Monday, 5 February 2018

الجيش «الإسرائيلي» جبهة داخلية ولا حرب في الأفق والأمر لنا سلماً أو حرباً…


فبراير 5, 2018

د. عصام نعمان

منذ أسبوعين وكبار المسؤولين «الإسرائيليين» على المستويين السياسي والعسكري يطلقون تهديداتٍ ضدّ لبنان وحزب الله، ما أعطى انطباعاً بأنّ العدو في صدد شنِّ حربٍ وشيكة. الناطقُ باسم جيشه الجنرال رونين منليس حذّر من «تحركات إيران المتسارعة والخطرة لإقامة مصانع إنتاج للصواريخ المتطوّرة في لبنان، والاستعدادات الخطرة التي يقوم بها حزب الله في مواجهة إسرائيل». وزيرُ الحرب أفيغدور ليبرمان حذّر من مخاطر قيام لبنان بعقد اتفاقات مع شركاتٍ للتنقيب عن الغاز والنفط في القطاع Block رقم 9 في المياه البحرية الإقليمية» وهي، بحسب زعمه، «منطقة تمتلكها إسرائيل»، مهدّداً بأنه: «ممنوع أن يلهو اللبنانيون على شواطئ بيروت ويقبع الإسرائيليون في ملاجئ تل أبيب». صحيفة «معاريف» 2018/1/30 قالت إنّ بنيامين نتنياهو زار موسكو أخيراً كي يطلب من فلاديمير بوتين أن ينقل الى إيران تحذيراً مفاده: «اذا لم توقف طهران فوراً والآن هذه التحركات إقامة مصانع إنتاج للصواريخ في لبنان فإنّ لدى «إسرائيل» خطة لتدمير جميع مراكز هذه التهديدات». وزيرُ التعليم «الإسرائيلي» نفتالي بينيت هدّد اللبنانيين بقوله عبر صحيفة «يسرائيل هيوم» 2018/1/31 : «لن نوافق بعد اليوم على التفريق بين حزب الله والدولة اللبنانية».

وسائلُ الإعلام «الإسرائيلية» أسهبت في تقييم ونقد ما صدر عن المسؤولين «الإسرائيليين» من تصريحات وتهديدات. صحيفةُ «هآرتس» 2018/1/30 لم تستبعد أن تكون تلك التهديدات «تحضيراً للرأي العام الإسرائيلي والدولي كخطوة ضرورية تسبق عملية عسكرية، مع افتراض أنها تهدف إلى ردع إيران ولبنان، أو دفع حكومة لبنان إلى كبح المخطط الإيراني». ثم تساءلت: «لكن ماذا يحدث لو تبدّد هذا الافتراض بأن لم ترتدع إيران؟ هل ستضطر «إسرائيل» حينها الى خوض الحرب؟».

المحلل العسكري أليكس فيشمان طرح السؤال نفسه في صحيفة «معاريف» 2018/2/1 وأجاب بقوله: «ليس لدينا جواب عن هذا السؤال، لكن وجهة النظر المنطقية تقول إنه عندما لا تكون لدى الطرفين رغبة في الدخول في حرب، فالافتراض هو أن الحرب ليست على الأبواب».

المحلل السياسي يسرائيل هرئيل أبدى في صحيفة «هآرتس» 2018/2/1 رأياً مغايراً بقوله «إنّ سياسة الاحتواء التي مارستها «إسرائيل» حوّلت مواطنيها رهائن لتنظيم إرهابي … وإنّ عمليات القصف المتقطع للشحنات الإيرانية المحمّلة بالصواريخ الى لبنان ليست أكثر من ألعاب نارية إذ يجري تدمير العشرات بينما المئات، بل الآلاف، من الشحنات تصل إلى حزب الله … وإنّ حكومة «إسرائيل» من خلال تفضيلها سياسة عدم التحرك وعدم القيام بشيء باستثناء ضربات صغيرة هنا وهناك، لم تدفع السلام إلى الأمام، بل على العكس سمحت سياسة الاحتواء لإيران وحزب الله بالاستعداد للحرب».

بالتزامن مع حملة التهديدات «الإسرائيلية» برز عامل جديد بالغ الدلالة. فقد اتهمت الناطقة بلسان وزارة الخارجية الأميركية هذر نويرت، كما مسؤول مجلس الأمن القومي الأميركي اتش آر ماكماستر سورية بالعودة إلى استعمال أسلحة كيميائية كلور في حربها ضدّ أعدائها في منطقة دوما الغوطة الشرقية ما أوحى بأنّ إدارة ترامب ربما تكون في صدد توجيه ضربة عسكرية إلى سورية، وهي عملية كانت إدارة أوباما هدّدت باللجوء إليها العام 2013 لكنها امتنعت عنه بعدما جرى التفاهم مع موسكو، برضى دمشق، على أن تتخلى سورية عن مخزونها من الأسلحة الكيميائية. وقد جرى فعلاً تسليم هذه الأسلحة وإتلافها بواسطة الوكالة الأممية المختصة.

في ضوء هذه الواقعات، ينهض سؤالان: هل ومتى تقوم «إسرائيل» بحربٍ ضدّ حزب الله في لبنان، وحيث يتواجد في سورية؟ وهل تشارك الولايات المتحدة في حربها تلك أم تكتفي بمساندتها سياسياً ولوجستياً؟

تبدو «إسرائيل» حائرة أمام أيّ خيار تعتمد في هذه المرحلة. ذلك أنها تتهيّب جسامة الخسائر البشرية والمادية التي يمكن أن تتكبّدها إذا ما خاضت حرباً تعرف سلفاً أنّ بمقدور حزب الله بآلاف صواريخه الموجّهة والدقيقة إلحاق أضرار بالغة الجسامة بمرافقها الحيوية كهرباء، نفط، غاز، موانئ، مستودعات أمونيا، جسور، مفاعل ديمونا النووي إلخ… وقد لا تفضي بالضرورة إلى إنهاء التهديد الذي يشكّله حزب الله.

غير أنّ رأياً آخر أكثر تصلّباً بدأ يظهر في أوساط القيادة السياسية والعسكرية، وقد عبّر عنه المحلل السياسي يسرائيل هرئيل في «هآرتس» 2018/2/1 بقوله إنّ القيادة العامة للجيش «الإسرائيلي» تستعدّ لليوم الذي تصدر فيه الأوامر، لكنها تتجنّب الإقرار بأنه كلما جرى تأجيل الحسم سيكون الثمن باهظاً ومؤلماً أكثر. ذلك انه «إذا أعطينا العدو، كعادتنا، فرصة القيام بالضربة الأولى، فإنّ الثمن سيكون لا يحتمل إذ ماذا ستفيد ضربة مضادة؟». يختم هرئيل رأيه بالقول: «إنّ جميع الذين يحاولون هنا منع اتخاذ خطوات ضرورية للحؤول دون حدوث صدمة وطنية إضافية يرتكبون خطأ كبيراً، وإذا ما قُبلت معارضتهم فإنهم سيتسبّبون بكارثة للأمة وسيندمون عليها ندماً شديداً». لذا وضع هرئيل لمقالته عنواناً لافتاً: «حرب لا خيار فيها من أجل إخضاع حزب الله».

إخضاع حزب الله؟!

هل يمكن أن تسمح إيران لـ»إسرائيل» بأن تضرب حزب الله في لبنان وسورية من دون أن تتدخّل هي من خلال قواتها الموجودة في سورية والعراق وربما في الداخل الإيراني أيضاً؟

لا شك في أنّ القيادة «الإسرائيلية» تضع هذا الاحتمال الراجح في حسبانها، وكذلك الولايات المتحدة ما يجعل انخراط الأخيرة مباشرةً في الحرب أمراً مستبعداً… إلاّ إذا كان ترامب قد بلغ من الجنون حداً يجعله لا يبالي بأن يصبح الشرق الأوسط برمّته، وربما العالم كله، ميداناً لحربٍ عالميةٍ ثالثة.

وزير سابق

River to Sea Uprooted Palestinian   
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!

No comments: