فبراير 25, 2019
محمد صادق الحسيني
كلّ المؤشرات والتقارير الميدانية في منطقة غرب آسيا وشرق المتوسط تفيد بأنّ وضعية الكيان الإسرائيلي تتجه نحو الضعف والاضمحلال وانّ عمر نتن ياهو السياسي يتجه نحو الأفول!
وفي محاولة جديدة للتملص من هذا المصير المحتوم فقد قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بإطلاق تصريحات عنجهية فارغة، بتاريخ 12/2/2019، وذلك خلال زيارة قام بها للقاعدة البحريه «الإسرائيلية» في ميناء حيفا. ومن بين ما أطلقه من تصريحات جوفاء، كلامه المقتبس عن شركة الصناعات الجويه الإسرائيلية، التي لا نستبعد ان تكون قد قدّمت له الرشاوى للإدلاء بها.
قال نتنياهو انّ «صواريخ تل أبيب قادرة على الوصول الى مسافات بعيدة جداً وإلى كلّ عدو…» حيث يتساوق هذا الكلام مع الحملة الترويجية/ التسويقية، التي تقوم بها شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية «رفائيل»، منذ أسابيع مدّعية أنها أنتجت سلاحاً تدميرياً مخصّصاً لتدمير محطات الرادار والتحصينات المعادية، وأطلقت عليه اسم ROCKS.
هذا السلاح، الذي يمكن إطلاقه من منصات أرضية أو من قطع بحرية أو من مقاتلات ومروحيات، وتحدّثت عنه الشركة الإسرائيلية المذكورة أعلاه في وسائل الإعلام «الإسرائيلية» منذ بداية هذا الشهر، قد تمّ «عرضه» افتراضياً يوم أمس 22/2/2019، في معرض الطيران ايروانديا Aeroindia في مدينة بانغالور الهندية.
نقول افتراضياً لأنّ شركة «رفائيل» الصانعة لهذا «السلاح» قاتل «أس 300» و «أس 400»، كما أطلقت عليه الآلة الإعلامية «الإسرائيلية» الموجهة من أجهزة الاستخبارات، لم تعرض سوى شريط فيديو لهذا السلاح المزعوم، الذي لا يمثل أيّ خطر على مواقع ومنشآت الجيش السوري وحلفائه، سواء في سورية أو لبنان او إيران، وذلك للأسباب التالية:
1 ـ انّ ما تمّ عرضه افتراضياً يوم أمس الأول ، وحسب البروفسور الروسي فادين كوزيولين، أستاذ أكاديمية العلوم العسكرية الروسية، في تصريح نقلته وكالة سبوتنيك 22/2/2019 ، ليس سوى طائرة مسيّرة اسمها ميني هاربي Mini Harpy.
2 ـ انّ هذه الطائرة المسيّرة لا تحمل سوى ثمانية كيلوغرامات 8 كلغ من المواد المتفجرة. فكيف لهذه الكمية الصغيرة، نسبياً طبعاً، ان تدمّر تحصينات تحت الأرض او مواقع رادار او منصات إطلاق صواريخ ارض جو…!؟
علماً انّ أكبر دليل على محدودية قدرة هذا السلاح هو ما تمّ عرضه في شريط الفيديو، في معرض الطيران الهندي في بانغالور، إذ انّ الهدف الذي أصيب، حسب الفيديو هو مجرد آلية من طراز/ ام. زد. كا. تي M Z K T 7930 ، وهي آلية عسكرية ثقيلة، من صناعة روسيا البيضاء ومصمّمة كمنصة لإطلاق الصواريخ.
3 ـ انّ هذه المنصات، وعندما تكون مجهّزة بصواريخ الدفاع الجوي، او بصواريخ إسكندر المتوسطة المدى، والتي صمّمت هذه الآلية كي تكون منصة لإطلاقها في الأصل، لا تكون معروضة في الهواء الطلق، بانتظار وصول طائرة مسيّرة إسرائيلية لضربها وإصابتها، وانما تكون جزءاً من منظومة دفاع جوي، مرتبطة بوحدات رصد واستطلاع وتشويش إلكتروني، لحمايتها من كلّ أنواع الصواريخ والطائرات المعادية سواء كانت إسرائيلية في سورية أو أميركية او لحلف الناتو، تنطلق من دول مجاورة لروسيا.
4 ـ وفي هذا الإطار قام المهندسون الروس ومجمعات الصناعات العسكرية الروسية بتصميم وصناعة العديد من منظومات الحرب الالكترونية، التي لا مثيل لها في العالم، بهدف التصدي لمثل تلك الأخطار المحتملة. ومن أهمّ منظومات الحرب الالكترونية هذه، ودائماً حسب البروفسور فاديم كوزيولين، المنظومات التالية:
نظام كراسوخا Krasucha 4.
يعمل هذا النظام بالتكامل مع نظام موسكفا / Moskwa 4 /، ومداه أربعمائة كيلو متر 400 كم ، والذي يقوم بالتقاط جميع الذبذبات الصادرة عن أجهزة اتصالات العدو، وأسلحته البرية والبحرية والجوية، ويعمل على تحليلها ورصد الأهداف التي تُصدِر هذه الإشارات الالكترونية، وينقلها الى نظام «كراسوخا 4» الذي يقوم بتعطيل وإيقاف كافة وسائل الاتصالات الالكترونية والتواصل عبر الأقمار الصناعية، أو ما يطلق عليه نظام GPS عن العمل، وهو الأمر الذي يؤدّي الى إصابة أسلحة العدو وقواته البرية والبحرية والجوية بالشلل الكامل، وتصبح كأنها غير موجودة في الميدان، أو كأنها موجودة على كوكب آخر. علما انّ المدى الأقصى لعمل كلّ وحدة من هذا النظام يصل الى ثلاثمائة كيلومتر 300 كم ، وتقوم القوات الروسية باستخدامه بشكل فعّال جداً في سورية. حتى انّ العديد من العسكريين الأميركيين، في سورية وفِي الأسطول السادس الأميركي في شرق المتوسط، قد اشتكوا مراراً، وعبر تصريحات صحافية، من «التشويش الروسي» على اتصالات القوات الأميركية واعتراضها، بما في ذلك تلك المشفرة.
نظام Richag، وهو من صناعة شركة Kret الروسية. وهو نظام محمول على مروحيات من طراز / Mi 8 / MTPR 1. قادر على تعطيل رادارات الدفاع الجوي، الخاصة بالدرع الصاروخي الأميركي، الى جانب السونارات البحرية رادارات التنصت على الغواصات ، بالإضافة الى تعطيل كافة وسائل الاستطلاع الجوي المعاديه، سواء كان ذلك عبر الأقمار الصناعية او طائرات الاستطلاع او طائرات الاستطلاع المسيّرة او سفن الاستطلاع المعادية، وذلك ضمن مدى خمسمائة كيلومتر 500 كم ، وهو ما يجعل قوات الجهة التي تستخدم هذا النظام في مأمن تامّ من هجمات العدو الجوية والبحرية والبرية ويتيح لها فرصة التحرك والتقدّم، عبر خطوط العدو دون اية مجازفة، ما يحقق لها عنصر المفاجأة التامة للعدو ويسمح لها بالوصول الى عمقه دون ان يتمكن حتى من تسجيل او معرفة عمق اختراقها، عدا عن جهله بمحاور تحركها، نظراً لانقطاع الاتصالات بين وحدات العدو في الميدان وبين الميدان ومراكز قيادة وسيطرة هذا الميدان.
ومن نافل القول طبعاً انّ الجهة التي تملك هذا النظام الخارق تستطيع نشره على متن عدد كبير من المروحيات التي ترافق الوحدات البرية، من مشاة ومشاة ميكانيكية ومدرّعات، أثناء تقدّمها عبر خطوط العدو لاحتلال مواقعه.
ج كما تجدر الإشارة إلى انّ سلاح الحرب الالكترونية الروسي يضمّ طيفاً واسعاً من المنظومات، المختلفة الطاقات والمدى، والتي نورد أسماء بعضها بهدف الإحاطة فقط :
Alurgit / Borisoglebsk / Rtut – BM / Infound / Parodist / TK – 25 E / Magnij – RE 3 / Lesotsschek / Lees / Leer 3 / Lorandit M / Murumansk / Chillini /Pole 21 / Infauna.
وهذا ليس إلا غيض من فيض، يوفر للمتابعين والمهتمّين، أرضية خصبة للبحث والتحليل واستخلاص النتائج الدقيقة واكتشاف حقيقة الأكاذيب الدعائية التي يطلقها نتن ياهو وآلته الدعائية الصدئة التي عفى عليها الزمن.
د كما يجب أن نضيف، الى كلّ هذا الطيف الواسع من وسائط الحرب الالكترونية، الرادار الإيراني ذو التقنية الفوق عالية والذي يطلق عليه اسم: معراج او Ascension بالانجليزية، وهو رادار يعمل بتقنية خاصة جداً، مداه أربعمائة وخمسين كيلومتراً 450 كم وقادر على رصد ومتابعة مائتي 200 هدف جوي في نفس اللحظة، ثم يقوم بنقل هذه المعلومات، ايّ الأهداف الجوية ومواقعها بدقة متناهية ومستمرة، الى نظام الدفاع الجوي Bavar – 373 علماً انّ أجهزة الرادار هذه تواصل متابعة الأهداف الجوية وتحديد مواقعها باستمرار حتى يتمّ ضبطها وإسقاطها، من قبل صواريخ الدفاع الجوي الإيرانية، من طراز صيّاد 4، المحمّولة على الآليات العسكرية الإيرانية الثقيلة من طراز / ظفر.
انّ وجود كلّ أسلحة الحرب الالكترونية هذه، قيد الاستخدام الميداني لدى الجيش الروسي في سورية، وبعضاً منها ان لم يكن كلها لدى الجيش السوري وحلفائه ايضاً، هو سبب حالة الهلع التي يعيشها نتن ياهو وقيادته العسكرية والسياسية، وهي الى جانب غيرها طبعاً، التي دفعته لإطلاق تصريحاته الفارغة، عندما زار القاعدة البحرية الإسرائيلية في حيفا يوم 12/2/2019، ومن ثم اختراع هذا الفيديو السخيف، حول «السلاح قاتل الصواريخ» الذي عرض يوم 22/2/2019 في معرض الطيران في الهند…
وبالنظر الى كلّ هذه المنظومات المتخصّصة في الحرب الالكترونية، وفِي ظلّ شحّ المعلومات المتوافرة حول امتلاك الجيش السوري وحلفائه في حلف المقاومة لجميع هذه المنظومات أو بعضاً منها، نقول إنه بالنظر لكلّ ذلك فقد يكون من الصعب ان يحدّد المرء ما قصده الأدميرال على شمخاني، قبل أيّام، عندما قال: «سنشهد قريباً تطوّراً مهماً في مجال تعزيز ردع المقاومة في سورية».
ولكنه بالتأكيد كان يقصد إما تفعيل هذه المنظومات بشكل كامل أو بشكل جزئي وفي كلتا الحالتين فإنّ نتن ياهو، وقيادته العسكرية على وجه الخصوص، سوف يذهلون بكمّ هائل من المفاجآت غير السارة لهم على الإطلاق، في أيّ مواجهة عسكرية قادمة، على الجبهة الشمالية، سواء كانت مواجهة محدودة او حرباً شاملة.
علماً انّ المتابعين المختصّين في الحروب الحديثة، وبالنظر الى القدرات الالكترونية والتسليحية الهائلة، التي يمتلكها حلف المقاومة على الجبهة الشمالية، فإنهم لا يستبعدون أبداً أن تكون أكبر المفاجآت او الصدمات، التي سيتلقاها نتنياهو، هي مفاجأة قوات الحلف بدخول القدس محرّرة وليس بدخول الجليل والسيطرة عليه فقط…!
فهل كانت زيارة نتن ياهو لسلطنة عُمان، قبل أسابيع، طلباُ للحماية من احتمالات قيام قوات حلف المقاومة بشنّ المرحلة الأخيرة من الهجوم الاستراتيجي وصولاً الى تحرير القدس المحتلة؟ وهل جرت زيارة وزير خارجية عُمان إلى موسكو في هذا الإطار؟ وما هي التنازلات التي سيقدّمها نتن ياهو لبوتين، عندما يجتمع به يوم الأربعاء المقبل!؟
أليس في مواصلة نتن ياهو نفسه، مدعوماً بقوى الضغط الصهيونية في الولايات المتحدة، محاولة تشريع في الكونغرس الأميركي لإخضاع الجولان لـ «السيادة الإسرائيلية» مؤشراً، على انّ الأخير لن يقدّم للرئيس الروسي أية أفكار إيجابية، مما سيجعل قوات حلف المقاومة ملزمة بتنفيذ المرحلة الأخيرة لهجومها الاستراتيجي وإنهاء وجود الكيان «الإسرائيلي» بشكل تامّ والانتقال إلى مرحلة جديدة في تاريخ المنطقة، تنبثق من الانتقال الى مشاريع إعادة الإعمار والتنمية المستدامة في جميع دول العالمين العربي والإسلامي، وبالتعاون الوثيق مع كلّ من روسيا والصين والهند وحتى الولايات المتحدة الأميركية والدول الاوروبية إذا رغبت في ذلك، على قاعدة الندية والمصالح المتبادلة والاحترام الكامل لسيادة كلّ دولة على أراضيها ومواردها الطبيعية.
بعدنا طيّبين قولوا الله…
Related Videos
Related Articles
- “إسرائيل هيوم”: الكونغرس سيناقش مشروع قانون للاعتراف بسيادة “إسرائيل” على الجولان المحتل
- بن سلمان في باكستان: عينٌ على أفغانستان أمْ إيران؟
- حلفاء أميركا يرفضون الحلول مكان القوات الأميركية في سوريا
River to Sea Uprooted Palestinian
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!
No comments:
Post a Comment