–
المعتدي أحياناً يكون مسكوناً بوهم اقتناع أنه صاحب حق فهو في هذه الحالة أقل سوءاً ورداءة من الذي يعرف الحق ويعترف به ويجد أعذاراً للتنكر له. وهذا هو المنافق، وعندما يكون ممثلاً لدولة تعرف الحق وتتنكّر له، وتعترف بالقانون وتشجع على انتهاكه فتسمّى بالدولة المارقة.
–
استعمل الأميركيون في وصف الدولة المارقة كل خصومهم، من دون أن يتكبّدوا عناء تقديم الدليل على ذلك، لأنهم منحوا مواقفهم صفة أعلى من القانون، واعتبروا كل خلاف معهم يعني انتهاكاً للقانون وتمرّداً على أحكامه، ما يسمح بوصف مَن يقوم بذلك بالمارق.
–
عندما نقارن بين موقفي دونالد ترامب وخلفه جو بايدن وإدارته التي يمثلها وزير خارجيته انتوني بلينكن من قضية الجولان السوري المحتل، سنجد أننا أمام مفارقة غريبة، فترامب المتحمّس لموقف كيان الاحتلال عقائدياً يؤيد قرار الكيان بضمّ الجولان. وهذا الموقف العدواني منسجم مع صاحبه، الذي وجد في احتلال الكيان للجولان والقدس الشرقية استعادة لحقوق يعتبرها الكيان جزءاً منه ويؤيده هو في ذلك، ولا يهم ترامب أن يخالف القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، فالقانون عنده هو ما يراه الكيان وتؤيده واشنطن، ولذلك لم يجد ترامب مانعاً من مساندة الكيان بضم الجولان والقدس الشرقية كأراضٍ تمّ احتلالها عام 67 وصدرت بصددها القرارات الدولية خصوصاً القرارين 242 و338.
–
يأتي بلينكن ليقول إن كيان الاحتلال يضع يده على القدس الشرقية والجولان بصفته قوة احتلال، لا يملك الشرعيّة للتصرف بها، وهو بذلك يريد أن يظهر منسجماً مع القرارات الدولية التي تدعو للانسحاب منهما، لكنه كمنافق يمثل دولة مارقة لا يجد مانعاً من القول إنه يؤيد بقاء قوات الاحتلال في الجولان وطبعاً في القدس الشرقية، باعتبار هذا البقاء حاجة أمنية للكيان.
–
هل يوجد في القانون الدولي والمواثيق الدبلوماسية ما يبيح احتلال أراضي الغير بالقوة بداعي الضرورات الأمنية؟ أليست كل عمليات الاحتلال التي وجد القانون الدولي لإدانتها، تجد تبريراتها من الاحتلال بمصالح أمنية أو مائية أو ما يعادلها، وقد كان القانون الدولي حاسماً برفضها وإدانتها؟
–
السياسة الأميركية دائماً معادية للعرب، وحقوقهم، مرّة بالتصرف كشريك عقائدي لكيان الاحتلال، وعندما تصير عقلانية تتحوّل الى دولة مارقة.
No comments:
Post a Comment