Pages

Saturday, 30 October 2021

بين لبنان ومأرب حبل السرة

ناصر قنديل


في ظل موقف أميركي هذا إطاره تحضر السياسة السعودية التي تقوم على استثمار غياب سياسة أميركية واضحة، التي ترتكز على ثلاثة عناصر، الأول هو رفض أي تساهل مع أي مسعى لمساعدة لبنان على الوقوف على قدميه، كما تقول الوقائع التي تبلغتها الحكومة اللبنانية من دول خليجية كانت راغبة بالانضمام إلى خطوات شبيهة بخطوات العراق في مجال عقود الفيول والنفط، أو خطوات الأردن ومصر المسقوفة بقرار أميركي، والعنصر الثاني هو حصر الدعم السياسي والمالي بالقوى التي تبدي الاستعداد لخوض المواجهة المفتوحة مع حزب الله وعلى رأسها حزب القوات اللبنانية، والعنصر الثالث هو اعتبار لبنان صندوق بريد قابلاً للتوظيف في المعركة الرئيسية التي تدور تحت سقفها كل السياسات السعودية الراهنة، وهي حرب اليمن، وجوهر الرسائل التي تهتم لها السعودية هي تلك الموجهة لحزب الله، لرسم معادلة تربط كل تأزم في الوضع السعودي في اليمن، بصناعة تأزم مواز في لبنان، اعتقاداً منها بأن هذا سيزعج الحزب ويربك حركته، وربما يفتح الباب لمقايضات ترغبها الرياض، عنوانها تخفيف ضغط هنا مقابل تخفيف ضغط هناك، لم تفلح بعد ولا مرة بتحقيق أي اختراق.

السياسة الأميركية تجاه لبنان تقوم منذ معادلة سفن كسر الحصار على إقامة توازن بين خط أول يقوم على رعاية المناخ المعادي للمقاومة، سواء على الصعيد القضائي في مسار التشهير بحلفائها وملاحقتهم لإرباك حركتها السياسية عشية الانتخابات، وربما للحؤول دون مسار قضائي سليم في قضية انفجار مرفأ بيروت، ينتهي بكشف حقائق لا يرغب الأميركي بظهورها، والاستعداد لتجميع القوى التي تلوذ بالرعاية الأميركية تمهيداً لتجميعها وتحفيزها نحو المسار الانتخابي، من جهة، وتأتي في هذا السياق كل خطوات العقوبات الجديدة، ومن جهة ثانية، الدخول في سباق إثبات الاهتمام بمنع لبنان من السقوط مع المقاومة التي أظهرت قدرتها عبر سفن كسر الحصار على المبادرة، وتأتي في هذا السياق الخطوات التي تخص نقل الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر سورية، والتي قطعت شوطاً مهماً خلال الأيام القليلة الماضية، وفي كل هذا لا تبدو واشنطن مستعدة لما هو أكثر، فهي ليست طرفاً في رعاية مسار خروج لبنان من الأزمات، ولا تزال تتعامل مع الملف اللبناني بالقطعة، كما تفعل في ملف ترسيم الحدود البحرية، بانتظار أن تتبلور لديها صورة واضحة لسياساتها في المنطقة، والتي لا يزال ملف علاقتها بإيران من بوابة مصير التفاهم النووي مفتاحها الرئيسي.

الأزمة التصاعدية التي برزت مع الكلام الصادر عن الوزير جورج قرداحي قبل تعيينه وزيراً، حول حرب اليمن، بقي مادة سعودية حاضرة بقوة بوجه لبنان وحكومته، على رغم توضيحات قرداحي، ومواقف رئيس الحكومة ووزير الخارجية، ووصل الأمر إلى تبلغ مسؤولين لبنانيين كبار عبر دول خليجية أن السعودية ستذهب للمزيد من التصعيد ما لم يستقل الوزير قرداحي أو تتم إقالته، وهذا الإفراط في استثمار قضية صغيرة الحجم، لا يمكن فهمه بذاته، بل بحجم التحولات الكبرى التي تشهدها معارك مأرب، والتي تضغط على الموقف السعودي بقسوة وبسرعة، فمأرب قلب اليمن ونقطة وصل الشمال بالجنوب، قاب قوسين من السقوط بيد أنصار الله، بعدما نجح الأنصار بتحرير العديد من مديرياتها، ويفاوض زعماء القبائل في المدينة على تسليمها بتفاهم سياسي، بما يدفع الذين يراقبون مشهد المنطقة من بعيد يربطون تفاصيلها ببعضها بحبل سرة، يتوقعون على أساسه مزيداً من الغموض والفوضى في آفاق التطورات في الساحات الساخنة، بانتظار أن تحسم نتيجة المفاوضات التي يفترض أن تبدأ نهاية تشرين الثاني المقبل، في فيينا حول الملف النووي الإيراني، لتستعيد واشنطن المبادرة وترسم سياستها الإقليمية التي سيكون لبنان في قلبها.


فيديوات متعلقة


مقالات متعلقة


River to Sea Uprooted Palestinian   
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!

No comments:

Post a Comment