–
يتخطّى ما جرى بالأمس مناقشة التفاصيل العملياتيّة المتناقضة والمرتبكة التي ساقها جيش الاحتلال وقادة الكيان، والاجتماعات التي عقدت على مستويات سياسية وعسكرية، لمناقشة كيفية التعامل مع هجوم لم يحدث، والاتصالات الدبلوماسية لضمان تثبيت وقف لإطلاق نار لم يبدأ، فمع إعلان المقاومة نفيها لكل رواية جيش الاحتلال عن اشتباكات ومواجهة، وتأكيدها أنها لم تكن طرفاً في أي إطلاق نار، ظهر الكيان وجيشه وقيادته السياسية في أسوأ حال، رغم كل التبريرات والعناد على الروايات الخيالية عن الاشتباك، وكان كافياً رؤية الوجوه الصفراء لكل من بنيامين نتنياهو وبني غانتس في مؤتمرهما الصحافي المشترك والمختصر، لمعرفة حال الهزال والهوان التي بلغها الكيان في ظل رعب الشمال.
–
ليس إلا من قبيل التجميل للهريان الذي ينخر الكيان من رأسه إلى أخمص قدميه القول إن ما جرى كان فبركة لسيناريو لتغطية مناورة ميدانية لجيش الاحتلال تحسباً لرد المقاومة، تضمن عرضاً بالنار على جبهة الاشتباك، أو القول إنه كمين إيحائي نفذته المقاومة لاستدراج جيش الاحتلال إلى مواجهة افتراضية، لأن ما جرى كما يقول سياق التطورات أبسط من ذلك بكثير، المقاومة في حال جهوزية وموجودة على مقربة وتراقب عن كثب كل تحركات جيش الاحتلال، وقادة الجيش ومخابراته في حال استنفار ليل نهار منذ أيام، وبين ممسك بزمام المبادرة ومستمسك بأسباب القوة، ومرتبك مذعور يعيش حال الرعب، ظهر الفارق. فكان كافياً أن تهتزّ شجرة من نسمة هواء، أو يقفز أرنب بري من جحره، أو تتحرك أفعى بفعل الحرارة المرتفعة حتى يبدأ جندي مذعور بإطلاق النار، ويسمع صوت الإطلاق سواه، وينتقل الخبر عن هجوم للمقاومة، ويشيع النبأ وتستنفر القيادة، وتجتمع الكابينت الحكومية الحربية، وتتدخل أسلحة الإسناد المدفعي، والكل متوتر وخائف ومذعور، فالكل يطلق النار وليس من هدف. والطريف أن قيادة منطقة الجولان في جيش الاحتلال تصرّفت وكأن قيادة منطقة مزارع شبعا قد سقطت وصارت بيد المقاومة فبدأت بقصف تحصينات وحداتها هناك، خشية تحصّن المقاومين فيها، سقط الاستطلاع والمخابرات وسقط تقدير الموقف وسقطت منظومة السيطرة والإدارة وسقطت المعنويات وسقطت الصورة، فكل شيء سقط تحت ضربات الأردينالين المرتفع بفعل رعب الشمال.
–
المقاومة تؤكد في بيانها أن ردّها على استشهاد أحد مجاهديها آت لا محالة، وحجم الرعب الذي يعيشه الكيان من رأسه إلى أخمص قدميه، يعنيان أن مواجهة ساخنة مقبلة، فحال الرعب والذعر ستعني عجزاً عن تحمل ردّ المقاومة، وسعياً لإثبات القوة، خصوصاً بعد فضيحة الأمس، ومحاولة لمحو صورتها الكارثية على مهابة جيش الاحتلال وتماسكه، لكن الجولة المقبلة ستكون محكومة بما جرى أمس، بين قوة واثقة ومتماسكة وتتحرك بفاعلية ووضوح رؤية، وتملك مقدرات كافية لخوض حرب، وبين قوة مرتبكة ومذعورة مهترئة، لكنها تملك قوة تدمير عمياء ستلجأ عبرها لتعويض نقاط ضعفها والتستر عليها. وهذا يعني أن الجولة المقبلة ستكون ساخنة، ولكنها ستكون حاسمة لأنها سترسم توازنات ومعادلات ستلقي بظلالها على معادلات المنطقة كلها.
–
الجولة المقبلة ستكون الجولة الثانية، فالجولة الأولى قد وقعت أمس وربحتها المقاومة من دون أن تطلق طلقة واحدة، أو تصدر بياناً واحداً خلالها، وتوّجتها ببيان بليغ في نشر فضيحة الكيان وجيشه، وخسرها جيش الاحتلال بعدما أطلق آلاف الطلقات وعشرات القذائف وأصدر ستة بيانات، يشبه أحدها الآخر، ولم تتضمن رواية مقنعة لأحد.
River to Sea Uprooted Palestinian
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!
No comments:
Post a Comment