هذا الإتفاق الذي كُرِّس في طهران جعل من مشعل مجرد قائد بلا معنى، وبدا أن التيار المعارض له قد كسب جولته الأخيرة معه، خصوصاً بعد انحياز أبو مرزوق وهنية للتيار المعارض لمشعل في هذه القضية، أي أن قيادة حماس اتخذت قراراً بعزله فعلياً مع الإبقاء عليه رسمياً، وكان القرار الأهم لحماس بالموافقة على عودة عماد العلمي عضو المكتب السياسي في حماس للإقامة الدائمة في قطاع غزة، وهو ما يفسر على أنه تعزيز للقرار الإيراني في حماس، كون العلمي الشخصية الأقرب لإيران في حماس.
اعمار غزة لتقوية مشعل
بعد هذا، شعر القطريون ومن معهم أن كل ما خططوا له بالسيطرة على قرار حماس لم ينجح، إن لم نقل إنه قد فشل، كان لا بد من خطوة قطرية قوية تمكنها من العودة لاستقطاب الجزء الأكبر من قيادة وكوادر حماس، وأبلغ مشعل من قبل أمير قطر أنه ذاهب إلى غزة، وسيدفع أموالاً طائلة هناك من أجل إعادة الإعمار، وأن كل هذه الزيارة ستتم فقط بالتنسيق مع مشعل شخصياً، مما يعيد إليه الاعتبار والقوة في قيادة حماس، وفك الاصطفاف الحاد في قيادة حماس ضد مشعل، وفعلاً تمت هذه الزيارة، وأغدقت الأموال بكثرة، دون أن تكون لها أي أثر في تغيير موازين القوى في قيادة حماس.
المشروع القطري كان يقوم بالنسبة للملف السوري على جر حلف الناتو للتدخل المباشر في سوريا كما حصل في ليبيا، وكانت الإستراتيجية القطرية تنطلق من أن يكشف بشكل واضح ومباشر عن تدخل خارجي لصالح النظام السوري من قبل ايران وحزب الله، ليكون سبباً ومبرراً لحلف الناتو في التدخل المباشر لحماية الشعب السوري، وكانت الاستراتيجية الإيرانية تنطلق من أن الطرف الأقدر على كشف هذا الدور الإيراني وحزب الله في سوريا هي حركة حماس، كونها حليفاً لهما، وتعرف أدق التفاصيل في سوريا، إلا أن هذا قد فشل بانكشاف لعبة مشعل القطرية من خلال اغتيال غناجة.
مساعدات قطرية مشروطة ومدققة اميركيا
كل المساعدات القطرية إلى غزة كانت مشروطة بأن لا يذهب أي دولار واحد لعمل أمني أو عسكري، وكل المشاريع التي يجري تنفيذها في غزة هي بعلاقة مباشرة بين الممول القطري والمقاول، وكل الفواتير التي تدفع من قطر تذهب للتدقيق عند الاميركان.
مشعل أدرك أن الأمور لم تسر كما أراد وأن هناك فراغاً في الدعم لحماس، لم يجد بديلاً عن إيران، وأن رهانه على قطر لم يحقق غايته، فهو يعرف مسبقاً أن قطر غير قادرة على أن تكون بديلاً لإيران، لأنها تعمل وفق معادلة أمريكية اسرائيلية، أي لا تستطيع أن تغطي ثمن رصاصة واحدة، وغير مسموح لها بذلك.
نتائج زيارة أمير قطر لغزة.. واغتيال الجعبري
يبدو أن نتائج زيارة أمير قطر لم تعطِ النتائج التي كانت تريدها اسرائيل والولايات المتحدة، وكانت بالنسبة لهم فاشلة، فحماس استفادت منها أكثر من كل الاطراف التي خططت لها، فمعادلة الصراع في حماس بقيت على ما هي عليه، وبالعكس من ذلك فانتخابات مجلس الشورى أظهرت سيطرة التيار المعارض لمشعل على الصورة؛ هناك في حماس من يتهم أمير قطر بصورة مباشرة بأنها دفعت اسرائيل لاغتيال الجعبري، في محاولة منها لتغيير موازين القوى داخل حماس، وهناك من يطالب مجلس الشورى والمكتب السياسي بتشكيل لجنة تحقيق في ظروف استشهاد الجعبري، دون اتهام لأي طرف في حماس بالوقوف وراء ذلك، وإن كان الاتهام منصباً فقط على قطر وجهاز مخابراتها، خصوصاً أن مدير المخابرات القطرية هو الذي رتب لزيارة أمير قطر إلى غزة بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي والأميركي، وكل اللقاءات التي أجراها مدير المخابرات القطرية في غزة لم تكن ايجابية، وإن كان قد قال: (إن الأسلحة الليبية ممكن أن تكون لكم بديلاً عن السلاح الإيراني، ويمكن لكم من خلال علاقاتكم مع بعض القوى في ليبيا أن تحققوا ما تريدون).
إن اغتيال الجعبري شكل صدمة كبيرة لحماس، وخصوصاً لخالد مشعل، لأن الجعبري كان المد القوي والمعارض بشدة لمنهج مشعل، وشعر مشعل أنه استدرج بطريقة حقيرة ومرتبة لوضعه في محل اتهام، لينساق نهائياً في المشروع القطري، لكن ذلك دفع مشعل سريعاً نحو الطرف الآخر، معلناً التزامه بكل توجهاتهم، وأن دم الجعبري لن يذهب هدراً، وكان من أشد المتطرفين في حرب غزة الأخيرة معتبراً ذلك صك غفران وإعلان براءة مما سار عليه، وبذلك قاد المفاوضات بالقاهرة بكل فروسية، وكان مستقوياً برمضان شلح، الذي أصّرت طهران على وجوده كمفاوض أساس ومباشر على طاولة المفاوضات، خصوصاً أن موازين القوى العسكرية في قطاع غزة أصبحت تميل لصالح حركة الجهاد الإسلامي.
الجهاد الاسلامي.. دعم ايراني وقبول فلسطيني
الفترة الأخيرة شهدت امتلاك حركة الجهاد الإسلامي في غزة بعض الأسلحة التي لم تكن بحوزة حركة حماس، وأن الدعم الإيراني والقبول الفلسطيني العام لحركة الجهاد الإسلامي يمكن أن يجعل منها القوة الرئيسة في قطاع غزة، خصوصاً أن شلح، وخلال مفاوضات وقف اطلاق النار في القاهرة، وبالتنسيق مع المخابرات المصرية التي أدارت هذه المفاوضات، كان على اتصال مباشر بالرئيس محمود عباس، وهذه رسالة واضحة وصريحة من إيران وشلح إلى حركة حماس، بأنكم لم تعودوا المرجعية والجهة الوحيدة التي تقرر بشأن قطاع غزة، حماس قبلت بكل ذلك في محاولة لعدم خسارة الدعم الإيراني ودفع ايران لشطبها من معادلة المقاومة، واستبدالها بحركة الجهاد الإسلامي كقوة وحيدة تتلقى الدعم الإيراني وتكون قادرة (حركة الجهاد الإسلامي) على مساعدة قوى منظمة التحرير الفلسطينية في غزة، وهذا الذي تريده إيران على المدى الطويل، لأن إيران اعتبرت نفسها خاسرة برهانها على حماس، وأن حماس لم تتردد في حال تحقيق مصالحها الضيقة، في التخلي عن حلفائها، وبالعكس من ذلك التآمر عليهم، وهذا ما تفعل من أجله حماس من أجل استعادة الثقة المفقودة مع ايران.
زيارة "الهزيمة"
بعد انتهاء معركة غزة وذهاب مشعل إلى غزة ومنع شلح من ذلك،، ذهاب مشعل كان محاولة منه للملمة قوى حماس المتناثرة، وحاول اقناع شلح بأنه لولا حاجة حماس الضرورية لذهابه إلى غزة، لما وافق على الذهاب منفرداً إلى غزة.
رحلة مشعل إلى غزة وإن حاولوا تصويرها بأنها زيارة الإنتصار العسكري والسياسي إلا انها كانت زيارة الهزيمة الداخلية لخالد مشعل ورهاناته.
خالد مشعل وخلال الزيارة إلى غزة تملص من عقد أي جلسة رسمية للأطر القيادية لحماس في قطاع غزة، مكتفياً بأن تكون زيارته اعلامية وسياسية ومجتمعية، ويقال إن الزهار قد قدم لمشعل طلبا رسمياً بعقد جلسة طارئة لمجلس الشورى، من أجل البحث في قضية اغتيال الجعبري، وخصوصاً أن مشعل وقبل 3 أيام من اغتيال الجعبري، قد أبلغ الجعبري شخصياً بأن المصريين أبلغوه بأن اسرائيل التزمت ووافقت على اتفاق التهدئة أو الهدنة الطويلة، وأن بإمكان الجعبري أن يتحرك بطريقة أوسع، لكن مع الحذر.
لقاء في غزة دون حضور مشعل
بعد مغادرة مشعل قطاع غزة وبقاء أبو مرزوق بالقطاع، عقد لقاء موسع مع أبو مرزوق وعماد العلمي، الذي قال في الإجتماع: (إن بحوزته أدلة على أن أحد أجهزة الأمن العربية هي التي طلبت من إسرائيل تصفية الجعبري، وأن هذه الأدلة لن يطرحها إلا في اجتماع رسمي لمجلس الشورى)؛ العلمي أضاف: (يمكن لنا أن نستفيد من أي دعم موجه لنا إن كان ذلك لا يهدف لمصادرة قرارنا أو لا يهدف إلى اختراقنا لصالح اسرائيل، نحن بأمس الحاجة لاجتماع أطرنا القيادية لمناقشة مسارنا بالفترة الماضية، لأننا بمقتل الجعبري تعرضنا لزلزال قوي وكبير، يجب دراسته بكل تفاصيله).
نصر الله.. عتب وغضب من مشعل
بعد عودة أبو مرزوق من قطاع غزة، وخلال وجود مشعل في الدوحة، طلب أبو مرزوق من مشعل ضرورة اللقاء السريع على أن يكون اللقاء في القاهرة وليس في الدوحة، حضر مشعل إلى القاهرة وتناقش مع أبو مرزوق بكل التفاصيل التي جاء بها من غزة، وحضر اللقاء أسامة حمدان الذي جاء من بيروت، وكان في طريقه إلى القطاع، ونقل حمدان موقف حماس في الساحة السورية واللبنانية الذي كان متقاطعاً تماماً مع موقف العلمي في قطاع غزة، وخلال اللقاء سلم أسامة حمدان كاسيت الفيديو الذي يتحدث فيه غناجة عن ما طُلب منه.
أسامة حمدان أبلغ مشعل أن هذا الكاسيت هدية من الشيخ حسن نصر الله إليك شخصياً، وقال حمدان: إنّ الشيخ حسن نصر الله أصر علي أن أسلمك إياه باليد، ويستحلفك بالله يا أبا الوليد أن تكون أميناً ووفياً لقضية شعبك، ويقول لك إنك عندما حضرت اليه في بداية الأزمة السورية من أجل أن يقوم نصر الله بالحديث مع الأسد بضرورة حل الأزمة السورية من بدايتها، قال لك نصر الله بوضوح: (أنا كلمت الرئيس الأسد وسأكلمه، لكن يا أبو الوليد خذ هالنصيحة من أخوك، لا تلعبوا بالورقة السورية، الورقة السورية ليست ورقة داخلية، وليست صراعات داخلية سورية، الأزمة السورية أكبر من ذلك وأكبر مما تتصور. ليست حقوقا وديمقراطية ولو كانت كذلك سأحلها خلال ساعة، معركة سوريا معركة معد لها إقليمياً ودولياً، ولن تنتهي بإعطاء بعض الحقوق هنا وهناك، إياكم والإنزلاق في هذه الأزمة، إذا شعرتم بأن القيادة السورية تدفعكم لاتخاذ موقف ما سأقف معكم في مواجهة ذلك، وكل الأطرف الفلسطينية الأخرى من مصلحتها عدم الانزلاق بالمسألة السورية من هنا وهناك، أنتم إن لم تكونوا مجتمعين لن تكونوا مع أي طرف من الأطراف، لكن الكلام ما زال على لسان نصر الله، اتفقت مع أبو الوليد على ذلك، لكن الأخ العزيز لم يصدقني القول، وكنت طيلة الفترة الماضية فرقة إطفاء لترميم العلاقة بين حماس وسوريا، وهناك أعدادٌ كبيرة من حماس ساهمتُ بإطلاق سراحهم من السجون السورية كانوا متورطين بالنزاع المسلح في سوريا).
أسامة حمدان نقل غضب وعتب حسن نصر الله إلى مشعل لتصرفاته وتصريحاته ما بعد حرب غزة الثانية، متهماً مشعل بأنه لم يكن وفياً لدم الشهداء، وأنه استخدم نصر غزة في بازار النفاق السياسي وبيع المواقف، نصر الله قال: أليس عيباً أن يبدأ مشعل بشكر قطر بنصر غزة ولم يقم بشكر من يستحق الشكر، أليس هذا استفزازاً أو نكراناً لجميع من ساهم بصورة حقيقية لنصر غزة، نحن في حزب الله لم ننتظر شكر مشعل، لأننا نتعامل مع ذلك بصيغة الواجب وليس بصيغة الإمتنان، ولكن ألا تستحق إيران الشكر؟ ألم تستحق سوريا الشكر؟
أسامة حمدان أبلغ مشعل في القاهرة أنه سيتوجه إلى طهران عقب عودته من غزة، مطالباً مشعل بالعمل قدر الإمكان وبالسرعة القصوى على انعقاد مجلس شورى حماس، لانتخاب القيادة الجديدة لأن الوضع الذي نمر فيه أصبح لا يحتمل، وهناك تكتلات جديدة بدأت بالظهور في الحركة، وإن استمرار ذلك سيدمر الحركة، وسيكون كل تكتل معبراً عن الجغرافيا التي يعيش على أرضها، نحن يا أبو الوليد وفي آخر جلسة للمكتب السياسي عقدناها كان هناك اتفاق واضح وصارم أن نكون حذرين وحساسين لما يحصل في المنطقة، لكننا انزلقنا هنا وهناك، وهذا ما أثر على موقف الحركة ووحدتها.
River to Sea Uprooted Palestinian
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of this Blog