Sunday, 13 March 2011

Anis Naqash: Washington can't intervene in Libya. Camp David is shaking


بابتسامة عريضة، استقبلتنا زوجته الإيرانية الجنسية مشيرة إلى أنه ينتظرنا في مكتبه. دخلنا، فألقى علينا التحية بمزيج من الثقة والخفر. عاد أنيس النقاش للجلوس مجيباً عن أسئلتنا براحة تامة ومتابعاً للأخبار الواردة في شريط الأخبار على التلفاز الذي يواجه كرسيه.

سمية: كيف تصف ما يحدث حالياً في العالم العربي؟

أنيس النقاش: كما تجري العادة، فإن الثورات لا تتم إلا في حال حدوث زلزال دولي. لا شك أننا نعيش سقوط القطبية الأميريكية الواحدة، بالرغم من أن هذا السقوط تمظهر متأخراً في عالمنا العربي، في حين أدركه غيرنا من البلدان في وقت سابق. نلاحظ أن كل من ارتبط بالمشروع الأميريكي يسقط وكل من مانع المشروع الأميريكي وقاومه يرتفع. هذا هو التفسير الأسلم لما يجري.

سمية: كيف تتعامل الولايات المتحدة الأميريكية مع الثورات القائمة في البلدان العربية؟ هل نشهد ما يسمى بسرقة الثورات؟

أنيس النقاش: ميزة هذه الثورات أنها تؤدي إلى ذهاب كل من يوالي المشروع الأميريكي إلى النهاية. ولذلك تحاول واشنطن أن تستقطب وتستوعب ما يحصل بحجة أنها ليست ضد حركة الشعوب. ولكنها في الوقت عينه تريد أن تواكب هذه الحركة وأن تستفيد منها. لذلك على الحركات الثورية أن تعي أن الموضوع لا يختصر على ذهاب الرموز الأميركية، بل الصحيح هو التصدي لهذا المشروع بشكل عملاني ومنطقي وسياسي. استبدال الرموز من أسهل ما يكون.على الشعوب أن تمنع عودة السيطرة الأميريكية من خلال الحؤول دون استقطابها للأنظمة الجديدة.

سمية: من الذي سيحدد هذا الأمر؟هل الشعوب قادرة على ذلك؟

أنيس النقاش: الشعوب لها دور أساسي. الصراع القائم هو بين الشعوب وقوى خارجية كمنظمات دولية تتدخل من أجل أن تكون الشعوب مستقلة، وقوى إقليمية تتدخل من أجل أن لا تكون هذه الشعوب مستقلة.اليوم هناك سباق على الساحات لتحديد من سيفرض سيطرته على قطعة الشطرنج الجديدة.هل الولايات المتحدة قادرة على الإستمرار في تطبيق سياسة الإمبراطورية الكبيرة التي تتفرد بحكمها؟ لكي نفهم وضع الولايات المتحدة حالياً، علينا إدراك ثلاثة أمور:

انتهى العام 2010 مع وصول الدين العام الفيديرالي إلى حوالي 80 بالمئة من الناتج القومي الأميريكي. الولايات المتحدة بعد سنتين ونصف من الأزمة الإقتصادية، لم تخرج من أزمتها ولا زالت تغرق. لذلك قال أوباما في أحد خطاباته أن الحياة الأميريكية التي تقوم على البطاقات الشرائية وبطاقات الإئتمان قد انتهت، ولهذا الأمر أهمية على المستوى الإستراتيجي، لأن الولايات المتحدة تتميز عن غيرها من الدول لجهة طريقة العيش فيها.النقطة الثانية هي سقوط القدرة العسكرية الأميريكية. الدراسات الأميريكية أثبتت أن نظرية الصواريخ الجديدة قد غيرت كل المعادلات. وقبل حرب الصواريخ، أثبتت حرب العصابات التي جرت في العراق وأفغانستان، أن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تهيمن عسكرياً. يعلم الأميريكيون أن حرب الصواريخ مع الصين تسقط كل القواعد الحربية والجوية في اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان.

ايران تمتلك صوايخ تستطيع مهاجمة كل القواعد الأميريكية في الخليج. في حرب 2006 أثبتت المقاومة هذه النظرية، وبعد الحرب باتت صواريخ المقاومة قادرة على أن تطال أي مكان في فلسطين المحتلة. معادلة الصواريخ أحدثت نوع من توازن الرعب. أكبر دليل على ذلك عملياً،أنه عند حديث الأميريكيين عن حظر جوي في ليبيا يرد قائد المنطقة الوسطى أن حظر جوي يتطلب تدمير كل الدفاعات الجوية الليبية (تكبير الحجر لعدم دخول المعركة).غيتس يقول أن أي أحد يدعونا إلى تدخل عسكري في ليبيا أو أفغانستان أو العراق يجب أن نفحص عقله، قبل أن نجيب عليه. يعني أنه يتهم كل إنسان يطالب بتدخل عسكري بالجنون. يجب الإلتفات إلى نقطة مهمة تتمثل بتراجع اهتمام واشنطن بمصادر الطاقة في الشرق الأوسط.

هناك نوع من الغاز المخزّن في باطن الأرض كان من الصعب استخراجه فنياً، أما الآن فقد باتت لديهم الإمكانية لاستخراجه بواسطة الحفر بواسطة ما يسمى تقنية الحية. هذا الغاز متواجد حتى في البلدان غير النفطية وهو غاز نظيف. هنا أدرك الأميريكيون أنه ليس من المهم ربط مصالحنا النفطية بالشرق الأوسط طالما أنه لدينا غاز نظيف باستطاعتنا استخراجه. لقد شعرت الشعوب العربية بالتغيرات الحاصلة لكنها كانت بحاجة إلى شرارة، الشرارة كانت بو عزيزي. أميريكا تتعامل مع ما يحدث بهدوء لأنها تمتلك البدائل، لقد عاشرت الثورة الإيرانية بكل تفاصيلها، الشاه ترك ايران والإمام كان في طهران وشكل أول حكومة واستمر بريجنسكي بالقول أن الوضع تحت السيطرة.

لقد راهن الأميريكيون على اتصالهم بالعسكر وقدرتهم على تجييش عدد من الضباط لصالحهم للقيام بانقلاب عسكري، الرهان الثاني هو شراء النفط الإيراني وبالتالي ضمان فرض نوع من النفوذ. لقد أرسلت واشنطن عقب الثورة، بعض المسؤولين إلى ايران الذين عبروا عن عدم اعتراض بلادهم على تطبيق نظام إسلامي لكن مع عدم المس بالمصالح الأميريكية. الولايات المتحدة تحاول استيعاب الثورات في الدول العربية، ومما لا شك فيه أنها تقوم بإرسال مندوبين إلى هذه الدول للإتصال بالمعارضين. في ليبيا، هناك عدد كبير من الليبيين في ليبيا مدربين من قبل واشنطن ويحملون الجنسية الأميريكية. لذا يمكن الإستعانة بهؤلاء لضمان المصالح.

سمية: كيف يمكن الحؤول دون سرقة الولايات المتحدة لهذه الثورات؟

أنيس النقاش: العالم يجب أن يعي أن الأمور متشابكة جداً.أن الداخل مرتبط بالخارج والخارج مرتبط بالداخل. من الجيد خلال المظاهرات رفع شعارات المطالبة بالحرية أو ذهاب الديكتاتور أو إسقاط النظام. لكن على سبيل المثال إذا أردت بناء مصر جديدة دون تحليل للسياسة الدولية فأنت تلعب، يجب درس الوضع الدولي وفهمه والعمل على أساسه خلال الثورة. إذا رأيت في تونس أن عائلة الطرابلسي هي مشكلتك الأساسية وإذا رحلوا فقد حلت المشكلة فأنت لا تفهم شيئاًَ. يجب الفهم أن النظام العالمي هو الفاسد وبالتالي يجب أخذ موقف من الوضع الدولي للتمتع بالإستقلالية.

سمية: برأيك إلى أين تتجه الأمور في ليبيا، هل ترجح احتلالاً أميريكياً لليبيا؟

أنيس النقاش: الأميريكيون خائفون من ليبيا. الأميريكيون لم يطالبوا حتى الآن القذافي بالرحيل على غرار ما حدث في مصر وتونس, فالمصالح النفطية لا تزال مجهولة والتيارات الإسلامية في ليبيا أكثر تطرفاً من الإخوان المسلمين في مصر. لذا فواشنطن تعمل لتدارك ما يجري بدعم تشكيل مجلس وطني مؤقت يضمن بقاء ليبيا في القطار الأميريكي.

سمية: هل تتوقع سقوط القذافي قريباً؟


أنيس النقاش: سقوطه حتمي، المسألة مسألة وقت.

سمية: كيف تفسر التباين بين الموقف الأميريكي وموقف الإتحاد الأوروبي اتجاه الوضع الليبي، فواشنطن تطالب بتدخل عسكري في وقت يلزم الإتحاد الأوروبي الصمت؟
أنيس النقاش: للتباين سببين، أميريكا تملك حرية الحركة أكثر لأنها جغرافياً بعيدة عن ليبيا، أما الأوروبيون فهم أقرب إلى ليبيا. الأفارقة ينطلقون إلى ايطاليا واليونان عبر ليبيا. لذلك أي تدخل غير مدروس للأوروبيين يعني تصادم مع شمال إفريقيا. السبب الثاني،لقد تمّ ضرب الأوروبيين في الصميم، شركات النفط الأميريكية التي تعمل في ليبيا تعمل في النفط العالمي أي إذا توقف النفط الليبي عن أميريكا تستطيع الأخيرة الإستمرار. لكن إذا توقف عن ايطاليا هذا يعني توقف أربعين بالمئة من مصادر الطاقة، ثلاثين بالمئة من نفط إسبانيا، عشرين بالمئة من نفط فرنسا. لذلك الأوروبيين يلزمون الحياد لأنهم لا يريدون الإصطدام مع القوى الشعبية ولا مع القذافي من أجل ضمان مصالحهم.

سمية: في البدء، طالبت الإدارة الأميريكية بتدخل عسكري في ليبيا، ثم تراجعت واشنطن عن مطلبها.ما السبب برأيك خلف هذا التغيير؟

أنيس النقاش: الحديث الأميريكي حول تدخل عسكري في ليبيا كان ذو طابع سياسي. لكن من يحسم الأمور هو البنتاغون. وزير الدفاع روبرت غيتس يقول إن أي تدخل عسكري بحاجة إلى قرار دولي. حرب العراق تمّت دون موافقة دولية، لقد اختلفت موازين القوى، البنتاغون لا يريد أن يدخل أي حرب بعد الآن، الجيش بحاجة إلى أربعة آلاف جندي جديد في صفوف الإحتياط شهرياً وهو ما لم يعد باستطاعته الحصول عليه. قرار الحرب والسلم بيد البنتاغون. كل ما يستطيع وزير الدفاع روبرت غيتس قوله للمعارضة الليبية، نحن باستطاعتنا مساعدتكم وتسليحكم، لكن ليس باستطاعتنا القتال عنكم.

No comments: