الثلاثاء، 29 كانون الثاني، 2013
أوقات الشام
نارام سرجون
لايختلف اثنان على أن محمد مرسي يعيش أسوأ لحظات عمره الآن .. . ومما لاشك فيه ان تنظيم الاخوان المسلمين في العالم كله متوتر ومتشنج ويمر بحالة من العصبية والهستيريا والنزق .. وهو لايكاد يستيقظ من صدمة الا وتصدمه صدمة أكثر قسوة لأنه لايزال يعتقد أنه في شهر العسل في فراش السلطة وأن طلاقه منها لايكون الا بموته أو بموتها ..
لاأريد ان أبدو وكأني في موقف ألقي مواعظي على الغرقى ....الا أنني أعرف أن هؤلاء الغرقى محاطون بأطواق النجاة وبالحبال الموصلة الى المراسي والموانئ .. لكن الغريق الأعمى والأصم لايرى أين هي أطواق النجاة الحقيقية .. فهو يعتقد ان الأجسام الناعمة حوله هي أطواق نجاة أو هي دلافين الله التي جاءت لتنقذه .. لكنها في الحقيقة أسماك القرش الملساء .. ونعومة أجسام الحيتان القاتلة ..والوليمة البحرية قد بدأت .. لقد وقع الاسلاميون جميعا في الفخ المحكم الذي نصب لهم .. فالغرب زجهم في هذا الصراع على السلطة لكنه قبل ذلك اقتلع أسنانهم وأظافرهم .. وسحب منهم هرمونات الرجولة والفحولة باستئصال خصى الاخوان من جذورها بل واجتث أعضاء الذكورة ..
فماذا بقي للاسلاميين بعد أن جردهم الغرب من شعاراتهم في التحرير والجهاد والعداء لاسرائيل وتحرير القدس؟؟ وماذا بقي لهم بعد أن أهان رسولهم وهم في ذروة القوة وقد بسطوا أجنحتهم على امتداد قارتين فاذا بهم يلزمون صمت القبور؟
وماذا بقي من شرف الاخوان وهم يحاربون خصومهم في البرلمان والتشريع بقذائف الرز والسكر وعبوات الزيت بدل بيانات الصحوة الاسلامية وجهاد النفس وكلمات (وأعدوا لهم مااستطعتم) .. لأن ماأعدوه لم يكن الا أكياس الرز والسكر وشوالات الفتاوى الانتخابية..!! ماذا بقي من الطمأنينة التي تسلحوا بها وقد سكتوا عن جرائم الذبح والسحل والقتل التي صوروها لارهاب المسلمين بالذات بدل (ترهبون به عدو الله وعدوكم)؟؟
وماذا بقي من شرف الاخوان وهم يحاربون خصومهم في البرلمان والتشريع بقذائف الرز والسكر وعبوات الزيت بدل بيانات الصحوة الاسلامية وجهاد النفس وكلمات (وأعدوا لهم مااستطعتم) .. لأن ماأعدوه لم يكن الا أكياس الرز والسكر وشوالات الفتاوى الانتخابية..!! ماذا بقي من الطمأنينة التي تسلحوا بها وقد سكتوا عن جرائم الذبح والسحل والقتل التي صوروها لارهاب المسلمين بالذات بدل (ترهبون به عدو الله وعدوكم)؟؟
ظن البلهاء الاسلاميون أنهم يتسللون الى السياسة العالمية بذكاء ويتمسكنون أمام الغرب الى أن يمسكوا بكل شيء فيتحولوا الى مناورات أخرى حسب اهوائهم بعد أن يشبوا عن الطوق .. ولكن في بهلوانياتهم السياسية ظهروا ضعفاء كالبغاث والضفادع.. فلم يضيفوا حرفا واحدا أو ينقصوا حرفا واحدا على نقيق بيانات وخطابات بن علي الرمادبة الباردة وحسني مبارك الجوفاء والجامعة العربية ..
لم يكن لصعودهم هيبة الثوار ولاهيبة الثورة .. وتمكنت بواسطتهم أميريكا من احداث التحول الأخطر في حربها على الايديولوجية على الفكر الاسلامي .. فبعد أن انقلبت الشعوب الغربية من متفهمة لتباين الأديان وحرية العقيدة الى شعوب نفرت من الاسلاميين ودين المسلمين ومنحتها صفة العقيدة العنيفة .. هاهي ذي الشعوب العربية تنفر بشدة واشمئزاز من الاسلاميين بعد ان كانت هي التي تشكل حاضنة للتيارات الاسلامية لان الاسلاميين تفننوا في قتل المسلمين واحراق بلدانهم وأمانهم وتفننوا في بيع بلدانهم ..
لقد كان الاسلاميون طوال عقود يعدوننا بالحكم الاسلامي وكانوا باختصار يستعيرون من تجربة ايران وحزب الله وحماس والمقاومة العراقية كل ألوانهم وشعاراتهم البراقة .. كان الاسلاميون يؤكدون أن بامكانهم نسخ التجربة الايرانية اذا ماأتيحت لهم الفرصة للحكم كما حدث في ايران .. وكانوا يرددون ان نجاح ايران تكرره تركيا كنموذج سني نظير للنموذج الشيعي .. وها هي حماس نسخة مطابقة لحزب الله .. ولذلك فان التيار الاسلامي بحاجة ماسة للوصول الى السلطة ليمارس ابداعاته الجهادية في الاستقلال وفي اثبات نظرية الحكم الاسلامي الناجح..
لكن الاسلاميين ارتكبوا غلطة العمر وشربوا من كأس السم على مائدة السياسة وهاهي بطونهم ملئت بالنار وباتت أمعاؤهم تتمزق .. لأن مافعلوه هو أنهم ثوار لم يفعلوا ما فعله الخميني في ايران الذي طرد الشاه وطرد معه اسرائيل .. واعلن يوم القدس ..ولم يفعلوا مافعله حزب الله أو حسن نصر الله من اعلان العداء لاسرائيل والنية بتحرير المقدسات منذ اليوم الأول لقيامه دون مجاملة ..
الثوار الاسلاميون الجدد في الربيع العربي أدوا فريضة الحج في ايباك ونالوا بركات كاميرون وساركوزي وكلينتون ولم يطردوا ذبابة اسرائيلية .. وتحالفوا مع أعداء كل الشعوب الاسلامية وهم أمراء النفط .. وليس خافيا أن الشعوب العربية والاسلامية لديها حساسية لاتقاس ضد أمراء النفط والغاز وتحس بالضغينة والكراهية لهؤلاء الفاسدين من عائلات الخليج العربي على ماتبدده من ثروات وعلى معاملتها القاسية للجاليات العربية والاسلامية المهينة بسياسة الاذلال بالكفيل واستغلال فقر الشعوب.. وهذه الشعوب لاتخفي عداءها الشديد لممالك الخليج ومستعمراته وحكامها .. ومع هذا فان الاخوان المسلمين واطارات الاسلاميين عموما تحالفت مع المال والنفط والثروة وقبلت من حكام الجاهلية الرشوة ..
بل ان مفتي الاخوان المسلمين عرض الرشوة على المصريين علنا ودعاهم الى قبولها عندما قال لهم ان قطر لن تدفع ملياراتها اذا لم يفز الاخوان .. اي فليقبل المصري المسلم بالرشوة وببيع دينه وضميره من أجل حفنة من الدولارات .. انها فتوى الرشوة علنا .. حتى اسلاميو تركيا ظهروا بسبب استعجالهم في اسقاط الدولة السورية حلفاء أقوياء للغرب وتبين أنهم من أشد المخلصين لحلف الناتو وليس للشرق .. والناتو هو أكثر عداء للمسلمين ولنبيهم من أبي جهل نفسه.. وظهر أردوغان كذابا كبيرا وغشاشا ومخادعا .. وعد بكل شيء .. ثم كذب بكل شيء ..
بل ان مفتي الاخوان المسلمين عرض الرشوة على المصريين علنا ودعاهم الى قبولها عندما قال لهم ان قطر لن تدفع ملياراتها اذا لم يفز الاخوان .. اي فليقبل المصري المسلم بالرشوة وببيع دينه وضميره من أجل حفنة من الدولارات .. انها فتوى الرشوة علنا .. حتى اسلاميو تركيا ظهروا بسبب استعجالهم في اسقاط الدولة السورية حلفاء أقوياء للغرب وتبين أنهم من أشد المخلصين لحلف الناتو وليس للشرق .. والناتو هو أكثر عداء للمسلمين ولنبيهم من أبي جهل نفسه.. وظهر أردوغان كذابا كبيرا وغشاشا ومخادعا .. وعد بكل شيء .. ثم كذب بكل شيء ..
اليوم لم يعد الاخوان المسلمون في مصر الا في حالة ركاب سفن طارق بن زياد فالبحر من ورائهم والعدو من أمامهم ..فقد سقطت شرعيتهم الثورية (وليست شرعيتهم السياسية) وهي الأهم .. فهم يتصرفون كأي ديكتاتورية سياسية ضد شرعية ثورية حقيقية ..ولن يمكنهم بعد اليوم التلاعب في السياسة .. فقد وجد الشرخ بينهم وبين الناس ..وصارت أميريكا قادرة على ابتزازهم وتهديدهم باطلاق الثورات عليهم بعد ان سقطت حرمتهم .. وصارت أميريكا قادرة على ابتزازهم بسحب الشرعية عنهم لأنهم الآن بلا حول ولاقوة شرعية .. وفي حال قرروا اللجوء للعنف فقد بدأت نهايتهم كشرعية سياسية بعد نهايتهم كشرعية ثورية .. وكشرعية اسلامية ..
ربما كان الاخوان الآن مشغولين بسد الثقوب في مراكبهم التي يتسرب منها ماء البحر .. وربما لن يروا طوق النجاة الذي سنرميه لهم .. بل ان الحل السحري الذي سينقذ الاخوان والاسلاميين بسيط جدا .. واذا ماقرروا المغامرة وشرب الترياق الذي سيقتل السم الذي يسبب لهم تقطع الأمعاء وتقطع الشرايين فاننا نعرف أنهم لايقدرون على شرب الترياق لأن أفواههم مسدودة بالنفط والرشاوى وحلوقهم غصت بالأكاذيب وأكياس الرز والسكر التي توقفت في صدورهم التي يجلس عليها حيوان الكركدن القطري ..
الترياق الذي سيشفي الاخوان المسلمين يكمن في موقف اذا مااتخذوه فانه سيفاجئ الدنيا وستتحول السفن المحترقة خلفهم الى جسور طويلة بين اليابسة واليابسة يصل عليها مدد الله .. فتخيلوا مثلا أن يعلن محمد مرسي القرارات التالية بدل قانون الطوارئ وأن ينزل بدل الدبابات والمدرعات هذه البيانات:
1- طرد السفير الاسرائيلي وتعيين قائم بأعمال حزب الله في مقر سفارة اسرائيل ورفع العلم الأصفر لحزب الله بدل العلم الأزرق لاسرائيل فوق السفارة
2- طرد السفراء الفخريين لاسرائيل في القاهرة وهم: سفير قطر وسفير السعودية وسفير تركيا
3- الاعلان عن انضمام مصر الى محور ايران وسوريا والعراق وحزب الله
4- فتح كل الحدود مع غزة .. والغاء التحالف المشبوه مع حماس خالد مشعل
5- طرد الجامعة العربية كممثل شرعي ووحيد للناتو واغلاق مكاتبها في القاهرة
6- اغلاق كافة مصالح اتحاد علماء المسلمين في القاهرة واعتبار القرضاوي شخصا غير مرغوب فيه في مصر ..واعلان الأزهر مرجعية اسلامية مستقلة للعالم الاسلامي
7- زيارة دمشق كردّ رمزي على زيارة السادات للكنيست الاسرائيلي ولشرب الترياق الشافي من الهوان
8 - ارسال رسالة الى شيمون بيريز يبدؤها محمد مرسي بعبارة: عدوي اللدود بيريز .. ويختمها بعبارة: عدوك اللدود محمد مرسي..
9- اعلان الاستغناء عن المعونة الأمريكية والاعتماد على الذات المصرية .. فهذا الاستسلام للمعونة خلق عدم القدرة على ابتكار الحلول
10- الغاء كامب ديفيد
ولو تخيلنا أن مرسي فعل ذلك فان رد الفعل العالمي والعربي سيكون هو التعامل مع محمد مرسي كأحد أهم الرجال في العالم واخطرهم واشدهم تأثيرا على السياسة العالمية .. وسيقفز الى مطار القاهرة مئات الوسطاء الذين سيحملون كل ماتطلبه مصر دون اذلال لها .. وستتحول القاهرة الى قطب من اقطاب العالم بعد تكاملها مع أقطابها ومكملاتها الطبيعية في دمشق وبغداد .. لأن الشرق قام على ثلاث عواصم هي دمشق وبغداد والقاهرة ..وليس على تكامل القاهرة والدوحة وأنقرة ..
بالطبع أنا لم أكتب هذه الفرضية الحالمة لأنني أتوقعها فأنا أعرف أنها اقتراحات تعجيزية لمن هو في مقاييس الاخوان ويرفل في أثواب الحرير القطري .. وبالطبع لم أكتبها لأنني احتسيت أقداح النبيذ والفودكا فصرت أهذي بالخيال .. لكنني واقعي وأعرف ان محمد مرسي رجل ضئيل واخوانه أكثر ضآلة منه .. ولذلك فانني بدل اسداء النصائح الى من شرب نبيذ السلطة فانني سأروى له نكتة كنا نتبادلها مع ضباط الدفاع الجوي السوري في حرب تشرين (اكتوبر) عله يفهمها .. ولن يفهمها .. وهي على كل حال تقول:
بأنه في أعقاب تناقص أعداد الطيارين الاسرائيليين بعد أيام على حرب يوم الغفران حيث كانت الصواريخ السورية في الجولان تتصيدهم كالذباب .. فقد عملت القيادة الاسرائيلية على تجنيد شبان يهود متحمسين لتدريبهم بسرعة كطيارين حربيين على طائرات الفانتوم الأمريكية التي وصلت على متن الجسر الجوي الامريكي .. وقد تعلم هؤلاء الشباب الاسرائيليون فن الاقلاع والمناورات والقصف .. ثم أخذوا بسرعة الى الطائرات في المطارات للاقلاع في مهماتهم .. وماان جلسوا في مقاعدهم حتى تذكروا أن الدروس التي تلقوها في الدورة لم تتضمن التدريب على عملية الهبوط .. وعندما سألوا القيادة الاسرائيلية عن سبب ذلك جاءهم الرد من موشي دايان بأن ذلك سببه هو أن الصواريخ السورية ستتولى عملية انزالكم بلا شك .. فلا تقلقوا ..
اليوم الاسلاميون والاخوان المسلمون ومحمد مرسي يشبهون الطيارين الاسرائيليين الذين أقلعوا بطائراتهم من غير دروس الهبوط .. فقد قامت القيادات الغربية والأمريكية والاسرائيلية باصعادهم الى طائرات السلطة وعلمتهم طريقة القيادة والاقلاع .. وبالطبع لم تعلمهم طريقة الهبوط .. وبلا شك فان محمد مرسي واخوانه سيسألون عن السبب .. وسيكون الرد بسيطا وهو بأن الصواريخ السورية ستتولى انزالكم جميعا .. فلا تقلقوا ..
ان التمرد على الاخوان لم يبدأ في ساحة التحرير بل بدأ في ساحة الامويين التي أعلنت رفضها للربيع الاسلامي الصناعي.. وبدأ في أطراف حلب وادلب وغوطة دمشق .. والهزائم التي لحقت بالاسلاميين في سورية تسببت في ظهور بأس الدولة الوطنية وبأس الجيش الوطني السوري ..وكشف المؤامرة التي سميت ربيعا .. ولكنها أيضا كسرت هيبة الاسلاميين جميعا ..وصار الجميع يتجرأ عليهم .. وتبين لكل الأحرار أن سورية صمدت وتماسكت أمام الدنيا كلها .. فكيف لاتهب القاهرة وتثأر لكرامتها من هؤلاء القوم المحتالين وهم أضعف من قوة الحرية التي تعصف الآن بمشاعر المصريين والعرب ..
صدقوني ان الكثيرين الذين التحقوا باسراب الفانتوم الأمريكي من مطار الربيع العربي قد حلقوا في سماوات السلطة ولكنهم تذكروا أنهم لم يتعلموا فن الهبوط .. ولاالقفز المظلي ..ولكن الصواريخ السورية ستتكفل بانزالهم من أعلى ارتفاع ..
كل هذا السرب من القادة الاسلاميين والأمراء والملوك .. صاروا يعرفون أن سقوطهم صار في معادلة الاتفاقات القادمة مسألة وقت .. حمد وأبو متعب والحريري ومحمد مرسي وخالد مشعل .. كلهم يعرفون أن طائراتهم تنتظر الاسقاط ..حتى أردوغان صار مدركا أنه لن يطير طويلا في هذه الأجواء كما قال لي صراحة أحد الأتراك الناشطين من قلب حزب العدالة والتنمية فقد أسرّ لي بان كل القيادات في الحزب صارت مدركة ان اردوغان صار يقاتل للنجاة بمستقبله السياسي .. وانه يعلم الآن انه لايمكن في الشرق الأوسط بقاء خلطة اسمها (اردوغان والأسد) .. وأن على أحدهما ان يرحل .. فالشرق لايتسع للاثنين معا .. ويبدو الآن جليا أن الأسد لن يرحل في معادلات الأمر الواقع .. وربما صار لمن يريد معرفة اسرار البقاء في عالم السياسة ان يلتحق بدروة تدريبية في دمشق ليتعلم فن البقاء .. والطيران ..
ولكني قلت له أن يبلغ حزب العدالة والتنمية نقلا عن السوريين بانه اذا كانت نصيحة فريدريك نيتشه تقول: اذا عجزتم عن تعليم أحد فن الطيران فعلموه على الأقل كيف يسقط بسرعة .. فان العبارة بنسختها السورية تقول مايلي:
من يبقى محلقا في الأعالي ولاتقدرون على اسقاطه .. فتعلموا منه فن التحليق .. أو على الأقل فن مراقبة التحليق ..واحترام الأعالي والذرى
River to Sea Uprooted Palestinian
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of this Blog!
No comments:
Post a Comment