skip to main |
skip to sidebar
حزب الله والقيمة المضافة لحرب الجرود
سبتمبر 6, 2017
– لم يبدُ حزب الله منزعجاً من الكلام السجالي الذي طاله على خلفية نهاية حرب الجرود متمسّكاً بتأكيد قيمة النصر المحقّق والاحتفال بالتحرير الثاني، ولم يكن ذلك من باب العناد والمكابرة، وقد أطلق خصومه حملتين متزامنتين موجعتين بحقه، واحدة عنوانها أهلية الجيش اللبناني في منافسة للمقاومة خارج معادلة التكامل وصولاً للتساؤل عن مدى الحاجة لسلاح حزب الله بعدما أظهر الجيش كفاءته العالية وقدرته على الإنجاز، والثاني تنال من صدقية قتاله داعش واتهامه بالحرص على تنظيم إرهابي وتأمين عناصره وعائلاتهم، وتوزعت الحملتان سياسياً على مساحة لبنان والعرب والعالم، وبقي حزب الله منصرفاً لاحتفاله بالنصر.
– لو لم يكن في حسابات حزب الله وجعبته ما يضع العناوين المثارة ضدّه جزءاً من معادلات جديدة يديرها لحسابه لما التزم الصمت، ولم يعتد أصلاً تجاهل الحملات التي تنال من صدقيته، فكيف بتلك التي تستهدف سلاحه، والطريقة التي تعامل من خلالها مع الحملتين تشير إلى درجة الثقة التي يختزنها في كونه جذب خصومه إلى ملعب قام هو بتخطيطه وتهيئته وتحضيرة للجولة المقبلة، وترك الخصوم يلعبون لعبتهم التي سيكتشفونها في الخطوات اللاحقة، بعدما يكونون قد ظنّوا أنهم ربحوا نقاطاً عليه، فإذ بهم يصبّون الماء في طاحونته.
– في الحرب على داعش لم يعد هم حزب الله كسب صدقية العداء لداعش والنصرة وسائر مكوّنات التنظيمات الإرهابية، بل إنّ الحرب ببعدها العسكري صارت تحت مطال يديه، والنصر صار سياقاً محتوماً يرسم خطواته، وما يشغل بال حزب الله في هذه الحرب أمران، الأول كيفية تفكيك بنى التنظيمات الإرهابية لإنجاز النصر النهائي، الذي لا يمكن تخيّله بإبادة عشرات الآلاف وعائلاتهم، وقد نجح حزب الله وساعدته الحملة التي استهدفته في تحقيق النجاح بإيصال رسالة مطمئنة للمسلحين وعائلاتهم، أنّ بين الذين يقاتلونهم ثمة قوة وازنة ومقرّرة يمكن الركون لعهودها والاستسلام لها، وهذا صعب التصديق لدى جماعات لا عهود لها ولا تبقي أسيراً على قيد الحياة، فتتوقع معاملة تشبه معاملتها، فإذ هي تشهد صنفاً مختلفاً من المقاتلين الذين لا يهابون الموت في ساحات القتال ولا يمكن مواجهتهم في الحرب، لكنهم أهل عهود ورحمة وأخلاق يصونون الأمانات ويلتزمون بالعهد عندما يقع الأسرى بين أيديهم، وتقع مسؤولية دماء وأعراض العائلات تحت مسؤوليتهم، أما الهمّ الثاني فكان دائماً هو فتح ثغرة نفسية تردم الفجوة العصبية المذهبية لدى مؤيدي التيار السلفي الواسع الانتشار في العالم الإسلامي، ولو لم يكن كله مقاتلاً ومسلحاً، لكنه فاعل في المجتمع والإعلام والهيئات المدنية والدينية في العالم الإسلامي. وقد قدّم حزب الله لنفسه صورة معاكسة لتوحّش الجماعات السلفية المسلّحة، وساعدته حملة التشكيك في صدقية عدائه لداعش في تسويق صورته كطرف أخلاقي يوثق به ويعتزّ بانتمائه الإسلامي. فالسلفيون يعلمون كم يكرهون حزب الله ويناصبونه العداء، ولن يصدقوا حرفاً عن حلف سري يربطهم به، لكنهم سيصدقون أنه خصم شريف وجهة تستحق الاحترام، وتلك بداية ردم الهوة وتبريد مناخات الاشتعال والاشتغال على الفتنة.
– في مستقبل السلاح وأهلية الجيش اللبناني القتالية، لا ينظر حزب الله بعين الجدية لكلام الخصوم والمشككين في جدوى سلاحه. وهو يعلم انهم يعلمون أنّ ردّ العدوان «الإسرائيلي» سيبقي سلاح المقاومة أكثر من ضرورة، وأنّ قيادة الجيش خير من يمكن سؤاله في هذه الحالة، لكن حزب الله فرح بالتباهي بقدرات الجيش اللبناني، وبمعمودية النار التي خاضها وخرج منها منتصراً بجدارة، كما هو فرح بالقرار المستقلّ والشجاع لرئيس الجمهورية بالمضي بقرار تحرير الجرود، رغم الضغوط والتهديدات الأميركية، ويشجع الرئيس سعد الحريري على مشاركته بالقرار، لأنّ عين حزب الله على هدف مختلف عن عيون خصومه، فهم يتذكّرون اليوم الحاجة لحوار متجدّد لخطة دفاع وطني أو استراتيجية وطنية للدفاع لمناقشة مستقبل سلاح المقاومة، ومن ورائهم تشجيع دولي للتسريع بالضغط بهذا الاتجاه، بينما حزب الله يضع الأولوية لخطة وطنية لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ويقول عندها لخصومه، الجيش اللبناني قادر والمقاومة قوية، وقبل الخطة الدفاعية خطة التحرير، وبعد الإنجاز نتحدث عن كيفيات الدفاع، وبعض التسمية للتحرير الثاني تمهيد للتحرير الثالث، لكنهم لم ينتبهوا، فواصلوا السؤال عن السلاح وعن قدرات الجيش اللبناني، وسيكونون من موقع كلامهم عاجزين عن التنصّل من الدعوات للتحرير الثالث، طالما إنهاء الاحتلال يجعل طرح السلاح للنقاش مبرّراً ومشروعاً أكثر برأيهم، لكن عليهم الانتباه ففي المرحلة المقبلة عليهم أن يستعدّوا للاختيار بين إيمانهم بقدرة الجيش الدفاعية وبالتالي الجهوزية لدعوة حزب الله لتحرير مزارع شبعا، لأنّ التذرّع بالعجز هنا خشية «إسرائيل» يُسقط حجتهم بانتفاء الحاجة لسلاح المقاومة التي ستذهب منفردة للتحرير، وتبقى بمسؤوليتها الدفاعية بعدها حكماً، أو أن يختاروا السير بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة للتحرير ومناقشتها بعد ذلك كخطة دفاعية.
– سيواصلون الحديث كثيراً وحزب الله يضحك في سرّه، ومعاركه تسير كما يرسمها، وخصومه جنود مجهولون يخدمونها من حيث لا يدرون ولا يريدون، لذلك ربما يدعوهم بعد كل نصر للشراكة فيه!
مقالات مشابهة
Related Articles
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!
No comments:
Post a Comment