أبريل 23, 2019
ناصر قنديل
– لستُ في وارد الدخول في مناقشة التسريبات ولا الوقوع في وحول اللعبة الهادفة لمناقشة مصداقية المصادر، وأنا أرى أمامي الوقائع وأقرأها بعيداً عن معلومات صناع القرار، وعلى رأسهم سيد المقاومة وما نسب إليه في سياق هذه الحرب الإعلامية والنفسية، التي تعتمد تقنيات تبييض الأموال ذاتها، فيُرمى كلام مشكوك فيه وبصدقيته في صحيفة، تنقله فضائية من باب التساؤل، ليؤكده محلل يظهر على شاشتها، ثم يؤخذ كلام المحلل في الصحيفة عبر حوار مع محلل آخر ليصير الحديث عن التسريبات كخبر مؤكد. وما يعني القارئ هو السؤال، هل «إسرائيل» بوارد شن حرب في المنطقة تستهدف حزب الله، وما هي حظوظ هذه الحرب وكيفية وقوعها إن نشبت؟
– الواضح أولاً أن أميركا و«إسرائيل» كقوتين قادرتين على التفكير بالحرب من بين أعداء محور المقاومة، في حال تراجع استراتيجي عسكرياً. فالحرب على سورية التي شكلت حربهما معاً تمّت خسارتها بالمعنى الاستراتيجي، لتحل مكانهما كقوى نافذة في الميدان السوري كل من روسيا وإيران، والواضح ان إخراج روسيا وإيران من سورية لم يعد خياراً واقعياً على الطاولة، بل حل مكانه الخيار التفاوضي لشروط هذا البقاء، وما يتصل منه سواء بوقف النار على حدود الجولان، أو بمستقبل دور محور المقاومة الممتد من إيران إلى العراق إلى سورية فلبنان وفلسطين. والسعي لضمان عدم شن حرب مستقبلية على «إسرائيل» كحرب العام 1973، كانت الخشية منها كما كان السعي لاستباقها أحد اسباب الحرب على سورية.
– الواضح أيضاً أن أميركا و«إسرائيل» في حال تراجع تكتيكي، لجهة الحركة العسكرية، فالغارات الأميركية الهادفة لرسم خطوط حمراء لتقدم الجيش السوري تراجعت دون تحقيق أهدافها وسحبت من التداول، والتدخل الإسرائيلي الذي كان عنوانه الشراكة بحصة من سورية المقسمة، سقط وحلت مكانه الغارات الإسرائيلية الهادفة لفرض شروط الإستقرار في سورية بدفتر شروط إسرائيلي، ثم تراجعت لصالح بند وحيد هو إخراج إيران وحزب الله، وتحت ضغط الرعاية الروسية لبناء الدفاعات الجوية السورية، تراجعت عن دخول الأجواء السورية، وصارت تفاوضية ولاحقاً تذكيرية، تشبه عمليات المقاومة بعد العام 2000 في مزارع شبعا، تقول نحن لم نتقبل البقاء الإيراني في سورية لكننا لسنا ضمن خطة إخراجه بالقوة راهناً ولا في وضعية الذهاب للحرب.
– بالتزامن يبدو السعي الأميركي لتعويض إسرائيل بهدايا معنوية عن فقدان القدرة على الذهاب للحرب، وتشترك روسيا جزئياً في ذلك، لكن التعويض الأميركي بجوائز من عيار الاعتراف بضم الجولان وإعلان القدس عاصمة لـ«إسرائيل» تعينان إقفال الباب أمام الدور الأميركي في المفاوضات وسقوط سقف التسويات، بخلاف ما يظنه البعض تمهيداً لصفقة القرن التي لا وجود لها بغياب شريك يملك القدرة على تهديد أمن «إسرائيل» ينضم لصفقة سلام معها. فالإعلانات الأميركية توصيف لواقع لاستحالة التسويات مع محور المقاومة، وتوفير التغطية لـ«إسرائيل» للتعامل مع زمن سقوط التسويات، وحرب الوجود بدلا من حرب الحدود، لكن دون المغامرة بالذهاب لحرب تبدو حاجة من يريد أن يحرر الأرض المحتلة، وليست حاجة من يحتلها.
– بالمقابل يبدو محور المقاومة ليس بوارد الذهاب لحرب تحتاج الكثير من الإعداد والموارد، وهو في مرحلة تثبيت انتصاراته وهضمها وبلورة واقع تكامل مكوناته، وتعزيز حضورها، وعدم استنفاد مرحلة التحالف مع روسيا بسرعة، وفي سورية لم تنته عملية التحرير، وفي اليمن تثبيت التسوية لا يزال مطروحاً على الطاولة، وفي التكامل بين سورية والعراق وإيران ثمة الكثير مما يجب فعله، وبمثل ما يشكل الحصار المالي إحدى أداوت منع ذهاب محور المقاومة إلى الحرب سريعاً، يشكل غياب سقف سياسي للتفاهمات والتسويات سبباً للانزلاق إلى الحرب، في وقت تكثر فيه الإشارات لمحاور تهدئة قد لا تبلغ حد التسويات، لكنها تسحب فتائل التوتر والتصعيد، كالتبدلات في المواقف الأممية من اللجنة الدستورية في سورية وشروطها، ومؤتمر رؤساء برلمانات دول جوار العراق، والرسائل الروسية بين سورية والسعودية.
– المنطقة في مرحلة شد وجذب تحت سقف جديد، بمظلة روسية، وبقدر من عدم الممانعة الأميركية الإسرائيلية، لوضع قواعد اشتباك جديدة، لا تصنع تسويات، لكنها تمنع نشوب حرب، والانزلاق فيها قد يحدث في أي عطل يصيب المكابح.
Related Videos
Related Articles
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!
No comments:
Post a Comment