حقائق مذهلة عن المعارك التي يخوضها الجيش السوري
مهما كان الإعلام إحترافي, سيبقى من الصعب عليه تصوير حقيقة المعارك التي حدثت على الأرض, حيث لا يمكن التكهن بتحصينات المسلحين دون أن يتم مشاهدتها بالعين المجردة, ومن يشاهد هذه التحصينات حتى لو لم يكن له أي درايه بالعلوم العسكرية سيتفاجأ بهذه التحصينات, وطبيعه المعارك التي دارت, وتبقى المفاجئة الأكبر بطريقة فرض الأمر الواقع وجر الجيش الى التصرف برد الفعل.
حيث أن هناك بيوت تم تحويلها الى “دشم لتقاوم حتى القذائف الثقيلة” , أنفاق حفرت بعناية فائقة, بعض البيوت يمكن التكهن بأنه تم بنائها قبل الأزمة السورية لهذه الحرب, وبيوت أخرى تم تهجيّر سكانها وتحويلها الى خطوط قتال خلفية, ومصانع للبارود والعبوات الناسفة والصواريخ محلية الصنع, وقد تختلف الصورة من منطقة الى أخرى, ولكن ما يوحدها أن هناك تحصينات جهزت لمقاتلة فرق عسكرية كاملة.
ويمكن توضح الصورة بمثال من الريف القريب من مدينة حمص وهي المناطق الأسهل للتطهير من قبل الجيش العربي السوري كون البيوت متباعدة, وخصوصاً كفرعايا, السلطانية وجوبر, ففي كفرعايا تم نهب معمل الميماس للأدوية البيطرية وغيره من الشركات والمنشآت, وتم تهجير كل الأهالي, وللمفارقة معظم أهالي كفرعايا وجوبر نزحوا الى باباعمرو التي شهدت سابقاً أعنف المعارك ولازال بعض سكانها نازحين, وقد تم تحصين المنطقة لمحاربة فرقة عسكرية كاملة أو أكثر, ففي كفرعايا حيث يمكن ملاحظة منزل جهز كمقر لقناص قادر على إستهداف مجال بندقيته في أفق واسع, يخيل للمشاهد بأنه بني قبل الأزمة لهذه المعركة, حيث يتبين أن القناص يطل بندقيته من خلف جسر عريض من الإسمنت المسلح دون أن يثقب الجسر بل الثقب فقط في الإكساء الخارجي فقط, وكأنه أثناء البناء ترك هذه الفاصل وتم الإكساء فوقه ليستعمل لاحقاً للقنص, ويرتبط المنزل بنفق مع منازل تم تهجير أهاليها, وقد ربطت المنازل بأنفاق بعمق ثلاث أمتار تحت الأرض وأنفاق بعمق مترين ونصف, وزرعت العبوات الناسفة في كل مكان, وتم تجهيز الأحياء بحيث حتى لو تدمر المنزل كامل يستطيع الإنتقال لمنزل آخر ومتابعه القتال, وفي حال تقدمت المدرعات فهناك خنادق وأنفاق يمكن للمقاتلين ضمنها تفجير عبوات ناسفة وإستهداف المدرعات بصواريخ حرارية.
وربما المذهل أكثر هو دخول المنطقة مع تصور مسبق, بحيث عندما دخلت كفرعايا, من خلال مشاهد الفيديو التي عرضت مسبقاً على اليوتوب عن قصف الطيران السوري للمنطقة, والمعارك الشرسة التي حدثت, يخيل لمن سيدخل المنطقة بأنه لن يجد جدار قائم, ولكن يتفاجأ من يزور المنطقة بأن البيوت سليمة من القذائف رغم آثار الرصاص, ويشاهد تحصينات العصابات المسلحة كما هي, ومعامل المتفجرات على حالها, والثغرات والتحصينات التي يستعملها القناصة على حالها في كثير من البيوت, والعبوات الناسفة والتي بعضها لم يفكك بعد لاتزال بأماكنها, وبل لم أستطيع رصد منزل واحد قد تدمر بقذائف أو صواريخ في كفرعايا, مما يشير الى أن المعارك هي بحق معارك مايسمى الجراحات الموضعية, ولكن يختلف الوضع حين يكون الكلام عن شوارع ضيقة وزواريب, وكثافة للأبنية حيث يرصد بعض الدمار لكن ما ميز تطهير كفرعايا السلطانية جوبر انه لا وجود لآثار دمار في البيوت وفي أحسن الأحوال آثار رصاص.
حقائق مذهلة عن المعارك التي يخوضها الجيش السوري والقصة بهذه التحصينات قديمة , حيث أن من يراجع تاريخ الأزمة السورية, يمكنه فهم طبيعه المعركة الحقيقية, حيث حتى الأمس القريب حين بدأ المسلحين يهاجمون وحدات الدفاع الجوي السورية, كانت العصابات المسلحة تتسلل الى أحياء مدنية, تحشد السلاح والمسلحين, تؤمن خطوط إمداد, تهدد بعض المدنيين لترحيلهم وإحتلال بيوتهم التي أصبحت فارغة, تبدأ ببناء تحصينات بشكل سري, وثم تعلن لاحقاً سيطرتها على المنطقة وتخليها من السكان وتنتظر دخول الجيش العربي السوري, فتكون حولت معركتها من معركة هجوم على الجيش العربي السوري, الى معركة دفاع تستنزف قدرات الجيش وتدمر البيوت لإستنزاف الشعب, وبترحيل الأهالي تستنزف الدولة السورية الملزمة بتأمين مساعدات للنازحين الذين وصل عددهم الى مايزيد عن ثلاث ملايين نازح داخل سورية, هذا ويذكر أن التسلل للمناطق يسبقه في غالب الأحيان بلاغ كاذب للأمن وكمين للدورية أو هجوم على مخفر للشرطة بحيث تصبح المنطقة خطرة, وعمليات قتل لموظفي الدولة وعمليات تخويف للأهالي, حيث أصبح لزاماً تدخل الجيش في المناطق التي تدخلها العصابات ويستحيل أن يتدخل الجيش فيها بشكل مباشر بسبب الإنتشار والحاجة الى رصد المنطقة ووضع خطط التطهير والدخول.
ويمكن مقارنة عمليات التسلل الى الأحياء المدنية, بتسلل العدو الصهيوني لإغتيال شخص ما, حيث يحشد متفجرات وخلايا متنوعه لا يعرف بعضها البعض أبداً الا في ساعه الصفر,ويمكن تشبيه التمركز داخل المناطق المدنية بتدريبات الفرق العسكرية الإسرائيلية المخصصة للقتال خلف خطوط العدو, والتحصينات التي يتم بنائها تشبه بشكل كبير أنفاق غزة, ولكن في المبدأ تشبه التحصينات الإسرائيلية حيث يخصص الكيان الصهيوني نقاط القتال الحدودية بتحصينات تمكن 66 جندي وضابط من قتال ثلاث فرق عسكرية كاملة, وقد تختلف طريقة التحصينات حيث أن المسلحين لا يستعملون خوازيق مضادة للمظليين كما تفعل إسرائيل, كون الأسطح مكشوفة لهم وليسوا متمترسين بمكان واحد بل بعدة بيوت, وعوضاً عن إحاطة المكان بالألغام المضادة للدروع والأفراد في مناطق إنتشار المسلحين تنتشر بكثافة العبوات الناسفة والألغام والأفخاخ المعقدة وبشكل يضاهي مايقوم به جيش الإحتلال الإسرائيلي في محيط مواقعه المنتشرة على خطوط جبهات القتال.
بعد أي جولة لمناطق تم تطهيرها من قبل القوات السورية, يمكن الجزم بعد إلقاء نظرة على التحصينات, بأن ما تم إنجازه عمل يمكن وصفه بالعمل المذهل, فحرب الشوارع وقتال العصابات بحد ذاتها تعتبر إختبار للقوات الخاصة, ولكن في مثل حالة التحصينات والأنفاق بحيث تجهز كل منطقة لقتال أكثر من فرقة عسكرية يختلف الأمر تماماً, حيث تمكنت وحدات قتالية من بناء خطط لجر الجيش العربي السوري الى القتال في الأماكن التي تريدها, وبوسائل ترغم الدولة السورية على التصرف برد الفعل, ودون الحاجة الى بيئة حاضنة, حيث خلال الجولات التي قمت بها هناك الكثير من المناطق تحوي أغلبية مؤيدة للحكومة السورية, فضلاً عن أن كل الأحياء بما فيها التي تحوي معارضة هي بحد ذاتها أغلبية مطلقة ترفض بأي شكل من الأشكال أن ينتقل القتال الى حاراتها وترفض دخول المسلحين لجر الجيش للقتال في هذه الشوارع, ولكن تقلب المعادلات من خلال حرب نفسية يمكن الجزم بأن خبراء أمريكيين وإسرائيليين قاموا بوضع خططها, وفي جوبر بريف دمشق رصدت أسرة مؤيدة للدولة السورية ولكن تخشى من إخبار جيرانهم المؤيدين للدولة مثلهم خوفاً من أن يكونوا عملاء لجبهة النصرة, بحيث يتم نشر الرعب والإشاعات بطرق تشبه تماماً الطرق التي نفذها الموساد عبر عملائه في غزة من خلال تخصيص عملاء فقط لنشر الإشاعات في الباصات والأماكن العامة, وطرق الترهيب لإخلاء المنطقة من السكان, الهجوم على مخافر الشرطة أو تقديم بلاغ كاذب للأمن ونصب كمين للدورية بحيث تعزل الدولة عن المنطقة, وفي دراسة لوسائل هذه العصابات في طرق جرها الجيش للقتال في المناطق المدنية يمكن الجزم بأن الإجراءات الوقائية شبه معدومة, وهو ما دفع الدولة السورية لبناء قوات الدفاع الوطني بهدف حماية المناطق المدنية عبر الأهالي لجر المسلحين للقتال خارج المناطق المدنية وحرمان العصابات من جر الجيش لرد الفعل ومن دخول المناطق المدنية, ولتأمين المناطق التي يتم تنظيفها.
بعد جولة ميدانية في عدة مناطق يمكن الجزم بأن خطط العصابات وضعت بإحكام لإستنزاف الجيش السوري والشعب السوري والدولة السورية, وبطرق من المستحيل وضع إجراءات إحترازية لها, ولكن كذلك يمكن الجزم بأن ما قام به الجيش العربي السوري ليس مذهل فحسب بل أكثر من مذهل, ويبقى الأهم أن تأسيس الدفاع الوطني في سورية الذي أنتجته الأزمة السورية كحل وحيد وإلزامي لنقل الصراع مع العصابات المسلحة الى خارج المناطق المدنية وليتحول الجيش العربي السوري من حال التصرف برد الفعل الى حال الفعل المباشر هو نتيجة مباشرة لما حدث, والمناطق التي تم إنجاز تشكيلاتها من قوات الدفاع الوطني ظهر فيها نتائج مبهرة, وربما هذا يفسر جنوح الأمريكي للتفاوض لانه أدرك أن السوريين قد خرقوا خططه المحكمة ودخلوا في طريق فرض الأمن وإخراج القتال تباعاً من المدن والقرى.
بانوراما الشرق الاوسط
- في حلب: الجيش السوري يسترجع مدرسة الشرطة
- الأخضر الإبراهيمي عميل لبشار الأسد ؟
- لافروف : قطر دولة مارقة.. وسورية قد تُخفي الأردن من الخارطة
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of this Blog!
No comments:
Post a Comment