Pages

Monday, 21 March 2016

Nasser Kandil: About ‘Mission Accomplished’ and Putin's Trap

الذين هالهم ما فعله بهم الرئيس الروسي وأصابهم الذهول ولم يعرفوا ماذا سيفعلون، هم الذين يُكثرون الكلام عمّا أراده، أملاً بأن يؤنسوا وحشتهم الناتجة عن قراره الكبير والخطير بترداد وسماع ما يقولون. فلو كانوا مؤمنين بتفسيرهم ما فعله بهم ويرونه فعلاً بسواهم، خصوصاً بأعدائهم، لَصمتوا وضحكوا في سرّهم وفعلوا ما يفعله الرئيس السوري اليوم بترك الأيام تظهر نتائج خطوة الرئيس بوتين في تصرّفات أعدائه، الذين كلما شعروا بمخاطر فشل مفاوضات جنيف بسبب تلكُئهم عن الالتزام بما يريده الرئيس الروسي ويتوقعه منهم، يستاءلون هل ندعها تفشل ونحمّل روسيا مسؤولية الفشل والتصعيد الناجم عنه؟ فيتذكرون فجأة أنه أعلن الانسحاب.
الارتباك الغربي والسعودي والتركي كما ارتباك مَن معهم من عناوين جماعة الرياض المفاوضة، اختصره رئيس حكومة بريطانيا ديفيد كاميرون بدعوته إلى عدم كيل المديح للخطوة الروسية، لأنها أشبه بالكمين، وهي كما يبدو كذلك، فقد أدرك الرئيس الروسي قبل تموضعه الحاسم في الحرب السورية أنهم سيتربّصون به، ويُسمعونه معزوفاتهم عن تكرار أفغانستان، ولذلك حدّد مهلة أربعة أشهر لإنجاز المهمة من دون أن يقول ما هي المهمة، وهي تبدو واضحة اليوم بما أنجز واعتبره الرئيس بوتين عنوان القسم الأول من الحرب على الإرهاب. وهو إقامة توازن رادع بوجه مستثمري الإرهاب، أي التركي والسعودي و«الإسرائيلي» من جهة، وإغلاق الحدود التركية بوابة التدخلات والتدفقات الإرهابية، من جهة ثانية، وإقامة جدار عازل بين مكوّنات صالحة للتفاوض ولو كانت انتهازية ومتداخلة مع الإرهاب وبين الأجسام المتجذرة في السلوك والتكوين على ضفة الإرهاب ويصعب جذبها منه، وذلك عبر الهدنة التي تستثني جبهة النصرة خصوصاً، وتخيير سائر الجماعات المسلحة بينها وبين الهدنة، والأشهر الثلاثة أو الأربعة التي وضعتها الروزنامة الروسية، جعلها الروس تتوّج بقرارات من مجلس الأمن لسقف سياسي للحل يترك مصير الرئاسة السورية جانباً، ليقرّر مصيرها السوريون في صناديق الاقتراع بصفتها شأناً سيادياً سورياً، بعدما كانت هدف الآخرين المحوري من الحرب على سورية.
أنجز بوتين المهمة، والغرب ينتظر منه مهمة ثانية بدلاً منها، وهو لاعب شيش وشطرنج، فهم ينتظرون منه أن تكون لحربه مهمة إنهاء «داعش» و«النصرة» بينما هم يتلذذون بتركه وحده في الحرب، ويضعون شروطهم لتقديم بعض من غطاء دولي شحيح لها، ويتنعمون بإبعاد خطر الإرهاب عنهم وهناك من يدفع الثمن عنهم، بينما لاعب الشطرنج بادل حجرَي الملك بالقلعة في الوقت المناسب، وهي حركة دفاعية هجومية يعرفها لاعبو الشطرنج المحترفون ويعرفون توقيتها، فتبادل الأدوار مع الرئيس السوري وأخذ كل منهما مكان الآخر، وقال للغرب أنا منسحب، أتريدون مواصلة الحرب على الإرهاب ومنها وعبرها حفظ أمنكم، أنجزوا مع شريكي الحل السياسي لتكون حكومة سورية موحّدة معترف بها، تشكل شريكنا معاً ضمن حلف أممي لنواصل الحرب على الإرهاب، وإلا فتحمّلوا فشل المفاوضات في جنيف، وقاتلوا شريكي بجماعاتكم إن كنتم وكانوا قادرين، وهنا لاعب الشيش ينسحب خطوة إلى الوراء لكن الشيش هو الممدود بمقدار خطوتين إلى الأمام كما هو حال صواريخ «أس أس 400» في سورية لردع كل اقتراب.
الذين يُكثرون الحديث عن تفسير خطوة الرئيس الروسي هم الأشد ذعراً منها، وهم الذين يخشون أنهم لم يتلقوا بعد كل مفاعيلها. والعارفون يتذكرون ذات يوم ما نشره وليّ وليّ العهد السعودي بلسان مصدر سعودي إعلامي عن تفسير اللقاء اليتيم الذي جمعه برعاية روسية مع مسؤول أمني سوري رفيع، وفي ما نشر يقول بن سلمان إنه «أراد تعرية سورية وقيادتها أمام روسيا التي ضاقت ذرعاً بالتصرّفات السورية»، وكان بعد شهرين من هذا الكلام التموضع الروسي في الحرب إلى جانب سورية والذي وصفه السعوديون بالمزلزل، فكيف لو لم يكسبوا الروس إلى جانبهم على «حلبة التعرية»، بذكاء وعبقرية بن سلمان كما قالوا، ربما بدلاً من «أس أس 400»، كان البيان الصادر عن الكرملين يقول، لقد تركنا الصواريخ النووية العابرة للقارات في سورية!
ينشر هذا المقال بالتزامن مع الزميلتين «الشروق» التونسية و«الثورة» السورية.
Related Videos
Related Articles

River to Sea Uprooted Palestinian   
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!

No comments:

Post a Comment