By Naram Sargon
How do I apologize from my heart when I convey to him news of Syrian cities destroyed, instead of Haifa beyond Haifa ..by the so-called "revolution"....
I do not think anyone understands the appeal of the Syrian cities better than the men Syrian Arab army .. they are now close to these cities whispering and complaining to them alone .. and smiling at them from under the bloody bandages .. and insisting on shaking hands with them despite the pain in the fingers and palms .. rising from beds to hug them ..
But what about the language of "rebels" .. Who can read their language and understand their logic? Nobody, not even King Solomon. King Solomon himself would find himself in trouble if we ask him to translates the writings of the Arab Spring ..
To be contininued
السقوط بلا مظلة .. هل ستغفر لنا الحجارة
أيها الملك سليمان؟؟ ..
بقلم نارام سرجون
كيف أعتذر من قلبي عندما أنقل له أخبارا عن المدن السورية
التي حطمتها "الثورة" تحطيما لايليق الا بمدن حيفا ومابعد بعد حيفا ..
كيف نعتذر من مدائننا لأننا لم نحمها كما يجب من هؤلاء المجانين
الرعاع الذين يتمترسون في المتاحف والقلاع وفي بيوت بريئة لاينتمون اليها؟ .. وكيف
نصافحها من جديد وأصابعها ملفوفة ومضمدة بالشاش؟ .. وكيف نعانقها وتعانقنا وأذرعها
مغطاة بالجبائر .. وكيف نقبل أيديها ونطلب الغفران ونحن نبكي؟ .. كيف نقبلها من
جديد ووجهها محروق بشدة .. وشفاهها حمراء من نزف الدم القاني..
هل تغفر لنا مدائننا مافعلنا بها اذ تركناها للقبائل البدوبة كي تسبيها كالسبايا .. وهل تسامحنا العصافير التي صارت تفيق على صوت الرصاص والمتفجرات؟؟!! ..
كيف نعانق هذذه المدن الجريحة وكيف نكافئ صبرها على جنون ثوارنا الذين لايفقهون ولايسمعون؟؟ .. وأين ندفن شوارعها وأي صلاة جنازة سنصلي عليها؟؟ ..
من يفهم لغة المدائن فليقل لنا ماذا يسمع ..أأنينا يسمع أم تحديا؟؟ .. أو فليدلنا على ترجمان يقرأ لغات المدائن ..أو لغة الثوار الذين يطعنون المدن في خواصرها ويمشطون شعرها بأمشاط الديناميت و يضعون في أصابعها الجميلة سيارات مفخخة بدل خواتم العرس ..
لا أعتقد أن أحدا يفهم نداء المدن السورية كما يفهمها رجال الجيش العربي السوري ..وليس هناك ترجمان يفهم لغة مدننا مثل رجال جيشنا .. وهم الآن الأثيرون والمقربون لدى هذه المدن التي تهمس لهم وحدهم .. وتشكو لهم وحدهم .. وتبتسم لهم من تحت الضماد والشاش المدمى .. وتصر على مصافحتهم رغم الألم في الأصابع والراحات ..وتنهض من سريرها لتعانقهم عناقا طويلا ..
ولكن ماذا عن لغة "الثوار" .. ومن يستطيع أن يقرأ لغتهم وأن يفهم منطقهم الذي لايستطيع حتى الملك سليمان النبي أن يفك طلاسمه؟؟
لست الملك سليمان كي أفهم لغة الطيور والنمل والكائنات .. لكن ليس هناك أكثر حظا هذه الأيام من الملك سليمان بن داود الذي عرف أنه يعرف لغة الطير والنمل والحيوان .. الملك سليمان محظوظ جدا أنه ليس في هذا الزمن لأنه كان سيصاب بالحرج الشديد ان طلب منه أن يتحدث الى المعارضات العربية والثورجيين العرب .. فقد كان سيجد أنهم لايتحدثون لغة معروفة لدى أي من المخلوقات والكائنات الحية التي عرفتها الحياة .. ولم تستدل عليها قواميس الطيور والأسماك والأدغال ولاقواميس عاد ولاثمود ..
الملك سليمان نفسه سيجد نفسه في ورطة اذا ماطلب منه أن يترجم مايسمعه أو مايقرؤه في كتابات الربيع العربي .. وستجحظ عيناه وهو يحملق في شعارات الربيع والثوار ومافعلوه في بلدانهم من فوضى وعن الجنون الذي أطلقوه وعن المستقبل الذي فتكوا به فتكا لايشبهه الا فتك أسماك القرش الجائعة بمن عثر به الحظ وسقط بينها جريحا تثير دماؤه أعصابها ..
ان عملية قراءة لغة الثورات العربية عملية مرهقة للعقل والضمير النبوي .. ولن أتردد في أن أقول ان الملك سليمان النبي سيجد في الحديث مع النمل والطيور فائدة ومغازي ومعاني أكثر من الحديث مع كل الثوار العرب ومثقفيهم وكتابهم من المحيط الى الخليج أفقيا وعموديا ومن أقصى اليمين الى أقصى اليسار .. وربما سيفضل سليمان أن يتبادل الرأي في الحياة مع الخيول والأبقار وعن فوائد البرسيم ونكهاته على أن يتحدث عن الحياة مع معارض عربي كان شيوعيا أو تقدميا ثم انضم الى الاسلاميين أو مع مفكر عربي ثورجي تكوّن من خلطة محتال اسرائيلي الهوية ومسيحي وعربي وشيوعي الميل وقومي واسلامي قبل أن يصير مفكرا عربيا وقطريا وتونسيا .. وليس عندي شك أن النبي سليمان سيجد الأعذار القوية ليولي الأدبار قبل أن يصل اليه وفد الجامعة العربية ونبيل العربي لأنه سيجد أن الحديث مع البغال والحمير فيه متعة أكثر ومنافع للناس من الحديث مع نبيل العربي وجامعته وهرطقتها ..ونهيقها ..
وستكون العقوبة الأشد على الملك سليمان ان طلب منه أن يفهم لغة المعارضين السوريين وبالذات أن ينضم الى اجتماعات مجالسهم وأجنحة معارضتهم وقصاصاتها لأنه يستحيل عليه أن يفهم كلمة واحدة مما يقال .. فلا توجد كلمة واحدة لها علاقة بما يليها أو بما قبلها .. وهي أشبه بحروف لعبة الكلمة الضائعة أو الكلمات المتقاطعة التي يتسلى بها المسافرون الذين ملّوا على طريق السفر الطويل .. فهي تجمع متناقضات مثل (حرية + ديمقراطية + قطر + حمد + موزة + مال + عيديد + تركيا + فرنسا + كرامة + استقلال + علم احتلال + ولايات متحدة + هيلاري + هنري ليفي + اسلام + الله أكبر + ناتو + اسرائيل + حرية !!! …) والكلمة الضائعة هنا هي (الوطن السوري) وهم لن يجدوها ولن يحلوا كلماتها المتقاطعة .. فبين هذه الكلمات المتنافرة يتحول الوطن السوري الى (الوطن الضائع) أو (الوطن الذي ضاع) ..
سيحار سليمان في فك شيفرة المعارضة السورية التي تريد حرية للسوريين وتبني حريتهم في الدوحة بجانب قاعدة عسكرية أمريكية وهي دوحة اسرائيلية بلا منازع .. ويزورها كل موساد الأرض للاصطياف والاصطياد من أسراب المعارضات العربية وطيورها البلهاء..
وسيحك رأسه ويهرشه بقوة وهو يحاول أن يفهم ماذا يريد المعارضون السوريون بالضبط .. وكيف يقولون بأنهم أحرار مستقلون مع أن مالهم الذي في جيوبهم ليس مالهم ..لأنه ليس مما زرعوا وباعوا .. وليس مما نسجوا وحاكوا .. أو مما عصروا وسقوا .. بل انه مال من باعوا وطنا .. وعصروا شعبا وشربوا دما .. ونسجوا خيانة ولبسوها وارتدوا جلود السوريين الفقراء كمعاطف الفراء..
بأية لغة سيشرح ثوار سورية بالذات للملك سليمان تفسيرهم للاغتيالات وقتل كل من يحاول أن يعترض عليهم ولايبارك لهم؟ .. لايهم ان كان فنانا شابا وأميرا مثل الشهيد “محمد رافع” أم محاميا أم طبيب أسنان .. أم ضابطا في الدفاع الجوي .. وبأية لغة سيتحدث الثوار السوريون عن تبرير العنف تجاه شخصيات مدنية؟؟ .. ثورة تدعي أنها قامت لرفع سلطان الخوف عن المدنيين من سلطة الأمن ورعبه وتهديده للناس فاذا بها تريد اسكات الناس واخافتهم بالرصاص .. واغلاق أفواههم بالدم ..وتنصيب الخوف سلطانا وملك ملوك على أبنائهم وأجيالهم ..
سيقول الثورجيون انها ثورة الكرامة والحرية .. ولكن ماذا بقي من الكرامة اذا نطق رصاص الاغتيال ضد كل من لاترضى عنه الثورة؟؟ مالفرق بين من يطلق النار على معارضين له في بيوتهم وبين من يطلق النار على متظاهرين معارضين في الشوارع كما ادعت الثورة؟؟ وكيف سيأمن الناس على حياتهم وكراماتهم اذا صار الثورجيون يديرون مقرات أجهزة المخابرات لأنهم مارسوا القتل بعنف مفرط عندما كانوا خارجها؟ .. فكيف اذا صاروا في داخلها يأمرون وهم ظلال الله على الأرض والمباركون الأتقياء والأنقياء؟؟ ..
لكن الملك سليمان سيسأل الضباع التي تفهم لغة الثوار السوريين أن تنقل لهم مايقولون وستقول له الضباع التي تتحدث نفس لغتهم: أيها الملك العظيم .. هؤلاء قوم يقتلون لاخافة الناس ولاسقاط كرامتهم بالدم لأنه ليس لثائر كرامة عندما يقتل الناس .. وليس لثائر كرامة بعد أن وهبها لقطر وتركيا والناتو .. وهؤلاء أيها الملك العظيم يقتلون لأنهم يريدون أن يحكموا الناس بسلطان العبودية .. انه حكم الضباع اذا غابت السباع .. فويل الناس من الضباع ان تركت لها الساحات السباع ..
وستستدرك الخيول الأصيلة حديث الضباع وتصححه وتقول للملك سليمان: يعتقد هؤلاء أيها الملك العظيم انهم سيخيفون الناس ويخمدون أصواتهم .. لكن خوف الناس من جنونهم سيدفع الجميع للاستشراس في صدهم وسحقهم .. وملاحقتهم ..والاستبسال في القائهم خارج اسوار الحياة .. كلما اشتد الخوف منهم اشتد رفض الناس لهم وامتد ..وكلما أمعنوا في العنف أمعن الناس في الغائهم ..وبالغوا في استئصالهم ..وفي حرق جذورهم ..وفروعهم ..
وسيرى سليمان لغة جديدة لم يتحدث بها البشر ولا أي من كائنات الله .. ستستعصي لغة الثورجيين السوريين على كل الرموز والشيفرات ولغات الحيوانات والرقم المسمارية السورية والهيروغليفية المصرية التي تعلمها سليمان النبي.. فهناك لغة الكتابة بالجثث .. والتنقيط باستعمال الرؤوس المقطوعة ..والفواصل بأشلاء الضحايا وأطرافهم .. ومن أهم لهجاتها القاء الجثث الحمراء من فوق جسور نهر العاصي أو من فوق مباني البريد في حلب ..
وهناك عبارة من كلمتين اثنتين أعلن الملك سليمان استسلامه وعجزه عن ادراك معناهما وموسيقاهما والنشوة التي ترافقهما والرعشة التي تختلج قائليهما وكأنهم على سرير اللذة في أحضان غانية .. انها تكبير (الله أكبر) وهم يقتلون أسرى استسلموا وصاروا بلا سلاح ..يقتلونهم بلذة ونشوة وتشف وغل مريض ..لايصدر الا ممن رضع من اثداء دراكيولا ..
لن يفهم سليمان هنا أي شيء .. ولاأين هو الله ولاأين هو أكبر .. وسيطلب العون من قطيع من الكلاب التي تفهم لغة هؤلاء المغاوير من الثوار وستقول له: ياأيها الملك الرشيد .. هؤلاء يقتلون لأنهم لم يعودوا قادرين على الحياة من غير قتل .. صار القتل حياتهم .. وكلما عاشوا أكثر قتلوا أكثر .. ولايمكن أن يفهموا طعم الحياة طالما أنهم تذوقوا طعم القتل ونكهة الدم .. وطالما تشمموا في خياشيمهم أنفاس الضحايا وبخار الدم الساخن .. ورقصوا على عذابات واستغاثات الضحايا ..
ويأتي قطيع آخر من أبناء آوى ليدلي بدلوه ويتحدث لسليمان النبي وليعلمه لغة جديدة لم يسمع بها وتقول: أيها الملك سليمان ان “الله أكبر” هنا تعني حرفيا: من الفرات الى النيل حدودك يااسرائيل!!
وسيسمع سليمان النبي لغة سيصفها بأنها أحقر اللغات وأشدها انحطاطا رغم أنه لايفهم منها حرفا واحدا لكن في أنغامها وتواترات الصوت فيها شيئا مثيرا للاشمئزاز والتقزز .. انها ضجيج التفجيرات في الأحياء الفقيرة البائسة لقتل الفقراء .. وهل هناك في دمشق أحياء أكثر فقرا من أحياء مثل مزة 86؟ أو عش الورور والمخيمات التي لم يدخلها برهان غليون ولم يسمع بها السيدا ولايقدر رياض سيف أن يمضي فيها فترات نقاهة لربع ساعة؟ .. لا يقتل الفقراء الا نذل ابن نذل ونذلة ولن ينجب الا سلالات الأنذال؟؟
ولكن الملك سليمان الذي يفهم لغة المدن السورية دونا عن سائر مدن الدنيا يقول لها وهو يربت على كتفها: لاتجزعي ..فهذه التفجيرات تقول ان الغاية منها هي أن يتقاتل السوريون في حرب طاحنة .. وأن يفقد الناس صبرهم وأن ينصرفوا لنيل ثأرهم بأنفسهم .. والأهم أن أوامر التفجير قد سمعتها اللقالق قادمة من تركيا لأن تركيا متوترة جدا وتعيش حالة عصبية وتريد رفع سوية الضغط في الداخل السوري أملا في حدوث انفجار يخفف من مصيبة انهيار المعارضة السورية التدريجي .. فهناك من يقول ان جلد تركيا يتفتق بالأزمات .. أو أنها قادمة الى الدم ..أو أن الدم قادم اليها ..
في اشتداد الاغتيالات والتفجيرات أيتها المدن الجميلة تعبير عن حقيقة لايمكن بعد اليوم اخفاؤها وهي أن من يعجز في الميدان ويستشعر الخسارة في المعارك الكبرى يلجأ الى أسلوب الانتقام العشوائي ..وأن من ينقل قنابله الى المدن فلأنه لم يعد له أمل في خطوط المواجهة .. والقوي هو من يلجأ الى تفجير الجبهات وليس الى تفجير الأحياء ..وما ان تصل القنابل الى الأحياء حتى يعني ذلك أن من على الجبهة قد نال منهم التعب واليأس .. ولاأمل الا بضرب الخصم تحت الحزام ..انه مثل استعمال مظلة المطر بدل باراشوت المظليين الكبير..أو مثل رجل ..
الملك سليمان يقرأ في عربدة المعارضة ولغة عنفها وفي نشاط المسلحين السوريين ضد الأهداف المدنية السورية بعد أن ضعفت امكانية استهداف المراكز الحساسة يقرأ فيها لغة التاجر الذي كسدت بضاعته ومر موسمها وصار يعرض بضاعته على البسطات وفي الحارات الضيقة بعد أن كانت تعرض في المخازن الكبرى ..
ان موسم الربيع انتهى .. والثورجيون الذين كانوا يعتقدون أن الربيع بلا نهاية تنبهوا الى أن هناك من انتظر ربيعهم يتهيأ لرحلة الصيف.. وتذاكر رحلة الصيف ليس لهم فيها شيء..
.. فالمعارضون السوريون بدؤوا يدركون أن الرهان عليهم يتساقط وأن الحبال التي شدت من أشرعتهم بدأت بالتراخي والوهن ..وأن الصواري العالية لمراكب الثورة تقصفت في الريح العاتية وأنواء الغضب التي عصفت بها اثر اعصار الجيش العربي السوري .. المعارضة تبيع بضاعتها بعصبية .. وتريد الرد على هيلاري كلينتون بأن المعارضة موجودة ويجب الاستمرار في الرهان عليها ..أو على الأقل ان عليها أن تبقيها مربوطة بأحزمة الأمان..بدل القائها من ارتفاع شاهق من دون مظلات ..
الشرق الأوسط ينتظر صوتا يشق الفضاء والأجواء .. انه صوت سقوط .. بالطبع لم يعد أحد ينتظر سقوط النظام السوري الذي لن يسقط بعد اليوم .. بل الكل بانتظار سقوط شيء آخر .. لقد بدأ ضجيج السقوط عندما رمي وسام الحسن من أعلى ذروة في طموحات تيار المستقبل من دون مظلاته فتحطم شر تحطيم دون أن يسأل عنه أحد .. تلاه مباشرة دفع هيلاري كلينتون لاعضاء المجلس الوطني السوري واحدا واحدا من ارتفاع شاهق دون مظلات .. وليس هذا التزامن بالتخلي عن وسام الحسن والمجلس الوطني السوري مصادفة ..
وهناك سقوط يتوقعه الكثيرون قد يعلن عنه قريبا قبل أو بعد الانتخابات الامريكية .. فقد بدأ موسم البيع والشراء .. وبدأت مواسم السقوط .. قريبا ..
الساقطون لم تعد مطالبهم وتوسلاتهم في أن يبقوا على متن الطائرة التي حلقت بهم في أعالي الربيع العربي .. بل ليست لهم أمنية الا رميهم بالمظلات الكبيرة .. أو حتى بمظلات المطر .. فالسقوط من دون مظلات مريع ..مريع جدا ..واسألوا من تحطم على الأرض بعد سقوطه من شاهق .. من عزمي بشارة الى برهان غليون .. الى خالد مشعل ..
هل تغفر لنا مدائننا مافعلنا بها اذ تركناها للقبائل البدوبة كي تسبيها كالسبايا .. وهل تسامحنا العصافير التي صارت تفيق على صوت الرصاص والمتفجرات؟؟!! ..
كيف نعانق هذذه المدن الجريحة وكيف نكافئ صبرها على جنون ثوارنا الذين لايفقهون ولايسمعون؟؟ .. وأين ندفن شوارعها وأي صلاة جنازة سنصلي عليها؟؟ ..
من يفهم لغة المدائن فليقل لنا ماذا يسمع ..أأنينا يسمع أم تحديا؟؟ .. أو فليدلنا على ترجمان يقرأ لغات المدائن ..أو لغة الثوار الذين يطعنون المدن في خواصرها ويمشطون شعرها بأمشاط الديناميت و يضعون في أصابعها الجميلة سيارات مفخخة بدل خواتم العرس ..
لا أعتقد أن أحدا يفهم نداء المدن السورية كما يفهمها رجال الجيش العربي السوري ..وليس هناك ترجمان يفهم لغة مدننا مثل رجال جيشنا .. وهم الآن الأثيرون والمقربون لدى هذه المدن التي تهمس لهم وحدهم .. وتشكو لهم وحدهم .. وتبتسم لهم من تحت الضماد والشاش المدمى .. وتصر على مصافحتهم رغم الألم في الأصابع والراحات ..وتنهض من سريرها لتعانقهم عناقا طويلا ..
ولكن ماذا عن لغة "الثوار" .. ومن يستطيع أن يقرأ لغتهم وأن يفهم منطقهم الذي لايستطيع حتى الملك سليمان النبي أن يفك طلاسمه؟؟
لست الملك سليمان كي أفهم لغة الطيور والنمل والكائنات .. لكن ليس هناك أكثر حظا هذه الأيام من الملك سليمان بن داود الذي عرف أنه يعرف لغة الطير والنمل والحيوان .. الملك سليمان محظوظ جدا أنه ليس في هذا الزمن لأنه كان سيصاب بالحرج الشديد ان طلب منه أن يتحدث الى المعارضات العربية والثورجيين العرب .. فقد كان سيجد أنهم لايتحدثون لغة معروفة لدى أي من المخلوقات والكائنات الحية التي عرفتها الحياة .. ولم تستدل عليها قواميس الطيور والأسماك والأدغال ولاقواميس عاد ولاثمود ..
الملك سليمان نفسه سيجد نفسه في ورطة اذا ماطلب منه أن يترجم مايسمعه أو مايقرؤه في كتابات الربيع العربي .. وستجحظ عيناه وهو يحملق في شعارات الربيع والثوار ومافعلوه في بلدانهم من فوضى وعن الجنون الذي أطلقوه وعن المستقبل الذي فتكوا به فتكا لايشبهه الا فتك أسماك القرش الجائعة بمن عثر به الحظ وسقط بينها جريحا تثير دماؤه أعصابها ..
ان عملية قراءة لغة الثورات العربية عملية مرهقة للعقل والضمير النبوي .. ولن أتردد في أن أقول ان الملك سليمان النبي سيجد في الحديث مع النمل والطيور فائدة ومغازي ومعاني أكثر من الحديث مع كل الثوار العرب ومثقفيهم وكتابهم من المحيط الى الخليج أفقيا وعموديا ومن أقصى اليمين الى أقصى اليسار .. وربما سيفضل سليمان أن يتبادل الرأي في الحياة مع الخيول والأبقار وعن فوائد البرسيم ونكهاته على أن يتحدث عن الحياة مع معارض عربي كان شيوعيا أو تقدميا ثم انضم الى الاسلاميين أو مع مفكر عربي ثورجي تكوّن من خلطة محتال اسرائيلي الهوية ومسيحي وعربي وشيوعي الميل وقومي واسلامي قبل أن يصير مفكرا عربيا وقطريا وتونسيا .. وليس عندي شك أن النبي سليمان سيجد الأعذار القوية ليولي الأدبار قبل أن يصل اليه وفد الجامعة العربية ونبيل العربي لأنه سيجد أن الحديث مع البغال والحمير فيه متعة أكثر ومنافع للناس من الحديث مع نبيل العربي وجامعته وهرطقتها ..ونهيقها ..
وستكون العقوبة الأشد على الملك سليمان ان طلب منه أن يفهم لغة المعارضين السوريين وبالذات أن ينضم الى اجتماعات مجالسهم وأجنحة معارضتهم وقصاصاتها لأنه يستحيل عليه أن يفهم كلمة واحدة مما يقال .. فلا توجد كلمة واحدة لها علاقة بما يليها أو بما قبلها .. وهي أشبه بحروف لعبة الكلمة الضائعة أو الكلمات المتقاطعة التي يتسلى بها المسافرون الذين ملّوا على طريق السفر الطويل .. فهي تجمع متناقضات مثل (حرية + ديمقراطية + قطر + حمد + موزة + مال + عيديد + تركيا + فرنسا + كرامة + استقلال + علم احتلال + ولايات متحدة + هيلاري + هنري ليفي + اسلام + الله أكبر + ناتو + اسرائيل + حرية !!! …) والكلمة الضائعة هنا هي (الوطن السوري) وهم لن يجدوها ولن يحلوا كلماتها المتقاطعة .. فبين هذه الكلمات المتنافرة يتحول الوطن السوري الى (الوطن الضائع) أو (الوطن الذي ضاع) ..
سيحار سليمان في فك شيفرة المعارضة السورية التي تريد حرية للسوريين وتبني حريتهم في الدوحة بجانب قاعدة عسكرية أمريكية وهي دوحة اسرائيلية بلا منازع .. ويزورها كل موساد الأرض للاصطياف والاصطياد من أسراب المعارضات العربية وطيورها البلهاء..
وسيحك رأسه ويهرشه بقوة وهو يحاول أن يفهم ماذا يريد المعارضون السوريون بالضبط .. وكيف يقولون بأنهم أحرار مستقلون مع أن مالهم الذي في جيوبهم ليس مالهم ..لأنه ليس مما زرعوا وباعوا .. وليس مما نسجوا وحاكوا .. أو مما عصروا وسقوا .. بل انه مال من باعوا وطنا .. وعصروا شعبا وشربوا دما .. ونسجوا خيانة ولبسوها وارتدوا جلود السوريين الفقراء كمعاطف الفراء..
بأية لغة سيشرح ثوار سورية بالذات للملك سليمان تفسيرهم للاغتيالات وقتل كل من يحاول أن يعترض عليهم ولايبارك لهم؟ .. لايهم ان كان فنانا شابا وأميرا مثل الشهيد “محمد رافع” أم محاميا أم طبيب أسنان .. أم ضابطا في الدفاع الجوي .. وبأية لغة سيتحدث الثوار السوريون عن تبرير العنف تجاه شخصيات مدنية؟؟ .. ثورة تدعي أنها قامت لرفع سلطان الخوف عن المدنيين من سلطة الأمن ورعبه وتهديده للناس فاذا بها تريد اسكات الناس واخافتهم بالرصاص .. واغلاق أفواههم بالدم ..وتنصيب الخوف سلطانا وملك ملوك على أبنائهم وأجيالهم ..
سيقول الثورجيون انها ثورة الكرامة والحرية .. ولكن ماذا بقي من الكرامة اذا نطق رصاص الاغتيال ضد كل من لاترضى عنه الثورة؟؟ مالفرق بين من يطلق النار على معارضين له في بيوتهم وبين من يطلق النار على متظاهرين معارضين في الشوارع كما ادعت الثورة؟؟ وكيف سيأمن الناس على حياتهم وكراماتهم اذا صار الثورجيون يديرون مقرات أجهزة المخابرات لأنهم مارسوا القتل بعنف مفرط عندما كانوا خارجها؟ .. فكيف اذا صاروا في داخلها يأمرون وهم ظلال الله على الأرض والمباركون الأتقياء والأنقياء؟؟ ..
لكن الملك سليمان سيسأل الضباع التي تفهم لغة الثوار السوريين أن تنقل لهم مايقولون وستقول له الضباع التي تتحدث نفس لغتهم: أيها الملك العظيم .. هؤلاء قوم يقتلون لاخافة الناس ولاسقاط كرامتهم بالدم لأنه ليس لثائر كرامة عندما يقتل الناس .. وليس لثائر كرامة بعد أن وهبها لقطر وتركيا والناتو .. وهؤلاء أيها الملك العظيم يقتلون لأنهم يريدون أن يحكموا الناس بسلطان العبودية .. انه حكم الضباع اذا غابت السباع .. فويل الناس من الضباع ان تركت لها الساحات السباع ..
وستستدرك الخيول الأصيلة حديث الضباع وتصححه وتقول للملك سليمان: يعتقد هؤلاء أيها الملك العظيم انهم سيخيفون الناس ويخمدون أصواتهم .. لكن خوف الناس من جنونهم سيدفع الجميع للاستشراس في صدهم وسحقهم .. وملاحقتهم ..والاستبسال في القائهم خارج اسوار الحياة .. كلما اشتد الخوف منهم اشتد رفض الناس لهم وامتد ..وكلما أمعنوا في العنف أمعن الناس في الغائهم ..وبالغوا في استئصالهم ..وفي حرق جذورهم ..وفروعهم ..
وسيرى سليمان لغة جديدة لم يتحدث بها البشر ولا أي من كائنات الله .. ستستعصي لغة الثورجيين السوريين على كل الرموز والشيفرات ولغات الحيوانات والرقم المسمارية السورية والهيروغليفية المصرية التي تعلمها سليمان النبي.. فهناك لغة الكتابة بالجثث .. والتنقيط باستعمال الرؤوس المقطوعة ..والفواصل بأشلاء الضحايا وأطرافهم .. ومن أهم لهجاتها القاء الجثث الحمراء من فوق جسور نهر العاصي أو من فوق مباني البريد في حلب ..
وهناك عبارة من كلمتين اثنتين أعلن الملك سليمان استسلامه وعجزه عن ادراك معناهما وموسيقاهما والنشوة التي ترافقهما والرعشة التي تختلج قائليهما وكأنهم على سرير اللذة في أحضان غانية .. انها تكبير (الله أكبر) وهم يقتلون أسرى استسلموا وصاروا بلا سلاح ..يقتلونهم بلذة ونشوة وتشف وغل مريض ..لايصدر الا ممن رضع من اثداء دراكيولا ..
لن يفهم سليمان هنا أي شيء .. ولاأين هو الله ولاأين هو أكبر .. وسيطلب العون من قطيع من الكلاب التي تفهم لغة هؤلاء المغاوير من الثوار وستقول له: ياأيها الملك الرشيد .. هؤلاء يقتلون لأنهم لم يعودوا قادرين على الحياة من غير قتل .. صار القتل حياتهم .. وكلما عاشوا أكثر قتلوا أكثر .. ولايمكن أن يفهموا طعم الحياة طالما أنهم تذوقوا طعم القتل ونكهة الدم .. وطالما تشمموا في خياشيمهم أنفاس الضحايا وبخار الدم الساخن .. ورقصوا على عذابات واستغاثات الضحايا ..
ويأتي قطيع آخر من أبناء آوى ليدلي بدلوه ويتحدث لسليمان النبي وليعلمه لغة جديدة لم يسمع بها وتقول: أيها الملك سليمان ان “الله أكبر” هنا تعني حرفيا: من الفرات الى النيل حدودك يااسرائيل!!
وسيسمع سليمان النبي لغة سيصفها بأنها أحقر اللغات وأشدها انحطاطا رغم أنه لايفهم منها حرفا واحدا لكن في أنغامها وتواترات الصوت فيها شيئا مثيرا للاشمئزاز والتقزز .. انها ضجيج التفجيرات في الأحياء الفقيرة البائسة لقتل الفقراء .. وهل هناك في دمشق أحياء أكثر فقرا من أحياء مثل مزة 86؟ أو عش الورور والمخيمات التي لم يدخلها برهان غليون ولم يسمع بها السيدا ولايقدر رياض سيف أن يمضي فيها فترات نقاهة لربع ساعة؟ .. لا يقتل الفقراء الا نذل ابن نذل ونذلة ولن ينجب الا سلالات الأنذال؟؟
ولكن الملك سليمان الذي يفهم لغة المدن السورية دونا عن سائر مدن الدنيا يقول لها وهو يربت على كتفها: لاتجزعي ..فهذه التفجيرات تقول ان الغاية منها هي أن يتقاتل السوريون في حرب طاحنة .. وأن يفقد الناس صبرهم وأن ينصرفوا لنيل ثأرهم بأنفسهم .. والأهم أن أوامر التفجير قد سمعتها اللقالق قادمة من تركيا لأن تركيا متوترة جدا وتعيش حالة عصبية وتريد رفع سوية الضغط في الداخل السوري أملا في حدوث انفجار يخفف من مصيبة انهيار المعارضة السورية التدريجي .. فهناك من يقول ان جلد تركيا يتفتق بالأزمات .. أو أنها قادمة الى الدم ..أو أن الدم قادم اليها ..
في اشتداد الاغتيالات والتفجيرات أيتها المدن الجميلة تعبير عن حقيقة لايمكن بعد اليوم اخفاؤها وهي أن من يعجز في الميدان ويستشعر الخسارة في المعارك الكبرى يلجأ الى أسلوب الانتقام العشوائي ..وأن من ينقل قنابله الى المدن فلأنه لم يعد له أمل في خطوط المواجهة .. والقوي هو من يلجأ الى تفجير الجبهات وليس الى تفجير الأحياء ..وما ان تصل القنابل الى الأحياء حتى يعني ذلك أن من على الجبهة قد نال منهم التعب واليأس .. ولاأمل الا بضرب الخصم تحت الحزام ..انه مثل استعمال مظلة المطر بدل باراشوت المظليين الكبير..أو مثل رجل ..
الملك سليمان يقرأ في عربدة المعارضة ولغة عنفها وفي نشاط المسلحين السوريين ضد الأهداف المدنية السورية بعد أن ضعفت امكانية استهداف المراكز الحساسة يقرأ فيها لغة التاجر الذي كسدت بضاعته ومر موسمها وصار يعرض بضاعته على البسطات وفي الحارات الضيقة بعد أن كانت تعرض في المخازن الكبرى ..
ان موسم الربيع انتهى .. والثورجيون الذين كانوا يعتقدون أن الربيع بلا نهاية تنبهوا الى أن هناك من انتظر ربيعهم يتهيأ لرحلة الصيف.. وتذاكر رحلة الصيف ليس لهم فيها شيء..
.. فالمعارضون السوريون بدؤوا يدركون أن الرهان عليهم يتساقط وأن الحبال التي شدت من أشرعتهم بدأت بالتراخي والوهن ..وأن الصواري العالية لمراكب الثورة تقصفت في الريح العاتية وأنواء الغضب التي عصفت بها اثر اعصار الجيش العربي السوري .. المعارضة تبيع بضاعتها بعصبية .. وتريد الرد على هيلاري كلينتون بأن المعارضة موجودة ويجب الاستمرار في الرهان عليها ..أو على الأقل ان عليها أن تبقيها مربوطة بأحزمة الأمان..بدل القائها من ارتفاع شاهق من دون مظلات ..
الشرق الأوسط ينتظر صوتا يشق الفضاء والأجواء .. انه صوت سقوط .. بالطبع لم يعد أحد ينتظر سقوط النظام السوري الذي لن يسقط بعد اليوم .. بل الكل بانتظار سقوط شيء آخر .. لقد بدأ ضجيج السقوط عندما رمي وسام الحسن من أعلى ذروة في طموحات تيار المستقبل من دون مظلاته فتحطم شر تحطيم دون أن يسأل عنه أحد .. تلاه مباشرة دفع هيلاري كلينتون لاعضاء المجلس الوطني السوري واحدا واحدا من ارتفاع شاهق دون مظلات .. وليس هذا التزامن بالتخلي عن وسام الحسن والمجلس الوطني السوري مصادفة ..
وهناك سقوط يتوقعه الكثيرون قد يعلن عنه قريبا قبل أو بعد الانتخابات الامريكية .. فقد بدأ موسم البيع والشراء .. وبدأت مواسم السقوط .. قريبا ..
الساقطون لم تعد مطالبهم وتوسلاتهم في أن يبقوا على متن الطائرة التي حلقت بهم في أعالي الربيع العربي .. بل ليست لهم أمنية الا رميهم بالمظلات الكبيرة .. أو حتى بمظلات المطر .. فالسقوط من دون مظلات مريع ..مريع جدا ..واسألوا من تحطم على الأرض بعد سقوطه من شاهق .. من عزمي بشارة الى برهان غليون .. الى خالد مشعل ..
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of this Blog!
No comments:
Post a Comment