-------
نبوءة هيلاري كلينتون بزوال اسرائيل تتحقق.. فهل نجرؤ على الانتصار ؟
وكالة أوقات الشام الإخبارية
سمير الفزاع
قبل عام تقريباً قال السيناتور الأمريكي النافذ والصهيوني المتطرف جون ماكين بأن : "الشرق الاوسط قد ينهار إذا لم تلتزمه واشنطن مع حلفائها" ، ولكن هيلاري كلنتون قالت الأخطر والأعمق والأكثر تحديداً ، وأمام "الأيباك" بمؤتمره السنوي في 22/3/2010 ، عندما قالت : "إن إستمرار النزاع والواقع الحالي لا يخدم مصالح الولايات المتحدة ، ولا يمكن أن يبقى مستداماً لجميع الأطراف ، خصوصاً في ظل ديناميكيات الديموغرافيا والإيديولوجيا والتكنولوجيا ، بل يعد بمزيد من العنف ويهدد إسرائيل كدولة يهودية ديموقراطية " .
ما هو المعنى العملي والإستراتيجي والمباشر لما قاله هؤلاء وغيرهم من الساسة الأمريكيين والصهاينة ونظرائهم من المفكرين هنا وهناك ؟
يعاني الكيان الصهيوني من مشاكل وجودية تعصف به ، وفي "الحاضن الأخير" ، أمريكا ، التي يتداعى إقتصادها ، وتتآكل قدراتها العسكريّة ، ويتراجع "مجالها الحيوي" أمام خصومها الذين يزدادون كلّ يوماً قوة في حين تزداد هي ضعفاً .
لذلك ، نلاحظ "اليوم" إرهاصات إنزياح إستراتيجي في مراكز القوى الإقليمية من كيان العدو الصهيوني وحلفائه إلى حلف المقاومة ، وهو السبب الحقيقي والأساسي لكل هذا العنف المستشري الذي نراه ، وهو العامل الأول والمحوري وراء سيل الدماء الذي يتدفق من حولنا ، إنها معركة حياة أو موت لأطراف الصراع .
لقد أصبح يقيناً أن هناك عالماً جديداً يتشكل ، تُرسم معالمه على نحو متسارع جداً هذه الأيام .
إنتهت الحرب العالمية الثانية – عملياً – مع إنزل الحلفاء في منطقة النورماندي بتاريخ 6 / 6 / 1944 ، ولكن كان على العالم الإنتظار حتى 11/2/1945 ليلتمّ شمل قادة العالم الجدد جوزيف ستالين ونستون تشرشل وفرانكلين روزفلت ، ليقرروا شكل العالم ولونه ومناطق نفوذهم فيه .
لم يحجز أحد من هؤلاء الكبار كرسيّه حول طاولة "يالطا" إلا بعد خوضه واحدة من أشرس المعارك في تاريخ بلاده .
لم يجلس الإتحاد السوفيتي على مائدة الكبار إلا بعد معركة "ستالينغراد" ، كما لم تجلس بريطانيا على تلك المائدة إلا بعد معركة العلمين ، وأمريكا لم تنظم إلى تلك القمّة التاريخية إلا بعد ضرباتها القاتلة لليابان وقيادتها للإنزال الأكبر في تاريخ البشرية – إنزال النورماندي – .
جلس هؤلاء وكان كلّ العالم المتبقي مادة للتفاوض .
عودة إلى منطقتنا ، ونحن اليوم نتقف أمام مشهد مماثل إلى حدّ كبير جداً ، في حدود الإقليم على الأقل . وحتى يكون الكلام واقعياً وعلميّاً ، سأنطلق من تحديد عناصر قوة ، وأعمدة "بقاء" الكيان الصهيوني في منطقتنا :
1- أن هذا الكيان هو أرض اللبن والعسل الموعودة للشتات المعذب من بني يهود .
2- أن هذا الكيان هو الأرض الأكثر أمناً لبني يهود ، فليأتي كل شتاتهم إليه .
3- أن جيش هذا الكيان هو الجيش الأقوى ، ويده هي اليد الطولى ، ولا غالب له في محيطه .
4- أن أي حرب سيخوضها هذا الجيش لن تمس أبداً بحياة ورفاه وحركة ... المدنيين في الداخل .
5- لن يكون هناك حروباً تخاض ، أو أهداف تقصف على أراض هذا الكيان .
6- أن جيش هذا الكيان قادر على شنّ الحروب متى شاء ، ولا نهاية لها سوى النصر .
7- لا مكان للحروب الطويلة هنا ، فالنصر مؤكد ، وسيتم إحرازه بين طرفة عين وأخرى .
8- لدى هذا الكيان قادة تاريخيين قادرين على إنقاذه من الأزمات .
9- الحرب وسيلة من وسائل "تصحيح" مسيرة وحياة هذا الكيان ، حيث يكون الحل لبعض مشاكله بشنّ الحروب .
* نبوءة هيلاري تتحقق :
لنعد إلى هيلاري وتصريحها الخطير أمام الإيباك : إن إستمرار النزاع والواقع الحالي لا يخدم مصالح الولايات المتحدة ، ولا يمكن أن يبقى مستداماً لجميع الأطراف ، خصوصاً في ظل ديناميكيات الديموغرافيا والإيديولوجيا والتكنولوجيا ... " .
فما الذي عنته هيلاري بهذه الأخطار الثلاثة ؟ سأحاول الأجابة بإختصار :
# الديموغرافيا : ويقصد بها إرتفاع معدلات الزيادة السكانية لفلسطيني 48 أولاً ، والضفة الغربية وغزة ثانياً عن مثيلاتها في الكيان الصهيوني ، ما يجعل الطابع "اليهودي" للكيان الصهيوني ، والوهم الديموقراطي الذي تدعيه في خطر حقيقي ، حيث سيصل هذا الكيان إلى مرحلة يفقد فيها زمام المبادرة والقرار .
# الإيديولوجيا : ويقصد بها الفكر والعقيدة المقاومة لأصل وجود هذا الكيان ، ومن هنا يأتي الهجوم الشرس والمستمر منذ عقود على سوريا وشركائها في حلف المقاومة ، ومحاولات تشوية حلف المقاومة ، وتفجير الفتن الطائفية والمذهبية في وجهه ... ومن هنا أيضاً الخوف العميق من نقل تجربة حزب الله في تحرير جنوب لبنان من الإحتلال الصهيوني إلى غزة .
# التكنولوجيا : والمقصود بها تلك الأسلحة "الرخيصة" نسبياً ، والقادرة على إلحاق خسائر ضخمة بالكيان الصهيوني في آن واحد ، والحديث هنا يدور عن سلاحين أساسيين ، الصواريخ ، والأسلحة المضادة للدروع .
أي شيء يحصل في فلسطين وغزة ، غير تموضع هذا التهديدات واقعاً معاشاً وملموساً ، وخصوصاً عند التدقيق بمجريات الحرب الأخيرة التي نراقبها بفخر أمام عيوننا اليوم ؟! .
* بعد هذه المقدمة ، لنحاول معرفة آثار الحرب الأخيرة على الكيان الصهيوني :
بعد إغتيال الشاب محمد ابو خضير ، وتململ الضفة ، وتنفيذاً لمخطط مسبق ، وكي لا يحرج سلطة رام الله ، و يتلافى انفجار انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية ، وقلاقل ستندلع حتماً داخل "الخط الأخظر" ، ولأنه يعرف اين يتمترس عدوه الأخطر والمسلح ، ورأس الرمح في المشروع المقابل ...
نقل العدو الصهيوني الحرب إلى غزة . أي أنّ المسألة أبعد من حدود فلسطين العربية كاملة ، إنها معركة "إستباقية" مع "حبل" محور المقاومة الذي يلتف حول عنقه رويداً رويداً ، وبإحكام .
لقد "جاء" الكيان الصهيوني إلى غزة ليختبر قدرة المقاومة على الصمود ، وليعرف عمق الروابط بين محور المقاومة وغزة ، وليتأكد من مستوى تدفق الأسلحة والمعدات والخبرات من هذا الحلف إلى غزة ... ولكنه إكتشف بأن باطن الأرض أغنى من سطحها ، والمنتمون لقضية فلسطين وحلف المقاومة لن يتركوا فلسطين وحدها مهما واجهوا من مؤامرات وفتن .
# مناورات الكيان الصهيوني التي إنطلقت منذ العام 2007 ، وأستمرت حتى العام 2011 ، تحت مسمى مناورات "الكيان" ، وكان الهدف منها ضمان إستمرار "إنتاجية المجتمع" تحت ظروف الحرب – كنوع من العبر المستقاة من حرب 2006 – ثبت بالدليل القاطع فشلها ، والدليل على ذلك الشلل العام الذي ضرب مرافق الكيان ومؤسساته وخروج 5 ملايين صهيوني من بيوتهم ومؤسساتهم .
# مطار اللد "بن غوريون" ، أكبر المطارات الصهيونية وأكثرها ازدحاماً على مدار العام بعدد مسافرين سنوي يتجاوز 11 مليون مسافر ، ويستحوذ المطار علي أكثر من 80٪ من الرحلات الجوية الدولية للكان ، ويعد من أفضل مطارات الشرق الأوسط ... لم يتوقف إلا مرتين منذ نشأة الكيان ، يومان في حرب 1967 ، وأربعة أيام في حرب 1973 . الآن ، يغلق وتعلق رحلات أقرب حلفاء الكيان إليه اليوم تلو اليوم ، وعندما حاول الكيان نقل الرحلات الجوية إلى مطار "أوفدا" إنهار المطار مباشرة أمام ضغط المسافرين .
# نشأ الكيان الصهيوني ليكون العصا الغليظة القادرة على "تأديب وإركاع" محيطها العربي ، لذلك تمّ تسليحها حتى العظم ، وصنع منها مشغلوها أكبر حاملة طائرات على اليابسة ... واليوم ، نرى بأن غزة المحاصرة ، تصمد أمام هذا الكيان المدجج بالسلاح منذ ثلاثة أسابيع تقريباً ، وتقصف نقاط تبعد أكثر من مئة كيلومتر ... وهو يقف عاجز تماماً عن فرض إرادته وشروطه عليها ! فأي دور يرتجى من هكذا عصا ؟ .
# في تشرين الثاني العام 2012 شنّ الكيان الصهيوني عدواناً على غزة لم يدم سوى أسبوع ، وعادت الفصائل الفلسطينية وقبلت بالتفاهمات التي تلت عدوان 2009 بضغط من دول "الإعتلال العربي" .
الآن ، وبعد عام ونصف تقريبا ، وعلى إثر كل محاولات التضليل وحرف البوصلة ونقل الصراع ... يثبت للقاصي والداني أن جوهر الصراع هو فلسطين ، وأن التسويات مهما كانت "متوازنة" فإن المقاومة والتحرير هو الخيار الطبيعي والمنطقي للقضية الفلسطينية ، وأن محاولات "التسوية" التي تقودها الرجعية العربية - خاصة انظمة الريع النفطي- ومعسكر الثورة المضادة في بلدان" الربيع العربي" لن تحصد إلا الفشل وتأجيل المواجهة .
# غالباً ما شنّ الكيان الصهيوني حروبه ، وفي قائمة أهدافه تصدير مشاكله الإجتماعية والإقتصادية والديموغرافية ... أمّا اليوم فإن هذا الباب يكاد أن يُغلق نهائياً ، وهذا يمثل بداية جدية للإنهيار الداخلي .
# هذا الكيان عدواني توسعي بجوهره وطبيعته ، وعندما يصبح عاجزاً عن التمدد والتوسع ... فإن ذلك يفقده العنصر الأهم في "تجدده وتماسكه وتطرفه" وهي من العناصر الكبرى وراء ديمومته ، و"إنتماء" الصهاينة إليه .
# ما يحدث في غزة لن يكون بلا تداعيات عليها وعلى الضفة الغربية ، وعلى الفلسطينيين داخل "الخط الأخضر" ومخيمات اللجوء ... كم لن يكون بلا تداعيات على القيادات الفلسطينية التي "راوغت وساومت وأنقلبت ... " ، وعلى علاقاتها مع دول الجوار والإقليم ، خصوصاً بين حلف داعم بكل ما للكلمة من معنى وآخر خائف مرعوب من نصر المقاومة في غزة ... خصوصاً إذا علمنا بأن أكبر عدد من السائحين الصهاينة العالقين أمام المطارات موجود في تركيا بعدد جاوز العشرين ألفاً . إن ما يجري يشبه إلى حدّ بعيد "صهر" الذهب لتنقيته من العوالق والشوائب .
# تأتي الحرب في غزة في سياق بناء الفضاءات الإستراتيجية للدول الكبرى في الإقليم ، في ظل إنسحاب أمريكي ، وتمدد لمحور المقاومة في ظروف غاية في الصعوبة والتعقيد .
لذلك نرى هذا الصمت المطبق لكل حلفاء واشنطن أمام صمود غزة ، وإرهاصات إنتفاضة الضفة ، ومحاولاتهم المسعورة لوقف الحرب بأي ثمن ... ولكن ما يجب أن نقوم به هو الإصرار أكثر على النصر ، والتجرؤ على إحرازه ، كما قال ماوتسي تونغ يوماً : " يجب أن نتجرَّأ على النصر"
قبل عام تقريباً قال السيناتور الأمريكي النافذ والصهيوني المتطرف جون ماكين بأن : "الشرق الاوسط قد ينهار إذا لم تلتزمه واشنطن مع حلفائها" ، ولكن هيلاري كلنتون قالت الأخطر والأعمق والأكثر تحديداً ، وأمام "الأيباك" بمؤتمره السنوي في 22/3/2010 ، عندما قالت : "إن إستمرار النزاع والواقع الحالي لا يخدم مصالح الولايات المتحدة ، ولا يمكن أن يبقى مستداماً لجميع الأطراف ، خصوصاً في ظل ديناميكيات الديموغرافيا والإيديولوجيا والتكنولوجيا ، بل يعد بمزيد من العنف ويهدد إسرائيل كدولة يهودية ديموقراطية " .
ما هو المعنى العملي والإستراتيجي والمباشر لما قاله هؤلاء وغيرهم من الساسة الأمريكيين والصهاينة ونظرائهم من المفكرين هنا وهناك ؟
يعاني الكيان الصهيوني من مشاكل وجودية تعصف به ، وفي "الحاضن الأخير" ، أمريكا ، التي يتداعى إقتصادها ، وتتآكل قدراتها العسكريّة ، ويتراجع "مجالها الحيوي" أمام خصومها الذين يزدادون كلّ يوماً قوة في حين تزداد هي ضعفاً .
لذلك ، نلاحظ "اليوم" إرهاصات إنزياح إستراتيجي في مراكز القوى الإقليمية من كيان العدو الصهيوني وحلفائه إلى حلف المقاومة ، وهو السبب الحقيقي والأساسي لكل هذا العنف المستشري الذي نراه ، وهو العامل الأول والمحوري وراء سيل الدماء الذي يتدفق من حولنا ، إنها معركة حياة أو موت لأطراف الصراع .
لقد أصبح يقيناً أن هناك عالماً جديداً يتشكل ، تُرسم معالمه على نحو متسارع جداً هذه الأيام .
إنتهت الحرب العالمية الثانية – عملياً – مع إنزل الحلفاء في منطقة النورماندي بتاريخ 6 / 6 / 1944 ، ولكن كان على العالم الإنتظار حتى 11/2/1945 ليلتمّ شمل قادة العالم الجدد جوزيف ستالين ونستون تشرشل وفرانكلين روزفلت ، ليقرروا شكل العالم ولونه ومناطق نفوذهم فيه .
لم يحجز أحد من هؤلاء الكبار كرسيّه حول طاولة "يالطا" إلا بعد خوضه واحدة من أشرس المعارك في تاريخ بلاده .
لم يجلس الإتحاد السوفيتي على مائدة الكبار إلا بعد معركة "ستالينغراد" ، كما لم تجلس بريطانيا على تلك المائدة إلا بعد معركة العلمين ، وأمريكا لم تنظم إلى تلك القمّة التاريخية إلا بعد ضرباتها القاتلة لليابان وقيادتها للإنزال الأكبر في تاريخ البشرية – إنزال النورماندي – .
جلس هؤلاء وكان كلّ العالم المتبقي مادة للتفاوض .
عودة إلى منطقتنا ، ونحن اليوم نتقف أمام مشهد مماثل إلى حدّ كبير جداً ، في حدود الإقليم على الأقل . وحتى يكون الكلام واقعياً وعلميّاً ، سأنطلق من تحديد عناصر قوة ، وأعمدة "بقاء" الكيان الصهيوني في منطقتنا :
1- أن هذا الكيان هو أرض اللبن والعسل الموعودة للشتات المعذب من بني يهود .
2- أن هذا الكيان هو الأرض الأكثر أمناً لبني يهود ، فليأتي كل شتاتهم إليه .
3- أن جيش هذا الكيان هو الجيش الأقوى ، ويده هي اليد الطولى ، ولا غالب له في محيطه .
4- أن أي حرب سيخوضها هذا الجيش لن تمس أبداً بحياة ورفاه وحركة ... المدنيين في الداخل .
5- لن يكون هناك حروباً تخاض ، أو أهداف تقصف على أراض هذا الكيان .
6- أن جيش هذا الكيان قادر على شنّ الحروب متى شاء ، ولا نهاية لها سوى النصر .
7- لا مكان للحروب الطويلة هنا ، فالنصر مؤكد ، وسيتم إحرازه بين طرفة عين وأخرى .
8- لدى هذا الكيان قادة تاريخيين قادرين على إنقاذه من الأزمات .
9- الحرب وسيلة من وسائل "تصحيح" مسيرة وحياة هذا الكيان ، حيث يكون الحل لبعض مشاكله بشنّ الحروب .
* نبوءة هيلاري تتحقق :
لنعد إلى هيلاري وتصريحها الخطير أمام الإيباك : إن إستمرار النزاع والواقع الحالي لا يخدم مصالح الولايات المتحدة ، ولا يمكن أن يبقى مستداماً لجميع الأطراف ، خصوصاً في ظل ديناميكيات الديموغرافيا والإيديولوجيا والتكنولوجيا ... " .
فما الذي عنته هيلاري بهذه الأخطار الثلاثة ؟ سأحاول الأجابة بإختصار :
# الديموغرافيا : ويقصد بها إرتفاع معدلات الزيادة السكانية لفلسطيني 48 أولاً ، والضفة الغربية وغزة ثانياً عن مثيلاتها في الكيان الصهيوني ، ما يجعل الطابع "اليهودي" للكيان الصهيوني ، والوهم الديموقراطي الذي تدعيه في خطر حقيقي ، حيث سيصل هذا الكيان إلى مرحلة يفقد فيها زمام المبادرة والقرار .
# الإيديولوجيا : ويقصد بها الفكر والعقيدة المقاومة لأصل وجود هذا الكيان ، ومن هنا يأتي الهجوم الشرس والمستمر منذ عقود على سوريا وشركائها في حلف المقاومة ، ومحاولات تشوية حلف المقاومة ، وتفجير الفتن الطائفية والمذهبية في وجهه ... ومن هنا أيضاً الخوف العميق من نقل تجربة حزب الله في تحرير جنوب لبنان من الإحتلال الصهيوني إلى غزة .
# التكنولوجيا : والمقصود بها تلك الأسلحة "الرخيصة" نسبياً ، والقادرة على إلحاق خسائر ضخمة بالكيان الصهيوني في آن واحد ، والحديث هنا يدور عن سلاحين أساسيين ، الصواريخ ، والأسلحة المضادة للدروع .
أي شيء يحصل في فلسطين وغزة ، غير تموضع هذا التهديدات واقعاً معاشاً وملموساً ، وخصوصاً عند التدقيق بمجريات الحرب الأخيرة التي نراقبها بفخر أمام عيوننا اليوم ؟! .
* بعد هذه المقدمة ، لنحاول معرفة آثار الحرب الأخيرة على الكيان الصهيوني :
بعد إغتيال الشاب محمد ابو خضير ، وتململ الضفة ، وتنفيذاً لمخطط مسبق ، وكي لا يحرج سلطة رام الله ، و يتلافى انفجار انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية ، وقلاقل ستندلع حتماً داخل "الخط الأخظر" ، ولأنه يعرف اين يتمترس عدوه الأخطر والمسلح ، ورأس الرمح في المشروع المقابل ...
نقل العدو الصهيوني الحرب إلى غزة . أي أنّ المسألة أبعد من حدود فلسطين العربية كاملة ، إنها معركة "إستباقية" مع "حبل" محور المقاومة الذي يلتف حول عنقه رويداً رويداً ، وبإحكام .
لقد "جاء" الكيان الصهيوني إلى غزة ليختبر قدرة المقاومة على الصمود ، وليعرف عمق الروابط بين محور المقاومة وغزة ، وليتأكد من مستوى تدفق الأسلحة والمعدات والخبرات من هذا الحلف إلى غزة ... ولكنه إكتشف بأن باطن الأرض أغنى من سطحها ، والمنتمون لقضية فلسطين وحلف المقاومة لن يتركوا فلسطين وحدها مهما واجهوا من مؤامرات وفتن .
# مناورات الكيان الصهيوني التي إنطلقت منذ العام 2007 ، وأستمرت حتى العام 2011 ، تحت مسمى مناورات "الكيان" ، وكان الهدف منها ضمان إستمرار "إنتاجية المجتمع" تحت ظروف الحرب – كنوع من العبر المستقاة من حرب 2006 – ثبت بالدليل القاطع فشلها ، والدليل على ذلك الشلل العام الذي ضرب مرافق الكيان ومؤسساته وخروج 5 ملايين صهيوني من بيوتهم ومؤسساتهم .
# مطار اللد "بن غوريون" ، أكبر المطارات الصهيونية وأكثرها ازدحاماً على مدار العام بعدد مسافرين سنوي يتجاوز 11 مليون مسافر ، ويستحوذ المطار علي أكثر من 80٪ من الرحلات الجوية الدولية للكان ، ويعد من أفضل مطارات الشرق الأوسط ... لم يتوقف إلا مرتين منذ نشأة الكيان ، يومان في حرب 1967 ، وأربعة أيام في حرب 1973 . الآن ، يغلق وتعلق رحلات أقرب حلفاء الكيان إليه اليوم تلو اليوم ، وعندما حاول الكيان نقل الرحلات الجوية إلى مطار "أوفدا" إنهار المطار مباشرة أمام ضغط المسافرين .
# نشأ الكيان الصهيوني ليكون العصا الغليظة القادرة على "تأديب وإركاع" محيطها العربي ، لذلك تمّ تسليحها حتى العظم ، وصنع منها مشغلوها أكبر حاملة طائرات على اليابسة ... واليوم ، نرى بأن غزة المحاصرة ، تصمد أمام هذا الكيان المدجج بالسلاح منذ ثلاثة أسابيع تقريباً ، وتقصف نقاط تبعد أكثر من مئة كيلومتر ... وهو يقف عاجز تماماً عن فرض إرادته وشروطه عليها ! فأي دور يرتجى من هكذا عصا ؟ .
# في تشرين الثاني العام 2012 شنّ الكيان الصهيوني عدواناً على غزة لم يدم سوى أسبوع ، وعادت الفصائل الفلسطينية وقبلت بالتفاهمات التي تلت عدوان 2009 بضغط من دول "الإعتلال العربي" .
الآن ، وبعد عام ونصف تقريبا ، وعلى إثر كل محاولات التضليل وحرف البوصلة ونقل الصراع ... يثبت للقاصي والداني أن جوهر الصراع هو فلسطين ، وأن التسويات مهما كانت "متوازنة" فإن المقاومة والتحرير هو الخيار الطبيعي والمنطقي للقضية الفلسطينية ، وأن محاولات "التسوية" التي تقودها الرجعية العربية - خاصة انظمة الريع النفطي- ومعسكر الثورة المضادة في بلدان" الربيع العربي" لن تحصد إلا الفشل وتأجيل المواجهة .
# غالباً ما شنّ الكيان الصهيوني حروبه ، وفي قائمة أهدافه تصدير مشاكله الإجتماعية والإقتصادية والديموغرافية ... أمّا اليوم فإن هذا الباب يكاد أن يُغلق نهائياً ، وهذا يمثل بداية جدية للإنهيار الداخلي .
# هذا الكيان عدواني توسعي بجوهره وطبيعته ، وعندما يصبح عاجزاً عن التمدد والتوسع ... فإن ذلك يفقده العنصر الأهم في "تجدده وتماسكه وتطرفه" وهي من العناصر الكبرى وراء ديمومته ، و"إنتماء" الصهاينة إليه .
# ما يحدث في غزة لن يكون بلا تداعيات عليها وعلى الضفة الغربية ، وعلى الفلسطينيين داخل "الخط الأخضر" ومخيمات اللجوء ... كم لن يكون بلا تداعيات على القيادات الفلسطينية التي "راوغت وساومت وأنقلبت ... " ، وعلى علاقاتها مع دول الجوار والإقليم ، خصوصاً بين حلف داعم بكل ما للكلمة من معنى وآخر خائف مرعوب من نصر المقاومة في غزة ... خصوصاً إذا علمنا بأن أكبر عدد من السائحين الصهاينة العالقين أمام المطارات موجود في تركيا بعدد جاوز العشرين ألفاً . إن ما يجري يشبه إلى حدّ بعيد "صهر" الذهب لتنقيته من العوالق والشوائب .
# تأتي الحرب في غزة في سياق بناء الفضاءات الإستراتيجية للدول الكبرى في الإقليم ، في ظل إنسحاب أمريكي ، وتمدد لمحور المقاومة في ظروف غاية في الصعوبة والتعقيد .
لذلك نرى هذا الصمت المطبق لكل حلفاء واشنطن أمام صمود غزة ، وإرهاصات إنتفاضة الضفة ، ومحاولاتهم المسعورة لوقف الحرب بأي ثمن ... ولكن ما يجب أن نقوم به هو الإصرار أكثر على النصر ، والتجرؤ على إحرازه ، كما قال ماوتسي تونغ يوماً : " يجب أن نتجرَّأ على النصر"
RELATED
- “مزاد” امريكي لنزع سلاح المقاومة والسماسرة كثيرون
- بدل الدعوة الى تسليح المقاومة الفلسطينية.. تركي الفيصل يحمل حماس مسؤولية العدوان
- نارام سرجون: غزة بين الحب والانتقام والثائر الكذاب .. كش جمل
- السفير السوري السابق بالأردن بهجت سليمان يفجر مفاجأة: تنظيم داعش و لد في عمان
- ما هو السلاح الاستراتيجي الذي وعدت حركة الجهاد الاسلامي بقلب المعركة باستخدامه ؟
- شهداء العدوان "الإسرائيلي" على غزة "إرهابيون" في الصحافة المصرية
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!
No comments:
Post a Comment