خطة بندر و حماقة الأمر الواقع
أوقات الشام
التقارير الإعلامية عن زيارة النائب وليد جنبلاط إلى السعودية ولقائه برئيس المخابرات بندر بن سلطان تنطوي على اتجاه الوصاية السعودية لتفجير الوضع الداخلي من خلال ما يسمى بحكومة الأمر الواقع.
أولا: إن الوصاية السعودية التي حاولت تقديم صورة عن نفسها من خلال السفير العسيري وتصريحاته “الانفتاحية” قد وضعت تنفيذيا في عهدة بندر بن سلطان خلافا لما تناقلته بعض الكواليس السياسية عن كون الأمير مقرن بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس الوزراء السعودي والمرشح للعرش هو المرجعية السياسية الأولى وعندما يكون بندر مسؤولا عن الملف اللبناني فان ذلك معناه إنتاج السياسات التي تناسب مخطط العدوان على سوريا واستعمال جماعات القاعدة ومثيلاتها من عصابات التكفير والإرهاب كقوة لصنع المعادلات وليس من باب المصادفة أن يصدر إنذار عصابة النصرة القاعدية ضد لبنان بالتزامن مع توجه جنبلاط لتلقي تعليمات الأمير بندر بخصوص الوضع الحكومي.
هي وصاية سعودية بالكامل مهما حاول ” السياديون ” المنصاعون لها إعطائها صفات أخرى ورغم عمليات التسويق الإعلامية الناشطة التي أدارها السفير العسيري من خلال تفعيل العلاقات العامة بوسائل الإعلام وبالصحافيين والكتاب وعبر اللقاءات السياسية التي عقدها.
ثانيا: إذا صحت المعلومات عن قرار التفجير السياسي المتخذ في الرياض عبر حكومة ما يسمى بالأمر الواقع فذلك معناه أن بندر قرر إعدام الفرصة التي اكتسبها الرئيس المكلف تمام سلام عبر الإجماع النيابي والسياسي على تكليفه بتشكيل الحكومة وهذا ما يعني أيضا إعادة إخضاع سلام وموقعه التمثيلي والسياسي لحسابات سعد الحريري ولمصالحه ومنع المصيطبة من أن تستعيد مرجعيتها في الشارع البيروتي من خلال إجبار سلام على التصرف في تشكيل الحكومة على انه عضو في فريق الحريري ووكيل عنه في المنصب.
إن مناخ التحدي السياسي الذي تنطوي عليه حكومة الأمر الواقع سيحمل مسؤوليته الرئيسان ميشال سليمان وتمام سلام بينما يحاول وليد جنبلاط البقاء خلف الكواليس وهو الطباخ الرئيسي الذي يعرف المعاني القريبة والبعيدة للخطوة التي يشارك في إنتاجها ، ولا يستطيع التنصل من مسؤوليتها ، وهي خطوة ستهز الاستقرار وتعرض البلاد لاضطراب سياسي كبير يخشى الكثيرون من أنه قد يلقي بظله الثقيل على الأوضاع الأمنية فماذا مثلا لو قررت قوى 8 آذار التحرك لسحب الوزراء الذين سيسميهم سليمان وسلام في خانتها وماذا لو قررت قوى 8 آذار النزول إلى الشارع لمنع حكومة بتراء من الإقلاع وماذا ستكون النتائج لو تمكنت قوى 8 آذار من تأمين إقرار المشروع الأرثوذكسي في مجلس النواب ردا على الحكومة المزمع إصدار مراسيمها قبيل انعقاد المجلس النيابي كما تردد في الصحف .
ثالثا: ثمة من يتوهم أن بالإمكان إقلاع حكومة مبنية عمدا و قسرا على مبدأ إقصاء حزب الله و هو قرار أميركي خالص و البعض يقول إن المطلوب هو إقصاء الحزب و التيار الوطني الحر وحلفائهما الأقربين وقد بات معلوما أن حركة أمل والرئيس نبيه بري يقفان بثبات إلى جانب الشركاء وفشلت كل المحاولات والمناورات التي أرادت الإيحاء بالعكس ومخطئ كل من يعتقد انه يمكن عن هذا الطريق أي حكومة الأمر الواقع التأثير على الموقف الحازم والاستراتيجي الذي أعلنه السيد حسن نصرالله بشأن الوضع في سوريا وفي المنطقة فمحاولات إشغال قيادة الحزب بالمعادلة اللبنانية الداخلية لن تعطل حركتها على جبهة الصراع مع العدو الإسرائيلي ولن تضعف حرارة موقفها الحاسم بشأن الوضع السوري فما كرسه السيد نصرالله من تغيير استراتيجي في المنطقة استنادا إلى القرار السوري بالرد على العدوان الإسرائيلي بفتح جبهة الجولان وبتعظيم قدرات المقاومة اللبنانية هو اتجاه حاسم لا رجوع عنه ولن تفلح محاولات بندر لإراحة إسرائيل من هذا التحول عبر إثارة الاضطراب في لبنان .
على الرئيسين سليمان وسلام والنائب جنبلاط أن يقرؤا جيدا وان يستذكروا التجارب التي سبقت منذ العام 2005 حتى الأمس القريب مرورا بحرب تموز ففائض قوة المقاومة اللبنانية يتخطى حدود لبنان كساحة إلى مستوى المنطقة برمتها وهم يعرفون جيدا أكثر من غيرهم أن حزب الله الذي هو هاجس استراتيجي دائم عند الإدارة الأميركية وحلف الناتو ليس القوة التي تقابل بهذه الطريقة فإن كانت الحكمة و الحرص على الاستقرار يمنعان قيادة الحزب وأمينه العام من إشهار الأدوات الحاسمة دفعة واحدة فخطأ يتوهم المتواطئون على المقاومة أنهم قادرون على هز خياراتها والتأثير على قدراتها التي عبئت ونظمت لتواجه الخصوم على جبهات سياسية و ميدانية في دائرة مكتملة وهي تضمن الانتصار بكل الوسائل الناعمة والخشنة التي يمكن أن يتخيلوها .
الشرق الجديد
River to Sea Uprooted Palestinian
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of this Blog!
No comments:
Post a Comment