الأحد، 09 حزيران، 2013
أوقات الشام
ناهض حتر
الوصف ليس لي، بل لوزير الخارجية الروسية، سيرغي لافروف في حديثه عن النفاق حول معركة القصير. قبلها كان تهديد ووعيد متبجح بالقتال والنصر، وبعدها تحوّل التبجح إلى مظلومية وتنديد بالمعركة ضد المدنيين وبمشاركة حزب الله في القتال.
تأخر الجيش السوري بعض الوقت للحسم في القصير لسبب واحد هو عدم التعرّض للمدنيين، وقد حقق ذلك. ولولا الحاح دمشق على تلافي الإضرار بالمدنيين لكان ممكنا كنس الإرهابيين من سورية في غضون اسبوعين، لكننا نتحدث اليوم عن شهرين أو ثلاثة، فقط لتأمين سلامة الأهالي الذين يستخدمهم الإجرام الإرهابي كدروع بشرية.
مشاركة حزب الله في القتال ضد الإرهاب ليس فقط خطوة شجاعة لحماية ظهره وخطوط امداده، بل هي، أيضا، مشاركة شرعية طالما أنها تتم بطلب من الحكومة الشرعية في الجمهورية العربية السورية، وفي إطار سيادتها.
من أشكال النفاق المحلي حول معركة القصير، هجمات إخوانية على حزب الله. وهي هجمات تتناسى المشاركة غير الشرعية لمقاتلي حماس في دعم المجموعات الإرهابية ضد الشعب السوري والدولة السورية. وهي محطة للمقارنة في قيم الرجولة والوفاء بين حزب الله الوفي الذي يساند اليوم مَن ساندوه في قتاله لإسرائيل لأكثر من ربع قرن، وبين حماس التي أعطتها دمشق الملاذ والمعسكرات والتدريب والسلاح، ولكنها خانت الخبز والملح، وانضمت للغزو الإرهابي على سورية.
أحد السلفيين ـ الليبراليين يكتب عن ” الشباب” في القصير الذين تعرضوا لهجوم غادر من قبل ثلاثة قوى إقليمية كبيرة ( يقصد سورية وإيران وحزب الله) . آه طبعا، فهؤلاء ” الشباب” كانوا منخرطين في ندوات حول الديموقراطية والتنمية والتطوير الثقافي في القصير، حين هاجمهم مقاتلو الجيش السوري وحزب الله، وخرّبوا الندوات وارتكبوا مجزرة بحق مجموعات العمل التطوعي الإنساني، ومعهم الخبراء الأجانب من الشيشان والبوسنة وليبيا وتونس والسعودية والأردن، وكذلك خبراء من بريطانيا وفرنسا .. كانوا جميعا يعملون على ترقية مستوى التعليم الابتدائي في القصير، وتحسين ظروف الانتاج الزراعي والحيواني. شباب … ديموقراطيون لم يأكلوا قلب انسان، ولم يذبحوا مواطنا على الهوية، ولم يحفروا الانفاق أو يشيدوا التحصينات أو ينصبوا المدافع، ولم يفخخوا السيارات لقتل المدنيين في دمشق، ولم يخطفوا أحدا، ولم يهدموا كنيسة ولا جامعا.. شباب يؤمنون بالتعددية ـ خصوصا الدينية ـ وبالدولة المدنية، ومن المؤسف أن الجنود السوريين والمقاتلين اللبنانيين، دمروا هذه التجربة الرائدة!
أليس هذا معيبا على كل حال، فالذين يشعرون بالخجل ويتمسكون بضوابط الضمير، يشكلون الأقلية هذه الأيام.
العرب اليوم
No comments:
Post a Comment