روزانا رمّاليتحسّس جمهور المقاومة اليوم نفساً رئاسياً جديداً في التعاطي مع قضيتهم عبر التماس مشروعهم الذي تنبثق عنه افكارهم وانتماءاتهم السياسية، فقد نجح الرئيس ميشال عون على ما يبدو في الاختبار الاول و«الأصعب»… قاعدة حزب الله الشعبية تعيش لأول مرة منذ سنوات ما كانت قد افتقدته طويلاً، لم تسمع «ضجيجاً» من قصر بعبدا هذه المرة، لا اعتراضاً ولا مقترحات او بنود «إعلان» ولا حتى حرباً كلامية عليها.
أجرى حزب الله «اللبناني» عرضاً عسكرياً في إحدى مناطق ريف القصيْر «السورية» في يوم يحتفل فيه سنوياً، أراده هذه السنة مغايراً لكلّ ما عاشه او توقعه اكثر المتفائلين والواثقين من اريحيته ميدانياً وسياسياً بالمنطقة بمناسبة «يوم الشهيد»، كشف حزب الله عن نوع جديد من هويته البنيوية وتحضيراته اللوجستية للمحطة المقبلة التي أراد الإعلان عنها. شارك في العرض العسكري عدد كبير من المقاومين في الحزب هذه المرة برفقة فوج من المدرّعات مع عشرات الدبابات والآليات والمدافع.
أول تعليق إسرائيلي بعد العرض العسكري لحزب الله !
وعلى انّ حزب الله ليس حزباً «استعراضياً» أو «هاوياً»، فقد أرسل ما يوضح خطوته، «فلتعتبر كلّ جهة مسؤولة عما يعنيها في ما شاهدت» طالما انّ خصومه كثر بدءاً من «إسرائيل» وصولاً لحركات التكفير والجهاد المتطرف وصولاً لنظام المملكة العربية السعودية التي عملت ضدّ حزب الله لفترة طويلة، والتي اتهمها هو بمسؤوليتها عن تغذية الجماعات الإرهابية التي اجتاحت المنطقة وفجرت في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي غير منطقة لبنانية أكثر من مرة.
يَحضَر حزب الله هذه المرة على أرض غير لبنانية بشكل لا يدلّ على انّ المعركة التي يقاتل من أجلها محدودة الآفاق والاتجاهات، فعرض المدرّعات يدلّ على نوع من الاستقرار أراد الكشف عنه في تلك الأرض، ويحكي ايضاً عن فقرة سياسية مهمة تتمحور بالتالي «التنسيق بين سورية وحلفائها «رفيع» وعلى كلّ المستويات وغير محدود ليدلّ على مفهوم الأمن القومي لمحور بأكمله، فارتباط هذه «السلسلة الأمنية» بعضها ببعض يعطي واجهة نوعية لطبيعة العلاقات السياسية والعسكرية لمحور مؤلف من سورية وإيران وحزب الله ومن خلفهم روسيا، وان ّ»ايأً من هؤلاء مستعدّ للوقوف الى جانب كلّ من يتعرّض لخطر أمني يعرّض سيادته للخطر بدون حسابات مسبقة كنوع من «الاتحاد العسكري الجديد»!
قدّمت سورية بالنسبة لحزب الله في حرب تموز كلّ ما يمكن تقديمه بين معابر وحدود برية وبحرية لنقل ما كان كفيلاً بصدّ هجمات «إسرائيل»، لقد مثل المجال الجوي السوري مسرحاً واسعاً لصلة الوصل بين إيران وسورية حيث لا يمكن للحزب ان يتحرك عملياً بسهولة في لبنان حيث لا تتيح الحساسيات الداخلية بذلك ومعها الانقسام الحادّ في البلاد.
السؤال حول السيادة السورية ومعنى ان يتواجد حزب الله فيها بعدما تعرّضت له من أزمة كبرى وعن «تخلي» الرئيس السوري بشار الأسد عنها كما هو متهم لصالح إيران وحزب الله وروسيا، تجيب عليها حوادث استثنائية مثل اغتيال القيادي عماد مغنية هناك وهي حادثة كفيلة لوحدها التأكيد على انّ وجود حزب الله في سورية قديم ورفيع المستوى لا يتعلق بمفهوم «سيادي» بل بمفهوم استراتيجي أمني – تنسيقي بحت ولا يتعلق ايضاً بالتدخل بمجريات الحياة السياسية هناك، فمغنية لم يكن زائراً او سائحاً في سورية حينها، وهو الذي كانت حركته دقيقة وقد تمّ استهدافه بعد مراقبته بشكل كثيف لمعرفة الجهة التي نفذت العملية مسبقاً بكثرة تواجده في سورية لدواعي «عمل أمني».
التواصل ايضاً بين سورية وحزب الله في حرب تموز والإمداد والتعاون العسكريين يؤشران على علاقة قديمة لا تتعلق بالأزمة السورية الحالية.. في الواقع حزب الله موجود في سورية منذ سنوات طويلة بنسب ومهمات متفاوتة وقد تدرّب جزء وافر من مقاتليه داخل الأراضي السورية.
هذه هي العلاقة الوطيدة بين حزب الله والجيش السوري والنظام السوري ايضاً، ولهذه الدرجة قدّمت سورية لهذا الحزب.هي نفسها «العلاقة» التي لم يستطع ميشال سليمان رئيس الجمهورية الأسبق فهمها، وهو القائد السابق للجيش اللبناني ايضاً، فدعا للنأي بالنفس لسنوات ناسفاً كلّ هذه الوقائع والحيثية التي يتصرّف فيها حزب الله بعلاقته مع سورية مستهدفاً الحزب عند كلّ مفترق طرق، مستغنياً عن العلاقة مع سورية وعن علاقاته الديبلوماسية مع ممثليها.
كلّ العالم نقل استعراض حزب الله في القصيْر السورية، وكلّ جهة تلقت رسالة من الزاوية التي تعنيها ليبقى السؤال الأكبر: «ماذا لو لم يكن العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وقام حزب الله بهذا العرض العسكري في القصيْر؟ ماذا لو جرى هذا في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان؟ من يتوقع كيف كانت ستكون ردة الفعل؟ ما هي أشكال النصوص والخطابات التي كانت من المفترض ان يتعاطى معها جمهور المقاومة؟
نجح الرئيس ميشال عون في أصعب «اختبارات» العهد المتعلقة بحالة حزب الله «الممتدّة» خارج الحدود، لم يصوّب على ما جرى ولم يعط الحدث حجماً «كنافر او منفر»… لم يسمع اللبنانيون اي اعتراض او امتعاض.. تفهّم عوني كامل لما يقوم به الحزب… ودائماً: ماذا لو لم يكن عون الرئيس؟
Related
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!
No comments:
Post a Comment