مدرسة البيت الأسدي في اللعب على حافة الهاوية.. اللعب حيث يسقط الاخرون جميعا
|
أوقات الشام
أنطوان الحايك
تبدو أجندة الأزمة السورية مزدحمة كما لم تكن يوما منذ اندلاع الاحداث في بلاد الشام، بحيث تتسارع الاحداث الميدانية بالتزامن مع حراك سياسي على أعلى المستويات من شأنه أن يضع النظام برمته على مفترق جديد يمكن أن يقوده إلى تثبيت مواقعه كمحاور أول ورقم صعب في معادلة الشرق الاوسط الجديدة. ففي وقت تشهد فيه سوريا أعنف المعارك الميدانية على الاطلاق في معظم النقاط الاستراتيجية الممتدة من شمال البلاد إلى جنوبها مرورا بريف العاصمة ونقاطها الحساسة، أشارت التقارير الى توصل مجلس الامن الدولي لتوافق بالاجماع على ضرورة الوقف الفوري للعنف في سوريا من دون الاشارة كما في السابق الى ممارسات الجيش السوري والنظام، وذلك بالتزامن مع انعقاد مؤتمر "أصدقاء سوريا" في اسطنبول بحضور وزير الخارجية الاميركية جون كيري الذي اعتبر في تصريح له أنّ دعم المعارضة لا يجب ان يؤدي الى تقسيم سوريا، بل دعا الى توافق قطري سعودي تركي اوروبي في اشارة واضحة الى وجود خلافات جذرية بين الدول المذكورة.
وتسجل أجندة الحراك السياسي مع بدايات الاسبوع المقبل زيارة لوزيري الخارجية القطري والسعودي الى واشنطن حيث من المرجح أن يلتقيا الرئيس الاميركي باراك أوباما للبحث في تطورات الازمة السورية في ظل تسريبات تؤكد قيام اتفاقيات اقتصادية واسعة النطاق بين موسكو وانقره، ناهيك عن اجتماع وزراء خارجية دول حلف شمال الاطلسي. بيد أنّ المعلومات ترجح أنّ ما سيصدر عنه سيقطع الطريق أمام احتمالات تدخل عسكري غربي في سوريا، علما أنّ الأنظار تتّجه أيضا إلى لقاء مرتقب منتصف الاسبوع الطالع بين وزيري خارجية اميركا جون كيري وروسيا سيرغي لافروف للبحث في آليات تطبيق مقررات مؤتمر جنيف الذي انعقد في حزيران من العام الماضي.
في غضون ذلك، يتوقف أحد زوار العاصمة السورية عند ثلاثة محطات شهدتها دمشق في الأيام القليلة الماضية أولها خروج الرئيس السوري إلى الاعلام بعد غياب طويل قياسا على تسارع الأحداث ليشن حربا على الارهاب ومن وصفهم بالتكفيريين مبعدا بذلك سيف الانتقاد المباشر عن المعارضة السياسية التي دعاها كما كل مرة إلى حوار مباشر، وثانيها إعلانه عفوا عاما عن الجرائم الحاصلة في سوريا لتبرئة ذمة المتحاورين المفترضين، وثالثها خروجه الى شوارع العاصمة للمشاركة في لقاءات شعبية نافيا بذلك الحديث المتداول عن قرب سقوط العاصمة في أيدي "جبهة النصرة"، فضلا عن رسالة أراد توجيهها إلى الدول الداعمة لـ"جبهة النصرة" وتنظيم "القاعدة" مفادها أنّ الحاضنة الشعبية للتنظيمين المذكورين لم تعد كما كانت في بداية الاحداث الميدانية.
في الموازاة، يعتبر زوار دمشق أنّ شيئا في الافق السياسي والعسكري قد تبدل لمصلحة النظام، وذلك بعد أن فهمت واشنطن بأنّ موقف روسيا من بقاء النظام غير قابل للمساومة، كما أنّ الدعم الايراني المباشر لن يسمح بسقوط عسكري مهما كان حجمه، بل على العكس تماما فانه مستمر بالدعم حتى لو وصلت الامور الى دخوله المباشر في لعبة الحرب العسكرية، اضافة الى صمود النظام بالرغم من الضغوط الهائلة والعزلة المفروضة عليه. بيد أنّ أحد الخبراء في السياسة السورية اعتبر أنّ لعائلة الاسد مدرسة خاصة لا يفهمها إلا أهل البيت "الأسدي" أسسها الرئيس الاب حافظ الاسد وبرع في تطبيق دروسها الاسد الابن وهي تعتمد اسلوب اللعب على حافة النهاية مهما بلغت المخاطر وعمق الهوة، بحيث يسقط الباقون فيما يستمر اللعب على اقصى الحافة، وبشكل يسقط اللاعبون جميعا وهذا ما حصل في الاسابيع الاخيرة حيث تورطت بعض الدول الى اقصى الحدود ولم يعد بامكانها الخروج من دون اضرار مباشرة، على حدّ التعبير.
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of this Blog!
No comments:
Post a Comment