يصل وزير الخارجية التركي إلى السعودية الجمعة بعد زيارته كلاً من الدوحة والكويت (الأناضول)
بعدما تصدرت المشهد أنباء صفقة التسليح الأميركية لقطر، دخلت الأزمة الخليجية أمس طوراً جديداً ينبئ بتمسك قطر برفض «الانحناءة» أمام العاصفة السعودية، ويؤشر إلى إصرار على الفوز بصفقة مع الأميركيين، تحفظ للقطريين هامش التحرك تحت السقف الأميركي فقط، بما يفرغ الهجوم السعودي ــ الإماراتي من مضمونه، ويحمي الدوحة من «استفراد» الجيران المقاطعين وضغوطهم
دخلت الأزمة الخليجية أمس مرحلة جديدة مع انخراط قطر في رهان آخر على الولايات المتحدة، قوامه تفعيل صفقات بيع السلاح، وهو ما يعني القبول بدفع المزيد من الأموال للإدارة الأميركية مقابل تأمين الأميركيين الحماية للدور القطري في المنطقة، وتجنيب الدوحة انزلاق الخلاف الخليجي نحو تصعيد أسوأ من طرف السعوديين.
الرهان القطري على «شراء» حماية واشنطن يسير بموازاة التعويل على حماية أنقرة التي تستعد للتحرك في أكثر من اتجاه، آخرها الإعلان عن زيارة لوزير الخارجية، مولود جاويش أوغلو، للسعودية، وعلى جدول أعمالها بند وحيد: البحث في سبل نزع فتيل الصراع الخليجي.
التحركات التركية هذه توضع في إطار المبادرة القطرية المضادة تجاه الهجوم السعودي ــ الإماراتي، والذي بدأته الدوحة قبل أيام بعدما استعادت زمام المبادرة واستوعبت الصدمة الأولى. اتصالات إقليمية، وتواصل دولي، وتحركات باتجاه مؤسسات القرار في واشنطن، يسعى عبرها القطريون إلى استعمال الأدوات الإماراتية والسعودية ذاتها لمجابهة «العزلة» وكبح جماح تيار في الإدارة الأميركية، يحظى بمباركة الرئيس دونالد ترامب، يلوح بالانحياز إلى الموقف السعودي الإماراتي وتأييد سياسة الإقصاء ضد قطر والتيار «الإخواني» عموماً. المعلومات تشير إلى أن هذا التيار تقابله دوائر أميركية أخرى لا تزال تصر على إبقاء قطر في موقع «الشراكة» مع واشنطن، وعدم التنكر لـ«خدماتها» الجمة عبر السنوات الماضية. لكن بأي حال، لا خلاف بين مؤسسات القرار كافة في واشنطن على جواز إطالة أمد الأزمة إذا ما كانت لمصلحة الاستثمار في تناقضاتها ومن ثم الاستحصال على عقود مربحة ينتجها التسابق الخليجي نحو كسب الود والرضى الأميركيين.
في الجولة الثانية، كسب القطريون الشوط على حساب الرياض وأبو ظبي على ما يبدو حتى الآن. هذا ما يفسره تمكن وزير الدفاع القطري، خالد العطية، من الوصول سريعاً، في هذا التوقيت، إلى العاصمة الأميركية، وتوقيع اتفاق على عجل، أعلن عنه البنتاغون، تبيع بموجبه الولايات المتحدة قطر 36 مقاتلة «أف 15»، بمقابل يصل إلى 12 مليار دولار. وفي الدوحة، أصر مسؤول قطري على تقديم الصفقة كدليل «على أن المؤسسات الأميركية معنا»، وفق ما قال مضيفاً «(إننا) لم نشك في ذلك قط… ودعم أميركا لقطر متأصل ولا يتأثر بسهولة بالتغيرات السياسية». خبر صفقة الـ«أف 15» ترافق مع خبر آخر لا يقل دلالة على أن الاتصالات القطرية أثمرت في الفوز برضى أميركي نسبي، وهو ما أعلنت عنه وزارة الدفاع القطرية في بيان كشف عن وصول سفينتين عسكريتين أميركيتين إلى ميناء حمد الدولي بهدف المشاركة في تدريبات مع القوات البحرية القطرية.
خلاصة هذه التطورات تشي بأن الدوحة لا تزال متمسكة بخيار تحدي الهجمة السعودية والإصرار على رفض «الوصايات»، ما عدا الأميركية منها. وإذا ما كان المطلوب تقديم تنازل ما في نهج قطر وسياستها الخارجية، فإن هذا التنازل سيكون لمصلحة الأميركيين حصراً. وبالتالي، فإن من شأن المضي القطري بهذا التوجه أن يفرغ الموقف الإماراتي السعودي من مضمونه، وأن يفسح المجال أمام الدوحة للخروج من الأزمة، محتفظة بهامشها المعتاد من العمل المستقل عن التحالف السعودي.
عربيات
Related Videos
Related Articles
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!
No comments:
Post a Comment