Pages

Wednesday, 3 January 2018

هل تنقل ايران وروسيا المعركة الآن الى أرض الخصوم؟؟ الحكومة العالمية في أشرس معاركها

هل تنقل ايران وروسيا المعركة الآن الى أرض الخصوم؟؟ الحكومة العالمية في أشرس معاركها

بقلم نارام سرجون

لاأحب الاحتفال بالنهايات ولا الترحيب بالبدايات التي تعلنها أوراق التقويم وتتبع فيها رقص الأرض والشمس والقمر ومزاج الكون وتهويمات الفلكيين .. لأن الكواكب يجب ان تتبع حركة الانسان لا العكس .. لأنه الكوكب الذي يجب أن تتبع له مجموعة الكواكب .. ولأن الكواكب لاقيمة لها اذا لم يكن هناك من يتأملها ويراقب حركاتها وسكناتها ويكتب عن لونها وحرارتها وغضبها وحزنها وعواصفها ولمعانها .. وهو يفتش عنها بعينيه منذ فتح عينيه واكتشف وطنها الأزرق الذي يحدق فيه حتى آخر لحظة من حياته .. تلك القارة الزرقاء التي يسميها الفضاء .. وتراه يحلق من دون اجنحة للوصول اليها للقائها وجها لوجه ولمصافحتها ..

ومع ذلك فانني سأنظر الى هذا العام على أنه عام يستحق أن نكتب عنه لأنه العام الفاروق الذي فصل الزمن وشطره الى نصفين .. ماقبل الحرب على سورية ومابعده .. لأن هزيمة مشروع داعش ليس هزيمة عادية .. بل هو بداية هزيمة لفلسفة خطيرة هي فلسفة الحكومة العميقة للعالم التي تريد أن تبتلع كل شيء في هذا العالم .. هذه الفلسفة هي التي جاءت باليهود ووضعتهم في فلسطين لخدمتها كالنواطير والفوالق البشرية التي تبعد أسيا عن افريقيا .. حكومة جشعة ابتلعت شعوب اوروبة واميريكا بقوة الاعلام والخوف وديكتاتورية المال التي ترسم كل شيء وتقنعهم أنها الديمقراطية ..

فعلى حدود عام 2018 سقطت لأول مرة ارادة الحكومة العميقة للعالم التي ارادت تفجير الشرق الأوسط باللغم السوري وصياغة قرن جديد وعالم جديد ولتبدأ عصر عبودية وسبي لسكان الشرق بمشروع الربيع العربي وداعش الذي هو نسخة اسلامية عن النسخة اليهودية التلمودية لها نفس الوظيفة .. أي اعادة تكوين الارض وتهجين السكان في هذه المنطقة كما تغير السلالات في المحميات الطبيعية ومزارع الأبقار والخيول وكما تخلط الخلائط في المخابر .. نسكب في الأخلاط قليلا من العرب وكثيرا من اليهود .. أو قليلا من المسيحيين وكثيرا من الاسلاميين .. أو كثيرا من الأكراد وقليلا من الايرانيين .. كثير من السماد الوهابي والعثماني وقليل من التربة الطيبة ..

هذه الحكومة العميقة هي التي ابتعلت ألمانيا واليابان بحرب مدمرة عالمية وابتلعت بواسطتها كل اوروبة التي تحولت الى متحف للنظريات المحنطة عن الحرية والديمقراطية والعدالة التي تصوت فيها الأموال وليس الشعب .. وهذه الحكومة العالمية الجشعة التهمت الامبراطوريات وقطعتها كما يقطع الديك الرومي على مائدة عيد الميلاد .. فسقط الاتحاد السوفييتي كله في ليلة عيد الميلاد على طبق الديمقراطية مع زجاجة فودكا مليئة بالبيريسترويكا .. وبعده اكلت هذه الحكومة العالمية أفغانستان والعراق كما لو كانت تأكل قطع الحلوى والفاكهة بعد تلك الوجبة الثقيلة التي ابتلعت فيها امبراطورية كارل ماركس ولينين .. وجاء الربيع العربي وكأنه حبوب فيتامين وفاتحات شهية .. للاعداد لوجبة كبرى عالمية يكون الشرق الأوسط هو المائدة التي تطبخ عليها سيطرتها على العالم ..

منذ بداية عام 2017 كان من الواضح ان الحكومة العالمية بدأت أسنانها تصطم بالحديد في سورية بعد أن نهشت اللحم وأكلت نصف سورية في الربيع العربي .. وكان عام 2017 أول مفاجأة قاسية لهذه القوى الخفية العالمية التي تفكك الاسرة والانسان وتعيد استعباد الانسان بالمال وتجرده من كل مايملك وتعيد تركيب البشر كما لو كانوا دمى العولمة .. جلدك من مكان ورأسك من مكان وعظامك من مكان .. دينك فيه بعض التلموديات ومخلوط بالشعوذات .. وقلبك يعمل بالبطاقة الذكية .. وعقلك على البطارية .. وجسدك يحقن بحقن العبودية .. وكل قطع الغيار والشواحن والزيت في مخازن الحكومة العالمية ..

حدثت منازلة كبرى لأول مرة بين الحكومة العالمية العميقة وبين قوى قررت أن تواجهها فالتحمت موسكو وطهران ودمشق وحزب الله وبعض من بغداد .. وكانت من اقسى المواجهات .. اعلام العالم كله يهدم البطولات ويهدم الانسان ويهدم الحقيقة ويهدم دينا بكامله .. ويهدم محمدا والمسيح .. ويعيد سيرة الحروب العالمية من حلب الى الموصل وعبر حوض الفرات .. تخيلوا ان داعش والنصرة كانتا تملكان آلاف العربات المدرعة والدبابات والسيارات المنتشرة لتغطي مساحة هائلة .. ومئات آلاف المسلحين وعشرات آلاف قطع السلاح المتوسط .. وعشرات آلاف الأطنان من الذخائر وتتحرك مع الاقمار الصناعية وتساندها البنوك .. واحتاجت دولة عظمى مثل روسيا الى مئة ألف غارة جوية بأحدث الطائرات القاذفة وأحدث التكنولوجيا لتقليص هذه القوة العنيفة ونزع ترسانتها .. وانتزاع حلب وقسم كبير من سورية والعراق .. ولولا الجهد الروسي والسوري على الأرض السورية فان داعش في العراق لم يضعف ولبقي في الموصل لأن قلبه وأحشاءه كانا في سورية ولايقدر رأسه ان يبقى وحده في العراق بلا قلب ولاأحشاء ..

من هزم في سورية عام 2017 لم يكن داعش بل قرار الحكومة العالمية التي صنعت القاعدة الاسلامية الجهادية لتدمير الخصوم .. وهي الحكومة الخفية التي صنعت تفجيرات نيويورك واجتاحت العراق وافغانستان وصنعت الربيع العربي .. لتنطلق نحو الحلقة الاخيرة من الهجوم على بقية العالم لتنهي القرن الواحد والعشرين بانهاء التاريخ الذي بشرت بنهايته والتي تتجسد بحكومة واحدة عالمية يخضع لها كل البشر وتحولهم الى عبيد وروبوتات .. والى خيول لاتشبه الخيول ولاتشبه الأبقار .. خيول لاتصهل بل تنبح أو تعوي .. وابقار تقرأ القرآن .. وترتل الصوات في الكنائس ..

المعركة متواصلة والرد في أرض الخصم:

المعركة متواصلة مع هذه القوى الخفية ولكن ماحدث في العام الأخير وبالذات منذ انتزاع حلب من بين اسنان هذه الحكومة العميقة للعالم الى يوم تحرير دير الزور يؤكد أن اسنان الوحش انكسرت وهي تحاول ان تكسر عظم هذا الشرق كما كسرته قبل مئة سنة .. معركة خضناها بمهارة وصبر وذكاء وتنسيق .. ولم يبق سوى قرن واحد لهذا الشيطان في ادلب .. وسنكسره قريبا .. أما تلك المخالب المبعثرة في الغوطة وغيرها فانها ستدفع ثمنا باهظا لعنادها .. وهي متروكة الى يوم لاصلح فيه على الاطلاق ..

وهاهو الوحش الذي انكسرت اسنانه يحاول أن يعض ايران علّ ايلام ايران يترك له فسحة لالتقاط الانفاس .. ولكن الوحش لايعلم أن هذا السيناريو تنتظره ايران منذ أن تولى ترامب ولايته لأنه كان يقول انه سيكسب الصراع مع ايران من دون حرب وسيلغي الاتفاق النووي .. وكانت تحركاته مع اسرائيل ودول النفط تشبه تحركات اوباما بين تركيا ومصر عند توليه الرئاسة والتي فهم منها أنه سيعتمد على هاتين القوتين في نظرته الاستراتيجية العليا .. وطبعا كان يجهز الموجة الاسلامية من استانبول الى القاهرة ونشرها من سوريا الى تونس حول خط استانبول القاهرة .. وحركة ترامب السياسية بدأت من الرياض وتل ابيب واستراتيجيته هي اطلاق معركة كبرى تعتمد على التنسيق بين هذين الحليفين اللذين سيشكلان المحور الرافع لقوى أخرى اقليمية تتوجه نحو ايران في الصراع .. وهو نقل العتلة الى مكان آخر .. وقد نقل محمد بن سلمان رسالته عندما قال: سننقل المعركة الى داخل ايران .. ولكن الخطر على مشروع ترامب المتهور وجماعته الآن هو أن الايرانيين قد جربوا هذه الحرب قبل الآن فيما سمّي ثورة ايران الخضراء وصاورا أكثر خبرة بها وخاصة بعد أن فككوا شيفراتها في السيناريو السوري .. ولكن مايمكن توقعه من الراسخين في الخبرة والتحليل العميق في المدارس الغربية هو أن ايران هذه المرة هي التي ستنقل المعركة الى خارجها بطريقتها لأنه من الغباء أنها لم تستعد لهذا السيناريو الذي لايحله الا رد الحجر من حيث أتت كما كانت تخطط بالرد على الصواريخ بالصواريخ .. وهو أمر يتفق عليه مراقبون روس يرون أن اميريكا التي تحطمت أسنانها في سورية حضرت نفسها من خلال تحطيم اسعار النفط لخلق ازمات اقتصادية في روسيا وايران .. ولكنها لم تعمل حسابا لما خططه الخصوم وغالب الظن أنها ستخوض آشرس معركة لها وربما آخرها على أرض صديقة لها وليس في أرض أعدائها في ايران وفي روسيا .. وهذا ربما ما كان الروس والايرانيون يعملون عليه قبل أن يصل ترامب وفريقه الى السلطة عندما أدركوا ان الغاية من الضغط الاقتصادي هو خلق بيئة لروبوت ثورات في روسيا وايران .. لأن المال العربي الذي يحاصر روسيا وايران عبر تخفيض اسعار النفط لخلق الازمات يراهن على ان في روسيا مرحلة تنتظر الاشارة الاميريكية .. ولذلك فان غالب الظن أن تبدا حلقة عنيفة من الصراع هذه المرة للرد في ارض حليفة ومتينة لأميريكا توجعها وتضطر أميريكا للانسحاب حفاظا على مصالحها الأخيرة وهي اما أن تكون السعودية ودول الخليج التي تعيش ازمات عديدة شديدة العمق .. ولكنها غير مستعدة لما تحضره ايران وحلفاؤها لها .. كما ان الساحة الاسرائيلية مكان محتمل جدا للعب في أرض الخصم ..

ولذلك فان من ينتظر عبارة (ايام ايران معدودة) عليه أن يتذكر أيام اوباما المعدودة وعليه ان يستدرك ايضا أن ايران كانت تنتظر وتتوقع معركة ما حتى قبل ان يقول بن سلمان انه سينقل المعركة الى داخل ايران .. ولكن ايران لم تقل انها ستنقل المعركة الى داخل أرض أحد .. لأن هذا الخيار لايقوله العقلاء والحصيفون عندما يملكونه ويكون سرا من أسرارهم ..

فالى من يظن أن ثورات الشعوب بريئة في زمن صناعة الثورات الروبوتية التي تردد ماتبرمج عليه في غرف الغرب الاعلامية .. والى من يظن أن أظافر اطفال درعا هي لعبة أطفال بريئة وان ضرب مبنيي التجارة العالميين واحتلال افغانستان كلها أحداث بريئة فعليه ان يستمع الى هذه الاعترافات من أحد المرشحين للحكومة العالمية وهو أرون روسو وهو يعترف أنه يراد ان يخضع العالم كله لهذه الحكومة الشريرة .. وأنه قد أبلغ قبل أشهر بأحداث قادمة تهز العالم ليتسنى احتلال افغانستان للاشراف على بحر قزوين .. والعراق .. وايران ..

ولذلك فان علينا ان نعلم أن ماحققناه ليس مجرد انتصار عادي .. وليس معجزة عادية .. لأننا أوقفنا ماكينة تعمل منذ مئة سنة دون أن تتوقف لا في ألمانيا ولافي أوروبة ولا في الشرق ولا في الامبراطورية الشيوعية .. ولكننا أوقفناها .. وتلكأت .. واليوم ربما تبدأ الماكينة بالدوران للخلف نحو صانعها .. فربما ياتي زمن قريب تتدفق في العالم القوة والشجاعة وفي أميريكا واوربة للتمرد على هذه القوة الهائلة اذا تم دحرها في آخر معاركها في الشرق .. وتبدأ حرية الانسان على هذه الأرض من حيث بدأ يكتب حرفه الأول .. من سورية .. ومن هذا الشرق الذي ننتمي جميعا اليه .. والذي جميعنا صنعنا أسطورة صموده الحالية ..في وجه الحكومة العميقة العالمية ..


River to Sea Uprooted Palestinian   
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!

No comments:

Post a Comment