Pages

Friday, 14 February 2020

«خربة عمّو» صفقة للمرتزقة أم أكثر؟



د.وفيق إبراهيم

مجابهة الأهالي المدنيّين في قرية “خربة عمّو” في منطقة القامشلي السورية لدوريّة أميركيّة كانت تمرّ في المكان، تندرج في إطار الموقف الوطني السوري الرافض لكل انواع الاحتلالات الأميركية والتركية وغيرها.
هذا في العنوان العريض، أما في التشريح فتبدو صفعة مدوّية أصابت كل تلك الآليات الإرهابيّة التي تضمّ مرتزقة سوريين التحقوا بها عبر وسطاء أتراك وسعوديين واخوان مسلمين وخليجيين وأكراد.
وهي أيضاً ركلة بوجه المرتزقة كأحد قيادات المعارضة السورية الذي تنّجس وأصبح تركياً يحمل هويتين اثنتين وتعمل الدولة السورية على نزع جنسيتها عنه.
ما هو مهمّ في هذا الموضوع يتعلق بانطلاقة السوريين من مرحلة الصمود ودعم الدولة السورية الى مستوى تنظيم مقاومات مدنيّة مسلحة تتعاون مع الجيش السوري على دحر المحتلين الأميركيين والأتراك وقوات التحالف الدولي والإسرائيليين وآلياتهم الارهابية.
وهذا يشمل ما تبقى من ادلب وعفرين وبعض أرياف حلب والشريط الحدودي وشرق سورية وشمالها.
إن انتفاضة “خربة عمّو” تؤسس لانطلاق أعمال فردية تتحول تدريجياً إلى أشكال منظمة ما يحيل نهار المحتلين سواداً داكناً، داحراً ما تبقى من إرهاب منتشر في المناطق.
للتوضيح فإن انتشار الإرهاب في سورية استند إلى التحريض الطائفي والمذهبي والمناطقي بدعم مباشر وكبير من دول الجوار الأردنية والتركية والعراقية مع غض طرف لبناني، واستعمل المساجد لإضفاء شرعية دينية على غزو المناطق السورية، جامعاً بين الاسلام التقليدي المأخوذ بالخلل الذي حدث في توازنات القوى في 2011 وبين الإسلام الاخواني الباحث عن خلافة لأردوغان التركيّ والإرهاب الإسلاموي الداعشي العامل في سبيل نشر الوهابية وافكار النظام الملكي لآل سعود ومبادئ منظمة القاعدة.
هذا ما أنتج استكانة شعبية في المناطق التي غزاها الإرهاب، عاملاً على نشر فكره في أوساط الأطفال والمراهقين، ومحولاً النساء سبايا وفارضاً سلطته بالإمساك باقتصاد المناطق والقتل بالإعدام والتعزير والتقطيع.
هناك مستجدات أتاحت للسوريين الواقعين تحت الاحتلالات المختلفة، العودة الى مقاومة المستعمرين وأولها نجاح الجيش السوري في تحرير سبعين بالمئة من مساحة الوطن، واستمراره في التقدم لمجابهة المحتل مباشرة وليس عبر آلياته الإرهابية التي تضم قسماً من ارهابيين محليين.
فهل هي مصادفة أن يتصدّى أهالي خربة عمّو القامشلية لدورية أميركية في ما تندلع بداية مواجهات بين الجيش العربي السوري والمحتل التركي في إدلب بشكل قابل للتطور الى حرب واسعة النطاق؟ الأمر الذي يكشف أن السوريين شعروا بضرورة الالتقاء بين الجهاد العسكري الرسمي للجيش والمقاومة المدنيّة وذلك للإسراع بتحرير سورية بكاملها.
للإشارة فإن المقاومة المدنية التي بدأت بشكل فردي من دون تنسيق عام، ظهرت نتيجة لإيمان السوريين بضرورة مقاومة الاحتلال الذي كان طائفياً لمصلحته فقط، أي لاحتلال سورية باستغلال شعبها في خلافات وهمية، فكيف نصدِّق الاعلام التركي الذي يقدّم دولته التركية على أنها حامية لحقوق السنة في العالم وهي العضو في حلف الناتو الذي يحتلّ بأشكال مباشرة وغير مباشرة معظم العالم الإسلامي؟ وكيف نصدق النظام التركي الذي كان أول المعترفين بالكيان الإسرائيلي المحتل مطوراً علاقات تطبيعية عميقة جداً معه، انعكست تبادلات اقتصادية واسعة؟ لن ينسى السوريون ابداً مئات آلاف الإرهابيين دخلوا سورية عبر الحدود التركية وبإشراف من مخابراتها واركان جيشها، في اطار خطة وضعها الأميركيون بخيارين اثنين، اسقاط الدولة السورية او تفتيتها بواسطة الفتنة المذهبية وعقيدة الاخوان المسلمين وبعض هوس الأقليات.
هذا ما يشجع على الاستنتاج بأن خربة عمّو هي مقدمة للانتفاضة المدنية السورية على الاحتلالات، وهي بالتالي قابلة للتطوّر بسرعة تواكب اندفاعة الجيش السوري في تحرير المناطق المحتلة.
بذلك يمكن الجزم بأن مقاومات شعبية بدأت بالتبلور شرقي الفرات وبعض أنحاء الشمال والحدود للنيل من عناصر ثلاثة: الاميركيون والأتراك وآلياتهم الداخلية قد تحتاج هذه المقاومات الى بعض الوقت للانتظام لكن العمليات الفردية تلعب دوراً أقسى من تلك المنتظمة لأنها لا تتكئ على توقيت ومناسبة، بقدر ما تستند على توفر ظروف الهجوم بشكل مباغت.
ان عصر المقاومة المدنية، هو مثابة رسالة الى الأكراد بأن يتخلوا عن منظمة “قسد” التي تراهن على الأميركيين لتحقيق مشروعها التقسيمي في شرق سورية، وتحظى بتمويل خليجي ودعم لوجيستي اسرائيلي، أو أن تتخلى “قسد” عن الأميركيين وتعود الى الدولة السورية المستعدة لإيلاء “مواطنيها الاكراد” الكثير من “الإدارة المستقلة” انما من ضمن مركزية الدولة السورية الواحدة.
كما أن تطور هذه المقاومة الشعبية، هي رسالة واضحة لكل أنواع القوى والاقليات التي لا تزال تعتقد ان الأميركيين يوفرون حماية لها من الكلدان والأشوريين والسريان.
ألا يعلم هؤلاء أن لا مكان لعقائدهم الدينية عند منظمات الارهاب؟ وأنهم أهل سورية التاريخية؟
يتبقى الأتراك الذين يجندون قسماً من سوريي الارهاب الاخواني والتركمان في صفوفهم، فيجب على هؤلاء ان يعودوا الى حضن الوطن الذي استقبلهم قبل قرن ونصف القرن، إلا إذا قرروا العودة الى تركمانستان وهضبة منغوليا التي جاؤوا منها الى سورية والعالم العربي.
فأهلاً “بخربة عمّو” منارة ترشد المضللين وهي مقاتلة الأميركيين والأتراك في “سورية التاريخ” المعروفة منذ آلاف السنين وقبل تشكل تركيا والولايات المتحدة الأميركية بأكثر من ثلاثة آلاف سنة.

River to Sea Uprooted Palestinian   
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!

No comments:

Post a Comment