اردوغان الابن الشرعي لمشروع الشرق الأوسط الجديد ...كلفوني بمهمة وانا اقوم بتنفيذها |
معارك شرسة.. غاز روسي.. كيماوي سوري.. جهاد مقدسي.. وطبول حرب.. قراءة شاملة
كتـب المقال بقلم: عبد المجيد عقيل
الأبعاء, 05 كانون الأول 2012
كتـب المقال بقلم: عبد المجيد عقيل
الأبعاء, 05 كانون الأول 2012
أحداث دراماتيكية مفاجئة شهدتها الساحة السورية والساحة العالمية بما يخص القضية السورية في الأيام الماضية. ومجموعة من المفاجآت الغير متوقعة طفت على سطح الحدث لتنبئ بتغير ما في الشكل الذي تسير عليه الأمور. وإن بدت هذه المفاجآت والأحداث مستقلةً بذاتها وبعيدةً عن بعضها البعض. “وحدة من الشرق ووحدة من الغرب”. فإن نظرة أكثر شمولية قد تسمح لنا بتركيبها معاً كأجزاء ـ تشكل لوحةً واحدة. حتى وإن بقيت تحتوي على الكثير من الغموض كلوحات الفنانين التشكيليين.
في البداية كان إنقطاع شبكات الإتصالات والإنترنت عن سوريا لمدة ثلاثة أيام ولأول مرة منذ بداية الأزمة، وما خال هذا الإنقطاع من أخبار متضاربة ومتناقضة عن سبب الإنقطاع وعن الجهة التي تسببت به أولاً، وعن التطورات الميدانية في ظل هذا الإنقطاع ثانيا. وما إن عادت الإتصالات، لم تمض ساعات قليلة كانت مفاجأة مدوية: إنشقاق أو هروب أو خروج أو إقالة أو إستقالة المتحدث بإسم وزارة الخارجية السورية الدكتور جهاد مقدسي، تزامنت مع حملة تصعيد من أطراف دولية كبيرة هي الأولى من نوعها فيما يخص السلاح الكيماوي السوري وتهديدات مبطنة بتدخل عسكري مباشر من قبل دول الناتو في حال أقدم النظام السوري على استخدام السلاح الكيماوي. يتزامن ذلك أيضاً مع مطالبة بعض الدول لرعاياها بمغادرة الأراضي السورية. وفي النهاية تأتي مفاجأة جديدة ومن العيار الثقيل على الساحة الدولية: شركة الروسية توقع عقداً لتوريد الغاز إلى تركيا لمدة عشرين سنة بالإضافة إلى موافقة روسيا على بيع تركيا مفاعلاً نووياً للأغراض السلمية والطاقة.
لنبدأ بجمع قطع الأحجية معاً
- إن تقدم الميليشيات المسلحة تحت إسم “الجيش الحر” الملحوظ في حلب وشمال سوريا، وخطتهم للسيطرة على مطار دمشق الدولي ومحاصرة العاصمة هو أمر مؤكد. وتزامن ذلك مع رفع التنسيقيات المعارضة يوم الجمعة الماضي شعار “النصر من فوق القصر”. لكن من المؤكد أيضاً أن هذا المخطط قد تلقى ضربةً
معاكسة في اللحظات الأخيرة.
منذ قطع الإتصالات أثبتت مجريات الأحداث بأن الأمور ما زالت إلى حد جيد نسبياً تحت سيطرة الدولة وأنجز الجيش السوري أقوى عملية نوعية له في ريف دمشق وفي المناطق المتاخمة للمطار وتكبدت الميليشيات المسلحة خسائر بشرية ومادية مروعة.
الجيش السوري بدأ ينتقل مجدداً من الدفاع عن العاصمة والمراكز الحيوية إلى الهجوم الشرس بكل ثقله على المناطق الحاضنة للمجموعات المسلحة، ويبدو أنه في الطريق لتوجيه ضربة قاصمة في حلب وريفها الشمالي وحتى الحدود التركية في الأيام القادمة. يؤكد على هذا الكلام التصعيد الدولي مؤخراً بخصوص السلاح الكيماوي السوري. لماذا على القوى المتبنية لمشروع “إسقاط النظام السوري” أن تصعٌد اليوم تحديداً إن كانت الميليشيات المسلحة التي تحارب بالوكالة عن تلك القوى قريباً من تحقيق إنتصارها المزعوم؟ الأمور تعود مجدداً إلى سيطرة الدولة وإن بدا للبعض عكس ذلك.
دور حزب العدالة والتنمية التركي، وعلى رأسه السلطان أردوغان، كان دور رأس الحربة في ضرب سوريا من خاصرتها الشمالية والمساهمة الكبرى في مشروع “إسقاط النظام” مقابل إعادة أمجاد السلطنة العثمانية بأن تتحول تركيا إلى قائد للدويلات الإسلامية السنية في المنطقة الناتجة عن سايكس بيكو الجديدة والشرق الأوسط الجديد الذي سيلد بدوره من رحم الربيع العربي. والأهم من ذلك أن هذه القيادة والسيطرة ستتوج بتحويل تركيا إلى عقدة غاز عالمية، وبالتالي مركز ثقل إقليمي وعالمي على أن تكون هذه العقدة تحت نفوذ واشنطن.
ماذا تغير؟
تلقى أردوغان الصفعة تلو الأخرى بأن فوجئ بتعقيد الأزمة السورية والصعوبة الشديدة للحسم فيها بالشكل الذي كان منتظراً، وبالتالي صعوبة الحصول على المكاسب المرجوة، هذا إن كان سيحصل عليها فعلاً. فتورط أردوغان في الأزمة السورية جلب له من المشكلات ما يفوق الإمتيازات والفوائد التي حصل عليها حتى الآن. بدءأً من الكابوس الكردي الذي بات يخيف أردوغان إلى حد بعيد، مروراً بتحول تركيا أردوغان من سياسة “صفر أعداء في المنطقة” إلى واقع “صفر أصدقاء” وإنتهاءً بمستقبل مجهول لا يدري الأتراك عنه شيئاً. بل ويبدو أن أردوغان أدرك أخيراً حقيقة غدر الولايات المتحدة لعملائها بعد وضعهم في وجه المدفع وتوريطهم والتخلي عنهم بعد ذلك في ليلة وضحاها. كان على أردوغان أن يدرك ذلك منذ البداية وخلال السنوات الماضية عبر تلاعب الولايات المتحدة والغرب به بسياسة “العصا والجزرة” والضحك عليه في كل مرة دون منحه عضوية الإتحاد الأوروبي في نهاية الأمر. هنا –
وعلى ما يبدو- تأتي روسيا لتتدخل في الوقت المناسب، ولتلقي لتركيا بحبل النجاة وتفتح لها نافذة نور للهرب من الورطة الأمريكية. إن الحاكم الفعلي لروسيا هو شركة “غازبروم”، وإذا ما كان لكل موقف في ملعب السياسة ثمنه، فإن روسيا لا تدفع “كاش” إنما تدفع بالـ “غاز”. ويبدو لي أن عشرون سنة من توريد الغاز الروسي إلى تركيا حسب العقد الذي تم توقيعه هو ثمن مغر للأتراك وأكثر ضماناً من الثمن الأمريكي الذي بدأ الأتراك يشكون بحقيقة وصوله إليهم.
إذا ما كانت قراءتي صحيحة، فإن ما حدث هو أن روسيا قد اشترت تركيا. هذا يمكن تلخيص الأمر ببساطة. ويبقى الوضع الميداني في حلب وشمال سوريا هو الحكم في تحديد صحة هذه القراءة من عدمها في الأيام والأسابيع القليلة القادمة.
- قد تكون القراءتان السابقتان حسب الوضع الميداني في سوريا، وحول ما يدور خلف الكواليس بين روسيا وتركيا، صحيحتان أو خاطئتان، لكنني أجد أن هيستيريا الغرب، والتصعيد حول الملف الكيماوي، وتهديد هذه الدول للنظام السوري إن استعمله، ومطالبة بعض الدول لرعاياها بمغادرة سوريا إضافةً إلى المؤشرات الأخرى بأن شيئاً كبيراً ما سيحدث في سوريا وفي دمشق بشكل خاص، لهي أدلة قوية على أن في كلامي الكثير من الصحة.
تأتي مفاجأة “إنشقاق أو إقالة أو إستقالة” الدكتور جهاد مقدسي لتزيد من غموض الأحداث لكنها بالنسبة لي على العكس تماماً تضع القطعة الأخيرة من الـلوحة....
النظام السوري لم يعد بحاجة للتلويح أمام العالم بإمتلاكه سلاحاً كيماوياً، بينما الولايات المتحدة وحلفاؤها فيبدو أنهم أصبحوا مضطرين للمغامرة ولمهاجمة سوريا مهما كانت العواقب بعد فشل الأوراق السابقة. وبالتالي أصبحت الحكومة السورية بحاجة إلى أن تتبرأ من المقدسي وتصريحاته. فكان الإنشقاق أو الهروب أو الإقالة أو الإستقالة، سمها ما شئت، فالنتيجة واحدة، وهي أن دليل الإدانة قد سقط في عملية ذكية تحت إشراف الدولة السورية نفسها.
هنا قد يقول قائل بأن إحتمال حصول حرب في سوريا هو احتمال مستبعد، أما أن فأرى العكس تماماً. لست بحاجة إلى أن تكون محترفاً في “البوكر” لتدرك بأن الولايات المتحدة –ذات الدولارات الوهمية والمديونية المرعبة للصين وخزائن الذهب الخاوية- قد خسرت الكثير في مقامراتها السابقة وآخرها مشروعها في سوريا. وخروجها من ساحة المعركة اليوم خالية الوفاض يعني تلقيها لخسارة قد تقصم ظهرها إلى الأبد.
الولايات المتحدة سوف تقامر حتى النهاية.. وستلقي بما تبقى بين يديها من أوراق أخيرة.. فإما تستعيد كل ما خسرته وتفوز بكل ما على الطاولة.. أو أنها ستدخل في طور إنهيارها النهائي.. وربما لن تبقى الولايات المتحدة الأمريكية بعد ذلك.. متحدة. الشهور القادمة عصيبة جداً.. والإحتمالات مفتوحة على مصراعيها عما قد يحدث في الأيام القادمة حيث كل شيء ممكن.. ولا يمكن القول هنا إلا: سوريا.. فليحفظك الإله.. وليكن إلى جانبك القدر
لنبدأ بجمع قطع الأحجية معاً
- إن تقدم الميليشيات المسلحة تحت إسم “الجيش الحر” الملحوظ في حلب وشمال سوريا، وخطتهم للسيطرة على مطار دمشق الدولي ومحاصرة العاصمة هو أمر مؤكد. وتزامن ذلك مع رفع التنسيقيات المعارضة يوم الجمعة الماضي شعار “النصر من فوق القصر”. لكن من المؤكد أيضاً أن هذا المخطط قد تلقى ضربةً
معاكسة في اللحظات الأخيرة.
الخريطة من موقع الجزيرة
قد تكون المعارضة المسلحة والأجهزة الإستخبارية المسؤولة عنها قد أثبتت في أكثر من مناسبة أنها قادرة على خلق بعض المفاجآت، لكن النظام أثبت بالمقابل مقدرةً مرعبة على قلب الطاولة على خصومه وضرب مفاجآتهم بمفاجآت أكبر منها ليست في الحسبان. لا يمكن أن يكون قطع الإتصالات قد جاء نتيجة مجرد عطل عادي، كما لا يمكن أن تكون المعارضة المسلحة قد نجحت في قطع الإتصالات، لأن ذلك يتطلب ضرب الكبل الرئيسي عبر البحر، وهو ما لم يحصل في الواقع. الدولة السورية هي من قطعت الإتصالات وبشكل مقصود وممنهج ومدروس لأسباب أمنية بحتة. منها قطع الإتصالات على المستويات الدنيا والمتوسطة بين الميليشيات المسلحة والتنسيقيات –علماً أنه من المبالغة بمكان أن نقول بأن كل المسلحين والتنسيقيات المعارضة يمتلكون أجهزة ثريا وبث فضائي- ومنها سهولة إلتقاط إشارات البث الفضائي لمن يملكها في ظل غياب كافة أنواع أجهزة الإتصالات الأخرى. مما يتيح للمخابرات السورية إكتشاف بعض الأوكار الخفية. ناهيك عن أن التعتيم الإعلامي في ظروف الحرب، وخاصةً في الأوقات الحرجة والحاسمة والحساسة منها هو شيء طبيعي جداً، بل كل ما عدا ذلك غير طبيعي. وكان على الدولة أن توفر التعتيم المطلوب لقواتها المسلحة في ظل واحدة من أشرس المعارك التي تم خوضها منذ بداية الصراع المسلح. منذ قطع الإتصالات أثبتت مجريات الأحداث بأن الأمور ما زالت إلى حد جيد نسبياً تحت سيطرة الدولة وأنجز الجيش السوري أقوى عملية نوعية له في ريف دمشق وفي المناطق المتاخمة للمطار وتكبدت الميليشيات المسلحة خسائر بشرية ومادية مروعة.
الجيش السوري بدأ ينتقل مجدداً من الدفاع عن العاصمة والمراكز الحيوية إلى الهجوم الشرس بكل ثقله على المناطق الحاضنة للمجموعات المسلحة، ويبدو أنه في الطريق لتوجيه ضربة قاصمة في حلب وريفها الشمالي وحتى الحدود التركية في الأيام القادمة. يؤكد على هذا الكلام التصعيد الدولي مؤخراً بخصوص السلاح الكيماوي السوري. لماذا على القوى المتبنية لمشروع “إسقاط النظام السوري” أن تصعٌد اليوم تحديداً إن كانت الميليشيات المسلحة التي تحارب بالوكالة عن تلك القوى قريباً من تحقيق إنتصارها المزعوم؟ الأمور تعود مجدداً إلى سيطرة الدولة وإن بدا للبعض عكس ذلك.
- لنفهم ما حدث بين روسيا وتركيا مؤخراً وفي الأيام القليلة الماضية، فإن علينا أن ندرك حقيقة أن الغاز هو كلمة سر السياسة العالمية في السنوات الأخيرة. إبحثوا عن الغاز في كل صراع أو حرب أو ثورة أو إنقلاب في السنوات الماضية، وستجدونه يصرخ: أنا هنا. قطر أصبحت قطر وحمد أصبح حمد والجزيرة أصبحت الجزيرة منذ بداية مشروع تسييل الغاز القطري. بينما أردوغان وعبد الله غل لم يتمكنا من الإطاحة بأربكان إلا ضمن صفقة كبرى مع الولايات المتحدة الكلمة فيها للغاز أولاً وأخيراً. وما يدعى بالربيع العربي بشكل عام، و”الثورة السورية” بشكل خاص ليس إلا معركةً ضمن صراع الغاز بين القوى العالمية الكبرى. ومحاولةً للولايات المتحدة بإسم مشروع “نابوكو” أو “نبوخذ نصٌر” للسيطرة على الغاز في المتوسط ووضع حد لتقدم هيمنة إمبراطورية الغاز الروسية التي بدأت ومن خلفها الصين بسحب البساط من تحت أقدام الولايات المتحدة في السيطرة على السوق الأوروبية، وبالتالي على الإقتصاد العالمي.
دور حزب العدالة والتنمية التركي، وعلى رأسه السلطان أردوغان، كان دور رأس الحربة في ضرب سوريا من خاصرتها الشمالية والمساهمة الكبرى في مشروع “إسقاط النظام” مقابل إعادة أمجاد السلطنة العثمانية بأن تتحول تركيا إلى قائد للدويلات الإسلامية السنية في المنطقة الناتجة عن سايكس بيكو الجديدة والشرق الأوسط الجديد الذي سيلد بدوره من رحم الربيع العربي. والأهم من ذلك أن هذه القيادة والسيطرة ستتوج بتحويل تركيا إلى عقدة غاز عالمية، وبالتالي مركز ثقل إقليمي وعالمي على أن تكون هذه العقدة تحت نفوذ واشنطن.
ماذا تغير؟
تلقى أردوغان الصفعة تلو الأخرى بأن فوجئ بتعقيد الأزمة السورية والصعوبة الشديدة للحسم فيها بالشكل الذي كان منتظراً، وبالتالي صعوبة الحصول على المكاسب المرجوة، هذا إن كان سيحصل عليها فعلاً. فتورط أردوغان في الأزمة السورية جلب له من المشكلات ما يفوق الإمتيازات والفوائد التي حصل عليها حتى الآن. بدءأً من الكابوس الكردي الذي بات يخيف أردوغان إلى حد بعيد، مروراً بتحول تركيا أردوغان من سياسة “صفر أعداء في المنطقة” إلى واقع “صفر أصدقاء” وإنتهاءً بمستقبل مجهول لا يدري الأتراك عنه شيئاً. بل ويبدو أن أردوغان أدرك أخيراً حقيقة غدر الولايات المتحدة لعملائها بعد وضعهم في وجه المدفع وتوريطهم والتخلي عنهم بعد ذلك في ليلة وضحاها. كان على أردوغان أن يدرك ذلك منذ البداية وخلال السنوات الماضية عبر تلاعب الولايات المتحدة والغرب به بسياسة “العصا والجزرة” والضحك عليه في كل مرة دون منحه عضوية الإتحاد الأوروبي في نهاية الأمر. هنا –
وعلى ما يبدو- تأتي روسيا لتتدخل في الوقت المناسب، ولتلقي لتركيا بحبل النجاة وتفتح لها نافذة نور للهرب من الورطة الأمريكية. إن الحاكم الفعلي لروسيا هو شركة “غازبروم”، وإذا ما كان لكل موقف في ملعب السياسة ثمنه، فإن روسيا لا تدفع “كاش” إنما تدفع بالـ “غاز”. ويبدو لي أن عشرون سنة من توريد الغاز الروسي إلى تركيا حسب العقد الذي تم توقيعه هو ثمن مغر للأتراك وأكثر ضماناً من الثمن الأمريكي الذي بدأ الأتراك يشكون بحقيقة وصوله إليهم.
إذا ما كانت قراءتي صحيحة، فإن ما حدث هو أن روسيا قد اشترت تركيا. هذا يمكن تلخيص الأمر ببساطة. ويبقى الوضع الميداني في حلب وشمال سوريا هو الحكم في تحديد صحة هذه القراءة من عدمها في الأيام والأسابيع القليلة القادمة.
- قد تكون القراءتان السابقتان حسب الوضع الميداني في سوريا، وحول ما يدور خلف الكواليس بين روسيا وتركيا، صحيحتان أو خاطئتان، لكنني أجد أن هيستيريا الغرب، والتصعيد حول الملف الكيماوي، وتهديد هذه الدول للنظام السوري إن استعمله، ومطالبة بعض الدول لرعاياها بمغادرة سوريا إضافةً إلى المؤشرات الأخرى بأن شيئاً كبيراً ما سيحدث في سوريا وفي دمشق بشكل خاص، لهي أدلة قوية على أن في كلامي الكثير من الصحة.
تأتي مفاجأة “إنشقاق أو إقالة أو إستقالة” الدكتور جهاد مقدسي لتزيد من غموض الأحداث لكنها بالنسبة لي على العكس تماماً تضع القطعة الأخيرة من الـلوحة....
خروج الدكتور جهاد مقدسي لا يمكن فصله بأي حال من الأحوال عن الظرف الزمني الذي حدث فيه، وهو تصعيد الغرب تجاه قضية السلاح الكيماوي السوري. خاصةً أن جهاد مقدسي قد تحدث في هذا الموضوع. بل هو الوحيد الذي تحدث فيه كممثل عن النظام في سوريا كلها، عندما كان من مصلحة الدولة السورية في السابق توجيه رسالة مبطنة للخصوم حول إمتلاكها للسلاح الكيماوي، فهي ورقة مخيفة وذات تأثير كبير في خلق حاجز دفاع وردع ضد الخصوم. وقد عملت هذه الورقة بكفاءة في الشهور الماضية. لكن الهزيمة التي تلقاها المشروع الأميريكي والغربي في الأيام الماضية قد حوٌل قضية الكيماوي في سوريا إلى قضية أشبه بقضية أسلحة الدمار الشامل في عراق صدام حسين. أي تصريح رسمي للحكومة السورية حول إمتلاك سلاح كيماوي أصبح دليل إدانة ومصدراً لخلق مشاكل النظام السوري غني عنها، خاصةً إذا ما صحٌت أخبار بداية إستعادة السيطرة الميدانية، والفوز السياسي الكبير بتغيير الموقف التركي.
النظام السوري لم يعد بحاجة للتلويح أمام العالم بإمتلاكه سلاحاً كيماوياً، بينما الولايات المتحدة وحلفاؤها فيبدو أنهم أصبحوا مضطرين للمغامرة ولمهاجمة سوريا مهما كانت العواقب بعد فشل الأوراق السابقة. وبالتالي أصبحت الحكومة السورية بحاجة إلى أن تتبرأ من المقدسي وتصريحاته. فكان الإنشقاق أو الهروب أو الإقالة أو الإستقالة، سمها ما شئت، فالنتيجة واحدة، وهي أن دليل الإدانة قد سقط في عملية ذكية تحت إشراف الدولة السورية نفسها.
هنا قد يقول قائل بأن إحتمال حصول حرب في سوريا هو احتمال مستبعد، أما أن فأرى العكس تماماً. لست بحاجة إلى أن تكون محترفاً في “البوكر” لتدرك بأن الولايات المتحدة –ذات الدولارات الوهمية والمديونية المرعبة للصين وخزائن الذهب الخاوية- قد خسرت الكثير في مقامراتها السابقة وآخرها مشروعها في سوريا. وخروجها من ساحة المعركة اليوم خالية الوفاض يعني تلقيها لخسارة قد تقصم ظهرها إلى الأبد.
الولايات المتحدة سوف تقامر حتى النهاية.. وستلقي بما تبقى بين يديها من أوراق أخيرة.. فإما تستعيد كل ما خسرته وتفوز بكل ما على الطاولة.. أو أنها ستدخل في طور إنهيارها النهائي.. وربما لن تبقى الولايات المتحدة الأمريكية بعد ذلك.. متحدة. الشهور القادمة عصيبة جداً.. والإحتمالات مفتوحة على مصراعيها عما قد يحدث في الأيام القادمة حيث كل شيء ممكن.. ولا يمكن القول هنا إلا: سوريا.. فليحفظك الإله.. وليكن إلى جانبك القدر
No comments:
Post a Comment