منذ سيطرة الاحتلال على شطري القدس عام 67 والتنظيمات المتطرفة والكتل الاستيطانية تتشارك في تنظيم مسيرة تضمّ عشرات الآلاف تُعرَف بمسيرة توحيد القدس ويرمز اليها بمسيرة الأعلام، لحشد الإعلام الذي تتميّز به، ومنذ أكثر من نصف قرن لم يحدث أن اضطر منظمو المسيرة لجعلها موضع أخذ ورد واعتبار القيام بها موضوعاً للنقاش. وكان الهدف من المسيرات المنتظمة سنوياً التحضير للمزيد من خطوات الاستيطان في القدس ودعم سياسات تهجير السكان الأصليين والتحريض لقرب ساعة هدم المسجد الأقصى تحت شعار بناء الهيكل المزعوم.
للمرة الأولى تتأرجح المسيرة على حبال الإلغاء، بعدما فرضت حرب سيف القدس تأجيلها. والسبب واضح وهو المعادلة التي وضعتها المقاومة مع وقف النار، إن عدتم عدنا، وكل تصعيد في القدس يشعل حرباً، وما تلاه من معادلة رسمها السيد حسن نصرالله وأكدها السيد عبد الملك الحوثي، بأن تهديد القدس يعني حرباً إقليميّة، وليس خافياً أن الغاء المسيرة كان موضع نقاش في زيارة وزير دفاع الكيان بني غانتس لواشنطن، التي تسعى لتفادي التصعيد ومن خلفه خطر الحرب الإقليمية، بينما بدا واضحاً بالمقابل رهان رئيس حكومة الاحتلال المهدَّد بالترحيل بنيامين نتنياهو على المسيرة لتعبئة المناخات ضد الحكومة الجديدة من جهة، وأخذ المواجهة في القدس الى أبعد مدى تصعيدي ممكن من جهة أخرى.
القرار الذي اتخذته شرطة الاحتلال بإلغاء المسيرة يعبر عن موازين القوى الجديدة بعد سيف القدس، سواء موازين القوى بين الكيان ومحور المقاومة من جهة، أو موازين القوى الحاكمة لعلاقة الكيان بالحماية الأميركية، التي ظهرت حاجة حيوية بعد الفشل العسكري والأمني اللذين أظهرتهما الحرب، وللحماية كلفة هي الوصاية.
المعادلة الجديدة مع المقاومة، فلسطين حرة والكيان يفقد الاستقلال، وفلسطين تتحدّى والكيان يتراجع.
No comments:
Post a Comment