Monday, 26 November 2012

Bewere the Israel Honey "soldiers".. Let us turn the poisoned honey pots and Hamas page


 
بقلم: نارام سرجون

ان من يقترب من القيادات الفلسطينية - الاسلامية تحديدا - في القاهرة والدوحة هذه الأيام يستطيع أن يشم رائحة الكحول من أفواهها ومن عباراتها المغمسة بالنبيذ لأن مايقولونه لاينتمي الى عالم الصحو بل عالم السكر والثمل ..


ومن يستمع اليهم لايعتب عليهم .. فليس على الثمل والسكران من حرج .. هناك نشوة وسكر ومزاج طفولي ساذج متفائل بلا حدود .. وهناك من أقنعهم أنهم يعرفون السياسة وبهلوانياتها .. وأنهم الآن سيأكلون العسل .. ولم يسمعوا في التاريخ عبارة الخليفة الأموي الشهيرة "وان لله جنودا من عسل" عندما تخلص من خصومه السياسيين بدس السم لهم في العسل ..
 
وليست الغاية من ذكر هذه المقولة الدخول في مماحكاتها وملابساتها التاريخية أو استفزاز أحد بل التنويه الى أن دمشق التي حكمها العقل السياسي الفريد وصنع منها قلب امبراطورية هي التي تعرف أن أطباق العسل قد تكون مميتة .. وقد أعاد العقل السياسي الاسرائيلي انتاج درس من دهاء الدماشقة الأمويين وقام باعادة انتاج العبارة الأموية لتكون: وان لاسرائيل جنودا من عسل .. " والعسل الاسرائيلي هو (الاتفاقات والمعاهدات المغطسة بالعسل) ..
هناك من حقن المخدرات والهيرويين في عروق قادة حماس والجهاد الاسلامي تحديدا .. وهناك من سقاهم زجاجات كبيرة من النبيذ المعتق حتى داخوا وصاروا يسيرون مترنحين .. لايريد بعض هؤلاء القادة الفلسطينيين الاستماع الى أحد هذه الأيام .. ومن يستمع الى خالد مشعل ورمضان شلح يحس أن أجهزة الاستقبال في رأسيهما معطلة وأن مايعمل هو فقط أجهزة البث المبرمج .. وأن درجة النشوة والسكر جعلتهما بلا ذاكرة وحطمت فيهما مخازن التجربة الفلسطينية الطويلة .. ولافائدة من التذكير ولا من توجيه النصائح لأي منهما فالنبيذ تمكن منهما والمشروبات النفطية والمشروبات الروحية الاسلامية لمحمد مرسي واخوانه ..
 
وعندما يستيقظان في صبيحة يوم قادم (ستذهب السكرة وتأتي الفكرة) وسيعرفان عما نتحدث .. وسيعرفان أن دمشق الخبيرة بأطباق العسل وكشف مافيها من سموم كانت على حق دوما .. دمشق التي رمت بأطباق العسل من حلف بغداد الى كامب ديفيد الى اتفاق 17 أيار اللبناني الى رفض حرب صدام العبثية مع ايران الى رفض الجهاد في أفغانستان التي سوقها العرب والأوروبيون .. كل هذه الأطباق المسمومة تناولها كل العرب وأصيبوا بالاسهال ونزيف الأمعاء وبعضهم بالغرغرينا الوطنية.. واليوم تقلب دمشق طبقا من عسل يطلقون عليه الربيع العربي وتندلق منه السموم والقطران والغسلين .. وبعض العرب لايزالون يلعقون الأطباق بألسنتهم وألسنة مثقفيهم وكتابهم ونخبهم ..

صحيح ان لاسرائيل جنودا من عسل.. فاسرائيل تنتقل اليوم الى مرحلة جديدة في بناء نفسها وتحصين نفسها تماما كما تريد بالاتفاقات التي تريد ..فلديها كامب ديفيد (بنسختها الساداتية ثم بنسختها الاخوانية الأكثر تحصينا) وهدنة غزة والمضمونتان مصريا وأمريكيا في الجنوب .. واتفاقية وادي عربة في الشرق .. واتفاقية أوسلو في قلب فلسطين .. ولم يبق الا اغلاق ملف الحدود الشمالية عبر اتفاق رسمي يعمل عليه القادة العرب وتركيا بزعزعة استقرار سورية وابعاد ايران عن حدود فلسطين بحجة ابعاد المشروع الصفوي وتثبيت حكومة توقع اتفاق سلام حرمها اياه حكم الأسد ..
 
الحدود الشمالية وان سكتت ردحا من الزمن فانها لاتزال خارج اي اتفاق رسمي وضمانات من اي طرف ولاتزال تقف على حدود اسرئيل كاللغم الصامت الذي سينفجر ان عاجلا أو آجلا ..

وهذا يفسر اصرار اسرائيل على ابرام الاتفاق مع سورية ولبنان رغم هدوء الجولان لأربعة عقود .. فالحدود التي لاتسيجها الاتفاقات والضمانات النهائية عبر التاريخ كانت دوما مرسومة بالبارود والمفاجآت ويستطيع أي لهب أن يشعلها..

في كل مرة يفاجئنا بعض القادة الفلسطينيين بخياراتهم السيئة وغير الموفقة ..


ففي الثمانينات اتفقنا مع الراحل أبو عمار أن نقاتل معا في بيروت وأن تكون معركة بيروت ملحمة لاتقل عن ملحمة طروادة أو ستالينغراد ..

ولكن فجأة ودون التنسيق مع السوريين أبلغنا الراحل ياسر عرفات قراره بقبول الخطة الأمريكية لانسحاب المقاتلين الفلسطينيين والتي حملها "فليب حبيب" .. خطة اتفاق مثقلة بالعسل وبالضمانات من الادارة الامريكية بصوابية قرار الانسحاب..

وغادر المقاتلون الفلسطينيون شواطئ بيروت الى اليمن وتونس والجزائر .. وقد التقيت يومها ضابطا سوريا عائدا من القتال في بيروت .. والعسكري غير السياسي لأنه هو من يحزن على تفويت الفرص العسكرية .. وقد بدا هذا الضابط السوري مذهولا من قرار ياسر عرفات المغادرة لأن هذا الضابط السوري في ذروة الحرب والقصف دخل مواقع الفلسطينيين المتحصنين في أنفاق وخنادق في بيروت ورأى كميات هائلة من الذخائر والمواد التموينية مايكفي لحصار يدوم سنتين وروحا معنوية عالية لدى المقاتلين وأدرك ورطة اسرائيل ان دخلت بيروت التي ستفرم لحم جيش شارون في حرب الشوارع ..

ومع هذا فاجأنا الراحل ياسر عرفات بخيار لم يكن موفقا بدليل أن ضمانات فيليب حبيب للمخيمات الفلسطينية تبخرت بعد أيام وحدثت مذابح صبرا وشاتيلا بمجرد خروج مقاتليه ..

وتم اهدار فرصة صنع ملحمة فلسطيية سورية لبنانية ولم يتم استغلال تلك الروح العالية للمقاتلين ..

ولايزال فاعل صبرا وشاتيلا مجهولا بزعم منظمات حقوق الانسان وماقاله شارون يومها: لادخل لنا .. انهم مسلمون عرب قتلهم مسيحيون عرب في حرب أهلية ..
وبعد تجربة الحرب مع القيادة الفلسطينية خضنا مرة أخرى تجربة التفاوض المشترك فذهبنا مع الراحل ياسر عرفات الى مدريد على أن نفاوض معا حتى النهاية كوفد عربي واحد لايتفكك ..

ولكن المحيطين بعرفات يومها أقنعوه بالسير سرا الى أوسلو خلف ظهر الأسد .. الذي سمعنا به بعد تقشيره وتقطيعه وطهيه وتوزيعه على الاطباق مغطسا بالعسل .. فاجأنا أوسلو كثيرا وفاجأ الرئيس الراحل حافظ الأسد الذي وصفته وسائل الاعلام الغربية يومها ودون مواربة "بالأسد الجريح في ظهره" ..

وجميعنا سمعنا يومها ماروجت القيادات الفلسطينية عن العسل الذي سيقطر من أوسلو بعد خمس سنوات وكان أحدهم يتغنى بدخول 30 ألف بندقية فلسطينية لأول مرة الى داخل فلسطين بواسطة الاتفاق الذي خدع به الاسرائيليون .. وقد قال لي سياسي سوري يومها نصف هذا السلاح سيتوجه للفلسطينيين .. وكل هذا السلاح لايساوي دبابة اسرائيلية واحدة ..

واليوم نعرف ماهو أوسلو وماذا جنى الفلسطينيون من "جنود العسل" .. وماقاله الرئيس حافظ الأسد يومها اختصر كل أوسلو بعبارة: كل نقطة في هذا الاتفاق تحتاج الى اتفاق ..

وبالفعل استفاق الفلسطينيون على مابعد من أوسلو وتبين أنهم كانوا قد شربوا الكثير من النبيذ والويسكي السياسي وهم يقرؤون بنود أوسلو بعيون (هل رأى الحب سكارى مثلنا) .. حتى أصبح الصباح وتغيرت الخرائط

وبدل العسل تقطرت المستوطنات في الأراضي وانشطر الفلسطينيون الى ضفة وغزة .. ودفنت اسرائيل كل نقاط الاتفاق نقطة نقطة مع الراحل ياسر عرفات لأن كل نقاطه توفيت .. ونجت اسرائيل بجنود من عسل ..عسل الاتفاقات والتهدئات ..

واليوم يعيد الفلسطينيون الاسلاميون شرب النبيذ المعتق وتعاطي الحشيش السياسي .. وكأنها حالة ادمان .. ولم يقلعوا عن هذه العادة السيئة .. لنكتشف أن الثورة الفلسطينية لاتزال تعاني من غياب السياسي الفلسطيني الفذ والذي لا تغريه أطباق العسل .. والذي يجيد العوم والسباحة وركوب الخيل في حلبات السياسة ..


وتبين من مراجعة السيرة الذاتية للقرارات الفلسطينية الكبرى أنهم يتخذون قراراتهم على شكل رهانات ومقامرات وأنهم بعيدون حتى اليوم من الدهاء السياسي .. وأنهم لايستطيعون مقاومة طعم العسل المسموم ..

من خيار استدراجهم الى معارك أيلول الى الصراع الداخلي اللبناني الى قرار اعلان موقف الى جانب الرئيس صدام حسين الى قرار أوسلو .. الى قرار كسر الحياد في أزمة سورية بل واعلان الولاء لتركيا العثمانية الى آخر قرار بقبول تسوية غزة التي تعني فيما تعني اخراجهم نهائيا من الصراع المسلح وتحويلهم الى جسم سياسي ثرثار ..

فمعادلة الصراعات الكبرى والثورات هي ذات اتجاه واحد محدد .. وهو أنك تقدر أن تفاوض بالسلاح ولكنك لاتستطيع القتال بالحقائب الديبلوماسية ..

ومن يستمع الى مقابلة خالد مشعل مع كيرستيان أمانبور في ال (سي ان ان) يرى بوضوح أنها كانت محاكمة للكفاح المسلح واذلالا شخصيا له وهو يرفع صوته معتقدا أنه لايزال ثائرا .. ويرى المشاهد بوضوح أن بندقية حماس يتم افراغها من الرصاص حتى لم تعد فيها رصاصة واحدة في نهاية المقابلة .. وفات خالد مشعل أن الثورة التي تسقيها الثروة تترهل وعليها أن ترحل ..

ماحدث منذ أيام أن غزة كانت بين قوتين .. قوة تريد تطوير المعركة واكمالها لانجاز اتفاق لاينزع من الغزاويين صفة أنهم في معظمهم لاجئون وان معركتهم ليست من أجل غزة بل من أجل العودة من غزة ..ولكن هناك قوة تحركت بسرعة واحتوت القوة الاولى وحرمتها من اكمال مشروعها الذي كان من الممكن أن يلتقي مع نار الشمال .. فتحولت حرب التحرير الى حرب تحريك ..

أي يتكرر التاريخ في الجنوب تماما .. ففي عام 1973 دارت حرب بين سورية ومصر من جهة واسرائيل من جهة أخرى وتبين أن كواليس ماقبل الحرب (هنري كيسنجر) قالت للرئيس المصري الراحل أنور السادات ان سيناء تحتاج حربا لتحرك عملية سلام مثمرة لتعود سيناء .. فتحركت الجبهة ولكن تتحرر سيناء الا باتفاقية كالحديد .. اتفاقية تقطر عسلا يسبح فيه جنود اسرائيل..

مشكلة بعض القادة الفلسطينيين أنهم حتى اللحظة لايعرفون الجغرافيا والتاريخ .. ولايسمعون حديث الأرض .. فلسطين هي قطعة من سورية .. وكلما ابتعدت فلسطين عن سورية ابتعدت عن فلسطين ..

من يقرأ كتاب "تاريخ مصر" للجبرتي منذ أكثر من قرن وبالذات عندما يتحدث عن رحلة البطل سليمان الحلبي السوري الذي سافر من حلب الى مصر لقتل نائب نابوليون بونابرت في مصر الجنرال كليبر .. عليه أن يتوقف عندما قال الجبرتي بعفوية العبارة التالية: وفي الطريق الى مصر توقف سليمان الحلبي وقضى ليلة في بيت أحد الشوام الغزاويين (في غزة) .. والعبارة صريحة أي أن غزة بلد شامية من بلاد الشام .. ولم يقل المؤرخ الشهير ان سليمان الحلبي بات عند غزاوي مصري أو غزاوي فلسطيني .. اي مهما قالت السياسة عن مصرية غزة وفلسطينيتها فان للتاريخ والجغرافيا رأيا لايتغير .. واليوم غزة ليست شامية في عيون قادة حماس بل غزة مصرية وتركية وقطرية وحتى تونسية ولاشي فيها سوري .. ولايستحقون الا أن نقول لهم: وما أوتيتم من العلم الا قليلا ..وكان الله في عونكم ..

وكلما استمعت الى القادة في حماس والجهاد الاسلامي أحس أن هناك عبارات مسبقة الصنع التي تشبه العلب المصمتة التي لانعرف من اين تفتح لنعرف محتواها .. من هذه العبارات المصنعة والمعلبة عبارات الشكر المديد والجزيل للرئيس المصري الرائع والفذ والعبقري والبطل والمقدام ورجل الدولة الأول .. محمد مرسي الذي صارت له الأسماء الوطنية والقومية والنضالية الحسنى .. ومن يستمع الى هذه العبارات يعتقد أن محمد مرسي يحاصر القدس أو أنه يدخلها الآن وأنه وضع نتنياهو على بغلة ويعرضه في شوارع القاهرة .. وكلما حاولت فتح علبة من هذه العلب لاأعرف من أين تفتح ولاأهتدي الى أي نافذة .. وصار البحث عن أسرار بطولات محمد مرسي يشبه أسرار رواية شيفرة دافنشي .. لاأحد يقول لنا ماذا فعل محمد مرسي .. وعلينا أن نخمن وأن نفك الشيفرة .. وكما ان دعابة "الراجل الواقف خلف عمر سليمان" أثارت الضحك عندما تساءل الناس عنه .. فان سؤال (ماذا فعل مرسي؟؟) لايزال بلا جواب..

ومما يلفت النظر في حديث قادة حماس والجهاد هو استماتتهم في تجنب الاشارة الى دور سورية وهم في اقصى حالات الضغط والاحراج يمرون بسرعة صاروخ غراد الذي أهديناهم اياه أمام عيوننا .. وكأن الاشارة الى دور سورية يعني تعرضهم لغضب السماء .. .

في حديث مع سياسي سوري مخضرم .. تحدثت طويلا عن غضبي من نكران الجميل .. وعندما سألته ماذا سيكون ردكم: ابتسم وقال: "كما في كل مرة .. اقلبوا الصفحة .. لقد قلبنا الصفحة منذ فترة" .. ولم يزد حرفا واحدا رغم الحاحي عليه بالايضاح

قلب الصفحة يعني كثيرا ..يعني أن السوريين الذين قلبوا صفحات القضية الفلسطينية قد أنهوا الفصل الحالي وأن فصلا جديدا قد يبدأ لاأحد يعرف شكله .. البعض قال أنه ميلاد صفحة جديدة لثورة فلسطينية لاتشرب النبيذ ولم تتذوق العسل ولاتحج الى بيوت الله وبيوت الغاز والبعض قال انها شيء مختلف تماما .

واذا كان لاسرائيل جنود من عسل .. فان اسرائيل تعرف وتدرك تماما أن السوريين مشهورون جدا بقدرتهم على قلب قدور العسل ورميها في البحر الأبيض المتوسط ونهر الفرات أو نهر بردى .. وكما انقلبت قدور العسل الاسرائيلية في الصراع مع سورية عدة مرات فان آخر قدور العسل المسكوب في هدنة غزة ..سينقلب كما انقلبت القدور التي سبقته ..
سنقلب الصفحة .. ونقلب قدور العسل ..ونقلب جنود العسل القادمين من الشمال ومن كل الاتجاهات .. فانتظرونا .. فسنصل مهما تطاول الطريق


( الأحد 2012/11/25 SyriaNow)
 
 River to Sea Uprooted Palestinian
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of this Blog!

No comments: