Sunday, 19 April 2020

ما بعد عرض وثائقيّ برتبة عميل







.

حمزة أبو شنب

محلل وباحث في الشأن الفلسطيني
إن نشر تفاصيل اكتشاف المتخابرين مع “إسرائيل” عبر الإعلام المقاوم يدخل الخوف في نفس من لم يتم اكتشافهم أو من تعتمد عليهم دولة الاحتلال في تنفيذ بعض العمليات الخاصة.
قدَّمت قناة الميادين الفضائية مادّة دسمة عن عمل المخابرات الصهيونية بأجهزتها المتعددة، سواء شعبة الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش الصهيوني أو جهاز الأمن العام الشاباك، وهو المسؤول عن العمل الأمني في فلسطين كافة، من خلال عرضها وثائقي “برتبة عميل” قبل أسابيع، والذي تم نقاشه في برنامج “ما بعد العرض” في بداية الأسبوع أيضاً، وهي ليست المادة الأولى عن عملاء الاحتلال، فقد تم عرض فيلم “سراب” في منتصف شهر كانون الأول/ديسمبر 2019، وسبقه العديد من البرامج والأفلام.
ما إن يقدّم الإعلام المقاوم مواد عن قدرة المقاومة على اختراق العدو، وإفشال مهامه الأمنية والاستخبارية، وتجنيد مصادر مزدوجة تخدعه، حتى تسارع المنظومة الأمنية الإسرائيلية إلى العمل على تقديم أخبار عن نجاحات الاستخبارات والشاباك في كشف متعاونين مع المقاومة، أو عن جهدها الاستخباري في إحباط العمليات الفدائية للمقاومة.
وقد أصبحت سياسة “إسرائيل” منهجية في نشر الأخبار التي لم تكن تُنشر في السابق حول اكتشاف نشاطات المقاومة، وكان آخرها إعلان جهاز الشاباك قبل أيام عن اعتقال أحد الشبان المتعاونين مع المخابرات الإيرانية.
يدرك العدو الصهيوني أن صراع الأدمغة مع المقاومة صراع شرس، بعد أن نجحت في تطوير أدواتها وقدراتها الأمنية، بحماية جبهاتها الداخلية من العملاء عبر ملاحقتهم واعتقالهم، كما تفعل الأجهزة الأمنية في قطاع غزة، من اكتشاف العشرات من العاملين في حقل التخابر مع العدوّ واعتقالهم، ما أدى إلى التعرف إلى وسائل العمل الأمني الصهيوني وأساليبه، وإحباط العديد من المخططات العدائية باستهداف المقاومين.
كما تعي الأجهزة الأمنية والاستخبارية الإسرائيلية تطوير المقاومة لقدراتها الاستخبارية، عبر امتلاكها عشرات المعلومات والمؤشرات التي نجحت في استثمارها في العملية العسكرية، واستهداف المواقع الحساسة للعدو في الأراضي المحتلة العام 48، كما جرى مع حزب الله في لبنان خلال عدوان العام 2006، وما تبعه من استهدافات عسكرية خلال الفترة الماضية، رداً على خروقات العدو واعتدائه على لبنان، كذلك ما جرى مع المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها كتائب القسام، والتي نجحت في تنفيذ العديد من العمليات العسكرية، كان أبرزها عمليات خلف الخطوط في عدوان العام 2014، والعديد من العمليات الخاصة في لبنان وفلسطين، والتي من المبكر الكشف عنها في المرحلة الحالية.
لا يخفى على “إسرائيل” ما تمتلكه المقاومة من أسرار عن وسائلها المخابراتية، والتي تحصل عليها من خلال عملياتها الاستخبارية، أو اكتشاف عمل الوحدات الإسرائيلية، كما حصل مع سيرت متكال في خانيونس قبل عام ونصف العام، وسيطرة كتائب القسام على منظومة التشفير والتراسل التي يعتمد عليها العدو في السيطرة على اتصالات المقاومة، إلا أن العمل الإعلامي يمثل تهديداً للأجهزة الأمنية والاستخبارية.
إن نشر تفاصيل اكتشاف المتخابرين معها على الفضائية، وعبر إعلام المقاومة، يدخل الخوف في نفس من لم يتم اكتشافهم أو من تعتمد عليهم في تنفيذ بعض العمليات الخاصة، فبعد كلّ عمل إعلامي ينشط ضباط المخابرات بالتواصل مع عملائهم، لرفع روحهم المعنوية، والتأكيد على أهميتهم وحرص “إسرائيل” على حمايتهم من أي خطر.
وفي بعض المراحل، يقلّل من شأن إنجازات المقاومة أمام العميل، ويروج له بأنها مسرحية – وإن لم تنطلِ على العميل – ويُحمِّل المضبوطين من قبل المقاومة مسؤولية انكشاف أمرهم. وفي مرحلة ما، قد يندفع العدو لتنفيذ عملية تؤمن عملاءه، على غرار الفاخوري في لبنان قبل أسابيع.
لقد نجحت المقاومة الفلسطينية واللبنانية ومحور المقاومة في هز الصورة الذهنية للمخابرات الإسرائيلية، والتي روّج لها العدو الصهيوني بصورة دعائية كبيرة، من أجل إدخال الرعب في قلوب العرب، عبر التسليم بأن العدو الصهيوني قادر على فعل أي عملية بكل سلاسة، إلا أن ما فعلته المقاومة به أجبره على السعي الدائم لترميم صورته أمام مجتمعه.


River to Sea Uprooted Palestinian   
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!

No comments: