Monday 6 December 2010

Al-Akhbar and Wikileaks

«الأخبار» و«ويكيليكس»


ابراهيم الأمينقصّة الوثائق العائدة إلى وزارة الخارجية الأميركية، التي تحوّلت الى حقّ عام من خلال «ويكيليكس» سوف تظل محل نقاش لن ينتهي، ولو ادّعى طرف ما في العالم معرفته بحقيقة الأمر. كل الأطراف، بما في ذلك الذين حصلوا على حصرية بعض المواد، ومنهم «الأخبار»، لن يبوحوا بطريقة الحصول على الوثائق. ولا أحد يمكنه حتى الآن، اكتشاف ما يحصل. أمّا الادّعاءات بوجود لعبة استخباريّة عالمية، فأمر يحتاج الى تدقيق، ودعوة الى القليل من التمهّل حتى لا يقع الجميع في فخ المؤامرة.لكن الأهم من كيفية الحصول على الوثائق، معرفة حقيقة أن الولايات المتحدة تحولت في العقدين الأخيرين الى مصدر القرار في العالم. أي إن ما فيها من وزارات عامة صارت متدخّلة في شؤون معظم شعوب العالم. وصار لزاماً على هذا العالم، وعلى الرأي العام العالمي، التدخل لمعرفة ما يحاك باسمه أو ضده، وما من مفاجآت إلا عندما يفتح باب أرشيف وكالات الاستخبارات في الولايات المتحدة وبعض دول الغرب.علينا أن نسأل أولاً لمَ الاهتمام الشعبي بوثائق ويكيليكس؟

الأكيد أن الأمر يتجاوز حب التلصّص على السياسيين، وهو يعبّر عن حجم انعدام الثقة بين المواطنين وحكوماتهم في معظم أرجاء العالم. وهو إشارة إلى العجز الذي يصيب الديموقراطيات حول العالم، إذ لم تحُل صناديق الاقتراع دون انعدام الشفافية في اتخاذ القرارات السياسية.ثم علينا أن نفهم أنّ ما يجري هو شكل من أشكال المقاومة لنظام القطب الواحد. فمنذ نهاية الحرب الباردة، وأشكال المقاومة للنظام العالمي قاصرة ومنتمية إلى النظام السابق أكثر ممّا هي معدّة لمواجهة الإمبراطورية الجديدة. بهذا المعنى، قد تكون وثائق «ويكيليكس» بداية لأشكال اعتراض حديثة.ولكن، هل نتعامل مع هذه الوثائق من دون سؤال مهني، أو أخلاقي أو سياسي؟

قررنا في «الأخبار» التعامل مع الأمر وفق سياسة واضحة. ونحن نعتمد ما يُلزمنا أحياناً بعدم نشر كمية كبيرة من الوثائق التي بحوزتنا. فنحن نمتنع عن نشر ما يعرّض حياة أيّ مسؤول للخطر، لكنّنا نصرّ على نشر كلّ ما يعرّض أيّ مسؤول، مهما علا شأنه، للمحاسبة.

نمتنع عن نشر ما يعرّض حياة أيّ مسؤول للخطر، لكنّنا نصرّ على نشر كلّ ما يعرّضه للمحاسبة
ونحن نرى أن من حق المواطنين في لبنان، الذين عانوا ما عانوه، أقلّه منذ 2005 حتى اليوم، والذين استُخدموا وقوداً في التظاهرات، فيما هُمّشوا تماماً عن مصادر القرار، أن يعرفوا ما كان يحاك في السفارات. ومن حقنا كرأي عام، أن نرفع الصوت حيث يصمت السياسيون لأجل محاسبة كل من حوّل نفسه، ومن موقعه الرسمي، الى مخبر صغير يسهم في التحريض على أبناء جلدته.


كذلك نعرف أن من حق المواطنين العرب الذين يعانون ما يعانونه من قمع، أن يعرفوا حجم التواطؤ الذي يربط زعماءهم بالسفارات الأميركية. ومن حق الجميع أن يعرف كيف أنّ كلّ الشعارات الوطنية تختفي ما إن تحطّ قدما أي مسؤول سياسي أو أمني داخل أيّ سفارة أميركية. هناك يصبح حفظ الرؤوس والمواقع مسيطراً. هناك تصبح الوشاية بالخصوم السياسيين عادةً. هناك يختفي الحديث عن الأوطان ليبدأ الحديث عن الطوائف والأعراق والقبائل. هناك يتبنّى الجميع المفردات الأميركية، والمنظار الأميركي الذي تشاهَد المنطقة عبره.

التعامل مع موضوع كبير بهذا الحجم ليس بالنسبة إلينا مجرّد فرصة إعلامية استثنائية تضع «الأخبار» محلّ اهتمام الصحف العالمية. نحن نرى في ما يجري نوعاً من الاختبار لحجم التزامنا بما كتبه أستاذنا الراحل جوزيف سماحة في العدد الأول تحت عنوان «توقيت صائب»: «ندرك أنها مغامرة، غير أنها مغامرة محسوبة. سنفعل ذلك معلنين أننا ننتمي، سياسياً، إلى معسكر رافضي الهيمنة، وهو معسكر يمتدّ من قلب الولايات المتحدة الأميركية إلى أقاصي الشرق وأفريقيا وأميركا الجنوبية وأوروبا، ومعلنين أيضاً أننا ننتمي، مهنياً، إلى معسكر الحرص على التعددية والديموقراطية والموضوعية والحداثة والثقافة الإبداعية».

River to Sea Uprooted Palestinian

No comments: