سليم الحص، ضميرنا الذي يصرخ بنا… أفيقوا!
ابراهيم الأمين
من أطلق على الرئيس سليم الحص لقب ضمير لبنان، لم يخطئ أبداً. هو ليس الرجل صاحب الضمير الذي يرفض الفعل الحرام وحسب، بل هو الضمير الذي يؤنّب كلّ من أمضى نهاره وهو يرتكب الفعل الحرام أو يسكت عنه.
سليم الحص هو الضمير الذي نحتاج إليه جميعاً في حياتنا اليومية. هو من يقول لنا كل يوم إن العيش ممكن من دون مدّ اليد الى جيوب الآخرين. وهو من يقول لنا كل يوم إن العيش جميل من دون أقنعة وقفازات. وهو من يقول لنا كل يوم إن الحياة الكريمة تتطلب نفساً كريمة لا تقبل الذل ولا الهوان. وهو من يقول لنا كل يوم إن تجاوز حقوق الآخرين، أكانوا دولة أم مؤسسات أم أفراداً، إنما هو رجس من عمل الشيطان يجب تجنّبه. ومن يقول لنا كل يوم إن الصمت عن فاعلي الشر هو مشاركة في فعل الشر نفسه.
سليم الحص، هو الضمير الذي لا يتعب، وهو الذي يقول لنا كل يوم إن الإنسان، في أي وقت من حياته، وفي أي مكان يعيش فيه، لا مبرر له لقبول الضعف أمام متجبّر طاغية. وهو الذي يقول لنا كل يوم إن السنوات مهما كانت طويلة أو قصيرة، لا معنى لها إن لم يكن صاحبها واقفاً حيث يجب أن يكون، أي حيث الحق.
سليم الحص هو الضمير الذي يعذبنا جميعاً، عندما نقف متخاذلين أمام جبروت ظالم لا نحرّك ساكناً. وهو الذي يقول لنا كل يوم ان أفيقوا، واصرخوا في وجه الجلاد رفضاً، وافهموا أن الظلم اللاحق بكم، وبقريبين منكم بصلة الدم، إنما هو نفسه الظلم الذي يلحق بإخوة لكم بصلة الهوية والثقافة، وهو نفسه الظلم الذي يلحق ببني البشر المواجهين لقهر الظالمين أينما وُجِدوا على هذه الأرض.
أمس، أعلن سليم الحص، الذي فاق عمره 87 عاماً، الإضراب عن الطعام، تضامناً مع الأسرى الفلسطينيين في سجون العدو الإسرائيلي. صرخ بنا جميعاً، بصوت يتفوّق على صراخ القاهرين، بأن تنبّهوا الى عدو حاقد لم يتوقف يوماً عن قتلنا وقهرنا، ولن يتوقف حتى ولو انخرطنا في نهش لحوم بعضنا. وهو يصرخ بكل من يعتقد نفسه ناطقاً أو معنياً أو منتمياً الى هذه الأمة، أن في هذه المنطقة أرضاً اسمها فلسطين، وفوقها يعيش شعب مظلوم اسمه شعب فلسطين، ويحتلها قاهر اسمه مغتصب فلسطين، وفي سجونه، يحشر الأبناء الإخوة من أسرى فلسطين، وأن هؤلاء يحتاجون منا إلى كل فعل يساعد في خلاصهم وخلاص فلسطين.
ليس مثلك أيها الإنسان الرائع، ليس مثلك بيننا اليوم مَن يجعل آمالنا تتفوّق على خيباتنا، وليس مثلك من نسعى للتماثل مع ظله إذا أمكن، علّ الضمير الذي يسكننا يبقى يقظاً، حياً، مثل روحك الطيبة التي لا هواء يتّسع لها.
سليم الحص وشوقي يونس
ناصر قنديل
مايو 3, 2017
– في بادرتين منفصلتين أقدم كلّ من الرئيس الدكتور سليم الحص والدكتور الطبيب شوقي يونس على مبادرتين، تستدرج كلّ منهما دمعة من العين ورفّة في القلب لشفافية الروح الإنسانية التي تسكن كلاً من هذين الرجلين العظيمين، وتشكّل من كلّ منهما مثالاً لرجل الشأن العام، والرئيس الحص ضمير العرب ورئيس رجال الدولة بينهم لا حزب ولا طائفة ولا ميليشيا وراءه، بل عقله وضميره وحدهما وراءه وقلبه أمامه. وقف أمام زلزال يصيب الضمير يتمثل بالإضراب المفتوح عن الطعام حتى الموت الذي أعلنه الأسرى في سجون الاحتلال، في ظلّ صمت مطبق عربياً وإسلامياً وعالمياً، فما وجد إلا جسده النحيل والمتعَب يقدّم عبره كلمة التآخي التي اشتاق إليها المُضربون من أبناء أمّتهم، معلناً صيامه ليوم تضامناً معه، واليوم كافٍ مع الحال الصحية للرئيس الحص لتعريض حياته للخطر. أما الدكتور شوقي يونس الذي سمع به اللبنانيون حديثاً، فهو طبيب من بلدة الصرفند الجنوبية يحمل فكر والتزام الحزب السوري القومي الاجتماعي، أقدم على التبرّع بكليته لمريض يحتاجها ولا تربطه به مصلحة، مُخاطراً بحياته وما سيرتّبه التبرّع من إرباك لنمط عيشه، وخلفيّته الوحيدة، القيام بما يشعر ضميره بالراحة ويمنح الحياة الإنسانية معنى التشارك، والتضحية، حيث يمكن إنقاذ حياة أخرى بقدر من المخاطرة الطوعية والتطوّعية.
– الرجلان ينتميان إلى مدرسة واحدة تترفّع عن الجسد ومتطلباته، وعن الـ«أنا» وعقدها وأمراضها، لكنهما ليسا مجرّد فاعلَي خير، بل هما ناشطان منتميان فكرياً بقوة لخيار المقاومة والوحدة الاجتماعية والقيم الإنسانية في ممارسة ومقاربة الشأن العام، وخطوة كلّ منهما تقول بقوة إنّ هذه النماذج تنضح عفوياً وتلقائياً بما يفيض عن قدرات البشر العاديين، لأنّ النفوس والأرواح التي تسكن أجساد المؤمنين بفكر إنساني كبير والذين يعبّرون عن التزام على هذا القدر من الصدق والأخلاق والجدّيّة، يسقط فيه أيّ فاصل ولو افتراضي بين القول والفعل. هي النفوس التي يليق بها تعاطي الشأن العام تنحني لها مواقع القيادة، وتشعر مَن ينتمي معها للمنهج والفكر ذاتهما بالسمو والفخر، وتطرح التساؤلات الجدية حول العلاقة بين السياسة والأخلاق، وحول الإنسان السياسي، الذي كثر ربطه بالكذب والنفعية والرخص الأخلاقي، لتأتينا نماذج تقول السياسة، بما هي أعلى مراتب المسؤولية في المجتمع لا تستقيم إلا لرجال ونساء من هذا الطراز. طراز لا مكان للسياسة فيه إلا بصفتها فعل أخلاق وإنسانية وترفّع وكبر وتضحيات وصدق وشفافية في الروح قبل اللسان.
– أوسمة على صدور أمتنا وبلادنا هذه النماذج وفخر لمن ينتمون لمفاهيم يتشاطرونها معهم، والذين يرونهم مثالاً يُحتذى
لمريدي عقيدة المقاومة وفكر الحرية والتحرير.
(Visited 1٬238 times, 65 visits today)
River to Sea Uprooted Palestinian
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!
No comments:
Post a Comment