قمة طهران: لا تهاون مع الإرهاب… ولعبة الكيميائي مكشوفة… والخطوة التالية شرق الفرات
كتب المحرّر السياسيّ
الحدث الإقليمي والدولي كان أمس في طهران، حيث انعقدت على الهواء بصورة جذبت أنظار العالم، أول قمة من نوعها، تحاوَرَ خلالها أمام الرأي العام العالمي، رؤساء روسيا فلاديمير بوتين وإيران حسن روحاني وتركيا رجب أردوغان، ولأن القمة تنعقد وعلى جدول أعمالها مستقبل إدلب، ولأن المعركة الوحيدة المتبقية لحسم مستقبل سورية هي في إدلب، والرهان على قيام الرئيس التركي بتعطيل المعركة، كانت العروض وكانت التهديدات، ومعها الحرب النفسية في ساحات الاشتباك الممتدة على مساحة المنطقة بين واشنطن وبين قوى المقاومة، وكان الكل ينتظر قمة طهران.
في القمة كان الرئيس الروسي في ضفة الصقور والرئيس الإيراني بابتسامته الاحتوائية في ضفة الحمائم، وكانت رسالة ذات مغزى من طهران وموسكو للمراهنين على أن إيران مَنْ يدفع باتجاه المعركة وأن روسيا تتمهّلها، ليسقط رهان المراهنين وتصيبهم الدهشة. وكانت سلاسة كلام الرئيسين الروسي والإيراني في مقابل تلعثم وتأتأة الرئيس التركي، والوجه المشرق للرئيس الإيراني والملامح الغاضبة للرئيس الروسي، مقابل شحوب الرئيس التركي، إشارات تترافق مع المضمون حول قرار قد اتخذ بالحسم في إدلب، وخيارات ضيقة أمام الرئيس التركي بين السير بالخيار، أو الخروج من المسار، ومواجهة الثنائي الروسي الإيراني دفاعاً عن جماعات إرهابية مكشوفة، وفي ظل أسوأ أزمة علاقات بين أنقرة وواشنطن، فاختار معادلة «ببكي وبروح» التي اعتمدتها المعارضات السورية العاملة تحت عباءة تركيا، في كل مرة تهدّد وتتوعّد ثم تنصاع. وبدا أن التحفظات التركية تعبير عن قلق من خسارة الدور والمكانة، فكان كلام أردوغان عما بعد إدلب واضحاً في تركيزه على ما يجري في شرق الفرات وما يعدّه الأميركيون مع جماعات كردية مسلحة، يهدد وحدة سورية، وأمن تركيا، ليسمع كلاماً واضحاً أضيف إلى بيان القمة، باعتبار الخطوة اللاحقة لإدلب هي شرق الفرات.
التدرّج في المعركة وتجزئتها إلى مراحل هو السياق الذي ستجري من خلاله عملية ضرب الإرهاب، كما قالت مصادر مواكبة للقمة، وفتح ممرات آمنة للمدنيين سيكون ملازماً لكل مرحلة، والاستعداد لكل الاحتمالات قائم، خصوصاً مع التأكيدات التي صدرت عن الرئيس بوتين بتوثيق تحضيرات أميركية وغربية لعدوان يستهدف سورية تحت عنوان مفبرك ومكرّر هو استخدام السلاح الكيميائي.
بالتوازي كان العراق يدخل المزيد من الفوضى، وكانت البصرة تسير إلى الخراب وتحترق، قبل أن تتوجّه قوات عسكرية نوعية ليلا لفرض حظر التجول، وبعدما أعلنت تنسيقية التظاهرات انسحابها لخروج التظاهرات عن سلميتها وتحولها إلى مشروع خراب تحرّكه قوى مشبوهة، خصوصاً بعدما تمّ اقتحام القنصلية الإيرانية وإحراقها ومحاصرة المقار الرئاسية، بعدما تم إحراق مقار أحزاب عراقية عديدة، فيما سجّل سقوط قذائف قرب السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء.
في لبنان كانت أزمة تعطّل نظام تسجيل الحقائب في مطار بيروت خبر اللبنانيين الباحثين عن حقائب وزرائهم الضائعة فصاروا يبحثون عن حقائب سفرهم التي ضاعت، وفيما تنشّطت حكومة تصريف الأعمال لاجتماع وزاري لبحث المشكلة، كانت مساعي التهدئة بين بعبدا وبيت الوسط تنتهي بتفاهم على وقف السجالات وتهدئة الشارع بعد أيام من حرب صلاحيات كادت تتحوّل حرباً بين الطوائف بدلاً من الاحتكام إلى دستور الطائف.
تعنُت الحريري يُجمِّد المبادرة الروسية!
أسابيع عدة مرّت على إطلاق روسيا مبادرتها للمساعدة في حل أزمات النازحين السوريين في دول النزوح، إلا أن المبادرة جُمِّدت ولم تشقّ طريقها الى التنفيذ حتى الآن، رغم المحاولات الروسية المتكررة مع الدولتين اللبنانية والسورية ودول أخرى لتأليف لجان تنسيق مشتركة بين هذه الدول والتواصل مع الدولة السورية لوضع آليات تطبيقية لإعادة النازحين. أما السبب فهو عدم تشكيل اللجنة اللبنانية التي من المفترض أن تتعاون مع اللجنة الروسية في ظل غياب قرار لبناني رسمي واضح من هذه المبادرة والخلاف السياسي القائم وتعنُّت الرئيس المكلف سعد الحريري ورفضه التواصل المباشر مع الحكومة السورية تارة وانتظاره تشكيل الحكومة الجديدة طوراً، بحسب ما أكدت لـ»البناء» مصادر رسمية مطلعة على ملف العلاقات اللبنانية السورية، والتي أوضحت أن «روسيا من خلال المبادرة التي أطلقتها شكلت غطاءً دولياً لعودة النازحين في ظل المعارضة الأميركية لهذا الأمر، كما يمكنها تقديم تسهيلات وضمانات أمنية للعودة، لكنها لن تحل مكان الحكومة اللبنانية ولا مكان الدول الأخرى التي عليها أن تتواصل مع الحكومة السورية عبر لجان التنسيق للاتفاق معها على آليات تنفيذية للعودة». وذكرت المصادر بـ»موافقة الرؤساء الثلاثة في لقائهما في بعبدا على المبادرة الروسية»، ولفتت الى أن «الامن العام اللبناني هو الذي يتولى تنسيق الجهود الداخلية لتحفيز النازحين على العودة والتواصل مع السلطات السورية». وإذ أشارت الى أن المدير العام للامن العام زار سورية خلال اليومين الماضيين لمتابعة هذا الملف، نفت ما تردّد عن أن «اللواء ابراهيم طلب مساعدة روسيا في استصدار عفو عام من الدولة السورية للنازحين الصادرة بحقهم أحكام قضائية»، موضحة أن «ابراهيم ليس بحاجة الى واسطة للتحدث مع سورية بل هو يزورها دائماً بتكليف رسمي ويتحدث معها بكامل جوانب الملف». وأكدت أن «السلطات السورية تتعاون بشكل كبير مع الأمن العام من خلال دراسة طلبات النازحين الذين ترسلهم المديرية من الناحية القانونية والردّ عليها بأسرع وقت ممكن كما عملت على تسوية أوضاع الكثير من النازحين ممن لديهم ملفات قضائية وتهرُّب من الخدمة العسكرية»، نافية أن يكون الأمن «قام بتسليم أحد المطلوبين الى السلطات السورية». وكشفت المصادر بأن «عدداً كبيراً من النازحين يعودون الى سورية من دون وساطة أحد وبلغ عددهم في شهر آب المنصرم فقط حوالي 30 ألفاً». وأشادت المصادر بمشاركة عدد من الوزراء اللبنانيين بافتتاح معرض دمشق الدولي معتبرة ذلك «خطوة طبيعية وإيجابية تصب في مصلحة لبنان وفي اتجاه التعاون وتفعيل الاتفاقات بين الدولتين وتعزيز دور لبنان في المرحلة المقبلة في سورية لا سيما إعادة الإعمار وفتح معبر نصيب».
وفي سياق ذلك، أعلنت المديرية العامة للأمن العام في بيان عن تأمين العودة الطوعية لمئات النازحين السوريين من مناطق مختلفة في لبنان إلى سورية عبر معابر المصنع ، العبودية والزمراني يوم غدٍ»، محددة نقاط التجمّع في مختلف المناطق اللبنانية.
ونفت وزارة الخارجية الروسية أن تكون موسكو اقترحت «نشر وحدة الشرطة العسكرية الروسية في منطقة البقاع شرق لبنان لمرافقة عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم»، وأكدت الوزارة في بيان «أنها تنظر إلى مثل هذا التسريب لوسائل إعلام كويتية على أنه محاولة أخرى لتضليل قرائها وإلحاق الضرر بالجهود الروسية حول ضمان عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم».
حراك على خط بعبدا بيت الوسط
وقد سُجِل يوم أمس، حراك على خط بعبدا – بيت الوسط قام به بعض الوسطاء لاحتواء الموقف بين الرئاستين، حيث أوفد الرئيس المكلف مستشاره وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال غطاس الخوري حيث التقى عون وأجرى معه جولة أفق في الأوضاع العامة ومسار تشكيل الحكومة العتيدة. وذكرت قناة «أم تي في» نقلاً عن مصادر أن «الحريري حريص على التسوية الرئاسية ويعمل على لملمة الأجواء المتوترة». ولفتت الى أنه «خلال الـ48 ساعة المقبلة سيعود الهدوء الى الساحة السياسية»، منوّهةً الى ان «العمل جارٍ لسحب موضوع الصلاحيات عن الاعلام». كما لفتت الى ان «الصيغة الحكومية التي قدّمها الحريري الى رئيس الجمهورية هي صيغة مبدئية قابلة للأخذ والعطاء والتبديل»، بينما لفتت مصادر «البناء» الى أننا في مرحلة استعادة الهدوء وتمهيد الأجواء لزيارة يقوم بها الرئيس المكلف الى بعبدا لإعادة المفاوضات بين الرئيسين.
وخرج الحريري عن صمته أمس، ملاقياً مساعي التهدئة، محدداً القواعد التي انطلق منها في عملية التأليف، ولفت الى أن «كل القوى السياسية تتفق على ضرورة تشكيل الحكومة اليوم قبل الغد»، موضحاً أنني «انطلقت من 3 قواعد بهذا الخصوص، القاعدة الاولى أن تكون الحكومة حكومة وفاق وطني تجمع جميع القوى السياسية، والثانية بما انني سأجمع القوى السياسية حول طاولة مجلس الوزراء ، ولا فائدة من الكلام فوق السطوح والتصعيد والاتهامات انا أعمل بصبر وكتمان وهدوء للوصول لهذا الهدف». وشدد على ان «القاعدة الثالثة هي أنا اعلم الدستور وأعمل كرئيس مكلف على أساس الدستور ولا داعي للسجالات».
على صعيد بعبدا لا جديد يُذكَر، وسط استغراب كبير إزاء الحملة التي يتعرّض لها رئيس الجمهورية فقط لانه أبدى رأيه بتشكيلة الحريري، وسأل النائب الياس بو صعب : «هل من يعطي رأيه بتشكيل الحكومة أصبح متعدياً على صلاحيات الآخر وبات مخالفاً للدستور؟»، مشيراً إلى أنه «على الجميع أن يُعيدوا حساباتهم». وفي حديث تلفزيوني، لفت بو صعب إلى أنه «قد يكون هناك طابور خامس يقطع الوقت لأن يصدر قرار بتشكيل الحكومة وهذا القرار لم يأخذ بعد»، مشيراً إلى أن «على رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أن يجد حلاً لتشكيل الحكومة ويتبع معياراً واحداً يرضي جميع الأفرقاء السياسيين».
من جهته، دعا وزير المال علي حسن خليل، جميع القوى السياسية الى «تجنّب رفع وتيرة الخطاب السياسي، وتحييد المسائل الميثاقية والدستورية عن النقاش التفصيلي بتشكيل الحكومة». وقال في كلمة له في الجنوب: «من المخاطر الكبرى في لحظة سياسية كالتي نمرّ بها على مستوى المنطقة وعلى مستوى لبنان، أن نتعاطى بخفة مع هذه المسألة التي تشكل اليوم التحدي الأكبر أمامنا جميعاً. من حق الجميع أن يطالب، من حق الجميع أن يضع قواعد وشروطاً، لكن ليس على حساب الدستور والنظام العام وعلى حساب الوصول الى تفاهم يُخرجنا من أزماتنا التي نعيش».
أزمات بالجملة…
وفي وقت تمكّنت الاتصالات من استيعاب عاصفة السجالات السياسية والدستورية التي هبت خلال الأيام القليلة الماضية، انهمكت الدولة ومؤسساتها في قضية توقف نظام الاتصالات المخصّص لتسجيل حقائب الركاب المغادرين عبر مطار بيروت الدولي ما أدى إلى توقف كلي لعملية التسجيل وازدحام في قاعات المغادرة من ليل أمس الأول حتى الفجر منه فتأخر إقلاع الطائرات وأرجئت الرحلات المحددة الى دول العالم، وسط تبادل للاتهامات ورمي المسؤوليات بين الوزارات المعنية والشركة المسؤولة «سيتا» من دون تحديد الجهة المسؤولة.
وقد عقد الرئيس الحريري اجتماعاً طارئاً في بيت الوسط حضره وزراء المال والداخلية والأشغال وقادة الأجهزة الأمنية والمسؤولون عن المطار، واعتبر وزير الأشغال والنقل يوسف فنيانوس بعده أن «المشكلة التي واجهناها اليوم تتعلق بمشكلة تقنية حصلت مع شركة خاصة «سيتا» التي تتعامل مع دول عدة غير لبنان». أكّد فنيانوس أن «العمل عاد إلى حالته الطبيعية في المطار». وأوضح أن «قوى الأمن الداخلي بدأت بأخذ الإفادات لتحديد المسؤوليات»، وتابع: «اجتمعنا مع شركة «سيتا» التي ستعوّض المتضررين وننتظر بياناً صادراً عنها».
في المقابل طلب وزير العدل سليم جريصاتي من النيابة العامة التحقيق مع وزارة الاشغال والجهات المعنية للوقوف على ما حصل.
وفي مقلب آخر، بدأ الخلاف السياسي والحكومي ينعكس على الوزارات والمؤسسات، حيث تحوّل قرار إعفاء وزير التربية مروان حمادة رئيسة دائرة الامتحانات في الوزارة هيلدا خوري من موقعها قضية طائفية واستدرجت ردود فعل غاضبة وتصعيدية من نواب التيار الوطني الحر الذين اعتبروا أن الإعفاء جاء بسبب انتماء الموظفة السياسي للتيار الحر، وطالب بعضهم وزراء تكتل لبنان القوي المعاملة بالمثل في وزاراتهم متّهماً بشكل مباشر تيار المستقبل والحزب الاشتراكي بالفساد، بينما ردّ الاشتراكي بأن ما حصل تدبير إداري.
واتهم النائب زياد أسود وزير التربية بأنه جزء من منظومة فساد وغطاء مع تيار المستقبل. وقال عبر «تويتر»: «عندما تقولون إننا عنصريون تثبتون أنكم حقيرون». وتابع: «ادعو وزراء التيار الى اقالة من ينتمي الى مروان حمادة وفريقه، وليكن الأسلوب نفسه عبرة لمن اعتبر طالما ان الكيدية والميليشياوية طاغية والحكم ليس للقوانين والأخلاق بل للتشبيح والشبيحة».
أما عضو اللقاء الديموقراطي النائب بلال عبد الله فردّ على نواب التيار في تغريدة عبر تويتر قائلاً: «نواب التيار اللبناني العظيم هذا الأسلوب ليس معنا.. لا نريد أن نقول لكم بلطوا البحر».
هذا الواقع الداخلي المُثقل بجملة الأزمات المتتالية من الكهرباء والماء والنفايات والتلوّث البيئي والصحي وتعطّل المطار وغيرها، يدعو للتساؤل عن وجود جهة ما تعمل على التهديد بالانهيار المالي والاقتصادي وافتعال هذه المشاكل وتظهيرها إعلامياً وسياسياً بالتزامن مع عملية تشكيل الحكومة وفي خضم شد الحبال والتفاوض الشاق على التأليف!.
على صعيد آخر، تابع رئيس الجمهورية الأوضاع المالية والاقتصادية في البلاد، وترأس لهذه الغاية في قصر بعبدا أمس اجتماعاً حضره وزير المال ورئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان، وأكد عون إعطاءه الوضع الاقتصادي الأولوية ضمن اهتماماته، فيما شدّد خليل على سلامة الوضع المالي والنقدي برغم صعوبة الاوضاع الاقتصادية. واعتبر كنعان، بدوره، أن «التهويل بالانهيار الاقتصادي في غير محله»، مشدداً على ضرورة مواصلة الإصلاحات التي بدأها لبنان منذ إقرار موازنة عام 2018.
«إسرائيل» تستكمل بناء الجدار
وفيما يتلهى اللبنانيون بخلافاتهم السياسية والحكومية المستحكمة يقتنص العدو الإسرائيلي الفرصة لتوجيه التهديدات الى لبنان ومحاولة التعدي مجدداً على أرضه ومياهه وجوّه وثروته النفطية، فيما الأجدى بلبنان الحفاظ على وحدته الوطنية للدفاع عن حدوده وثرواته وسيادته الوطنية، فبعد التهديدات للثروات النفطية أعلن الجيش الإسرائيلي أمس، أن «قواته أوشكت على استكمال إقامة جدار إسمنتي، على طول الحدود مع لبنان».
- بوتين وروحاني يحسمان السير بمعركة إدلب… وأردوغان يطلب ضمانات لما بعدها
- بوتين يعارض أردوغان: لا لوقف إطلاق النار في إدلب
- بوتين: الإرهابيون يحضرون لأعمال استفزازية كيميائية روحاني: ما بعد إدلب يأتي دور تحرير شرق الفرات أردوغان: لإعط…
- التحالف الأميركي يبدأ مناورات عسكرية في التنف
- قمة طهران: فرصة أخيرة لـ«المصالحات» قبل معركة إدلب
River to Sea Uprooted Palestinian
No comments:
Post a Comment