كلّ الأبصار شاخصة نحو الصناديق سواء العدو أو الصديق، جبهة أفرغت الأموال من الصناديق وحكومة تبحث عن خارطة طريق، جبهة تسوق للحلّ من خلال صناديق الدعم الدولي المشروط أو من خلال صندوق النقد الدولي الملغوم، وحكومة مضغوطة بقرار سيادي من حزب الله برفض اللجوء الى صناديق مفخخة تفجر أزمة داخلية لبنانية لا قبل لأحد باحتوائها.
جبهة عينها على الصناديق الانتخابية، ولهذا فهي تشنّ حرباً استباقية على الحكومة وداعميها، وتسعى بكلّ قوّتها التحريضية الى إفشالها للانقضاض على جثتها ولو كان هذا الأمر فيه موت الوطن والمواطن.
وحكومة تنكر ذاتها وعينها على هموم الوطن وإنقاذ المواطن.
وهذا يدفعنا للقول بأنّ النوايا الطيبة والعمل المخلص والكلام الشاعري لن يشكلوا أدوات النجاح للحكومة، لأنّ الأهداف متضاربة ومتناقضة، والمعركة معركة حياة او موت بالنسبة للآخرين، ونجاح حكومة دياب مهما كانت نسبته ضئيلة ستعني موتاً سياسياً للفريق الأخر، ومضبطة اتهام مؤيَّدة بأدلة حسية غير قابلة للطعن المذهبي والحزبي ومن الممكن ان تؤدّي ليس الى الإقصاء فحسب بل الى المحاسبة والمحاكمة، وهو ما بات يخشاه الفريق الآخر ويأخذه على محمل الجدّ، وهو حتى اللحظة يستخدم أسلوب المراوغة في المواجهة وعلى وتيرة منخفضة ولم يستخدم حتى اللحظة الأسلحة المحرمة وطنياً والتي لطالما حسم بها معاركه السابقة مستغلاً ضعف المناعة الوطنية لدى الشارع اللبناني الذي يتطوّع للإصابة بـ «كورونا» اذا كان يضمن نقله العدوى الى الشارع الآخر.
هذا أمر لمسناه جلياً في مواجهة هذا الخطر الذي بدلاً من ان يوحّد اللبنانيين لمواجهته استخدمه كسلاح خسيس للتصويب السياسي.
إذن نحن أمام مرحلة تحضير لساحة المعركة وكلّ ما أقدمت عليه الحكومة حتى الساعة يُعتبر من قبيل التقسيمة بين فريق واحد يسجل أهدافاً استعراضية، وذلك قبل أن ينزل فريق المعارضة الى الملعب لخوض مباراة حقيقية ومعه جمهوره العريض وطاقم تحكيم دولي متحيّز لمصلحته سوف يمنحه ضربات جزاء وهمية ويشهر الكرت الأحمر بوجه لاعبي فريق الحكومة خاصة أنّ لباسهم الرياضي ذا اللون الأصفر الفاقع يشكل استفزازاً إضافياً لطاقم التحكيم ومن التحكيم الى المحكمة التي ستصدر حكمها المعروف سلفاً في منتصف شهر أيار والتي تعتبر سيفاً مسلطاً بيد فريق المعارضة، وقد أن الأوان لغرزه في صدر المقاومة بعد فقدان الأمل بالمساومة على هذه الورقة، وحان وقت نزع صاعق انفجارها بأصبع أميركي، هذا الأميركي الذي فاجأنا بالأمس عبر ديفيد شنكر بتصريح أشبه بمرافعة دفاع عن حزب الله نافياً مسؤوليته عما وصلت اليه الأمور في لبنان محمّلاً عملاء أميركا في الداخل هذه المسؤولية، وإذا ما أردنا قراءة رسالة شنكر بشكل واضح سنجد أنها عبارة عن توبيخ للأدوات وتحفيز لهم على رفع وتيرة الهجوم وابتداع أساليب جديدة لشيطنة حزب الله، وقد وصلت هذه الرسالة سريعاً الى جعجع والسنيورة فترجماها هجوماً مركزاً على حزب الله من بوابة السلاح وحروبه الخارجية.
إذن نحن أمام معركة أكبر من حكومة دياب ونواياها الحسنة وأبعد من موضوع يوروبوندز وهيكلة ديون، اننا أمام معركة هوية لبنان السياسية، وما إذا كان سيتفلّت من القبضة الأميركية ويُيمّم وجهه شطر المعسكر الشرقي ويخرج من العباءة الخليجية ويصبح جزءاً من دول محور المقاومة، أم سينجح المتأمركون مجدداً في إبقاء لبنان في الفلك الأميركي الخليجي؟ ويحققون من خلال صندوق النهب الدولي ما عجزوا عن تحقيقه بالاغتيالات وبالتآمر على المقاومة في عدوان تموز، ومن ثم بالرهان على التكفيريين، وبالتالي محاصرة حزب الله دولياً من خلال الحكم المعلّب وشعبياً من خلال تحميله مسؤولية الضائقة الاقتصادية بسبب رفضه شروط صندوق النقد الدولي.
ولكن مهلاً أيها السادة… إنه حزب الله الذي نجح في قلب كلّ المعادلات الإقليمية والدولية مستخدماً لكلّ معركة أسلحتها المناسبة، فكيف تظنّون بأنه لا يملك أسلحة سرية للانتصار في معركته الداخلية، وللعلم فإنّ صمت سماحة السيد في هذه الفترة الحساسة هو من أخطر أسلحة المقاومة في هذه المعركة وهو الهدوء الذي يسبق العاصفة التي ستقتلع كلّ الحواجز التي ستقف في وجه قطار الحكومة المنطلق نحو محطة إعادة بناء الدولة…
فحذار حذار من اللعب بالنار واستخدام أسلحتكم المخصّبة مذهبياً، لأنّ استخدامها قد يؤدّي الى اضطرار حزب الله لاستخدام أسلحته النوعية الذكية والدقيقة والتي أبقاها سرية لمدة طويلة لاعتبارات وطنية، والتي من شأنها ان تنسف كلّ صناديقكم قديمها وجديدها، هذا السلاح هو الصندوق الأسود الذي يدّخره لليوم الأسود فإنْ اضطر لكشف محتوياته ستصبح فضائح «ويكيليكس» نكتة سمجة وستغطي أخبار فضائحكم على أخبار فيروس «كورونا»، وستكون أسماؤكم «تراند» على مواقع التواصل الاجتماعي لمدة طويلة، وستعقد لكم محاكمة اجتماعية يكون الحكم فيها للجمهور، وبحيث لن يستطيع حتى الشيطان نفسه ان يتولى مهمة الدفاع عنكم لأنّ جرائمكم موثقة بالصوت والصورة وهي قبل ان تكون جريمة بحق حزب الله فهي جرائم موصوفة بحق الوطن تستحقون عليها عقوبة الإعدام رجماً بأحذية عوائل الشهداء الذين ارتقوا بسبب عمالتكم، والأبشع أنكم وقفتم في الصفوف الأولى تتقبّلون العزاء.
تآمرتم كثيراً، تألّمنا كثيراً، ضحكتم كثيراً، ضحّينا كثيراً، حكمتم طويلاً، حوكمنا طويلاً… وقد حان اليوم موعد الحساب، فهل يدخل حسّان دياب التاريخ من أوسع الأبواب؟ فلننتظر لنرى…
*مستشار في القانون الدولي
River to Sea Uprooted Palestinian
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!
No comments:
Post a Comment