نوفمبر 17, 2017
ناصر قنديل
في كلّ عام يحتفل القوميون بعيد تأسيس حزبهم في اليوم الذي يحتفل فيه البعث في سورية بذكرى الحركة التصحيحية بصفتها عيداً للتأسيس الثاني، فقد ولد حزبهم من جديد على يد القائد الراحل الخالد حافظ الأسد، كما ولد للسوريين القوميين الاجتماعيين حزبهم على يد عبقرية وقيادة الزعيم أنطون سعاده. ومنذ الحركة التصحيحية تصحّحت العلاقة بين القوميين والبعثيين، وعبرهما بين تيارين في النضال القومي يمثلهما كلّ من الحزبين، حتى اختلطت دماء الشهادة تجمعهما في ميادين المواجهة عام 1982 في مواجهة الاجتياح «الإسرائيلي» للبنان، وبعدها في ولادة المقاومة التي رسمها أبطال لبنانيون بدمائهم، ووقفت سورية وراءهم بدعم لا محدود، وكان القوميون في طليعة هؤلاء، يتقدّمون الصفوف.
جدّدت الحرب الأميركية «الإسرائيلية» على سورية والتي جنّدت لها كلّ إمكانات هذا الحلف بامتداداته العربية والإقليمية، فرص تعميد هذا الحلف بالدم، فكان القوميون مرة ثانية في طليعة الذين حملوا السلاح للدفاع عن سورية تحت قيادة رئيسها المقاوم بشار الأسد. وهذه المرّة امتداداً لما بدأ في تجربة المقاومة في لبنان، كان حزب الله ضلعاً ثالثاً في شراكة الدم، وبدور طليعي رائد وقيادي كامتداد لدوره في المقاومة، لتكتمل عناصر نشوء التحالفات العابرة للعقائد، بين تيارات صنعت لها مكائد التقاتل والفتن في أزمنة متعدّدة، ليثبت أنّ الحروب في منطقتنا هي حروب أميركية «إسرائيلية» مهما تغلفت بشعارات عقائدية، وأنّ مقابل هذه الجبهة من يمثل وجدان أمته وشعبه مهما كان الشعار الذي يرفعه، فكثير من القوميين العرب والإسلاميين تحوّلوا لجبهة الحرب الأميركية وكثير مقابلهم وقفوا في خندق المقاومة والدفاع عن الأوطان ووحدتها وموقعها في مواجهة المشروع الصهيوني.
يتقدّم في سورية ثلاثي «البعث» و«القومي» وحزب الله، ومن ورائه ثلاثي تمثله الدولة السورية والدولة الإيرانية والدولة الروسية، بخلفيات عقائدية متباينة أيضاً، لكن بما يجمع في العمق ويعبر العقائد، منهج الدفاع عن مشروع الدولة الوطنية، والاستقلال والسيادة كمفاهيم أولية لقيام الدول، ومن ضمنها احترام حق الدول بصياغة هويتها بما تختاره بحرية واستقلال لنفسها، وهذا كافٍ لقيام تحالف يعيد صياغة معادلات المنطقة والعالم، ويحترم في خصوصيات مكوّناته ما يعمل لأجل أن يحترم في علاقات الدول وبين الخصوم، فكيف بين الحلفاء؟ ومرة أخرى يتقدّم نموذج يقول إنّ الذي يجمع ويفرق ليست العقائد ولا الهويات ولا الديانات، بل المواقع من مشروع الهيمنة الاستعمارية وخيار مواجهتها، ولا مكان ثالثاً للدول في هذا الاختيار، كما لا مكان ثالثاً لأحزاب منطقتنا بين خياري الالتحاق بمشروع الهيمنة وفي رأس أهدافه اليد «الإسرائيلية» العليا، أو المقاومة بلا حدود ولا مساومة.
يحق للأحزاب التي تنجز وتخلص لخيارات التأسيس وإعادة التأسيس أن تحتفل بأعيادها، لتجدّد التزامها بالمضيّ في خيارات اختبرت نجاعتها، وبذلت دماء غالية لتثبيتها. وتستحق هذه الأحزاب التحية في أعيادها، فمبارك للقوميين ومبارك للبعثيين في سورية، ومبارك لخيار المقاومة بهما، وما يقدّمان من انتصارات تفخر بها الأمة، وشريكهما الثالث في المقاومة حزب الله، وحليفيهما إيران وروسيا، لتكون سورية القادمة بقيادة الرئيس بشار الأسد، القاعدة الصلبة لحلف سيكتب الكثير من تاريخ المنطقة ومستقبل العالم.
Related Articles
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!
No comments:
Post a Comment