Pages

Friday, 9 February 2018

المشروع الروسي في الهجوم المعاكس .. اسقاط النجم الساطع



كلنا نعلم أن هناك مشروعا أميريكيا في المنطقة يأخذ اشكالا عديدة ويمر بمراحل متعددة
والتأمل الراجع للمنطقة منذ مناورات (النجم الساطع) التي بدأتها الولايات المتحدة في الصحراء المصرية عام 1980 مع الرئيس أنور السادات يوصل التحليل المنطقي الى نتيجة ليقول بأنها تحضير لحروب ستقوم بها الولايات المتحدة في مناطق الصحراء وليس في ثلوج روسيا وسيبيرية .. ولم يكن أحد قادرا على معرفة الصحراء التي يخطط الاميريكيون للقتال فيها والتي يقومون بتدريباتهم في الصحراء الكبرى من أجلها .. وقد درس الاميريكون تجربة مناورات النجم الساطع وتبين لهم مناطق الضعف الذي تعاني منه الاسلحة الاميريكية فالحوامات مثلا كانت تتعطل بسبب تسرب الرمال الى محركاتها مما تسبب بفشلها في أداء مهامها القتالية بشكل كبير كما أن دقة الطائرات المقاتلة كانت ضعيفة بسبب سوء الرؤية .. وتم تدارك هذه العيوب في تصاميم وتجهيز الطائرات لتقاتل بفعالية في أجواء رملية .. البعض كان يتحدث عن حرب مقبلة في صحراء نجد والحجاز لأن الاميريكيين ربما يتوقعون اجتياحا من قبل الرفاق الشيوعيين اليمنيين لمناطق النفط والغاز على غرار سيناريو أفغانستان فقد يتسرب الثوار الشيوعيون اليمنيون شمالا ويستولون على اراض سعودية قرب منابع النفط ويطلبون قدوم السوفييت لمؤازرتهم كما حدث في أفغانستان ..
ولكن اليوم صرنا نعرف ان الصحراء التي كانت أميريكا تريد القتال فيها هي الصحراء العراقية والسورية وفيها مشروع أميريكا الكبير لضمان الاستيلاء على القرن الحادي والعشرين .. فقد أدى قيام الثورة الايرانية عام 1979 ووصول السوفييت الى افغانستان في نفس العام الى جعل هذه الخطوة للاستيلاء على الصحراء العراقية السورية حيوية جدا أكثر من اي وقت مضى لاحتواء ايران والاتحاد السوفييتي قبل وصول أي منهما الى هذه العقدة الذهبية حيث قلب العالم والطاقة والمواصلات .. فقد توقع الاميريكيون ان فلسفة الفكر الاسلامي الايرانية ستتمدد غربا نحو العراق على الاقل بسبب البيئة الشيعية الغالبة وتطبعه بطابع الثورة الخمينية وربما يكون تقاطع المصالح مع السوفييت والعداء المشترك للغرب سببا في عدم تصادم الثوار الشيوعيين مع الثوار الشيعة من افغانستان الى العراق ولذلك فان الاميريكيين قد يكونون مضطرين لايقاف التحالف الشيعي الشيوعي عبر خوض حرب الصحراء التي تفصل سورية والعراق .. وكان القلق الاميريكي أيضا بسبب احتمال ان يطلق الشيوعيون السوفييت العنان للماركسيين السوريين للوصول الى السلطة أو المشاركة فيها في حركة مفاجئة .. وبذلك يكتمل مستطيل الرعب من افغانستان الى سورية لاقفال الصحراء العراقية السورية الى أجل لايعرف مداه ..
وكان تحريك الاخوان المسلمين في سورية عام 1982 ليس مجرد صدفة في ذلك العام الذي انطلقت فيه مناورات النجم الساطع .. بل كان أول محاولة لبناء أول جدار أو حاجز طبيعي ضد التحالف السوفييتي الايراني المحتمل (أو الشيعي الشيوعي) .. فالاخوان المسلمون أعداء طبيعيون للأفكار التي ليست من مصدر سني كما أنهم حركة مناوئة بشكل طبيعي للشيوعية .. واذا تم تمكينهم من الحكم في سورية فانهم سيحقنون بالنزق والقلق من الجار الايراني وحليفها الشيوعي وسيضطرون الى طلب العون من العدو الطبيعي لايران والاتحاد السوفييتي ولن يكون سوى اميريكا التي ستتبرع وتأتي الى الحدود السورية العراقية حيث الصحراء بخبرة مناورات النجم الساطع لحماية دولة الاخوان المسلمين الوليدة من الخطر الايراني والشيوعي .. وكان غزو لبنان من قبل اسرائيل في نفس العام 1982 بالتوازي مع تحريك الاخوان المسلمين في سورية ليس صدفة ايضا بل خطوة في اتجاه بناء قاعدة ضغط على الحكم في سورية اما للتوطئة لتسهيل هزيمته امام تحدي الاخوان في داخل سورية أو لقبوله بوصول الاخوان للمشاركة في الحكم وفرض الاجندة الاخوانية عليه .. في كلتا الحالتين ستصل اميريكا الى الصحراء السورية العراقية وتتموضع على خط جبهة من تركيا وحتى الخليج العربي والسعودية مرورا بالاردن وسورية .. وهناك قد تكون المواجهة الكبرى ..
والسياسة مثل الطرقات والمسالك .. فقد تتغير المسالك والطرقات لتجنب الممرات الصعبة طالما أنها توصل الى الهدف .. فقد تغيرت الطرقات وسقط الرفاق الشيوعيون داخل أسوارهم فيما تم ايقاف ثوار الخميني بالمتاريس البعثية لصدام حسين ..وبقيت تلك الصحراء العراقية السورية جاهزة لاستقبال وحمل مشروع القرن الواحد والعشرين .. فتم خوض عاصفة الصحراء كأول أول حرب للصحراء والتي كانت أول ثمرة مبكرة من سلسلة مناورات النجم الساطع الصحراوية .. ثم تلتها عملية غزو العراق عام 2003 والتموضع في الصحراء العراقية والتي لاتزال حتى هذه اللحظة تخضع لوجود وسيطرة أميريكية بشكل أو بآخر .. ثم جاء الربيع العربي والثورة السورية لاستكمال الاستيلاء على الجزء السوري من الصحراء حيث تم تمكين داعش من الصحراء .. فيما كان سيتم تسليم بقية سورية الى عدة مشاريع اسلامية تحيط بالصحراء ..
في غمرة نمو هذا المشروع وفعالياته لم ينتبه الكثيرون الى هجوم معاكس قام به الروس عبر نهوض هادىء للمشروع الروسي من بين حطام الاتحاد السوفييتي .. المشروع الروسي الذي عمليا يعتمد على اعادة احياء الكابوس القديم باحياء مستطيل الرعب الاميريكي من ايران الى سورية لافراغ هذا المستطيل من الاميريكيين وحرمانهم من الصحراء السورية العراقية .. والهجوم المعاكس الروسي الذي نهض من جثة الاتحاد السوفييتي يشبه مشروع اليد الميتة لروسيا الذي صمم للانتقام من اي هجمة نووية اميريكية غادرة تقضي على القدرة الروسية للرد .. حيث تركت منظومات اسلحة نووية روسية مفعلة لتنطلق بشكل آلي دون تدخل بشري كما لو ان الروبوتات هي التي ستتولى الانتقام في حال غياب البشر ..
والمشروع الروسي لتحرير الصحراء السورية العراقية من اليد الاميريكية بدأ بالتنسيق الصامت مع ايران لبناء مفاعلاتها النووية والتشاور معها دوليا .. فيما وصل الجيش الروسي فجأة الى الصحراء السورية وتموضع فيها مع الجيش السوري وطرد الجيش الأميريكي من جزء من الصحراء السورية الذي كان يتواجد فيها تحت غطاء داعش .. ويبدو الجزء الباقي من الصحراء تحت النفوذ الاميريكي غير مستقر لأن من الواضح أن المشروع الروسي لن يتوقف هنا وهو يريد اخراج الأميريكيين من الصحراء السورية العراقية والتمدد فوق المستطيل من ايران الى سورية لأنه أدرك أن احياء روسيا يبدأ بشلّ أميريكا باخراجها من هذه الصحراء بحيث يصبح مستطيل ايران العراق وسورية منطقة حيوية روسية صرفة .. ولذلك فان المشروعين الروسي والاميريكي يصطدمان عسكريا علنا في قلب الصحراء السورية العراقية .. ولايمكن لهما أن يبقيا معا في نفس الصحراء .. فالصحراء لاتتسع الا لأحدهما .. اما الاميريكي أو الروسي ..
الاميريكي يدرك الآن بعد اضطراره للخروج من العراق أن خروجه من الصحراء صار مسألة وقت وأن الفراغ يملأ بالروس وحلفائهم تدريجيا .. ويبدو ان حظوظ الروس لطرد الاميريكيين وملء الفراغ بالحلفاء في تلك الصحراء صارت كبيرة للغاية .. كما أن معركة الحلفاء شرق الفرات ضد الوجود الاميريكي صارت على الابواب بمجرد استعادة ادلب .. وهو ماسيحاول الأميريكيون اللعب فيه قدر الامكان وتعطيله أو تأخيره عبر حملة اعلامية واعادة تفعيل ملف السلاح الكيماوي أو تفعيل العلاقة مع اردوغان ومداعبته بتركه يذبح الكرد للانقلاب على تفاهماته الروسية .. أو عبر تزويد الارهابيين مباشرة بتكنولوجيا عسكرية مثل ماكشفته غارات الطائرات المسيرة نحو حميميم ومابينته من توفر تكنولوجيا لاتتاح الا لخبراء الصناعات العسكرية والتكنولوجية في مراكز متخصصة محدودة .. وربما بمحاولة زعزعة استقرار روسيا وحكم بوتين بحصاره اقتصاديا وفرض عقوبات عليه أو بالتأثير على فرص نجاحه في الانتخابات الروسية القادمة بتقديم تسهيلات أكبر للارهابيين لالحاق اذى معنوي يطال حملة بوتين الانتخابية ..
وحتى يظهر التحقيق نوع السلاح الذي استعملته القاعدة لاسقاط الطائرة الروسية في ادلب فان كل مايجري الآن أو ماسيجري هو في نطاق انكماش اميريكي وتمدد روسي في الصحراء لافراغ المستطيل الحيوي من اي وجود اميريكي .. أي لن يحل الروس محل الاميريكيين بنفس الطريقة الفجة بالاحتلال المباشر او غير المباشر ولكنهم مصممون على طردهم من المنطقة بحيث تبقى تحت نفوذ حلفاء روسيا .. فيما الاميريكيون يستشرسون في الرد والدفاع عما بقي لهم في هذه الصحراء ..
في الحرب السورية تتآكل مفاعيل ونتائج مناورات النجم الساطع التي تبتلعها القوات الروسية مع حلفائها .. فالنجم الساطع انطفأ وسقطت ثماره وليس الطائرة الروسية .. وفي الفترة القادمة القريبة سيدرك حلفاء النجم الساطع أن من كان اسقاط النجوم واصطيادها هو غايته وهوايته .. يجب أن يحسب له ألف حساب فيما سيصطاده بعد النجم الساطع .. انتظروا وستسرون ..

Related Videos
هكذا قتل “الإخوان” طيارينا ومستشارينا وأطفالنا في سوريا. اعترافات صادمة لضابط دفاع جوي سوفيتي
Related Articles

River to Sea Uprooted Palestinian   
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!

No comments:

Post a Comment