أوقات الشام
سمير الفزاع
ما هي الثورة ؟ من يقوم بها ؟ أفكارها ؟ أدواتها ؟ آلياتها ؟ حشدها ؟ هي أسئلة بقدر ما نحن بحاجة لمعرفة أجوبتها ، ومن هو في مقامها من الأسئلة . فإن هؤلاء " الثوار " و" مفكريهم " مطلوب منهم قبل غيرهم الإجابة عنها وما قبلها وما تلاها . لنعرف أي " ثوار " هم ، وأي " ثورة " هذه . لتوضيح الغزى ، لنفترض - مثلاً - أن الإنسان بهيكله وشكله هو الثورة . فالإنسان بكليته وتمامه هو الثورة بكليها وتمامها ، وعقله هو الأيدولوجيا الثورية ، ولسانه هو المثقف العضوي ومنظري الثورة ، ويديه هي القوى الثورية ، وقدمية هم جماهير الثورة ، وقلبه هو الأخلاق الثورية .
فالعقل هو صاحب الفكرة والعقيدة والهدف . والمثقف هو المنظر الذي يرسم ملامح هذه الثورة ، ويبيّن أوجه قصورها ، والتحديات التي تواجهها ، والخيارات والأليات للخروج منها . والقوى الثورية تحمل الأيدولوجيا كرسالة مقدسة ، تسعى لتنفيذها ليل نهار وبكل الوسائل المشروعة ثورياً . والشعب بإجماله يتبع هذه القوى الثورية ، ويؤمن بمقولات مثقفيها ، ويؤمن بفكرها وغاياتها ويرى فيها تطابقاً مع مصالحه وحاجاته . كل ذلك يكون ضمن إطار محكوم بأخلاق ثورية . فلا يمكن تحقيق الغايات النبيلة بوسائل ملتوية ومشوهة وفاسدة ، لأن الثورة أساساً جاءت لتحارب هذه الطرق والوسائل الملتوية والإستغلالية والفاسدة ، ولتحطيم مقولاتها النظرة التي تتكيء عليها .
هل ما يجري في سوريا ثورة ؟ سأتناول خمسة نقاط فقط :
1 - الثورة فكر جامع :
أي أن الثورة تقوم على صيغة فكرية ما ، تكون محط إجماع لدى القوى الثورية ، فتنقلها للشعب فتصبح عقله الجمعي ، وحلمه الجماعي . فما هو الفكر الجامع الذي يحمله مدعي الثورة في سوريا ؟ قبلاً ، هل هناك فكر جامع لكل هؤلاء الأشخاص والجماعات الذين يدعون الثورة في سوريا ؟ هل هو فكر ماركسي شيوعي ؟ أم قومي ؟ أم ليبرالي ؟ أم ديني إخواني ؟ أم فكر قاعدي ؟ ... من لديه أدنى فكرة فلينورني ، فأنا أراهم شتات أفكار ، وولائات ، وإرادات ، ونهايات ... .
2 - الثورة مفكر وثائر :
قديما ، في الديانة المحمدية كان محمد " ص" المفكر والثائر في مكة ، وحديثا كان لينين المفكر والثائر في روسيا ، وغاندي المفكر والثائر في الهند ، وكذلك كان جمال عبد الناصر ثائراً وقائداً لثورة 23 يوليو في مصر ... فمن هم مفكري الثورة السورية ورموزها الثوريين ؟ هل هو قاطع الطريق أبو إبراهيم ؟ أم قتلة القاعدة ؟ أم عرعور الفتن ؟ أم برهان باريس ؟ أم سيدا أنقرة ؟ أم سليل العمالة معاذ الخطيب فورد ؟ أم القومي الكبير والناصري العتيق ، صديق فورد ، حسن عبد العظيم ؟ أم المحترم هيثم المناع الذي عُرض عليه التمويل والسلاح منذ اللحظات الأولى للأزمة ، ولم يتحدث إلا بعد أسابيع ؟ لا أرى مفكراً أو ثائراً بقدر جذرية محمد " ص" وسماحته ، ولا مفكراً وثائراً بقدر يسارية لينين وبصيرته ، ولا مفكراً وثائراً بقدر سلمية غاندي وصلابته ، ولا ثائراً بقومية جمال وشجاعته . من لديه إسم لمفكر أو ثائر في هؤلاء فليخبرني .
3 - الثورة خلق ومباديء وجدانية :
لم تعرف سوريا في تاريخها الطويل - في حال إستثنينا الغزو الخارجي - قتلاً وتهجيراً وتخريباً وعمالة وإغتصاباً وطائفية ومذهبية ... مثلما شهدت على يدي " ثوارها " و " ثورتها " المزعومة . فأي ثورة وثوار أنتم ؟ الثورة إنقلاب في الفكر والوجدان ، الثورة إنتقال من السيء إلى الأفضل ، ومن التخلف إلى التطور ، ومن التبعية إلى التحرر ، الثورة مفهوم وايدولوجيا ، وثقافة وتربية ، ومنهج وعمل وانتاج ، وابداع وتميز ، ووجه حضاري متناسق ومتناغم وجميل وحسن ، مع الانسان الراقي بتكوينه وحياته واهدافه وآماله وتطلعاته ، وتجلياته الحضارية بكل معانيها وقيمها ومثلها واخلاقياتها وسلوكياتها ... هل حقاً هكذا هي ثورتكم ، وهكذا أنتم يا ثوارها ؟ من وَجدَ فيهم " مفكر " أو " ثائر " حق فليدلني عليه .
4 - الثورة صيانة للوطن وتسارع في تقدمه :
من المعلوم أن أيّة ثورة تقوم من أهم أهدفها هو حماية الوطن ، وصيانة مقدراته ، وتطوير مؤسساته ، وتحقيق سيادته وإستقلاله وحريته ، بتلبية إحتياجاته المادية والمعنوية إلى أقصى الحدود " سياسية الإكتفاء الذاتي " . ولكن ما نراه هو عكس ذلك تماماً . هل " لثورة " و " ثوار " أن يحققوا ثورتهم ويحفظوا وطنهم ، من خلال تدمير خطوط الغاز وحقول النفط ؟ أم من خلال تدمير محطات الكهرباء وشبكات نقلها ؟ أم من خلال تهريب " 1000 " مصنع من مدينة حلب وحدها لتباع في تركيا بأبخس الأثمان ؟ أم من خلال حرق محاصيل القمح ، ومستودعات تخزينه وصوامعه ، وسرقة بعضه ليباع في تركيا بأقل من ثمنه بكثير ؟ أم من خلال حرمان كل العاملين في تلك المصانع والحقول والمؤسسات من مصدر عيشهم وقوت يومهم ؟
5 - الثورة تُعلي وتتمسك بالقضايا الوطنية الجامعة :
بما أن الثورة تحقيق لإرادة الشعب وإستجابة لمطالبه ، فمن المؤكد بأنها ستقوم بالتمسك بقضاياه الجامعة وهمومه الوطنية والقومية . أليس الإسكندرون أرض سورية ؟ هل هناك من يذكره فيتحدث عنه من هؤلاء " الثوار " ؟ بل وجدنا فيهم من يؤكد بأن هذا اللواء أرض غير سورية . هل الجولان أرض سورية ، ومن يحتلها عدو ؟ إبحثوا بالعدسة المكبرة عن تصريح يعالج هذه القضية الوطنية لدى هؤلاء " الثوار " ولدى هذه " الثورة " . لكننا سنجد وبكثرة من يقول أن " اسرائيل " صديق وجار ، وأن ليس من عداء حقيقي بينهم وبين " اسرائيل " ، إنما هو " الأسد " من صنع هذا العداء . وأنهم مستعدون لتوقيع إتفاقية سلام معهم ، ورفع علم كيان العدو في قلب دمشق . إن عثرتم على مثل هذا في أحد زواياهم المظلمة ، فأنيروا عليه لأراه .
كثيرة هي الأسئلة الجوهرية - والتي إن سُئلت - ضربت بالصميم هذا المسخ المشبوه المسمى ثورة في سوريا . من مثل : ما هو شكل العلاقة مع الأنظمة الخليجية المتخلفة - وتحديداً قطر والسعودية - ؟ ما هو موقفهم من أميركا وسياساتها في المنطقة والعالم ؟ كيف سيكون شكل العلاقة مع تركيا ؟ ما هو النظام الإقتصادي الذي يريدونه لسوريا ؟ أهو إقتصاد البنك وصندوق النقد الدوليين ؟ ما هو موقفهم من قضية فلسطين ؟ وما هي رؤيتهم للعلاقة مع كيان العدو الصهيوني ؟ ما هو مشروعهم للتعليم والثقافة والتنوع لسوريا ؟ ... لا نجد مشروعا من هذا المستوى ، أو دونه بكثير حتى . كل ما نشاهده قتل وإغتصاب وتخريب وتدمير وعمالة وإستبداد وتطرف ... من وجد في " ثورتهم " غير هذا فليشبع شوقي لرؤيته .
ما هي الثورة ؟ من يقوم بها ؟ أفكارها ؟ أدواتها ؟ آلياتها ؟ حشدها ؟ هي أسئلة بقدر ما نحن بحاجة لمعرفة أجوبتها ، ومن هو في مقامها من الأسئلة . فإن هؤلاء " الثوار " و" مفكريهم " مطلوب منهم قبل غيرهم الإجابة عنها وما قبلها وما تلاها . لنعرف أي " ثوار " هم ، وأي " ثورة " هذه . لتوضيح الغزى ، لنفترض - مثلاً - أن الإنسان بهيكله وشكله هو الثورة . فالإنسان بكليته وتمامه هو الثورة بكليها وتمامها ، وعقله هو الأيدولوجيا الثورية ، ولسانه هو المثقف العضوي ومنظري الثورة ، ويديه هي القوى الثورية ، وقدمية هم جماهير الثورة ، وقلبه هو الأخلاق الثورية .
فالعقل هو صاحب الفكرة والعقيدة والهدف . والمثقف هو المنظر الذي يرسم ملامح هذه الثورة ، ويبيّن أوجه قصورها ، والتحديات التي تواجهها ، والخيارات والأليات للخروج منها . والقوى الثورية تحمل الأيدولوجيا كرسالة مقدسة ، تسعى لتنفيذها ليل نهار وبكل الوسائل المشروعة ثورياً . والشعب بإجماله يتبع هذه القوى الثورية ، ويؤمن بمقولات مثقفيها ، ويؤمن بفكرها وغاياتها ويرى فيها تطابقاً مع مصالحه وحاجاته . كل ذلك يكون ضمن إطار محكوم بأخلاق ثورية . فلا يمكن تحقيق الغايات النبيلة بوسائل ملتوية ومشوهة وفاسدة ، لأن الثورة أساساً جاءت لتحارب هذه الطرق والوسائل الملتوية والإستغلالية والفاسدة ، ولتحطيم مقولاتها النظرة التي تتكيء عليها .
هل ما يجري في سوريا ثورة ؟ سأتناول خمسة نقاط فقط :
1 - الثورة فكر جامع :
أي أن الثورة تقوم على صيغة فكرية ما ، تكون محط إجماع لدى القوى الثورية ، فتنقلها للشعب فتصبح عقله الجمعي ، وحلمه الجماعي . فما هو الفكر الجامع الذي يحمله مدعي الثورة في سوريا ؟ قبلاً ، هل هناك فكر جامع لكل هؤلاء الأشخاص والجماعات الذين يدعون الثورة في سوريا ؟ هل هو فكر ماركسي شيوعي ؟ أم قومي ؟ أم ليبرالي ؟ أم ديني إخواني ؟ أم فكر قاعدي ؟ ... من لديه أدنى فكرة فلينورني ، فأنا أراهم شتات أفكار ، وولائات ، وإرادات ، ونهايات ... .
2 - الثورة مفكر وثائر :
قديما ، في الديانة المحمدية كان محمد " ص" المفكر والثائر في مكة ، وحديثا كان لينين المفكر والثائر في روسيا ، وغاندي المفكر والثائر في الهند ، وكذلك كان جمال عبد الناصر ثائراً وقائداً لثورة 23 يوليو في مصر ... فمن هم مفكري الثورة السورية ورموزها الثوريين ؟ هل هو قاطع الطريق أبو إبراهيم ؟ أم قتلة القاعدة ؟ أم عرعور الفتن ؟ أم برهان باريس ؟ أم سيدا أنقرة ؟ أم سليل العمالة معاذ الخطيب فورد ؟ أم القومي الكبير والناصري العتيق ، صديق فورد ، حسن عبد العظيم ؟ أم المحترم هيثم المناع الذي عُرض عليه التمويل والسلاح منذ اللحظات الأولى للأزمة ، ولم يتحدث إلا بعد أسابيع ؟ لا أرى مفكراً أو ثائراً بقدر جذرية محمد " ص" وسماحته ، ولا مفكراً وثائراً بقدر يسارية لينين وبصيرته ، ولا مفكراً وثائراً بقدر سلمية غاندي وصلابته ، ولا ثائراً بقومية جمال وشجاعته . من لديه إسم لمفكر أو ثائر في هؤلاء فليخبرني .
3 - الثورة خلق ومباديء وجدانية :
لم تعرف سوريا في تاريخها الطويل - في حال إستثنينا الغزو الخارجي - قتلاً وتهجيراً وتخريباً وعمالة وإغتصاباً وطائفية ومذهبية ... مثلما شهدت على يدي " ثوارها " و " ثورتها " المزعومة . فأي ثورة وثوار أنتم ؟ الثورة إنقلاب في الفكر والوجدان ، الثورة إنتقال من السيء إلى الأفضل ، ومن التخلف إلى التطور ، ومن التبعية إلى التحرر ، الثورة مفهوم وايدولوجيا ، وثقافة وتربية ، ومنهج وعمل وانتاج ، وابداع وتميز ، ووجه حضاري متناسق ومتناغم وجميل وحسن ، مع الانسان الراقي بتكوينه وحياته واهدافه وآماله وتطلعاته ، وتجلياته الحضارية بكل معانيها وقيمها ومثلها واخلاقياتها وسلوكياتها ... هل حقاً هكذا هي ثورتكم ، وهكذا أنتم يا ثوارها ؟ من وَجدَ فيهم " مفكر " أو " ثائر " حق فليدلني عليه .
4 - الثورة صيانة للوطن وتسارع في تقدمه :
من المعلوم أن أيّة ثورة تقوم من أهم أهدفها هو حماية الوطن ، وصيانة مقدراته ، وتطوير مؤسساته ، وتحقيق سيادته وإستقلاله وحريته ، بتلبية إحتياجاته المادية والمعنوية إلى أقصى الحدود " سياسية الإكتفاء الذاتي " . ولكن ما نراه هو عكس ذلك تماماً . هل " لثورة " و " ثوار " أن يحققوا ثورتهم ويحفظوا وطنهم ، من خلال تدمير خطوط الغاز وحقول النفط ؟ أم من خلال تدمير محطات الكهرباء وشبكات نقلها ؟ أم من خلال تهريب " 1000 " مصنع من مدينة حلب وحدها لتباع في تركيا بأبخس الأثمان ؟ أم من خلال حرق محاصيل القمح ، ومستودعات تخزينه وصوامعه ، وسرقة بعضه ليباع في تركيا بأقل من ثمنه بكثير ؟ أم من خلال حرمان كل العاملين في تلك المصانع والحقول والمؤسسات من مصدر عيشهم وقوت يومهم ؟
5 - الثورة تُعلي وتتمسك بالقضايا الوطنية الجامعة :
بما أن الثورة تحقيق لإرادة الشعب وإستجابة لمطالبه ، فمن المؤكد بأنها ستقوم بالتمسك بقضاياه الجامعة وهمومه الوطنية والقومية . أليس الإسكندرون أرض سورية ؟ هل هناك من يذكره فيتحدث عنه من هؤلاء " الثوار " ؟ بل وجدنا فيهم من يؤكد بأن هذا اللواء أرض غير سورية . هل الجولان أرض سورية ، ومن يحتلها عدو ؟ إبحثوا بالعدسة المكبرة عن تصريح يعالج هذه القضية الوطنية لدى هؤلاء " الثوار " ولدى هذه " الثورة " . لكننا سنجد وبكثرة من يقول أن " اسرائيل " صديق وجار ، وأن ليس من عداء حقيقي بينهم وبين " اسرائيل " ، إنما هو " الأسد " من صنع هذا العداء . وأنهم مستعدون لتوقيع إتفاقية سلام معهم ، ورفع علم كيان العدو في قلب دمشق . إن عثرتم على مثل هذا في أحد زواياهم المظلمة ، فأنيروا عليه لأراه .
كثيرة هي الأسئلة الجوهرية - والتي إن سُئلت - ضربت بالصميم هذا المسخ المشبوه المسمى ثورة في سوريا . من مثل : ما هو شكل العلاقة مع الأنظمة الخليجية المتخلفة - وتحديداً قطر والسعودية - ؟ ما هو موقفهم من أميركا وسياساتها في المنطقة والعالم ؟ كيف سيكون شكل العلاقة مع تركيا ؟ ما هو النظام الإقتصادي الذي يريدونه لسوريا ؟ أهو إقتصاد البنك وصندوق النقد الدوليين ؟ ما هو موقفهم من قضية فلسطين ؟ وما هي رؤيتهم للعلاقة مع كيان العدو الصهيوني ؟ ما هو مشروعهم للتعليم والثقافة والتنوع لسوريا ؟ ... لا نجد مشروعا من هذا المستوى ، أو دونه بكثير حتى . كل ما نشاهده قتل وإغتصاب وتخريب وتدمير وعمالة وإستبداد وتطرف ... من وجد في " ثورتهم " غير هذا فليشبع شوقي لرؤيته .
---
River to Sea Uprooted Palestinian
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of this Blog!
No comments:
Post a Comment