رأس تحت المقصلة .. وفتاوى أبو تيمور اللبناني / نارام سرجون
|
أوقات الشام
لايشبه هذا الشرق أي شيء .. ولايتحكم بمزاجه شيء .. فمن جديد يجلس التاريخ في مقاهي الزمن يلعب الورق مع السياسة ويرمي أحجار النرد وهو يدخن الأركيلة ويشرب الشاي بهدوء شديد بينما تحاول السياسة ان تلعب النرد بعصبية على أنه شطرنج .. وفي مقاهي الشرق لايعبأ التاريخ بنقلات الشطرنج السياسي وملوك الشطرنج وبيادق السياسة والأحصنة الخاسرة .. الشطرنج ليس لعبة التاريخ المفضلة بل هو لعبة السياسة المفضلة .. فقد لعبت السياسة الشطرنج في مصر وليبيا وتونس واليمن وغزة و"كشّت" كل الملوك .. وصنعت من "البيادق" ملوكا .. ولكن في سورية فاجأ التاريخ السياسة فسحب رقعة الشطرنج ولاعبها الورق والنرد وهو يشرب الشاي ويدخن الأركيلة .. في كل ورقة وفي كل رمية مفاجأة .. أوراق الفيتو الروسي والصيني .. وأوراق السلاح الروسي السخي لدمشق .. وورقة الجيش العربي السوري .. ورمية شيش بيش في ساحة تقسيم التركية .. ففقدت السياسة أعصابها وضربت الطاولة .. فترنح أردوغان .. ومشروعه الاسلامي..
في مقاهي الشرق اليوم تبدأ نهاية أسطورة رجب طيب اردوغان وأفول نجمه .. ويتم الاعلان عن وصول زمن بشار الأسد الى الشرق الأوسط شاء العالم أم أبى .. نتيجة لم يتخيلها معهد أبحاث واحد في العالم .. حتى الخيال السياسي لم يتوقع شيئا كهذا .. فالربيع الذي كان مصمما لتحطيم اسم الأسد كآخر قائد للرفض حول اسرائيل تحول الى منصة اعتلاها الأسد ليصل الى مصاف الأساطير لأنه الرجل الذي تحدى العالم .. وظهر في آخر لقاء على قناة المنار مرتاحا للغاية ووجه سخريته اللاذعة هذه المرة ممزوجة بالاحتقار لنظام الحكم السعودي عبر سعود الفيصل الشخصية الراسخة والمهمة في تنقلات الشطرنج السياسي .. كان الأسد يسخر من السعودية وكأنه كان يدخن الأركيلة مع التاريخ .. كما أن الربيع الذي كان مصمما لاطلاق زعامة أردوغان على الاسلام الناتوي الاخواني الوليد انتهى بأردوغان محاصرا بالمظاهرات والرفض ..
ربما يمسك الاسلاميون العرب والثورجيون الآن أنفاسهم وشهقاتهم .. وتنطلق الآن الدعوات والصلوات والابتهالات الى السماء لانقاذ أمير المؤمنين رجب طيب أردوغان .. ويكتب المؤمنون التعاويذ والرقى ويتمتمون بعصبية ويبسملون وسيصلون النهار وسيقومون الليل علّ السماء ترسل ملائكتها التي انسحبت من بابا عمرو تكتيكيا وكانت تستعد للنزول الى القصير فتغير مسارها من القصير الى استانبول فتنزل لتحمي أردوغان "نبي الأنصار والمهاجرين الاسلاميين" كما كان يحب أن يسميهم .. ولاشك أن المؤمنين قد تركوا الصلاة من أجل القصير وتركوها لمصيرها لأن عمر أمير المؤمنين في تركيا قد يقصر .. وقد ينشغل القرضاوي عن نفخه لطواحين الطوائف وتكفيرياته النافثة للدم وينهمك في الافتاء بصلاة مثل صلاة الاستسقاء اسمها صلاة الاستنقاذ ..
ان كان هناك من يعيش الصدمة والذهول واللاتصديق وقد فغر فاه وشخصت عيناه فليس هو أردوغان ولااوغلو ولا حزب العدالة والتنمية بل الاسلاميون العرب واخوانهم المسلمون وخاصة الحمساويون الذين كانوا يتيهون في الطرقات اختيالا مباهين بتجربة حزب العدالة والتنمية وكانوا يشيرون الى أرقام الانجازات والبطولات التي صنعها البطل أردوغان هانيبال الاسلام الذي كان يحاصر روما الشرق (دمشق) الكافرة بفيلته .. هؤلاء الثرثارون الاسلاميون كانوا يجرّون الشرق من أذنيه لتسليمه بالقوة الى الأردوغانية العثمانية ويريدون اعادة السلطان الطريد الى جنوب جبال طوروس بعد ان خرج منها عام 1916 .. ان مالايصدق يحدث أمام عيونهم .. ومالم يخطر على قلب بشر .. فكيف تخرج الجماهير لترفض أمير المؤمنين وأمير ديفوس ..أمير الظلام الأخضر؟؟ ..
مارأيناه في شوارع تركيا هو تآكل تمثال أردوغان والانهيارات الرملية لقصر السلطان الرملي .. ونهاية التمدد العثماني.. انها بداية عصر الانكماش الاسلامي .. تركيا هي رأس الاسلاميين الجدد الذين تم تفصيلهم على مقاس اسرائيل والناتو .. يحاربون حيث يريد الناتو واسرائيل ..ولكنها رأس يبحث عن جسده .. وبينه وبين الجسد عنق صعب لاينال..
لايعتقد كثيرون أن هذه المظاهرات ستسقط أردوغان أو حزب العدالة والتنمية لكنها ستعيده الى القمقم وتذكره بحجمه وبأن أحلام اليقظة لاتصنع امبراطوريات .. وستفرغه من الغاز الذي نفخ له بطنه ورأسه حتى حد الانفجار .. لكن من دون شك فان في المظاهرات سقوطا مروعا لأسطورة البطل الشعبي الذي كان يحاط بالاحتفالات والمهرجانات ودعاء خالد مشعل وجوقة حماس .. وعنترة والزير .. فالشوارع التركية الآن تضم متظاهرين أكثر مما احتشد في كل شوارع الربيع العربي من ثورجيين وأحرار ..
القراءة الحقيقية للأحداث لاتقنعها ان هذا الغضب تثيره ساحة وبناء وجسر بل ان هيبة الزعيم والحزب الاردوغاني قد سقطتا .. وسقوط الهيبة كان بسبب تعثر الباشا وتدحرجه على أسوار الشام ..ولفهم ذلك نعود لنجلس مع التاريخ ونسمعه وهو يدخن الأركيلة في مقاهي الشرق ويحدثنا عن أسراره ..
يقول التاريخ: ان من العوامل السياسية المؤثرة في انطلاق الثورة الفرنسية هي فشل الملكية الفرنسية في الوقوف أمام الانكليز في القارة الأمريكية الجديدة فتقهقر النفوذ الفرنسي في العالم الجديد لصالح الانكليز الذين حولوا الأرض الجديدة الى مستعمرة لهم وفشل الفرنسيون في مواجهتهم خارجيا في معارك السيطرة على أميريكا مما تسبب في نقمة النخب الفرنسية والشعب الفرنسي على الملكية والنبلاء في فشل المشروع الخارجي .. فعندما سقطت هيبة الملك بالهزيمة في اميريكا سقطت هيبته في باريس .. مما مهد لسقوط رأسه في سلة المقصلة ..
ويضيف التاريخ بعد أن يسحب (نفس أركيلة) طويلا وينفثه في الجو: في التاريخ السياسي هناك ممرات خطرة يعمل كل السياسيين على تجنب المرور فيها لأنها الطريق الى الهلاك السياسي .. الفشل الخارجي والمراهنات الفاشلة والمغامرات غير المحسوبة وصفة سحرية للسقوط الحر .. فليس درس ملك فرنسا هو الوحيد .. بل ان درس القيصر الروسي نيكولا الثاني وآل رومانوف في الحرب العالمية الاولى وسوء أداء القيصر وتعثر الجيش الروسي في الحرب مع الألمان تسبب في سقوط هيبة القيصر التي شجعت خصومه على اطلاق شعاراتهم الاشتراكية .. فسقط رأس القيصرية عندما سقطت هيبة القيصر في الجبهة .. فالفشل الخارجي قد ينعكس احباطات اقتصادية واجتماعية لكنه يفجر التناقضات الداخلية بسرعة التي تستفيد من الاخفاق الخارجي على أنه بسبب الاخفاق الداخلي فتندلع الثورة أو التمرد ..
ثم يشرب التاريخ رشفة من الشاي ويتابع: عندما فشل السوفييت في السياسة الخارجية وكانت خسارة معركة أفغانستان سقطت هيبة الرفاق في الكرملين وسقطت هيبة الرفيق الأمين العام للحزب الشيوعي وهيبة الحزب وتطاول غورباتشوف ومجموعته على طريقة اداء الداخل وكانت ثورة البيريسرويكا .. وسقط رأس الاتحاد السوفييتي في سلة الحرب الباردة ..
في اميريكا عندما تسقط هيبة الرئيس والحزب يجري تبديلهما في تمثيلية الانتخابات فعندما سقطت هيبة أميريكا في فييتنام تمرد نيكسون وحزبه وتوليا السلطة لاعلان الانسحاب من فييتنام .. وعندما فشل جورج بوش في ترويض العراق والمنطقة خسر جون ماكين وحزبه الجمهوري الانتخابات لصالح أوباما .. وهي طريقة مبتكرة في الهروب من الهزائم التاريخية ..
وفي مصر عندما تمددت أفكار عبد الناصر خارج مصر تآمر العرب والغرب لاسقاط هيبة عبد الناصر بهزيمة خارجية فكانت هزيمة حزيران التي غيرت مزاج الناس وثقتهم بمشروعه الداخلي والخارجي وكانت نهاية هيبة عصر عبد الناصر .. مما ساعد السادات على تبديل كل المشروع والتمرد على الفكر الناصري ومشروعه ..
وبالعودة الى تركيا فان هيبة أردوغان اكتسبها من انتصارات خارجية وتمثيليات خارجية مثل تمثيلية دايفوس التي برع في اظهار تحديه لاسرائيل وفي تمثيلية اسطول الحرية الى غزة .. ثم تراكمت هيبته السياسية الداخلية من تراكم انجازاته الخارجية عبر تمرير المشروع الاسلامي بنسخته التركية في مصر وتونس وليبيا .. ثم جعل يروج لاستعداده للهبوط جنوبا لاستعادة ولاية دمشق والصلاة في الجامع الأموي واستعراضات لسانية وخطابات انكشارية فارغة .. واقام مهرجان النصر واستدعى الى المهرجان منشد الجوقة الاسلامية السافل خالد مشعل وسفلة حماس الذين غنوا له: (طلع أردو علينا من ثنيات الوداع ..) ثم بايعوه خليفة للمسلمين .. ولكن .. الخازوق كان يأتي من الجنوب ويدخل في مؤخرته تدريجيا ..وكانت غلطة عمر أردوغان هي مغامرته السورية .. واستمراره بها رغم انه كان واضحا من الأشهر الستة الأولى أن التاريخ لايريد لعب الشطرنج في سورية وكان بامكانه التراجع لكنه آثر الرهان على سقوط الأسد .. وعندما لم يسقط الأسد بدا أردوغان وكأنه خسر معركة خارجية وسقطت هيبته ..
لقد فشلت كل العملية الاسلامية في سورية وتقهقرت الآمال .. وتمدد الجيش العربي السوري وجعل يقضم أصابع أردوغان في أطراف المدن السورية .. وهنا وقع المحظور .. فقد خيب الرجل أمل كل الأتراك فهو لم يقدر على تحقيق كلمة واحدة وانجاز واحد وتهديد واحد .. ولم يخضع الأسد ولم يرد عليه واحتقره ولوح له بعصا الصواريخ .. وتآكلت الهيبة أكثر عندما جعل يستجدي الناتو لحمايته من الأسد وطلب الباتريوت لأن الجيش التركي لم يبد حماسا لمعركة طاحنة قد يتقدم فيها لكنه قد يستفز الأسد وايران لطحن فرقه العسكرية بكل معنى الكلمة في حرب ليس فيها الا قاتل أو مقتول .. وكان السؤال في تركيا بدهيا .. هل هذه هي تركيا التي كنا نعتقد أنها عندما تكشر عن أنيابها ينهار طوروس ويجف حلق نهر الفرات رعبا؟؟ فاذا بها تتوسل من يحميها من صواريخ الأسد .. وأكثر مايستطيع البطل فعله هو استدعاء عصابات ولصوص وقادة من مقاس سليم ادريس ورياض الأسعد .. تركيا العظيمة تحارب باللصوص والقاعدة وجبهة النصرة وبنساء المخيمات والمرتزقة والعصابات
والمهربين والحشاشين وخطباء جامع معتوهين من عيار معاذ الخطيب؟؟
حاول أردوغان كل شيء وذهب يائسا الى أميريكا علها تعطيه ترياقا للسياسة الخارجية أو وصفة سحرية أو مغامرة ولكن كان حصاده الفشل .. وقد يصل قريبا الى غزة الى عند اسماعيل هنية الشهير بتقبيل الأيادي وتقليم الأظافر كي يقبل يده .. وقد يصول ويجول في دول الربيع عل البعض يعتقد أن أردوغان لم يعد جثة بل فيه رمق أخير قد ينهض .... لكن هيهات ..
المعارك الخارجية مهمة جدا أن لايخسرها القادة .. لأنها طريق لتحطيم هيبة الدولة .. في سورية حاول الغرب اسقاط هيبة الدولة والرئيس والجيش السوري في لبنان عام 2005 عبر تمثيلية "الحئيئة" وقتل الحريري والانسحاب العسكري السريع للسوريين .. وقد أطنب الكثيرون في الاشارة الى الانسحاب السوري المذل وانكسار هيبة الأسد الابن (وجيشه) الذي خرب هيبة سورية التي بناها الأسد الأب .. وكانت هذه محاولة لاطلاق ثورة في سورية ودعا البعض مثل أبو تيمور اللبناني (أي وليد جنبلاط أمير جبهة النصرة اللبنانية) الى اجتياز المظاهرات في بيروت للحدود ودخول سورية واسقاط النظام في فرصة ذهبية من سقوط الهيبة وسمعة السياسة الخارجية السورية التي تعكس ترهل الفريق السياسي الداخلي وتفاقم المشكلات الاجتماعية والداخلية .. ولكن ذلك لم يحدث لأن الحكم السوري استفاد من وجود جورج بوش على حدوده لأن الوعي السوري رأى فيه خطرا أهم من استعادة هيبة ضائعة للسياسة الخارجية .. ثم استفاد الأسد واسترد هيبة السياسة السورية بالانقضاض على جورج بوش في العراق مع صديقه احمدي نجاد فحصل على شهادة جيمس بيكر هاميلتون في تقريرهما الشهير بأن الاسد ونجاد هما اللاعبان الرئيسيان في الشرق وليس جورج بوش فاستعادت الديبلوماسية الخارجية السورية هيبتها أكثر وهي تأتي بمجانين الحئيئة الى دمشق واحدا بعد الآخر لتأدية فروض الطاعة بعد التمرد ..
عند حدوث التمرد والربيع السوري كان من الواضح أن المخططين يريدون بقوة اسقاط النظام بضرب هيبة الدولة بقسوة بترديد شعارات تحقير وبذاءة وتحد للدولة أكثر مما هي نداءات حرية .. ونالت النداءات حتى من اسم الرئيس ونظام الحكم وفلسفته وتم التعريض بصمت جبهة الجولان على أنها من اسباب تراجع هيبة الحكم رغم أن من أسكت جبهة الجولان فتحها بدهاء في جنوب لبنان وفي غزة .. ونشرت التنسيقيات صورا كثيرة وكاريكاتيرات وحكايات ساخرة واختراعات عن اختراقات الايميل الرئاسي استمدتها من غرف عمليات اعلامية غربية لم تكن لها غاية سوى اسقاط هيبة الدولة والرئاسة وشعارات المقاومة .. وكان البعض يتحدث عن سقوط الدولة وانكشاف أجهزتها كما لو كان الأمر أمرا قد انقضى .. وعمل الثورجيون بتعليمات خارجية على تصوير العنف ضد مؤسسات الدولة وموظفي الأمن والشرطة في ايحاء ورسالة لمن يرغب بالتمرد بأن النظام فقد هيبته ورجاله يقطعون ويشنقون في الطرقات وهو عاجز .. وحاولت اسرائيل دعم هذا الادعاء ببعض الغارات التي تريد منها زعزعة الثقة بالدولة والحكم وهيبة الدولة .. وهذا ماأرسل رسالة خاطئة للبعض وأغرى البعض باخراج خوفه من الدولة عبر مباهاته بالتحدي ورفع السلاح .. ورفع الصوت باسقاط النظام وتحطيم تماثيل الرئيس الراحل حافظ الأسد رمز المرحلة التي كانت فيها الدولة في ذروة الهيبة والمركزية القوية ..
ومن المفارقات أن هيبة السلطة السورية التي حاول الغرب اسقاطها قد استمدت حيويتها ومكانتها وبقاءها من اسقاطها للمشروع الخارجي الضخم وكسبها للمعركة الداخلية القادمة من الخارج فكان ذلك انجازا سياسيا كبيرا للغاية قدم للناس سببا للتغاضي عن الكثير من الأزمات الداخلية .. وأعاد للدولة السورية هيبتها وسمعتها كدولة ذات مكانة مرموقة .. وستستعيد الدولة هيبتها بتسارع مذهل في كل المناطق المتمردة ..
وبالعودة الى تركيا وأزمتها الوليدة .. الحقيقة هي أن القوى العلمانية قد تنفست عند فشل المشروع الأردوغاني الذي تلكأ وتعثر وتشردق وبدأ يعرج ويختنق لأن رأس الاسلاميين التركي العثماني بقي بلا عنق لأن العنق السوري بقي خارج سيطرته وبقي الجسم والأطراف والمؤخرات في مصر وتونس والأردن ولبنان وليبيا جسدا اسلاميا بلا اتصال مع رأس الخلافة لأن العنق السوري الواصل بين الرأس وجسده لم يسقط بيدهم وهاهو الأسد يبدأ بنحره في القصير وسيتم البتر النهائي للرأس في حلب قريبا ..
صارت القوى العلمانية القلقة من اسلامية تركيا قادرة على التعبير عن نفسها وعن سخطها بعد أن سقط أردوغان كأسطورة في الانجازات السياسية والخارجية .. وصار بامكان الجميع أن يتحدث عن اخفاقاته ورهاناته الخاسرة وحميره الاسلامية التي راهن عليها ولم يعد من المنطقي الحديث عن البطل وانجازاته بل عن المغامر السياسي والأحمق الذي جعل من تركيا أضحوكة الشرق بلا هيبة خارجية ..
قد تكون الأحداث الداخلية لها طابع داخلي .. لكن لايمكن أن يخرجها بهذا الحجم تغيير لاسم ساحة واسم جسر بل سقوط هيبة الحزب والدولة التركية وسقوط هيبة أردوغان نفسه .. كما أن تفاقم القضايا الاجتماعية يبحث دوما عن فشل خارجي ليبدأ في العقاب والحساب .. لأن الانجاز الخارجي قد يكافئه الجمهور بغض النظر عن بعض التراجعات الداخلية .. لكن ماان تسقط المشاريع الخارجية حتى تصرخ الأزمات الداخلية ..
الكثيرون يعتقدون أن التحرك الجماهيري التركي عفوي ولن يثمر في اسقاط حزب العدالة خاصة أنه لاتوجد جزيرة تبرمج الناس على الكراهية والعنف ولايوجد صفوت زيات يصور انتصارات الدوشكا على أفضل نخب جيوش الشرق الأوسط .. ولا "عربية" تحضر شهود العيان والمحللين الكذابين .. وليس هناك عزمي بشارة يبيّض الوجوه الدموية .. ولاأمراء الغاز والنفط كي يدفعوا المال للثوار الأتراك وتنسيقياتهم .. وليس هناك عرعور يفرم اللحم ولا قرضاوي يحمل الدم في رقبته وجبته .. ولا عريفي يبعث الناكحين والمنكوحات .. وبالطبع لاتوجد جامعة عربية ولانبيل عربي أو تركي ..
ويرى هؤلاء أنه لابد من التقاط هذه اللحظة الحاسمة الفاصلة ومد كل المدد لثوار تركيا السلميين لتحويل تحركهم الى تيار جارف.. ولكن هذا صعب لأن مثل هذا الدخول في تركيا كان يحتاج اعدادا طويلا مثلما تطلب التحضير لربيع العرب .. ومع هذا فهناك همس أن حجم المظاهرات منظم وهناك من سيدخل على الخط بسرعة من مكان ما ان لم يكن قد دخل فعلا .. ولكن لن يكون هذا مؤكدا الا باستمرار موجة التحدي والتظاهر حتى يتم اذلال أردوغان وكسر شوكته في تركيا ..
البعض يشير الى أن أردوغان قد تحطم وتهشم معنويا .. لأن خروج هذا الحجم من الرفض له خطير للغاية ومحرج للغاية وهو من كان يعيب على جيرانه السوريين قلة الديمقراطية وقلة الحياء من المطالب المحقة .. وكان يغدق في التقريع واللطم والتعنيف وطلبات التنحي ..
واسمحوا لي أن انقل لكم ماقاله لي صديق تركي وهو سياسي مرموق اذ قال: لقد سقط رأس أردوغان مرتين في تركيا .. مرة عندما ولد وقيل ان مسقط رأسه كان في ريزة .. وسقوط رأسه الثاني في كل تركيا .. كل تركيا .. عندما سقطت هيبته .. وسقوط رأسه الأول كان ليبدأ حياته .. وسقوط رأسه الثاني كان فيه الممات السياسي..
كما توقعنا جميعا منذ قرابة عام .. بأن هناك نقمة متنامية على أردوغان في تركيا وداخل حزبه .. ولكن حتى وان بقي لفترة أخرى في السلطة فانه سيكون السلطان الكسيح .. وسينتهي في المقاهي يوما يدخن الأركيلة .. ويلعب الورق ويرمي أحجار نرده .. وهو يهز رأسه ويقول:
أمان ياربي أمان .. ممن يمد أصابعه تحت طوروس أو ينظر الى الجنوب .. ستحترق أصابعه وعيناه ..
أمان ياربي أمان ممن يمد يده ليضعها في أشداق الأسد ..
ثم سيرمي احجار نرده وهو يقول لصديقه على الطاولة أبي تيمور اللبناني: صدق شاعر حلب ياأبا تيمور
اذا رأيت نيوب الليث بارزة فلا تظنن أن الليث يبتسم
River to Sea Uprooted Palestinian
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of this Blog!
No comments:
Post a Comment