Thursday, 11 December 2014
انها لعبة الحرب والقلب .. وليست لعبة الحب .. أيها السادة ..
من حسن حظي أنني لاأتبع قلبي الا في الحب .. لأنه عندها يكون الجنرال والقائد الأعلى الذي يصدر الأوامر الى عقلي واعصابي وانفعالاتي وشوقي وغضبي ويصدر قرارات تعذيبي وقلقي وسهادي .. أما في الحرب فلا سطوة لقلبي عليّ .. وحدود سلطته عليّ لاتشبهها الا سلطة أمير قطر على قاعدة العيديد أو مثلا سلطة رئيس الائتلاف السوري على العقيد النمر سهيل الحسن .. وقلبي في الحرب يتبعني كظلي ويطيعني كمحارب برتبة صغيرة لايعصي لي أمرا .. وينفذ دون ان يعترض .. بل انني أحيانا أزج به في السجن وقد أطلق عليه الرصاص اذا ماتخاذل وضعف أو تمرد .. ولو منحت السلطة لقلبي في الحرب فانني أعرف انني على موعد مع الهزيمة .. فاذا كان كل شيء مباحا في الحب والحرب .. ففي الحرب كل شيء مباح .. الا اتباع القلب ..
ومن هنا فانني لااسأل قلبي عن موقفه في أثناء الحرب أو عندما أهتز بمشاعري مع كل استفزاز اسرائيلي يريد الحاق الاهانة بي وبكبريائي كسوري .. وسأزج بقلبي في السجن ان تمرد وقرر أن يخرج من صدري وينشق عني غاضبا أو معترضا .. وان اقتضى الأمر أرديته بسلاحي دون تردد ودون محكمة ميدانية .. ومشيت على جثته ومضيت فيما أنا ماض فيه ..
لذلك دعوا القلوب جانبا عندما تدفع الأسئلة العنيفة موجات العواطف .. فنحن في زمن الحرب .. فمن الناحية المنطقية يسأل أحدنا عن الغاية من التحرش الاسرائيلي عسكريا بسورية ومحورها وقد تكررت الغارات منذ بدأت الحرب على الدولة الوطنية السورية باسم (الثورة السورية) متزامنة مع احداث الربيع العربي .. وهذا التكرر ملفت للنظر في تواقيت غريبة .. فهي لاتستهدف نقاطا استراتيجية تعلن من خلالها أنها سددت ضربة موجعة للجسم العسكري السوري كما تباهت عندما قالت انها دمرت مفاعلا نوويا سوريا في موقع الكبر في دير الزور مثلا .. وكل الغارات التي تقع بفواصل نصف سنوية تقريبا تستهدف منشآت ومخازن ليس لها قيمة من الناحية الاستراتيجية مثل مبنى البحوث العلمية في جمرايا ومستودعات الذخيرة في قاسيون وبعض خزانات الوقود في مطار دمشق الدولي .. واليوم في محيط دمشق ..
من الناحية العسكرية هذه اهداف ليست مثلا بقيمة ضرب كتيبة أو لواء عسكري مدرع بشكل كامل أو تدمير مخازن الصواريخ الاستراتيحية أو اغتيالا لشخصية عسكرية محورية .. بل ان اغتيال علماء ومهندسين نوويين أو سبعة طيارين متخصصين بقيادة طائرات ذات مهام استراتيجية أشد أثرا بكثير من تدمير مبان ومنشآت ومستودعات يمكن تعويضها .. كما ان تفجير مبنى الأمن القومي السوري الذي استشهد فيه أهم أربعة ضباط سوريين في تلك المرحلة أكثر ايلاما معنويا من جميع الضربات العسكرية الاسرائيلية مجتمعة لبعض المنشآت والمباني والمستودعات .. خاصة أن أول وزير دفاع سوري يستشهد وهو في منصبه بعد يوسف العظمة كان العماد داود راجحة .. أي لم يتعرض الجيش السوري لضربة موجعة لرمزية هيبته خلال قرن كامل تقريبا الا باستشهادين هما ذروة الهرم العسكري في زمنهما .. استشهاد العظمة واستشهاد راجحة ..
ولكن ماذا تريد اسرائيل؟؟
أعتقد اننا نتفق جميعا الآن أن هناك تكاملا بين المسلحين والجيش الاسرائيلي وهؤلاء المسلحون يشكلون لواء غولاني الثاني بالنسبة اليه فهو يمدهم بالمعلومات والصور والخطط ويشوش الكترونيا على الأسلحة السورية وأجهزة الاتصالات والرصد وفوق هذا قام باسقاط طائرة سورية عندما تبين عبر عمليات الرصد الالكترونية الاسرائيلية أن احدى الطائرات السورية كلفت بتغيير مسارها في مهمة عاجلة لتدمير هدف مهم جدا في المنطقة التي نشبت فيها معارك على حدود الجولان مع مسلحي جبهة النصرة .. ويقال ان مهمة تلك الطائرة كانت منع أسر احدى العربات الخاصة التي تحمل مجموعة أجهزة رصد ذات تقنية عسكرية عالية جدا حاصرتها المجموعات المسلحة حيث تعتقد المخابرات الاسرائيلية أن أجهزة تلك العربة مهمة جدا في الحرب الالكترونية السورية وتقنيات التنصت الروسية .. وكلفت المجموعات المسلحة بالاستيلاء عليها سليمة .. وقد اسقطت الطائرة التي كانت تقصف الحشود المسلحة التي تبين تدريجيا كما يتردد أن من يقودها في مهمتها هو ضابط استخبارات اسرائيلي مع بعض العناصر من وحدات المستعربين المندسة ضمن المجموعة المسلحة .. وقد اقتربت المجموعة من هدفها بالاستيلاء على العربة الثمينة عندما فوجئت بالمناورة الجوية لطائرة سورية مهاجمة * ..
ولكن لماذا تقترب الغارات الاسرائيلية من حدود العاصمة .. طالما انها لاتنفذ غارات استراتيجية بل استعراضية وتدمر بعض المنشآت .. كل بضعة أشهر ؟؟
كل الآراء تتفق رغم تبايناتها على أن هناك غاية معنوية تخص المجموعات المسلحة .. وقد يبدو ذلك فانتازيا عندما يرد على لسان البعض .. ولأنه صار يتكرر في تفسير كل الغارات فانه يعامل معاملة المشكوك فيه أحيانا .. لكن هذا التفسير رغم مايحاول البعض اسباغ اللاجدية عليه فانه فعلا احدى غايات الغارة ودون أي مبالغة لحرف الحقيقة عن مسارها .. لأن اسرائيل لاتستطيع الابقاء على تحالفها مع المجموعات المسلحة التي تتعرض للتقهقر والضرب الناري الكثيف في كثير من الجبهات أو تواجه الحصار في بعض المناطق دون أمل بتدخل خارجي .. مما يضطر اسرائيل لأن تظهر أنها معنية بالتحالف ودعمه واظهار جديتها كمتدخل خارجي يصل الى حد الاستعراض بجسدها العسكري دون أن يعني أنها تفكر بدخول الحرب .. خاصة أن المجموعات المسلحة تعرف أنها في موقف المتهم اسلاميا ووطنيا وهي تقاتل نيابة عن اسرائيل التي لاتقاتل معها
وهناك رأي يفسر ميل اسرائيل للتحرش بأن الاسرائيليين يدركون أن القيادة السورية تخوض معارك في عدة جبهات ولن تكون ساذجة لتفتح المزيد من الجبهات باستدراجها الى ردات انفعالية قد تضطرها الى سحب بعض قواتها المشتبكة في قتال ضار مع مجموعات مسلحة كبيرة ومنتشرة للدفع بها الى الحدود مع العدو الاسرائيلي .. وهذا من شأنه أنه قد يعرض كل الخطط العسكرية للاجهاز على بعض البؤر للفشل وللثقوب الاستراتيجية نتيحة تخفيف الضغط العسكري وترهل الحصار على المسلحين .. فقيادة وتوجيه اي حرب متعددة الجبهات تقتضي تقليص جهد وتركيز عمل الجيش في جبهة وتهدئة جبهات لصالح جبهات أخرى .. وهو مافعلته اسرائيل نفسها في حرب تشرين 1973 .. فقد وجدت القيادة الاسرائيلية نفسها أمام جبهتين كبيرتين تطبقان عليها .. الجبهة الشمالية مع سورية والجبهة الجنوبية مع مصر .. لكن تقدير القيادة العسكرية الاسرائيلية كان أن يتم صب كل الجهد على الجبهة الشمالية وايقاف التقدم السوري واعطاؤه الاولوية القصوى .. وتبرير ذلك استراتيجيا كان أن وصول السوريين الى طبرية يعني أن كل اسرائيل صارت مكشوفة وأن تدفق القوات السورية نحو قلب فلسطين يمكن ان يتم بساعتين اذا اتخذ قرار بذلك لان المسافة بين طبرية ووسط فلسطين قصيرة جدا .. أما الجبهة مع مصر فرغم انها كانت تشهد تدفق مليون جندي مصري الى سيناء بعد عبور السويس فان ذلك الخطر لا يقاس اطلاقا الى خطر القرب الجغرافي للجيش السوري المتقدم من قلب فلسطين بسبب التلاصق بين طبرية ووسط فلسطين ..وذلك يعني أن السكين المصرية لاتزال عند قدم اسرائيل .. واما السكين السورية فهي على العنق تماما ..
وبالتالي فان وصول مليون جندي مصري الى شرق القناة لايساوي وصول فرقة مدرعات سورية واحدة الى ضفاف الجليل .. لأن عبور مليون جندي مصري على ضفة القناة ستبقى تفصلهم عن قلب فلسطين سيناء كلها بصحرائها الى جانب صحراء النقب الفلسطينية ووصولهم الى قلب فلسطين الحيوي في زمن معقول يكاد يكون مستحيلا بسبب الجغرافيا .. ولذلك لوحظ بعد ايام من بدء الحرب أن الجبهة المصرية سجلت 25 غارة اسرائيلية فقط على المواقع المصرية فيما سجلت الجبهة السورية آلاف الغارات الجوية التي لم تتوقف دقيقة واحدة .. وكان بعض العسكريين السوريين يشتكون من هذا الضغط الهائل على قواتهم فيما تركت القوات المصرية دون ضغط وكأن الجيش الاسرائيلي لايحس بتهديد مليون جندي مصري قد يتحركون نحو الحدود مع فلسطين حتى أن البعض لايزال يعتبر تلك اللحظة هي بداية الاتفاق بين كسينجر والسادات على نهاية مهمة التحريك وترك الجبهة السورية لمصيرها .. والحقيقة هي أن الاسرائيليين اتخذوا قرارا بأن يتم تثبيت الجيش المصري ببعض القوات المدافعة وتركيز كل القوة الاسرائيلية لدحر "العدو السوري" الأقرب الى وسط البلاد ولابعاده ماأمكن والذي صار نصل سيفه قرب قلب اسرائيل .. وهنا وقعت اللحظة الاشكالية التي تم فيها تطوير الهجوم المصري لاستدراج قوات اسرائيلية برية وجوية بعيدا عن الجبهة السورية ليتمكن السوريون من تثبيت اقدامهم في الجولان ..
وقد تعرضت تلك اللحظات لمحاكمات تاريخية كثيرة .. فهناك ضباط سوريون يتهمون السادات بأنه تلكأ عن عمد كثيرا في تطوير الهجوم مما تسبب في استراحة اسرائيل من الخطر الشمالي ومنحها فرصة انتظار الامداد الاميريكي الجوي واختلاق ثغرة الدفرسوار .. وعندما قرر السادات تطوير الهجوم كان الوقت قد فات بل ولقي اعتراضا من العسكريين المصريين الذين كانوا يجدون ان تطوير الهجوم لم يعد في صالح مصر العسكري لأنه تأخر بعد أن أوقف الاسرائيليون زخم الاندفاع في الشمال .. وتبين أن الاسرائيليين أتقنوا اختيار الجبهة التي يجب ان يقاتلوا فيها بكل مالديهم وأهملوا الجبهة المصرية التي تعد نظريا الأكبر والأخطر من حيث كم الحشد الهائل المصري حتى وصلت الامدادات الاميريكية وصار تطوير الهجوم المصري انتحارا بوصول السلاح الذي كسر المعادلة العسكرية لصالح اسرائيل .. وقد انتهى بالدفرسوار .. وحصار الجيش الثالث .. ومحادثات الكيلو 101 .. ووصل بعد سنوات الى كامب ديفيد سيئة الذكر ..
كان هناك اسرائيليون يرون في تلك الأيام أن في ترك الجبهة الجنوبية التي تتعرض لهجوم ضخم جدا تخاذلا من العسكريين وعدم كفاءة في قيادة الميدان أو عدم قدرة وعجزا سياسيا وعسكريا على الرد ودفع المصريين الى غرب القناة لرفع معنويات الشعب الاسرائيلي المنهارة وأصدروا أحكاما انفعالية .. تماما كما يطالب البعض اليوم القيادة السورية بالرد على صلف اسرائيل بأي ثمن ويرى في عربدة الطيران الاسرائيلي اهانة للشرف العسكري السوري وللكبرياء الوطنية .. ولكن تبين من تاريخ العدو في حرب تشرين (التي اشرت اليها ) أن اختيار الجبهة الشمالية لتركيز القتال واختيار مكان وتوقيت الهجوم أهم بكثير من اعتبارات خاطئة وانفعالات البعض وحسابات العنتريات .. ولو اتبع الإسرائيليون غواية رد العبور المصري على أعقابه لبقي جيشهم يقاتل الرمال والمياه ولكلفه ذلك تدفق القوات السورية في الشمال نحو قلب الجليل في تطويرها للهجوم من الجولان ..
فتح جبهات اضافية دون ضرورة عسكرية هو خطأ وقع فيه الألمان في الحرب العالمية الثانية اذ بينما كانوا يركزون جهدهم العسكري لتمكين قواتهم من تحصين الخطوط في الغرب الاوروبي وفي شمال افريقيا فوجئ القادة الألمان بقرار الفوهرر باجتياح روسيا في الشرق .. وهي جبهة جديدة كبيرة ستشتت الجهد العسكري الألماني وتعتبر جنونا عسكريا كما قال ستالين عندما وصلته تقارير التحرك الالماني غير المتوقع ..
ولذلك فان الاسرائيليين يعرفون هذه الحقيقة ويدركون دقة الوضع السوري حيث تحارب القوات السورية في عدة جبهات وهذا يجعل السوريين اقل ميلا للاستعراضية الفارغة بلا معنى .. والاسرائيليون يعرفون أن في سورية عقلية عسكرية استراتيجية لاتميل الى الاستعراض والعنتريات بل تميل الى الحصافة في خياراتها دون الاعتبار لحصافة المحرضين والقبضايات والشنبات .. ولذلك يرى الاسرائيليون ان توجيه هذه الضربات الخاطفة فرصة ثمينة لاحراج السوريين الذين لن يغيروا خارطتهم العسكرية الا في حال قيام حرب كبرى .. لكن تفيد هذه الضربات القيادة الاسرائيلية في تثبيت الجبهة الداخلية الاسرائيلية نفسيا ومعنويا بعد عقد كامل من القلق والتشكيك الوجودي بسبب ظهور سلاح الصواريخ المنتشرة من ايران الى سورية ولبنان وما تعرضت فيه اسرائيل لهزات عسكرية متتالية وجودية سببت عميق القلق والشك بامكانية البقاء بسبب تراجع سمعة الجيش الاسرائيلي بعد فشله الذريع في غزة ولبنان .. والجيش الاسرائيلي بهذه الرسائل الجوية فانه لايقتصر على وضعها في بريد الشرق الاوسط بل في بريد الداخل الاسرائيلي ليقول للاسرائيليين بأن الأب الروحي لمن هزمنا في لبنان (حزب الله) ولمقاتلي غزة الذين لم يقدر الجيش الاسرائيلي على هزيمتهم قد صفعناه .. هذا الأب لايقدر على الرد وهو الذي كان يرد .. وهذا دليل استراداد العافية العسكرية والردعية الاسرائيلية .. وطائراتنا قادرة على احراجه واذلاله والثأر من هذا الأب على مافعله الأبناء الأشقياء ..
انها اعلان مجاني سهل الكلفة للساسة الاسرائيليين دون مغامرة الحرب .. وهو أمر سيكونون قادرين على تكراره ان بقي متباعدا ويركز على أهداف نفسية وليست استراتيجية ..
الا أن هناك من يعتقد بقوة ان الغارات الاسرائيلية لاتزال مصرة على اختبار الدفاعات الجوية السورية وقدرتها على الرد ويقولون ان الطائرات تجاوزت الحدود من أجواء الاراضي المحتلة وهي تريد بأي ثمن معلومات عن جاهزية الجيش السوري للرد وان كانت لديه منظومات اس 300 التي لايعرف حتى اللحظة ان كان انكار وجودها رسميا يعكس مراوغة روسية أم لا .. فكثيرون لايصدقون حتى اللحظة أن الهدوء الذي يسيطر على السلوك السوري تجاه التهديدات التركية والاميريكية أنه مجرد لامبالاة بل لايمكن أن يكون الا بسبب امتلاك للردع الجوي اذا دعت الحاجة في حرب كبرى مفاجئة .. ربما مع أميريكا التي جاءت بوزير دفاع جديد برؤى مختلفة .. أو ربما مع تركيا التي رغم مناوراتها بين ايران وروسيا لاتزال تعتقد أن أهم نقلة نوعية في مجال تركيا الحيوي في القرن القادم هو اسقاط الدولة السورية التي بسقوطها ستكون روسيا وايران وأميريكا تحت قدمي تركيا واملاءاتها كما يعتقد أردوغان ..
ويتوقع البعض أن يتزايد تواتر هذه العمليات لاخراج القيادة السورية عن طورها وحرجها ويتغير الصمت الصاروخي للدفاع الجوي .. وهذه التحرشات بمقاييس الديبلوماسية سينظر اليها في الخارج والاروقة الديبلوماسية على انها مناوشات تستدعي فقط ضبط النفس السوري لأنها ليست اعلان حرب بل عمليات محدودة ولذلك قد يوجه اللوم الى الجانب السوري كما يتوقع اذا ماكان له رد استدعى به ردا اسرائيليا وتداعت الامور الى حرب اقليمية ..
البعض من المتابعين يتقدم باقتراحات لاطلاق صواريخ سورية أو صاروخ لاظهار البأس السوري ولارسال رسالة الى الداخل السوري وليس للاسرائيليين ورفع مستوى الثقة بالنفس لدى القوى الوطنية .. ولايشك احد ان واحدا من هذه الصواريخ الضخمة ستتسبب بكارثة اذا ماسقطت في احدى المستوطنات العسكرية .. ولكن هذا بحد ذاته فرصة للاسرائيليين لاختبارات دفاعاتهم وبرامجهم الدفاعية وقببهم الحديدية وتعديلها حسب تلك المناورة التي يريدوننا ان نقوم بها مجانا دون ان نتركها الى لحظة انفجار كبير لايكونون مستعدين لها ..
ومن هنا تختلف الآراء في ضرورة الرد أو تجاهل الضربة .. فمن يرى ضرورة الرد دون تلكؤ يميل الى الاعتقاد أن اسرائيل لاتجرؤ على اعلان الحرب اذا ماحدث الرد ولذلك فانها قامت بالضربة ولم تستدع الاحتياط لأنها لاتريد الحرب وستكتفي بالتهديد لأنها تعلم أن الحرب غير مسموح بها في هذه اللحظة .. ولو أنها تضع في اعتبارها احتمال الحرب فلن تقوم بالغارة دون حسابات خطر الرد ..
وهناك رأي ليس متحمسا اطلاقا للرد والتصعيد لاعتبارات منطقية قوية .. فهو يعتقد أن الرد السوري يتمناه الاسرائيليون ويراد به أن يبرر نتنياهو حشد قواته على الحدود والتهويل بالحرب مما يوقف كل عمليات الجيش السوري في كل الجبهات للتركيز على احتمال الحرب في الجنوب .. وهو هدم لكل ماأنجز عسكريا وسياسيا في الميدان السوري وهدم لما سيتم انجازه مع عام 2015 ..
وهذا السيناريو وقع في العام الماضي عندما تمكن أوباما بتهديده بالحرب من ايقاف زحف الجيش السوري الكبير حول دمشق وكانت خطوط المسلحين تتداعى وباتت الغوطة على مسافة ايام من تطهيرها فقامت حكاية الكيماوي التي تم فيها ايقاف الخطة السورية الشاملة .. بسبب اضطرار الجيش لاتخاذ استعدادات وتغيير مواقعه وخططه وزخم تقدمه ..
بل ان اجواء التهديد والحرب ستشجع المعارضين الذين قد يميلون الى الواقعية والبراغماتية ويقبلون بالحلول السياسية على أن يركبوا رؤوسهم من جديد لترجع الساعة والزمن سنتين كاملتين ويعاد انتاج كل الجدل العقيم والمناورات والتدخلات والآمال بالتدخل ..
وأصحاب هذا الرأي القائل بعدم الرد يميلون الى براغماتية سياسية وعسكرية مفادها أن الأرباح قليلة جدا من الاستعراضية العسكرية اذا لم تكن هناك أجواء حرب كبرى .. وهذه الاستعراضية ستشبع الشعور الذاتي الشعبي بالرضى والتشفي الوطني بالعدو ولكنه رضى عابر ومؤقت ولايدخل في حسابات العسكريين الاستراتيجية لأنها في النهاية لن تنتج حربا .. لأن لاأحد في العالم يريد هذه الحرب .. لاأوباما ولابوتين .. وأن الخسائر بالاستعراضية أكبر بكثير على صعيد العلاج الشامل للأزمة .. حيث ستنحرف العيون عن المشكلة وحلولها وتنصب لاحتواء احتمال حرب استعراضية تنتعش بها المعارضة وحكاياتها وتموت حكاية داعش والنصرة وكل الجرائم ..وتتعثر خطط التحرير شمالا وجنوبا ..
مالفتني هذه المرة هو محاولة المعارضة واعلام الخلايجة أن تستفز كبرياء الوطنية السورية وتتحدانا بأننا لانستطيع الرد .. وهذا بحد ذاته سبب من اسباب تجعلني اراجع مشاعري الشخصية وأستعرض الامكانات العسكرية السورية .. التي سيرتاح كل وطني سوري لمعرفة أبعادها الاستراتيجية .. ورغم انني كنت أكثر ميلا الى الحرب مع العدو في بداية الأزمة (رغم أن الحرب في تلك اللحظة ربما لم تتهيأ لها ظروف التفاف داخلي وغطاء خارجي لتنجح في أهدافها) لكني في هذه المرحلة الانعطافية من الأزمة السورية حيث ظروف التوافق الوطني والالتفاف الهائل حول القيادة أفضل بكثير بعد زوال الضباب الاعلامي .. صرت أكثر ميلا الى أن لاأكترث بالرد المباشر بل بالاستعداد الدائم للحرب الكبرى رغم انني لااستطيع التنبؤ بما يمكن ان تقرره القيادة السورية في اية لحظة تفاجئني وتفاجئ العالم .. وما يعنيني هو الاستمرار في هذه اللحظة بالتخلص من جنود لواء غولاني المندسين المتمثلين بالمعارضة السورية ومسلحيها ..
وانا على يقين أن كل مسلح يقتل يمكن احتسابه خسارة للواء غولاني الاسرائيلي أو أحد حرس الحدود الاسرائيليين الذين ينتمي كثير منهم الى عرب من ابناء فلسطين الذين غسلت عقولهم تماما كما غسلت عقول الاسلاميين في جبهة النصرة والجيش الحر بل ان كبار قادة غولاني هم فلسطينيون من عرب 48 .. مثل غسان العليان قائد لواء غولاني في غزة .. ومثل امير دروري الذي قاد اجتياح لبنان في الثمانينات .. فالمعارضة السورية هي حرس حدود اسرائيلي متقدم ولافرق بين العليان ودروري وبين كمال اللبواني أو أبو محمد الجولاني أو سليم ادريس ..كلهم غولاني ..
ولذلك فانني اليوم سأقف ضد قلبي الغاضب لأكون مع الرأي الذي يقول أن الردود الصغيرة على تحرشات صغيرة لن تخدم الحرب الكبرى التي ستقع والتي تنتظرها المنطقة .. ان عاجلا أو آجلا .. رضي كل العالم أم لم يرض .. لأن هناك لحظة قادمة لن يمكن لأحد في هذا العالم ايقافها .. وسيعرف الاسرائيليون ماذا نعني بها في محور المقاومة .. وسيعرف المعنى أكثر أولئك القبضايات الذين يتحدوننا على الرد وهم في منافيهم ومنتزهاتهم وفنادقهم النفطية على الأرائك متكئون .. ويتجشؤون ..
انها لعبة الحرب والقلب .. وليست لعبة الحب .. أيها السادة ..
-------------------------------------------
* يعتقد حسب بعض المعلومات غير الرسمية التي لم نتمكن من تحديد درجة دقتها أن عربة الرصد المستهدفة هي من ذلك النوع الذي يقوم برصد الترددات الصوتية للاشخاص على زجاج النوافذ في الأبنية التي ترصدها من على مسافة 2 كم وتقوم بنقل الاهتزازات الدقيقة المصطدمة بالألواح الزجاجية (النوافذ) الى أجهزة تضخيم الكتروني معقدة وهذه بدورها توصلها الى دارات ترجمة صوتية فيتم التنصت على المحادثات والأوامر التي تمر أو لاتمر عبر الشبكات السلكية واللاسلكية طالما أنها في حيز مغلق يلتقط تردداتها الصوتية ويتحول الحيز المغلق نفسه الى محطة بث .. ولذلك فهي تقدر على ان تتنصت على حوارات الضباط في غرف العمليات أو في سياراتهم العسكرية في المعارك كما لو كانوا يتحدثون الى ميكروفونات موصولة الى تلك العربات التنصتية .. ويقال بأن هذه الاجهزة يمكن أن تلتقط اشارات الاهتزازات عبر الجدران الصلبة من مسافة 150 مترا .. ويبدو أن الأجهزة الروسية تفوقت على نظيرتها الاميريكية التي يقال ان فاعليتها برصد الترددات على الزجاج لاتتجاوز مسافة 300 متر وهي تعطى للجواسيس داخل المدن ..
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment