أبريل 9, 2019
ناصر قنديل
– يفضي أي تدقيق بالقرارات التي أصدرتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال الشهور الأخيرة بأن ما يجمعها هو أنها لا تغير في الواقع الميداني أو القانوني أو السياسي، لكنها ترفع منسوب التوتر والاستفزاز، فالإعلان عن الاعتراف بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال يتم فيما القدس تحت الاحتلال، وفيما الاعتراف الأميركي أعجز من التحول إلى قرار أممي وكيان الاحتلال أشد عجزاً عن ترجمة القرار تهجيراً للمقدسيين، وكذلك الحال بالنسبة للجولان المحتل. ويأتي تصنيف الحرس الثوري الإيراني على لوائح الإرهاب الأميركية تحصيل حاصل. فالعقوبات تطال كل شيء في إيران، وقادة الحرس والمؤسسات التابعة له وفيلق القدس الذي يشكل ذراعه العسكرية الفاعلة، كلهم على لوائح الإرهاب الأميركية، لكن هذه القرارات تشترك بكونها ترفع منسوب التصعيد وتشكل استفزازاً سيستدرج ردود أفعال، تشكل سبباً للانزلاق نحو مواجهات قد تخرج عن السيطرة بغياب السقوف السياسية التي كانت تتلقى المخاطر وتخفّف من وطأتها، ومشاريع التسويات التي تشكل آمالاً تحتوي مناخات التصعيد، ويتم إغلاق أبوابها بهذه القرارات.
– سيوصل التدقيق أيضاً إلى أن القرارات الأميركية محكومة بعنوان واحد بدأت طلائعه مع الانسحاب الأميركي من التفاهم النووي مع إيران، وهو إرضاء القيادة الإسرائيلية، وإنعاشها شعبياً، ومنحها مناخاً وهمياً بالقوة، يعوّض الإحباط السائد في كيان الاحتلال بفعل تآكل قدرة الردع والعجز عن خوض الحروب كما العجز عن الخوض في التسويات. وهذا الإفراط الأميركي بالدعم المعنوي لقيادة كيان الاحتلال تعويضاً عنا لعجز عن تقديم الدعم الذي يغيّر في موازين القوى، يصنع مناخاً من التوتر، ويستدرج موجات من العنف، فد لا تستطيع واشنطن احتواءها، فقد تنفع جرعات الدعم هذه بصناعة فرصة فوز لبنيامين نتنياهو انتخابياً وقد تساعده على الإفلات من الملاحقة القضائية، وتستجلب دعمه لدونالد ترامب في معركته الانتخابيّة المقبلة، كما تبدو الحسابات الساذجة التي تقود الرئيس الأميركي وفقاً للكثير من التحليلات التي تحفل بها الصحف الأميركية، لكن واشنطن وتل أبيب ستكونان أمام برميل بارود بلا وجود للمطافئ، وخطر الاشتعال والانفجار سيكون قائماً في كل وقت.
– الأوضاع في أفغانستان والعراق مرشحة للتصعيد، والوضع على جبهة الجولان كذلك، والوضع الداخلي في فلسطين سواء في الضفة الغربية أو القدس أو قطاع غزة، خصوصاً في الأراضي المحتلة العام 1948 في حال غليان، ووحدة مصير الأراضي المحتلة في عيون واشنطن وتل أبيب سيوحّد النضال ويزجّ قوى واسعة في معركة واحدة على جبهات مختلفة، ومثلها التصعيد الأميركي بوجه إيران، يشكل بمعزل عن نتائجه العملية مساساً بالكرامة الوطنية لن يكون سهلاً تمريرها من دون ردود أفعال، وحتى موعد الانتخابات الأميركية نهاية العام المقبل سنكون مع حرب ساخنة، على مساحة المنطقة الممتدة من أفغانستان إلى غرب أفريقيا، والحروب الصغيرة بغياب السقوف السياسية سرعان ما تهدد بالتحول إلى إحدى الحروب الكبرى في ظل فقدان القدرة على التقدير، والوقوع بسبب العنجهية والاستهتار، والاهتمام بالمعنويات الفارغة على حساب المصائر الحقيقية.
– يقول توماس فريدمان أحد أبرز كتاب النيويورك تايمز، في مقالته الأخيرة كلاماً يشاركه فيه السفير الأميركي الأسبق لدى كيان الاحتلال وأحد مهندسي السياسات الأميركية الداعمة لـ«إسرائيل»، ومضمون الكلام أن الحب الأميركي لـ«إسرائيل» الذي يتنافس عليه الجمهوريون والديمقراطيون حب قاتل، سرعان ما سيضع «إسرائيل» أمام خيارات صعبة، خيار دولة واحدة على الأراضي المحتلة العام 1948 والعام 1967 يشكل اليهود فيها أقلية، وبالتالي سقوط الدولة اليهودية واقعياً، أو انتفاضة فلسطينية عارمة تشارك فيها أعمال مقاومة تهدّد أمن «إسرائيل» جدياً كما أظهرت صواريخ تل ابيب، أو حرب تبدو مستحيلة مع جبهة الشمال، حيث تحتشد مصادر قوة إيران وسورية وحزب الله. ويكتفي الكاتبان بالحديث عن مجهول تذهب نحوه المنطقة، يمكن القول إنه بالغ الخطورة، بلا خارطة طريق وبلا خطة، ونضيف، سيكون هذا المجهول البالغ الخطورة عبثاً مجنوناً، خلافاً لما يعتقده المعجبون بالذكاء والقوة الأميركيين، الذين سيكتشفون أنهما ضعف وغباء فريدان.
- مصر تحاصر سوريا
- ترامب يصعّد ضد إيران: خيار الحرب يتقدّم
- طهران تردّ بالمثل وترحيب خليجي وإسرائيلي
- ترامب والتطبيع يظلّلان الانتخابات: اليمين أمام «فرصته التاريخية»
- الجيوش الوطنية ضمانة بقاء الأوطان… وتمييز الدولة عن السلطة
- » كلمات عتب لروسيا الحليفة والصديقة
- » مقاربة أخرى للقرار الأميركي حول الجولان
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!
No comments:
Post a Comment