1
ـ الرّجال، عظماء التّاريخ، يولدون في إطار خطّة قدر جليلة ومحكمة، وهم يُدركون بحدسهم الموضوعيّ العبقريّ خطّة أقدارهم، وهم يتفانون لأجلها بعيداً عن العواطف ومفرزاتها من الحبّ والكراهيّة، قابلين كلّ تبعاتها المضنية والممتعة، لا فرقَ، متجاوزين كلّ ذلك إلى مأثرة الخلود. وهذا هو حافظ الأسد.
قال ريتشارد مورفي السّفير الأميركيّ الأسبق في دمشق ما بين أعوام (1974 – 1978): (يجب على المرء أن يتمتّع بالكثير من الذّكاء ليتولّى رئاسة سورية)…
وليس ذلك، فقط، بسبب خصوصيّة بعض «الأشخاص» المختلفين بالبصمة القدريّة الخاصّة في شؤون مُبهمة..
وإنّما أيضاً لسبب يتضاهى بسابقه وهو أنّ من طبيعة «الإعلام» نفسه، بمفهومه الوجوديّ، أنّه «إعلام ناقص» بالطّبيعة الفطريّة للتّعبير المحدود؛ وأضيف، أيضاً، إلى هذه الحقيقة، حقيقة أخرى وهي أنّ الأمر أكثر تحدّياً وخطورة وعبَثاً، عندما يتعلّق بالأفذاذ من الرّجال، أو عندما يتعلّق بالخالدين.
2
ـ من جانب آخر فإنّ من يحكم سورية على الطّريقة الوطنيّة المسؤولة تاريخيّاً، فإنّه يحتاج إلى أن يمدّ نفوذه إلى المكان العربيّ المحيط بسورية، ببلاد الشّام، بما فيها من سرطانٍ سياسيّ في الكيان الصّهيونيّ، وبالتّالي عليه أن يكون رجل دولة تاريخيّاً يُدرك لعبة الأمم والدّول، وأن يُلِمّ بكلّ ذلك جرّاء المسؤوليّات الكبيرة نفسها التي رتّبها القدر أو التّاريخ على هذا المكان الذي انفرد عالميّاً بصفات متنحيّة وسائدة في وقت واحد، وهي صفات العمق التّاريخيّ والتّركيب الظّرفيّ و«أسلوب الإنتاج الآسيويّ» المعقّد بتداخل تشكيلات اجتماعيّة – اقتصاديّة وسياسيّة متزمّنة ما بينها، في ما بينها، تصنع المكان كلّها في اندغام وانسجام وتواطؤ مُبهم ومؤامرات دوليّة و«حُلُمٌ عالميّ»، وخيانات نوعيّة اختصّ بها أغلب حكام شعوب المنطقة التي اعتدت على ملكيّات وأقدار المكان الكأداء و«أسواء طالعه» التي لا تنتهي.
3
ـ حكمت سياسة الرئيس حافظ الأسد، بالمطلق، همومه الخاصّة والدّفينة والمقدّسة التي تُعيد الوجه المقاوم الشّريف للمكان، في كيفيّة وفلسفة الخروج من مستنقع حزيران النّكسة، في الوقت الذي كان فيه الرّاحل الخالد، ينظر إلى هذه «الواقعة» كمستنقع شلّ الوطنيّة والعروبة وجعل منهما مجترّاً للمساومات والمزايدات والاتّهامات والعنجهيّات الصّهيونيّة والغربيّة التي جعلت نظرتها إلى سورية والعروبة، تساوي نظرتها إلى منطقة هامدة خاملة وكأنّها قطعة من أقاصي العالم يُنظر إليها على أنّها «مختبرٌ» أنثروبولوجيّ وسياسيّ نموذجيّ لدراسة نظريّات انهزام الشّعوب والأمم وامّحائها عن خارطة العالم المعاصر المحسوبة في عداد المناطق، التي تحوي شعوباً هي من خارج مكوّنات سياق التّاريخ الحيّ وأولى بالانقراض.
كانت هذه الأهجوسة تسكن عقل الرئيس حافظ الأسد وتوجّه طرائق تفكيره وطموحاته وآماله بإثبات كذب هذه «الحقيقة» والعمل على ازدرائها، كواحدة من الهامشيّات التّاريخيّة التي تحتاج إلى حذف ورمي في سلّة مهملات العالم المعاصر، واستعادة الكرامة لهذه المنطقة العربيّة، بما في ذلك العمل على إثبات حقيقة العروبة الحيّة التي تخاذلت دونها دول عربيّة وحكومات واهنة وخائنة تقف صراحة في طابور أعداء العرب والعروبة وجميع الأمم النّازعة إلى وجود حيّ معتبر ومؤثّر وفاعل، ليس على مستوى المكان وحسب، وإنّما أيضاً في المنطقة والعالم.
4
ـ كان إيمان الرئيس حافظ الأسد بنفسه كجزء من إيمانه بالحقّ الوجوديّ التّاريخيّ لأمّته، محرّكاً لأفكاره القومّية التي كان يعنيه كثيراً، من التّاريخ، أحكامه القاسية العادلة منها والجائرة، فكان عندما لا يوافق عبثُ التّاريخ طموحاتِهِ، يُعاند التّاريخ بثقة أنّ للتّاريخ فلتاته العمياء القصيرة أو الطّويلة الأجل، والتي يمكن للإرادة الوجوديّة أن تشكّل طارئاً على فقدان التّاريخ لصوابيّته وعدالته، وأن تصحّح من مجريات هذا التّاريخ الذي كان الرئيس حافظ الأسد مكظوظاً بتجنّب استعادة التّاريخ لسخريّته بالحكم على عقم العرب والسّوريين، هذا الحكم الذي هو من الأوهام التّاريخيّة التي تعزّزها خيانات بعض أصحاب القضيّة العربيّة من حكام مهزولين.
لقد عنى له التّاريخ حاكماً حازماً، فبحث له وللسّوريين وللعرب على شهادة قسريّة يصدرها التّاريخ – وقد أصدرها – على تفوّق الإنسانّية والبشريّة في هذه البقعة المنسيّة من تاريخ العالم الحديث. كانت المعاصرة بالنّسبة إلى حافظ الأسد بنظرته الشّخصيّة في الأسلوبّية التي تحوّل الضّعف إلى قوّة، ليست محلّيّة ووطنيّة فقط وإنّما عربيّة ودوليّة أيضاً. ولقد كان لحافظ الأسد ما أراد.
5
ـ كان حافظ الأسد متجاوزاً النّدّيّة لأقوى وأذكى وأفهم وأعتى رجالات الولايات المتّحدة الأميركيّة وعلى رأسهم حاخام الصّهيونيّة العالم الأكبر هنري كيسنجر، والحاخامات الصّهيونية، في وقت لم يكن لسورية ولا للعرب أيّة نأمة تندّ عنهم، غائصين في وحول الضّعف والهوان والخنوع والقهر التّاريخيّ الطّويل..
وحين يكون الحديث عن الرئيس حافظ الأسد، فلتطأطئ الرّؤوسُ كلُّها هاماتها، وليشهد التّاريخ العربيّ – الإسلاميّ أنّ حافظ الأسد قد بزّ، حتّى عتاة ودهاقنة منذ انتهاء الخلافة الرشدية حتى اليوم، كما جارى وتجاوز، وتفوّق على، شخوص حضاريّة عربيّة وسوريّة منذ (سومر) و(آشور) و(بابل) و(أكّاد)، كان لهم السّبق في وجود هذا “المكان».
6
ـ لا نتحدّث هنا عن «آراء»، ولا نقدّم رأياً شخصيّاً – مع أنّه غير مجروح، نظراً لعالميّة شخصيّة حافظ الأسد – وإنّما نحن نشير إلى مفارقة قلّما يقف عندها الآخرون بما فيهم أدعياء العدالة، وهي أنّ حافظ الأسد قد خلق «شيئاً» كبيراً في «المكان»، على مستوى الوطنيّة والعروبيّة والسّوريّة والإسلام، وذلك من واقع عربي بائس يمكن أن يكون أفضل وصف له، هو الفراغ والذّل والمؤامرة على الذّات والجهل والهمجيّة والقبليّة والطّائفيّة وجميع الموجودات الاجتماعيّة البربريّة والانقسامات العموديّة العنصريّة والفواصل الأفقيّة في التّواصل والثّقافات، وكذلك الارتهان المباشر والاستخذاء أمام الغربيّ والصّهيونيّ والعدوّ.
7
ـ وقد جسّدت مباحثات الأسد – كيسينجر أعقد مباحثات تاريخّية بين حضارتيْ الشّرق، متمثّلة بحافظ الأسد، والغرب، متمثّلة بهنري كيسينجر الذي مثّل علاوة على موقعه الحضاريّ المتقدّم المطلق، أدهى وأنكى ما تكاثف من تجربة يهوديّة – صهيونيّة على مدى ثلاثة آلاف عام.
تحدّى الأسد الولايات المتّحدة ومن خلفها زبانية حضارة الغرب الصّهيونيّة والمتصهينة وفي طليعتها ما يُعرف بدولة “إسرائيل».
وفي هذا التّفصيل الطّويل لم يعط برنامج «الميادين» عنه، الرجل حقَّه، وخاصة في إبراز دور «الشّخص» في التّاريخ عندما يعارض ويتعارض مع تاريخ «حضاريّ» يكاد يكون بلا بدايات معروفة في التّاريخ السّياسيّ، وبخاصّة عندما يكون هذا الشّخص فرداً لا يؤازره غير العقل المختلف والمنفرد والنّافذ والمحيط بالأقطار وهندسة الدّوائر المثلّثيّة السّياسيّة ومنطق التّفاضل والتّكامل ما فوق الرّياضيّ.
وتقع المسؤولية الأكبر في ذلك، على عاتق الأشخاص المشاركين في البرنامج.
8
ـ لم يكن حافظ الأسد هذا المقاتل الذي عبر تاريخيّاً، بقوّة الحقّ، وحسب؛ كما لم تكن روايته هي رواية مقاتل على خطوط التّماس السّياسيّة العالميّة، مثلما أنّه لم يكن، أيضاً، تلك الشّخصيّة التّاريخيّة التي كتبت سِفرها بأسلوبها الخاصّ المنقطع النّظير، فقط؛ بل لقد كان حافظ الأسد تاريخاً واستمراراً لتاريخ في الوقت الذي صمت فيه «المؤرّخون» الضّغائنيّون، في ما عجز فيه أولئك المتواضعو الموهبة والمعرفة التاريخية.
9
ـ أدرك حافظ الأسد الصّراع السّياسيّ بين الأضداد التّاريخيّة على أنّه استمرار لصراع حضاريّ على الاستحواذ على حكاية التّاريخ، وما هذه المقطوعة الرّوائيّة التي عاصرها سوى جزء مستمرّ ومعمِّقٍ لكتابة الحضارة العالميّة، وكان أعظم من ترك في الصّيغ والعبارات والمفاهيم والمصطلحات والممارسات، الأثر الُمكَمّلَ، المفصليّ والمحوريّ، والشّجاع، لهذا الفصل الحضاريّ في سِفر شخصيّ قلّما يكون فيه للتّاريخ نكهة البطولة في الصّراعات التّراجيديّة البشريّة، لولا أثر الأفراد العظماء والأبطال الأسطوريين فيه.
10
ـ في الحرب و«السّلام» كان لحافظ الأسد دور المجالدين الأحرار والمصارعين الأسياد، وهو ما عبّر عنه في اختزاليّة راحت مثلاً عندما أسمى ذلك الدّور بالحرب من أجل “سلام الشّجعان»، حيث قال: «حاربنا بشرف، ونفاوض بشرف، ونسالم بشرف»..
الرّجال، عظماء التّاريخ، يولدون في إطار خطّة قدر جليلة ومحكمة، وهم يُدركون بحدسهم الموضوعيّ العبقريّ خطّة أقدارهم، وهم يتفانون لأجلها بعيداً عن العواطف ومفرزاتها من الحبّ والكراهيّة، قابلين كلّ تبعاتها المضنية والممتعة، لا فرقَ، متجاوزين كلّ ذلك إلى مأثرة الخلود. وهذا هو حافظ الأسد.
11
ـ وأما الرئيس بشّار الأسد، وهو الذي لم يُفطرْ على حبّ الشّهرة… إلّا أنّ العظماء الذين يحتقرون الشّهرة الزّائفة والفارغة، غالباً ما تُدركهم شهرة من نوع آخر، وهي شهرة مَن أدرك، بالفطرة والقصد والتّقدير السّماويّ، أنّ أهمية «الأشخاص» في التاريخ، تكون بقدر تقاطع أو اندماج قدرهم الشّخصيّ بأقدار القضايا الوجوديّة العادلة لأممهم، وبأقدار الشّعوب أصحاب هذه القضايا العادلة.
لقد عبّر هيغل في زمنه عن هذه «الموضوعة» العبقريّة عندما صاغ ذلك في أنّ الأبطال التّاريخيين فيما هم يصنعون أقدارهم الواعية والمفهومة، إنّما يندمجون في ذلك، بقصد ومن غير قصد، في صناعة أقدار أممهم، وذلك مهما يكن هذا القدر وذلك التّقدير عليه من مشقّات وإن شئتَ فمن مُحالات.
كانت خطّة القدر أن يصل الأسد (بشّار الأسد) إلى القيادة التّاريخيّة لسورية وللعروبة، في زمن انهار فيه العالم وتكاثف، مُستَقطَباً، على فكرة جديدة هي إعادة صناعة العالم على طراز جديد في الألفيّة الثّالثة من حضارتنا المشهودة.
12
ـ انحسر العالم عن زمان (حافظ الأسد)، وطرحت سياسات العالم مشروعات «عالميّة» غريبة وجديدة كلّ الجدّة في تفاصيلها الموجعة، ولو أنّ الهدف هو استمرار لِـ»خطّة العالم» العتيقة في مضمونها الالتهاميّ للبشَر. وتسارعت خطى إعادة «اختلاق» الشّرق الأوسط الجديد، بواسطة أحدث ما تفتّق عنه دهاء السّياسات العالميّة العنيفة، فيما سمّي بِـ»الفوضى الخلّاقة».
تقاطرت في سبيل ذلك أمام الرئيس (بشّار الأسد)، «المستحيلات»؛ ونحن لن نعدّدها لأنّ مفاعيلها لم تكن لتقتصر عليها كأحداث عالميّة جلجلت منطقتنا، ولكنْ لأنّ مفاعيلها كانت أن حدّدت ورسمت من قبل «مهندسي» العالم، لتقلب وجه العالم كلّه مع ما ينطوي عليه هذا التّعبير من مواجهة حصريّة وشخصيّة وخاصّة تتحدّى (سورية)، حصراً، و«تتجاوزها» إلى تحدّي “الشّخص»، القائد المعاصر، (بشّار الأسد)، هذا الرّجل الذي تمّ اكتشافه بسرعة صراحة وصلابة مواقفه في حضرة «الحق»ّ، كابتسارٍ صريحٍ لتحدّيهِ العالمَ في قلب العالم وقلب «الشّرق الأوسط» وقلب «المشروع العالميّ» الذي على من أراد أن يفهمه، فليتحوّل، مباشرة، إلى إدراك أهمّيّة (“إسرائيل») في المنطقة وفي العالم.
للسّياسة، دون الكثير من «المقولات»، غايةٌ «حيويّة» عالميّة، تقع خارجها، فتختلط، بسبب ذلك، عند الكثيرين من الدّعيين، الأسباب بالنّتائج.
13
ـ الّلافتُ في الرئيس (بشّار الأسد) – ومن دون أيّة نأمة تصدر عن أيّة مقارنة من المقارنات التّاريخيّة، ذلك أنّ «الأشخاص» والقادة التّاريخيين، غالباً ما تكون المقارنات المعقودة بينهم، هي مقارنات غير واقعيّة، لأنّ المقارنة تكون، أبداً، في «الكمّ» وليس في «النّوع»! والمفارق في شخصيّته كقائد معاصر، هو أنّه، فعلاً، وفي غضون عقد واحد من الزّمان قد حلّق على صهوة المقادير والأحداث والسّياسات واهتمامات الأفراد والشّعوب في دول وأمم ومجتمعات العالم، حتّى أنّه قد علّل وسوّغ انفراديّته وعدم عاديّته، بحيث انتقل من قدره الموضوعيّ والذّاتيّ إلى أكثر رجال المعمورة اتّقاداً و«جُذْوَةً» وشُهرة بين مليارات «الكرة الأرضيّة»، ولم يزل الأمر يتطلّب المزيد.
وقف الرئيس بشّار الأسد محطِّماً ورادماً أساسات إعادة رسم «المشهد» السّياسيّ الوطنيّ والعربيّ والدّوليّ، بما كان مطموحاً إليه لإعادة تخطيط «خريطة المنطقة».
14
ـ لقد تجشّم الرئيس بشار الأسد المحاكاة الموضوعيّة للأحداث والرّجالات في «التّاريخ» العالميّ، إذ أنّ «الأمور أشباه».
لقد كان (بيريكليس) (أعظم ساسة الإغريق) (490 – 429 ق. م) هو أحبّ رجل سياسيّ إلى الشّعب الإغريقيّ في تاريخ أثينا، مع ما اشتّهر عنه من وسامة ونبل وطيبة وحزم وحسم سياسيّ، وشجاعات مختلفة ومتعدّدة في المواجهات السّياسيّة التي لا تنتهي من أمام عظماء أبطال الرّجال، بدءاً بالكلمات ونهايةً بالقتال..، وسماحة بالغة في النّصر..
هذا مع ميلنا الوجدانيّ إلى الإعجاب الممزوج بالغبطة والاغتباط بابتسامات الرئيس بشّار الأسد، عُلواً وارتفاعاً ورفعةً فوق مختلف وأصعب وأشقّ المقادير.
15
ـ ونقول لهواة المقارنة بين الرئيسين: ليس هناك فوارق شّخصيّة وقسمات خاصّة ومعالم شّاسعة تميّز، بين القائدين (الأسد حافظ) و(الأسد بشّار)، على مستوى «الفردانيّة» و«الخصوصية» التي ينفصل بها الرجلان، في ما بينهما، كقائدين تاريخيين..بل هما ظاهرتان متكاملتان، اندغمتا في تاريخ سورية والشرق والمنطقة والعالم، بحيث باتا ظاهرة واحدة، تعبر عن قوامها (المدرسة الأسدية) التي صنعاها ورسخاها وخلداها.
ولن يكون لِكلمة “الفردانية» و«الخصوصية» دلالات، عندما لا تظهر فروق بين «الظّاهرتين»، والتي تجعل كلّاً منهما «ظاهرة» يحتاج إليها تاريخ سورية المعاصر.. وتجعلهما معاً قدر التاريخ وخيار الشعب السوري، في آن واحد.
No comments:
Post a Comment