Monday, 27 July 2020

خرافة تحييد لبنان!


لبنان الآن على كف عفريت… تحييد البلد المفلس والمتزاحم ابناؤه على السفارات بطلب “الفيزا” للخروج منه في زمن انتهى فيه معسكر عدم الانحياز.

مع وصول السفيرة الاميركية الجديدة في لبنان، دوروثي شيا، وهجومها المباشر (والخارج على الاصول الدبلوماسية وركائز العلاقات بين الدول الصديقة) على “حزب الله”، محرر الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي، وصاحب كتلة نيابية وازنة وجماهير عريضة في معظم انحاء لبنان.. هبت رياح الدعوة إلى تحييد لبنان عن المنازعات والصراع في المنطقة.

تحييد البلد المفلس والمتزاحم ابناؤه على السفارات بطلب “الفيزا” للخروج منه، في زمن انتهى معسكر عدم الانحياز بقيادة جواهر لآل نهرو وجمال عبد الناصر وتيتو الذي حفظ وحدة يوغسلافيا. فما أن غاب حتى عادت دولا شتى لا قيمة لها في اوروبا ولا دور لها في العالم كالذي ابتدعه لها تيتو.

تتبع “الدولة” سياسة انكار ما لا يمكن انكاره” فالجوع اصدق إنباء من الكتب”، ومن حسان دياب ومناورات جبران باسيل وسط الإغفاءات المتقطعة لفخامة رئيس الجمهورية، كلها تشهد بأن لبنان بخير..

وماذا اذا استفقنا على سوريا مدمرة أو محتلة، شمالها للأتراك، بذريعة مقاتلة الاكراد، والساحل- طرطوس- اللاذقية – بانياس- للروس مع دوريات مؤللة تلاقي الاتراك بود ظاهر، اما قلبها – دمشق وضواحيها – فللحرس الثوري الايراني مع مقاتلي “حزب الله”.

كذلك فان العراق الذي بالكاد انتهى ترميمه بعد حروب صدام حسين التي دمرت أرض الرافدين، وجعلت الخزينة العراقية خاوية الا ما يلزم كشرهات لمن يتولى الحكم، وبقرب بغداد قوات اميركية، وفي أنحاء شتى قوات من الحرس الثوري الايراني، والكرد ما زالوا يطالبون بنصيبهم في الحكم بعد نيلهم رئاسة الدولة وعدد وافر من الوزارات، مع مناصب رفيعة في مؤسسات النفط الخ.. كل هذا من دون أن يتنازلوا عن مطلبهم بإقامة دولة كردستان المستقلة في شمالي العراق، حتى والجيوش التركية تقتحم تلك المناطق بذريعة مطاردة الاكراد الاتراك المقهورين في ظل السلطان اردوغان.

المهم أن النشيد الوطني الجديد الذي انطلق من الديمان وتولى الترويج له بضعة من السياسيين من ذوي الانتماء “المحايد” أخذوا يرددون نغمة “الحياد” بديلاً من النشيد الوطني.

الحياد بين من ومن؟

بين الاتحاد السوفياتي ومعسكره الاشتراكي الذي سقط بالضربة البوتينية القاضية؟ أم بين دولة الامارات وقطر العظمى؟ أم بين السعودية المذهبة واليمن الذي يموت أهله جوعاً..هذا إذا هم نجوا من رصاص الاخوة – الاعداء من ابطال الاحتلال السعودي – الاماراتي! أم بين الغزو التركي بقيادة السلطان الذي أقحم المعلم التاريخي الذي كان كنيسة آيا صوفيا، في الماضي وغداة نشوء السلطنة، وقرر تحويله إلى مسجد، متنكرا للتاريخ وحتى لأصول الصلاة عند المسلمين، اذ دخل الكنيسة التي صيرت مسجداً، بحذائه خلافاً لقواعد الصلاة.

أما مصر فمشغولة بهموم سد النهضة في الحبشة، خوفاً على السد العالي الذي انقذ المئة مليون مصري من العطش، والذي افتتحه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مع خروتشوف، اظرف رئيس عرفته موسكو، والذي خلع نعليه ليطرق بهما على منصة وفده في الامم المتحدة، حين بدأ الرئيس الاميركي خطابه.. وكان ذلك تعبيراً عن موقف الاتحاد السوفياتي من مشروع الغزو الاميركي لدولة فيديل كاسترو في كوبا.. وهي الجلسة التي حضرها معظم اقطاب دول عدم الانحياز: جواهر لال نهرو، وجمال عبد الناصر وتيتو، في حين كان الوفد الاميركي برئاسة جون كيندي.

يومها، كما يحب الاميركي أن ينسى، ترك كاسترو مبنى الأمم المتحدة في نيويورك ونزل ليجول في أحياء “السود”، الذين كانوا يحاولون الانتفاض ضد الظلم الاسود في البيت الابيض في واشنطن… وهو الظلم الذي تجلى مؤخراً في قتل جورج فلويد بحذاء بعض رجال الحرس، بينما صار البيت الابيض مقراً للمهووسين بقيادة دونالد ترامب، الداعم الاخطر للمشروع الصهيوني الذي يعمل على انجازه رئيس الحكومة الاسرائيلية المشتركة بين نتنياهو ومعارضيه، والذي – يشمل في ما يشمل – منطقة الاغوار التي تحفظ تلالها اجداث بعض ابطال فتح دمشق ومنهم ابو عبيدة الجراح.

يا أمة ضحكت من جهلها الامم…

لبنان الآن على كف عفريت. وسوريا تتمزق أمام عيون الاخوة العرب، والروس والاتراك والايرانيون يتقاسمن اراضيها، والرئيس الروسي بوتين يستقبل الرئيس السوري بشار الاسد في مقر السفارة الروسية في دمشق، ممتنعا عن الصعود للقائه في القصر الجمهوري على بعض الروابي التي غناها امير الشعراء احمد شوقي بقوله:






قُمْ نَاجِ جِلَّقَ وانْشُدْ رَسْـمَ مَنْ بَانُوامَشَتْ عَلَى الرّسْمِ أَحْدَاثٌ وَأَزْمَانُ
هَذا الأَديـمُ كِتابٌ لا انْكِفَـاءَ لَـهُرَثُّ الصَّحَائِفِ، بَاقٍ مِنْهُ عُـنْوانُ
بَنُـو أُمَـيَّـةَ للأنْبَـاءِ مَا فَتَحُـواوَللأحَـادِيثِ مَا سَـادُوا وَمَا دَانُوا
كَـانوا مُلُوكاً، سَرِيرُ الشّرقِ تَحْتَهُمُفَهَلْ سَأَلْتَ سَريرَ الغَرْبِ مَا كَانُوا؟

River to Sea Uprooted Palestinian   
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!

No comments: