الاغتيال ضد مصلحة سوريا
«شكراً سيد جنبلاط». لم يستحقها وليد بيك من وكلاء الدفاع عن المتهمين باغتيال رفيق الحريري فحسب، في ختام شهادته في المحكمة الدولية. فالشكر جزيل جداً لأن بيضة القبّان، كما عهده، تأرجح في لاهاي أيضاً. وتوصّل بعد تحليل لتحليلاته التي أفاد بها منذ الاثنين إلى أن الاغتيال «كان ضد مصلحة سوريا»
بمسك الثبات، ختم النائب وليد جنبلاط شهادته السياسية أمام المحكمة الدولية في لاهاي في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري. في أذهان الكثيرين، سيعلق من الأيام الأربعة جمله الأخيرة في الحوار الذي دار بينه وبين وكيل الدفاع عن المتهم حسين عنيسي المصري ياسر حسن. «قلت: تآمرنا على التمديد لـ(الرئيس إلياس) الهراوي.
قبلت التمديد لنفسك وللهراوي ورفضته للرئيس إميل لحود. أنت تفسر الدستور والقانون كما تريد». فردّ جنبلاط:» الظرف السياسي بيحكم لمصلحة البلاد، وأنا أفهم أحياناً مصلحة البلاد». قال حسن: «اتهمت الضابط السوري إبراهيم الحويجي ورئيسه اللواء محمد الخولي باغتيال والدك بأمر من الرئيس حافظ الأسد. لماذا لم تتخذ إجراءات بحقهما؟ ثم تفعل ذلك مع الرئيس بشار الأسد في ما خصّ الحريري». ردّ جنبلاط: «لا أملك دليلاً وهذا تحليلي». استفزّ حسن وقال «إنك تحرض على القتل عندما تطلق اتهامات هكذا». عندها، تدخل رئيس غرفة الدرجة الأولى القاضي ديفيد راي لإنقاذ «وليد بيك» من أسئلة «السيد حسن» كما كانت هيئة المحكمة تناديه. لكن السيد لم يهدأ. وجّه سهمه الأخير. «قلت إن القرار 1559 الذي أصدرته فرنسا وأميركا هو حكم الإعدام على حزب الله وسوريا والقوى الفلسطينية. ما هي نيات فرنسا وأميركا لإصدار هكذا قرار؟». أجاب جنبلاط: «لا أملك تحليلاً سياسياً حول نياتهما». استغرب حسن. بلهجته المصرية قال: «بقالك 3 أيام بتحلل!». ذكّر جنبلاط «لكون القرار ضد الفلسطينيين وسوريا والحزب، وقفت منذ البداية ضده أنا والحريري». على نحو تدريجي، استدرجه حسن للقول إن «الاغتيال غيّر المعادلة لصالح القرار، ولولاه لما نفذ القرار ولما تم الانسحاب السوري». فهل ترى أن الاغتيال كان ضد مصلحة سوريا وحزب الله في آن واحد؟ «نعم ضد سوريا»، جزم جنبلاط من دون تفكير. «شكراً شكراً» أثنى السيد حسن، منهياً استجوابه.
أمس، بدا وليد بيك منهكاً في الفصل الأخير من شهادته، علماً بأنه أبدى موافقته صباحاً على تمديد مثوله ليوم خامس إفساحاً في المجال أمام أسئلة فريق الدفاع، بعد أن تخطى فريق الادعاء الوقت المعطى له. لكن سير الاستجواب الدفاعي كان هجومياً ضد جنبلاط حتى الاستنزاف. أحسّ حسن بالضغط على الشاهد. سارع جنبلاط بالقول: «منّي مضغوط. طمّن بالك». عندما يجد نفسه محشوراً في سؤال ما، كان يهرب بالقول «لست أذكر بدقة، ولست هنا لأحلل سياسياً. أنا هنا لأقدم معلومات وأدلة»، بينما تمسك في الأيام السابقة في جميع أجوبته بلازمة: «هذا تحليلي. هذا رأيي». «أنا أقدم شهادة سياسية وعلى المحكمة أن تحدد من قتل الحريري. ليست مهمتي التحقيق ولا تقديم الأدلة. وأنا مصرّ على الاتهام السياسي للنظام السوري، وما من مرة قلت إنني أملك قرائن محددة». وكيل المتهم حسن مرعي، المحامي التونسي حسن العويني، ذكّر جنبلاط بمقابلة على قناة «الجزيرة» هاجم فيها الرئيس بشار الأسد. «كلامي للجزيرة أملته الظروف السياسية والتقيت الأسد بعدها». أما بشأن خطابه في ساحة الشهداء ضده، «لقد ذكرتني بالأيام الجميلة. لكن الأسد طلب اعتذاراً عنه. فاخترت الكلمة التي تصعب ترجمتها (لحظة تخلّ)». كذلك ذكّره العويني بملاحظات نقلها محققون دوليون عنه قال فيها «لا يجب الارتياح إلى اللواء وسام الحسن». لكن جنبلاط نفى الأمر، مؤكداً أن ما نقل عنه تحليل من سفير أميركي سابق. وفي حواره مع وكيل المتهم مصطفى بدر الدين، أنطوان قرقماز، جزم جنبلاط بأنه لا يملك أدلة على اتهام بدر الدين.
حتى آخر لحظة، تنقل جنبلاط بحذر لكي لا يقع في فخ استفزاز حزب الله. بالنسبة إلى سلاحه، رأى أنه «ينزع بنتيجة حوار، ومعنى ينزع أي يصبح جزءاً من المنظومة الدفاعية للجيش اللبناني. نعلم أنه يتلقى سلاحه من سوريا، لكن كان مطلوباً من الحريري أن يرفض القرار 1559». ونقل عن الحريري قوله للسيد حسن نصرالله: «سلاحكم سلاحنا وسنواجه القرار 1559». في ختام شهادة التحليل، قال له راي: «تستطيع أن تغادر. وأنت لاحظت اهتمام القضاة والمحامين جداً بإفادتك».
في اليوم الثالث من الشهادة، عرض فريق الادعاء تسجيلاً صوتياً للقاء جمع الحريري ووزير الخارجية السوري وليد المعلم في قصر قريطم قبيل الاغتيال. رغم أن أسلوب الحريري تميّز بالودّ تجاه السوريين، لكن جنبلاط حلّل مضمون اللقاء بأنه «تخدير للحريري من خلال إرسال المعلم، بينما نظام الأسد كان يحضّر عملية الاغتيال».
المحكمة حددت الجلسة المقبلة في 19 أيار الجاري للاستماع الى الشاهد هاني حمود، أحد مساعدي الحريري.
Related Videos
Related Articles
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!
No comments:
Post a Comment