تباهى دونالد ترامب في مؤتمرٍ صحافي بأنّ لدى الولايات المتحدة «أسلحة رائعة لا يعرف بها أحد (…) أسلحتنا النووية الآن في أفضل حالاتها. لدينا بعض الأنظمة المذهلة».
سبق للرئيس الأميركي أن كشف للصحافي المعروف بوب وودورد، مؤلف كتاب «غضب» الصادر مؤخراً، عن معلومات دفاعية بالغة السرية في واحدة من 17 مقابلة مسجلة أجراها معه. وودورد أوضح أنه تأكّد بشكل منفصل من مصادر لم يسمّها انّ الولايات المتحدة لديها سلاح سري جديد، لكنه لم يذكر ما إذا كان نووياً ام لا.
تصريحات ترامب أثارت جدلاً واسعاً في أوساط المحللين العسكريين في أنحاء العالم حول ما إذا كان السلاح السري الجديد نووياً، لكن خبراء أسلحة أميركيين يقولون إنهم غير متأكدين ما إذا كان الأمر الذي تحدث عنه ترامب صحيحاً أم أنه كان مجرد محاولة جوفاء للتباهي، وهو أمر معروف عن الرئيس الأميركي.
أياً ما كانت حقيقة «هذا السلاح السري الرائع» فإنّ سؤالاً ملحاحاً يجري تداوله في الأوساط السياسية الأميركية، خصوصاً لدى مسؤولي الحزب الديمقراطي الذي ينافس ترامب على الرئاسة بمرشحه جو بايدن. السؤال هو: هل يُقدِم ترامب على استعمال هذا السلاح ضد إيران قبل يوم الاقتراع في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل؟
ثمة سببان للتخوّف من أن يفعلها ترامب:
الاول، استماتته للفوز بولاية رئاسية ثانية وتصميمه على البقاء في البيت الأبيض مهما كان الثمن لدرجة أنه شدّد على أنصاره بضرورة التصويت له شخصياً وعدم اللجوء إلى التصويت بالبريد. لماذا؟ لأنه يعتقد بأنّ نتيجة فرز الأصوات الشخصية ستكون لصالحه ما يشجعه على اللجوء – كما يخشى معارضوه الديمقراطيون – الى إعلان فوزه مستبقاً إعلان نتيجة فرز الأصوات البريدية (التي يظنّ هو وغيره كثيرون أنها ستكون لصالح منافسه بايدن) مدّعياً أنها مزوّرة! هذا الاحتمال وارد جداً لدرجة انّ بعضاً من مسؤولي الحزب الديمقراطي تساءلوا عمّا يجب فعله لإخراجه من البيت الأبيض فيما دعا بعضهم الآخر الى تكليف الجيش مهمة إخراجه!
الثاني، لأنّ ترامب طراز من الرجال لا يتورّع عن اللجوء الى القتل للتخلّص من أعدائه ومنافسيه. ليس أدلّ على ذلك من «تعهّده» في الذكرى التاسعة عشرة لهجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 « باستهداف كلّ من يهدّد حياة الأميركيين مثل قاسم سليماني «قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني الذي اغتيل بغارة أميركية قرب مطار بغداد مطلع هذا العام.
اذا كان احتمال استعمال «السلاح السري الرائع» وارداً لدى ترامب، فهل انّ الهدف سيكون إيران؟ وإذا ما جرى استهداف إيران فعلاً، فهل من شأن ذلك توفير رافعة قوية لترامب في جولة الإنتخابات الرئاسية المقبلة؟
لعلّ أمرين أساسيين يجعلان هذا الاحتمال مستبعداً. ذلك انّ كبار مسؤولي «البنتاغون» (وزارة الدفاع) يعرفون بالتأكيد انّ إيران لن تكون لقمة سائغة، خصوصاً بعد التقدّم الهائل الذي أحرزته على الصعيدين العسكري والتكنولوجي في السنوات الخمس الأخيرة. كما يعرف هؤلاء المسؤولون ايضاً انّ للولايات المتحدة عدّة قواعد عسكرية في منطقة غرب آسيا والخليج، وبعضها قريب جداً من إيران، ما يجعلها رهينة لها ويمكّنها من ضربها والقضاء على آلاف الجنود الأميركيين. ذلك كله يجعل خيار ضرب إيران مكلفاً وغير مجزٍ.
ثم انه من المشكوك به جداً ان يتقبّل الرأي العام الأميركي فعلة ترامب الهوجاء هذه المتناقضة مع ما يحرص شاغل البيت الأبيض على الإيحاء به من انه لم يقع على أيّ جدوى من الحروب التي شنّتها الولايات المتحدة في المنطقة وتكلّفت عليها تريليونات الدولارات، وانه لهذا السبب يقوم بخفض عديد الجيش الأميركي في أفغانستان والعراق وسورية وغيرها من دول المنطقة.
هذان السببان وغيرهما قد لا يحولان دون أن يركب ترامب رأسه ويفعل فعلته. الأمر نفسه ينطبق على بنيامين نتنياهو المتخوّف، هو الآخر، من ان يفقد منصبه وسلطته تحت وطأة التظاهرات اليومية التي تحاصر منزله في القدس المحتلة وتتمدّد إلى مدن أخرى، كما بنتيجة محاكمته المنتظرة بتهم الفساد والرشوة والتزوير. لذا قد يرى هذا الرجل المذعور مصلحة له في تحريض ترامب على توجيه ضربة عسكرية خاطفة ومدمّرة لإيران يكون من شأنها – في ظنّه ــ تحصين منصبه في وجه المتظاهرين وأمام القضاة في محاكمته المنتظرة.
نتنياهو سيلتقي ترامب بعد يومين ليحتفلا سويةً مع ملك البحرين بتوقيع اتفاق لتطبيع العلاقات بين الكيانين. هل تراه ينجح رجل «إسرائيل» المذعور في إقناع رئيس أميركا الموتور بارتكاب الفعلة النكراء؟
نائب ووزير سابق
No comments:
Post a Comment