Pages

Saturday, 25 August 2018

مفاجآت المقاومة: رسائل حازمة في كل.. الاتجاهات



أغسطس 25, 2018

د. وفيق إبراهيم

صعود المقاومة.. من مرحلة تحرير لبنان على الرغم من انهيار النظام العربي العام، وإلى مشروع إقليمي يجابه الأميركيين والإسرائيليين وبعض العرب المستثمرين في الإرهاب.. يُشكل استجابة منطقية للتصدي لتوسّع التدخل العسكري الأميركي في عالم عربي مكشوف. الدليل موجود في الاحتلال الأميركي العسكري لأفغانستان والعراق واليمن وسورية وليبيا والسودان والصومال وغيرهم.. وسابقاً لبنان الذي احتله تحالف غربي بقيادة «المارينز» في ثمانينيات القرن الماضي.. وحرّرته المقاومة بطرد المحتلين، الغربيين والإسرائيليين لاحقاً.

فكيف يمكن مجابهة الأطراف المحليين وترك الرأس الأميركي لينتج أطرافاً عربية جديدة تتآمر على أهلها.. فكيف تتمظهر قوة المقاومة؟

أولاً في دحر الإرهاب من 80 من سورية ومنعه من تقسيم العراق والحيلولة دون استيلائه على اليمن والإمساك بقسم وازن من القرار السياسي في لبنان.

ولمنع الأميركيين من التفكير بحرب عسكرية إقليمية جديدة، أطلقت المقاومة رسائل شديدة اللهجة والصدقية تعكس مستواها القتالي والجماهيري. فيما ردت واشنطن برسائل مضحكة وردّت على ألسنة قائد القوات اللبنانية سمير جعجع ومستشار الرئيس الأميركي بولتون ومسؤول الدفاع الأميركي الجنرال روبرت كاريم، ورئيس الحكومة سعد الحريري.

ما هو ردّ المقاومة؟

البداية في إلحاق هزيمة بأكبر هجوم عسكري للتحالف العربي ـ الأميركي على الساحل الغربي لليمن.. تلاه هجومان على بارجة عسكرية سعودية وأخرى تغطية عند باب المندب.

استكمالاً، ووسط أعنف تهديدات أميركية، لإيران.. نفذت طهران أكبر مناورات برية ـ بحرية في منطقة مضيق هرمز وسط صمت أميركي ـ سعودي ـ إسرائيلي كامل.

بدوره عرض حزب الله صواريخ، أطلق نماذج منها على مدن محتلة في فلسطين في العام 2006، وهي رسالة صارخة تقول بلغة الإشارات، إنّ بحوزة المقاومة صواريخ أكثر دقة وذات تأثير أكبر وبأعداد هائلة. أما المقاتلة «الكوثر» الإيرانية التي كشفت عنها طهران فيكفي إقرار «الروس» بأنها طائرة نوعية ومقاتلة حديثة من إنتاج «إيراني كامل».. وهذا يدلّ على وجود أعداد منها لا تُحصى وتنتظر أي هجوم خارجي.

وهناك مَن يؤكد أنّ انتشار الطائرات المسيّرة من دون طيار في غزة واليمن وربما لبنان.. هو بمساندة إيرانية.. فكم لدى إيران منها؟

أما لجهة إقرار «إسرائيل» بقوة حزب الله، وبالتالي إيران فيعتبر تسليماً بعجزها عن شن حرب بمفردها على لبنان أو إيران أو سورية.. فقد تحتاج إلى إسناد أميركي ـ غربي ـ مباشر.. باعتبار أنّ أي إسناد سعودي أو اماراتي لا قيمة له إلا بالدعم المالي فقط، والذي تلتزم به أبو ظبي والرياض بشكل دائم ومن دون أي ضغوط عليهما.

لكن الترجمة السياسية لهذا التفوق تبدو واضحة في صور أخرى.. بدأت بزعم بولتون بأن روسيا وعدت الأميركيين بسحب الإيرانيين من سورية. معاوداً بعد يومين فقط التصحيح بأن موسكو قالت له بأن سحب الإيرانيين من سورية عملٌ ممكن.. وبدلاً من الاستمرار في إيقاع الفتنة بين روسيا وإيران في سورية، التزم البيت الأبيض صمت العاجزين محاولاً إحياء المفاوضات مع الرئيس الروسي بوتين.

إلا أنّ الضربة القاصمة سدّدها النائب نواف الموسوي القيادي في حزب الله الذي كشف «ببراءة» عن عرض سعودي للرئيس الأسد ببقائه رئيساً دائماً لسورية مع إعادة إعمارها بشكل كامل اقتصادياً وسياسياً من قبل المحور الأميركي ـ السعودي. وهذا مقابل قطع علاقات دمشق بمحور المقاومة انطلاقاً من قطع العلاقات مع طهران.

وهذا عرض خبيث، يريد تنفيذ أهداف الحصار الأميركي المضروب على إيران، وإنهاء المقاومات عند حزب الله والحشد الشعبي في العراق وأنصار الله اليمني، مضحياً بالمعارضات الوهمية التي يؤيدها على مستوى المنطقة.

وكعادته، كان الرئيس بشار الأسد وطنياً وامتداداً لعصر أبيه الرئيس المرحوم حافظ الأسد، فرفض العرض متمسكاً بحلف سورية الأبية مع حلف المقاومة. فالشام صاحبة الريادة في مقاومة المستعمرين وأذنابهم.

لقد قدمت الهند مشهداً صغيراً عن تأثرها بالحلف السوري، مع المقاومة، ورفضت مساعدات بمئة مليون دولار هبة من دولة الإمارات لمنطقة هندية، أصابتها سيول وفيضانات قتلت مئات الأفراد وشرّدت الملايين.

وجاء الرفض على خلفية التخوف الهندي من انتشار الفكر الإرهابي مع المساعدات الإماراتية على جاري العادة الخليجية بالربط بين نشر الوهابية والمساعدات، مع الإشارة إلى أنّ غالبية السكان في المناطق المتضررة مسلمون.

إنّ سورية التي تقاوم هجوماً استعمارياً دولياً وإرهاباً غير مسبوق في التاريخ، نجحت في تصنيع راجمة شديدة التطوّر للقذائف الصاروخية بإمكاناتها الداخلية الصرفة.. وبإقرار روسي وصمت غربي يتعجب كيف لهذه الدولة أنّ تستمر بعد معاناة سبع سنوات، في إنتاج الكهرباء والماء والأمن الداخلي ومقاتلة الإرهاب وأجور الموظفين والعناية بالقوى الأمنية ورعاية الانتظام العام وسحب النفايات.

أما الأميركيون المذهولون من نجاة الدولة السورية بقوة إمكاناتها، فأطلقوا على لسان حليفهم قائد القوات اللبنانية سمير جعجع نظريات أوهى من خيط العنكبوت وقوس قزح.. وذلك بزعمه و»بكل براءة» أنّ الأميركيين وحلفاءهم عازمون على سحب الإيرانيين من سورية و»لبنان»! مضيفاً بأن «الرئيس الأسد راحل معهم بكل تأكيد».. فلا يبقى إلا جعجع وريث الخط المتحالف مع الاستعمار الفرنسي والأميركي وصولاً إلى حلفه مع الإسرائيليين الذين احتلوا لبنان بالتعاون مع «قواته» من الثمانينيات وحتى العام 2000.

بدا جعجع في مقابلته التلفزيونية أداة إعلامية تحاول بث التفاؤل في مشروع مهزوم ومصاب بشكل كامل.. لذلك ظهر كمهرّج يعتمد على الأحلام في عالم التوازنات والواقعية، واضعاً كل آماله في عباءة الحلف الأميركي ـ السعودي ـ الإسرائيلي، أما «قواته» فهي للزوم بعض العمليات الداخلية فقط، ولا يريد إلا بضع وزارات تؤكد تموضعه في الساحة المسيحية وحصتها في القرار السياسي اللبناني.

لجهة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري فيشكل رسائل أميركية ـ سعودية لعرقلة أي حكومة جديدة في لبنان، تستند إلى نتائج الانتخابات الأخيرة. لذلك يعتمد «السعد» على أدائه ضد سورية بتفجير مسجد السلام في طرابلس لمنع التطبيع الكامل للعلاقات السياسية والاقتصادية معها، كما يستند على نتائج المحكمة الدولية لتقليص دور حزب الله في السياسة اللبنانية.

لذلك يقدّم الشيخ سعد كل ما تريده الرياض، والمطلوب فقط أنّ «ترضى» عنه ليستمر في دوريه المتكاملين، زعيماً للسّنة وبالتالي رئيساً دائماً للوزراء، وموافقة ولي العهد محمد بن سلمان على إعادة تنشيط الدور الاقتصادي لعائلة «السعد» في السعودية. وبذلك تدوم «النعم».. والجمع بين الدين.. والدنيا.

أما الإشارة الأميركية الجديدة لعرقلة انتصار المقاومة في الإقليم، فتجسّدت في زيارة قام بها مستشار الدفاع الأميركي الجنرال روبرت كاريم على رأس وفد إلى لبنان، مقدّماً عرضاً لتسليح الجيش اللبناني وحمايته مقابل نشر اليونيفيل عند حدود لبنان الشرقية مع سورية. وبذلك تصبح الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة متساوية بالحالة العدائية مع حدود لبنان مع دمشق قلب العروبة. بالطبع فإن الرئيس العماد ميشال عون، لم يقبل. لكنه أطلق تعبيراً «التفافياً» وذكياً، بقوله إنّ مثل هذه الأمور تحتاج إلى حكومة هي غير موجودة حالياً، ويعلم رئيس البلاد، أنّ قرارات على مستوى توسعة مدى حركة اليونيفيل تحتاج إلى «إجماع وطني» يستحيل توفره أو إقراره.

فتبدو إجابات الرئيس استدراجاً لمعرقلي تشكيل الحكومة، للعودة عن العُقد التي يطلقونها بين الحين والآخر، لتعطيل تأليف حكومة جديدة.

هذا ما يكشف الفارق الكبير بين رسائل حازمة وصادقة نفّذت محتواها جبهة المقاومة في كل الميادين، مقابل رسائل من الحلف الأميركي، «تبيعُ» أحلافاً وهمية وزائفة ليست لها مرتكزات على الأرض.

وهكذا يواصل حلف الحريري ـ جعجع الاعتماد على اندلاع حروب أميركية كبرى في الإقليم من أجل كسب رضى السعودية وسعدها وجعجع!!

علماً أنّ واشنطن لم يسبق لها أنّ خاضت حروباً من أجل غيرها، عودوا إلى التاريخ حتى تتبينوا كم مرة باع الأميركيون أدواتهم الإقليمية برخص التراب؟


Related Videos
River to Sea Uprooted Palestinian   
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!

No comments:

Post a Comment