رفعت البدوي
الهدية الأغلى على قلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في عيد ميلاده 64 هي موافقة مجلس الدوما الروسي بالإجماع على الاتفاقية السورية الروسية التي تنص على الاحتفاظ بقواعد روسية دائمة على الأرض السورية.
فلاديمير بوتين شرب نخب روسيا في عيد ميلاده قائلاً للعالم اليوم أتممت لروسيا تعبيد طريق عودتها لعظمتها كاسرة للتوازنات السياسية التي سادت العالم والمنطقة لعقود خلت وسميت بالقطب الواحد من خلال نجاح روسيا بفرض نظام وتوازن عالمي جديد باعتبارها لاعباً أساسياً ونداً قوياً مقارعاً عنيداً منهياً تحكم أميركا واستفرادها بحكم العالم متخذة من صمود سوريه الحليف الإستراتيجي لروسيا منصة ورافعة للعودة إلى العظمة في المنطقة والعالم.
تصويت الدوما الروسي بالإجماع على الاتفاق الروسي السوري الإستراتيجي ليس بالأمر العابر فهو رسالة قوية باتجاهات عدة، فعلى الصعيد الروسي الداخلي تؤشر موافقة الدوما إلى أن الداخل الروسي بجميع مكوناته يقف خلف القيادة الروسية داعماً لقراراتها السياسية والعسكرية الهادفة إلى استعادة الدور الروسي السابق العائد لأيام الاتحاد السوفييتي السابق.
فعلى الصعيد السياسي والدبلوماسي فإن روسيا استعملت حق النقض الفيتو للمرة الخامسة ضد قرارات غربية هدفها إطالة أمد الفوضى في المنطقة وجر سوريه نحو وضع مشابه للسيناريو العراقي والليبي من خلال قرار ملتبس ومدعوم من دول عدة تسبح في الفلك الأميركي الغربي في الأمم المتحدة، كاشفة في الوقت عينه عدم جدية غربية لوقف القتال الدائر في سوريه إلا إذا تأمن تنفيذ خطط التفتيت في المنطقة، إضافة إلى حماية الإرهاب المدعوم من أميركا وأوروبا والخليج النفطي، ولو وجدت النيات الحقيقية لحماية الإنسانية والمدنيين في سوريه لكانت تلك الدول قد قبلت بأي قرار يضمن وقف النار وسحب الإرهابيين تجنباً لإزهاق المزيد من الأرواح ووقف المذبحة التي يتعرض لها الشعب السوري على يد الإرهاب
فهاهي روسيا تقف نداً صلباً في الأمم المتحدة مجهضة التصويت في الأمم المتحدة على مشروع فرنسي يقوض مقومات الدولة السورية وليس فيه أي مصلحة لسوريه والمنطقة على حد سواء.
روسيا بعثت برسالة بالغة الأهمية للعالم مفادها أنها تقف إلى جانب حلفائها لإنقاذهم من تركة أميركا والغرب المليئة بالفوضى والخراب المزروع أميركيا في المنطقة الهادف إلى تدمير المقدرات والمكونات التي من شأنها الحفاظ على وطن ليصبح بعد ذلك أثراً بعد عين. فأميركا تركت كل البلدان التي تدخلت بها سياسياً وعسكرياً بحجة نشر الديمقراطية، تركتها ممزقة مقسمة تملؤها النزاعات الاثنية والعرقية والمذهبية وبلدان بلا نظام وبلا دولة وبلا أدنى ممارسة للديمقراطية، ، بينما روسيا برهنت للعالم أنها تقف إلى جانب الدول الحليفة وفي مقدمها الدولة السورية للمحافظة على مكونات الدولة ووحدة أراضيها ومحاربة الإرهاب ومواجهة مشاريع أميركا الهدامة على الصعيدين الدبلوماسي والعسكري.
روسيا أرسلت رسالة قوية لأميركا وحلفائها الغربيين مفادها أننا مددنا لكم اليد للوقوف صفاً واحداً ضد إرهاب بات يتهدد النظام العالمي إلا أنكم في أميركا أبيتم التعاون وفضلتم دعم الإرهاب العالمي خدمة لمصالحكم على حساب الشعوب في المنطقة، ووقفتم صفاً واحداً مع الإرهاب لمحاربتنا وإعاقة حربنا على الإرهاب لكننا لن نسمح لكم بذلك لأن روسيا مصممة على المضي في محاربة الإرهاب والحفاظ على وحدة الأوطان الحليفة وأولها سورية ولو أدى ذلك التصميم لنشوب صدام مباشر بين أميركا وروسيا لأن سورية ووحدتها وأمنها ومستقبلها تعني موسكو وأمنها ومستقبلها.
التهويل الأميركي بالذهاب إلى خيارات مفتوحة باتخاذ إجراءات لتنفيذ ضربات عسكرية على سوريه وجيشها قابله تحرك روسي لافت لم نشهد له مثيلاً منذ إعلان روسيا عن بدء مساندتها العسكرية لسوريه في حربها على الإرهاب، فروسيا أعلنت عن نيتها سلوك طريق الردع العسكري لأي محاولة أميركية تستهدف سورية مهما كانت العواقب، مرسلة أفضل القطع البحرية إلى سوريه كما أنها نشرت منظومة للصواريخ الروسية المتطورة لتشكل بذلك غطاء عسكرياً في الميدان إضافة إلى المظلة الدبلوماسية في أروقة الأمم المتحدة.
إن تصويت الدوما بالإجماع على الاتفاقية الروسية السورية يعني أن روسيا بقيادتها ومكوناتها السياسية والشعبية قالت للحلفاء قبل الأعداء إن سورية أصبحت تعني الأمن القومي الإستراتيجي الروسي بشكل مباشر وإن سوريه بعد موافقة الدوما الروسي على الاتفاقية لن تكون كما قبله.
River to Sea Uprooted Palestinian
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!
No comments:
Post a Comment