**English Machine translation Please scroll down for the Arabic original version **
مصر وحالة اللامعقول… أمن قوميّ أم أمن الرئيس؟
أثار حادث جنوح الباخرة «إيفر غيفن» منذ أيام وسدّها مجرى الملاحة في قناة السويس، تسونامي من الأخبار والتعليقات والتحليلات، اعتمد كثير منها على نظرية المؤامرة، التي وإنْ كانت غالباً على خطأ، إلا أنها قد تصيب أحياناً، ومما لا شك فيه، أنّ تأثيرات هذا الحدث ولا بد، استراتيجية بامتياز، وسوف تكون لها تداعيات مهمة في الزمن القريب، انه ليس حدثاً عابراً.
تتعطل الموانئ السورية، اللاذقية، بانياس وطرطوس، يتمّ تدمير ميناء بيروت بفعل فاعل، يتوقف ميناءا عدن والحديدة عن العمل بسبب الحرب والحصار، وأخيراً تجنح سفينة «إيفر غيفن» التي تحمل بضائع يقلّ وزنها قليلاً عن ربع مليار طن بسبب الرياح، والنتيجة أن تغلق قناة السويس أمام حركة الملاحة، فيما تعمل موانئ الخليج بنشاط، مثلها مثل موانئ حيفا وأسدود، ويتداول الجميع الحديث عن قناة بديلة، تصل بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، من عسقلان حتى أيله (ايلات)، وعلى شواطئها مدن صناعيّة وتجمّعات عمالية وفنادق ومراكز ترفيه.
فكرة قناة السويس في البداية، ارتبطت بالغرب وتوسّعه وحركة تجارته العالميّة وتنافسه الاستعماريّ، حفر المصريون القناة بجهدهم وعرقهم في منتصف القرن التاسع عشر، وفقدوا مئات ألوف الأرواح أثناء عملية الحفر، وذلك باستعمال الفأس والقفة، وحققوا خلال عشر سنوات، معجزة هندسيّة تفوق في روعتها وفوائدها وتأثيرها أهرامات الجيزة، لكن ورثتهم لم يحافظوا عليها، وحتى عملية تطويرها التي انتهت عام 2015 لم تكن ذات بال وأهميّة، وهنا يتضح أنّ المسألة ليست مسألة سفينة جانحة بحادث عرضي، أو رياح عاتية، وإنما فشل للنظام.
في عام 1888 وقعت اتفاقية القسطنطينية، لإدارة قناة السويس والتي حدّدت حقوق السفن العابرة للقناة، وكذلك الحقوق والواجبات المترتبة على مصر، ومع تقدّم الزمان، تطوّر القانون الدولي المتعلق بالمضايق والممرات وأضاف على اتفاقية القسطنطينية التي لا تزال معمولاً ومعترفاً بها، بنوداً عديدة تحكم وتنظم عمل القناة، وهي تشمل حرية الملاحة والمرور السريع البريء والآمن للجميع، ومن دون تمييز تجاه العلم الذي ترفعه السفينة الذي يمثل الدولة التي سجلت السفينة بها، ويحظر كلّ من الاتفاقية المذكورة والقانون الدولي إغلاقها، وفي حين تملك مصر حقوقاً في القناة باعتبارها جهداً مصرياً في أرض مصرية، إلا أنها في الوقت عينه ترتب عليها مسؤوليات، وذلك بأن تقوم بما يلزم من أجل سلامة المرور، وصيانة الممر، وتأمين وسائل تيسير الملاحة، وضمان سلامة السفن، وحيازة ما يلزم من آليات الطوارئ في حال تعطلت القناة. فالممرات المائيّة يحظر إغلاقها لما في ذلك من تأثير على السلم العالمي، وأمام خطورة هذا الحدث الذي أثبت أنّ الدولة الفاشلة غير قادرة على إدارة هذا الممر الحيوي، الأمر الذي قد يضع إمكانيّة وضع إدارة القناة تحت رعاية دوليّة أمراً ممكناً.
الفشل عند هذا النظام، لم يبدأ عند حادث السفينة، فالنظام أصلاً لم يستطع المحافظة لا على مكانته العربيّة والأفريقية والإسلامية فحسب، ولا على علاقاته بجواره غرباً في ليبيا التي عادت وستعود عليه بالكوارث، مقابل خدمته لأولياء النعمة ومصدر بقائه في الحكم، أو جنوباً في السودان، الذي تقسّم وأخذ ينحو بشطريه الجنوبي والشمالي بعيداً عن مصر وعن المحيط العربي، وفشل النظام في التعاطي مع سدّ النهضة، الذي أخذ يمتلئ بالماء وأصبح أمراً واقعاً، فيما رجال النظام وقططه السمان يموّلون السدّ المعادي ويقرضون الحكومة الإثيوبيّة، بشرائهم سندات تمويل السدّ، لإماتتهم وإماتة المصريين عطشاً، مقابل فوائد ربوية، فيما حلفاء النظام السعوديين والإماراتيين، الذين يحارب نظام عبد الفتاح السيسي من أجلهم، نراهم يقفون إلى جانب إثيوبيا.
لم يرَ نظام العسكر في مصر، من مخاطر على بلده من الحرب الأهلية وليبيا، ولا في جنوب السودان، وما يحضّر له من سدود ومشاريع مائية، بخبرة وشركات (إسرائيلية) وأموال خليجيّة تقضي على إمدادات المياه من بحيرة فكتوريا والنيل الأبيض، ولا أمام خطر العطش الذي سيصيب مصر بعد اكتمال المشاريع على جميع روافد النيل، ويتنازل عن جزر مهمة لأمنه القوميّ في مضائق البحر الأحمر – تيران وصنافير – والتي كانت السبب المباشر لحرب عام 1967، والتي ستكون متكآت ملاحيّة لمشروع القناة البديلة.
إنها هزيمة لنظام العسكر، لصورة الدولة الشرقيّة في أذهان العالم، أنهم مثال للهزيمة في الحرب، والفشل في الإدارة، والاستبداد بالحكم، وعلى سبيل المثال البسيط، نرى وزير النقل المصري وهو جنرال متقاعد لا يرى في حادث السفينة مسؤوليّة إلا مسؤولية الرياح، التي استطاعت إزاحة سفينة متطوّرة يصل وزنها مع حمولتها إلى ربع مليار طن، في حين يتمّ تداول روايات سخيفة حول سبب الحادث والمسؤولية عنه.
هذا انكشاف لعورات نظام متهافت، فشل في الحفاظ على البلد وعلى أمنها القوميّ، يخوض حروباً بالوكالة في ليبيا، وأخرى في جنوب جزيرة العرب، يتحالف مع «إسرائيل» واليونان في خطوط الغاز، ويفرّط بحقوقه المائيّة التي هي سرّ بقاء مصر المعروفة في التاريخ باسم هبة النيل، عاجز عن التعامل مع الأزمات الاقتصادية الخانقة والمتلاحقة وغير قادر على حلها، البطالة تتفاقم وتزداد بمعدلات مزعجة وترافقها انهيارات اجتماعيّة، فساد مستشرٍ في كافة قطاعات الإدارة القاصرة، أبراج سكنية تنهار فوق أجساد ساكنيها، فيما لا يرى من مهدّدات للأمن القومي إلا في المعارضة الداخليّة، وزجّ 60 ألف من مواطنيه في السجون، بتهمة الانتماء للإخوان المسلمين، فيما بعضهم من الأقباط…
إنه نظام العسكر، ومصر التي نامت نواطير أمنها القومي ومصالحها العليا، فيما عاثت بها الثعالب ضراً وفساداً، لكم تحتاج إلى حاكم بعقلية السلطان العثماني محمود الثاني، الذي أنهى سيطرة العسكر الانكشاريّ على الدولة، بعد أن أصبحوا عبئاً ثقيلاً عليها، ومصدراً من مصادر ضعفها وهوانها.
اليوم في أمّ الدنيا كما يحب أهل مصر تسميتها، نرى في نظام العسكر، انّ الحمار قد أكل الأمن القوميّ وأبقى على أمن الحاكم وضرورات بقائه.
*سياسي فلسطيني مقيم في جنين – فلسطين المحتلة
Egypt and the state of the absurd … national security or the security of the president?
The accident of the delinquency of the ship «Ever given» days ago and blocked the course of navigation in the Suez Canal, a tsunami of news, comments and analysis, many of which relied on the conspiracy theory, which although often wrong, but may sometimes infect, and no doubt, that the effects of this event must, strategy par excellence, and will have important repercussions in the near time, it is not a passing event.
The Syrian ports, Latakia, Banias and Tartus are destroyed by an actor, the ports of Aden and Hodeidah stop working due to the war and siege, and finally the ship “Ever Geven” which carries goods weighing just under a quarter of a billion tons due to the wind, the result is that the Suez Canal is closed to shipping traffic, while the Gulf ports are working actively, as are the ports of Haifa and Ashdod, and everyone talks about an alternative channel, connecting the Mediterranean and the Red Sea, from Ashkelon to Ayla (Eilat), and on its shores industrial cities, labor gatherings, hotels and entertainment centers.
The idea of the Suez Canal at the beginning, associated with the West and its expansion and the movement of its world trade and its colonial competition, the Egyptians dug the canal with their effort and sweat in the middle of the nineteenth century, and lost hundreds of thousands of lives during the drilling process, using the axe and the shell, and achieved in ten years, an engineering miracle beyond In its splendor and its benefits and impact the Pyramids of Giza, but their heirs did not preserve it, and even the process of development that ended in 2015 was not significant and important, and here it is clear that the issue of a ship is not a matter of ship accidentally, or high winds, but a failure of the system.
In 1888, the Constantinople Agreement was signed for the management of the Suez Canal, which defined the rights of ships crossing the canal, as well as the rights and duties of Egypt, and as time progressed, the development of international law on straits and corridors, added to the Convention of Constantinople, which is still in force and recognized, many clauses governing and regulating the operation of the canal, which includes freedom of navigation and rapid, innocent and safe passage for all, without discrimination against the flag that the ship flies in, which represents the country in which the ship is registered, and both the aforementioned convention and international law prohibits its closure. While Egypt has rights in the canal as an Egyptian effort on Egyptian territory, it has responsibilities to do what is necessary for traffic safety, maintain the corridor, secure the means of facilitating navigation, ensure the safety of ships, and possess the necessary emergency mechanisms in the event of a breakdown of the canal. Waterways are prohibited from being closed because of the impact on world peace, and in the face of the seriousness of this event, which has proved that the failed State is unable to manage this vital corridor, which may place the possibility of placing the management of the canal under international auspices.
Failure with this system did not begin when the ship accident, for the regime originally could not preserve its Arab, African and Islamic status only, nor its relations with its side to the west in Libya, which returned and will return to it with disasters, in return for its service to the saints of grace and the source of its survival in power, or to the south in Sudan, which is divided and began to turn its southern and northern parts away from Egypt and the Arab ocean, and the failure of the regime in dealing with the Renaissance Dam, which began to fill with water and became a fait accompli, while the regime’s fat cats were financing the hostile dam and lending to the Ethiopian government, by buying bonds to finance the dam, to kill them and let the Egyptians thirst in exchange for usurious interest, while the regime’s allies, Saudi and Emirati whom the regime of Abdel Fattah Al-Sisi is fighting for, are standing by Ethiopia.
The military regime in Egypt does not see the dangers to its country from the civil war and Libya, nor in southern Sudan, and the dams and water projects prepared, with experience and (Israeli) companies and Gulf funds that eliminate water supplies from Lake Victoria and the White Nile, nor the danger of thirst, which will afflict Egypt after the completion of projects on all the tributaries of the Nile. Moreover, the regime gave up important islands for its national security in the straits of the Red Sea – Tiran and Sanafir – which were the direct cause of the 1967 war, and which will be navigational anchors for the alternative canal project.
This is the exposure of the states of a reckless regime, which failed to preserve the country and its national security, is engaged in proxy wars in Libya, and another in the south of the Arabian Peninsula, allied with Israel and Greece in gas lines, and overrides its water rights, which are the secret of Egypt’s survival known in history as the Gift of the Nile, unable to deal with the economic crises stifling and successive and other Unemployment is worsening and increasing at alarming rates and accompanied by social collapses, widespread corruption in all sectors of the underage administration, residential towers collapsing over the bodies of its inhabitants, while it sees no threats to national security except in the internal opposition, and 60 thousand of its citizens are imprisoned, accused of belonging to the Muslim Brotherhood, while some Copts.
Today in the mother of the world, as the people of Egypt like to call it, we see in the military system that the donkey has eaten national security and kept the security of the ruler and the necessities of his survival.
*Palestinian politician residing in Jenin, Occupied Palestine
No comments:
Post a Comment