الموقف المقتضب كان جدليّاً، إذ رحّب به البعض واستند إليه لتبيان موقفه، كزعيم «التيّار الصدري»، مقتدى الصدر، وطرح آخرون إزاءه جملة من الأسئلة. صمتُ هؤلاء دلّ على «صدمة» من مقاربة «النجف» التي دانت الاعتداء لكن موقفها فُهِم «تبريراً مبطّناً للردّ الأميركي»، في إشارة إلى استهداف قاعدة عسكرية في كركوك الأسبوع الماضي، أسفر عن مقتل متعاقد مدني أميركي وإصابة آخرين. الموقف الذي عالج «الفعل» (استهداف المصالح الأميركية)، لم يعالج بالقدر عينه آليات محاسبة «ردّ الفعل» (العدوان)، خصوصاً أن واشنطن تبنّت ذلك رسمياً، في حين ما زال «الفاعل» مجهولاً حتى الآن، كما يعبّر هؤلاء. أما الصدر، فانطلق من موقف السيستاني، لكنّ بيانه كان متناقضاً ويعكس توتّراً في مقاربة العدوان. وإذ رأى أن «العراق وشعبه ما عاد يتحمّل هذه التصرفات الرعناء»، جدّد استعداده لإخراج القوات الأميركية المنتشرة على طول العراق بـ«الطرق السياسية والقانونية»، علماً بأن كُلّاً من الكتلتين البرلمانيتين «سائرون» (التي يدعمها) و«الفتح» (تجمع القوى والأحزاب السياسية المؤيّدة لـ«الحشد») سبق أن أعلنتا عزمهما على تشريع قانون لإخراج تلك القوات، قبل أن تسحباه لـ«أسباب مجهولة» حتى الآن. الصدر، رغم انتقاد بعض الفصائل صاحبة التصرفات «غير المسؤولة»، أبدى استعداده أيضاً للتعاون معها لو أصرّ الأميركيون على البقاء، خاتماً بيانه برفض تحوّل العراق إلى «ساحة لتصفية الحسابات السياسية والعسكرية». ورغم هذه الدعوات، تنشط الطبقة الحاكمة بجميع مكوّناتها على خطّ الاشتباك الإيراني ــــ الأميركي في البلاد، وتشارك في لعبة «تصفية الحساب» بين الجانبين، عن إرادة ومن دونها، لأن وجودها من منظورها بات مرتبطاً بهذا الصراع. هؤلاء يقرّون في مجالسهم الخاصّة بأنّ «من الطبيعي أن يكون العراق ساحة لمواجهات مماثلة» لما يمثّله من أرضيّة خصبة على المستويات كافة: موقعه وحجم ثرواته، وتركيبته الاجتماعية.
إضافة إلى الحراك البرلماني المرتقب، والحديث عن احتفاظ الفصائل، وتحديداً «كتائب حزب الله ــــ العراق»، بحقّ الرد في «الزمان والمكان المناسبين»، كان بارزاً جدّاً ما كشفه عبد المهدي عمّا جرى قبل ساعات من الاستهداف، إذ أعلن تلقّيه اتصالاً من وزير الدفاع الأميركي، مارك أسبر، نقل إليه الأخير فيه «عزم واشنطن على ضرب الكتائب»، لكنّه رفض ذلك وحذّر من تبعات أي هجوم مماثل، مطالباً بإجراء مناقشات مباشرة، «لكنني أُبلغت أن القرار قد اتُّخذ». وأضاف أنه «حاول إبلاغ الفصيل العراقي بالضربة الوشيكة» من دون أن يقدّم أي تفصيل، مشيراً إلى أن «الطائرات الأميركية التي نفّذت الضربة لم تأتِ من داخل العراق»، في وقت سرت فيه معلومات عن أن الهجوم جاء عبر طائرات F-15E Bombers، تابعة للسرب 494 المعدّل، وقد أقلعت من قاعدة «الموفق السلطي» في الأردن. وتضيف المعلومات أن واشنطن أبلغت قبل أسبوعين تقريباً عبد المهدي رسمياً أنّها ستردّ «بحسم» على أي اعتداء على مصالحها، وأنه أبلغ الفصائل بذلك.
أما واشنطن، فرأت في العدوان «حقّاً مشروعاً» من جرّاء الاستهداف المستمر لقواتها، مؤكّدة على لسان مساعد وزير خارجيتها، ديفيد شينكر، أنها «لا تسعى إلى تصعيد النزاع مع إيران»، وما جرى رسالة «بعد أشهر من ضبط النفس». وقال شينكر إن «الضربات كانت ردّاً على هجوم كركوك»، معترفاً بأن «الردّ» لم يكن تناسبيّاً أبداً، بل الهدف «رسالة إلى طهران بأن واشنطن تأخذ حياة الأميركيين على محمل الجد»، مضيفاً: «لقد كان ردّاً خطيراً لكنه مناسب». كذلك، صرّح الممثّل الخاص لشؤون إيران في الخارجية الأميركية، بريان هوك، بأن «واشنطن امتنعت عن الرد رغم سلسلة الهجمات المرتبطة بإيران، بينها 11 هجوماً صاروخيّاً على منشآت أميركية وأخرى تابعة للتحالف منذ تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي».
على النقيض، أعلنت البحرين تأييدها للقصف الأميركي، وقالت في بيان لخارجيتها أمس، إن «المملكة تعرب عن تأييدها للقصف الذي شنته الولايات المتحدة، والذي استهدف منشآت كتائب حزب الله في العراق وسوريا… رداً على الأعمال الإجرامية المتكررة التي تقوم بها هذه الكتائب»، مشيدة بما سمّته «الدور الاستراتيجي للولايات المتحدة في التصدّي للجماعات الإرهابية».
- الحشد الشعبي وكتائب حزب الله يتوعدان بردٍ قاس على العدوان الأميركي على العراق
- بغداد تلوّح بمراجعة العلاقات مع أميركا وتشيّع شهداء الحشد الشعبي اليوم
- عبد المهدي: حاولت إبلاغ كتائب حزب الله بالضربة الأميركية بعدما أبلغني وزير الدفاع الأميركي بها
- إجماع وطني وديني وشعبي وسياسي في العراق على رفض العدوان ودعم الحشد الشعبي
- واشنطن «تلبّي» نداء كوخافي: انتعاش الآمال الإسرائيلية
- تل أبيب تستشعر الرضى… إلى حين
- موسكو تنتقد «الهجمات المتبادلة» بين «كتائب حزب الله» والقوات الأميركية!
River to Sea Uprooted Palestinian
No comments:
Post a Comment