–
فضلنا أن ننتظر نشر النص الكامل لما عُرف بالتقرير السريّ لوكالة «أمان» الاستخباريّة عن شخصية الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، قبل أن نعلق أو نحلل ونفهم التقرير وإيحاءاته ووظيفته، وما يعكسه من مستوى تماسك أو ارتباك، قدرة على امتلاك مجسّات الإنذار المبكر، أم وقوع في البروباغندا المبتذلة، نجاح في فك شيفرة حزب الله وقائده، أم تغميس خارج الصحن لزوم تعزية الذات المهزومة، توصيف يحاكي ما يمثله العدو الأول للكيان بمقدار من معايير العلم، أم شعوذة تعبّر عن انحطاط مستوى التقييم الاستراتيجي ما يعني أبرز مؤشرات أفول الدول القائمة على القوة، خصوصاً أن التقرير هو الأول من نوعه عملياً، وهو من صناعة المؤسسة النخبوية الصانعة لمعطيات صناعة القرار الاستراتيجي في كيان الاحتلال، التي تتقدّم أمان صفوفها الأولى، وفي أجهزة استخبارات الدول التي تشكل الحروب مكوناً عضوياً من مكانتها، وتشكل الاستخبارات عصب المعطيات والمقدمات التي تبني عليها قراراتها، ومنها كيان الاحتلال، ثمة وحدات متخصصة برصد شخصيات «العالم الآخر»، سواء الأعداء أو الحلفاء، ويصل بعضها إلى بناء نماذج محاكاة تتمثل الشخصية المعنية وتحاول تلبّس قيمها ومفاهيمها وردّات فعلها، يتم اعتمادها للتنبؤ بمواقف هذه الشخصيات، بمثل ما قيل عن شخصيات كانت تلعب دور جمال عبد الناصر وياسر عرفات وحافظ الأسد، وشخصيات بريجنيف وأندروبوف، وكاسترو في دوائر الاستخبارات الإسرائيلية.
–
ليست القضية في المعلومات التي تمّ نشرها في التقرير، والتي يعرف أبسط الناس أنها دون مستوى الحديث عن ملف سري أو عمل استخباريّ، في الصحيح منها، وهو علني ومعلوم للعامة، أو أنّها جزء من حملة إساءة متعمّدة بتسويق صفات وخصال يعرف كل متابع أنها بعيدة كل البُعد عن شخصية السيد نصرالله، القضية تكمن أولاً وأخيراً في درجة الجدية التي يظهرها التقرير لفهم الخصم الأول، وسبر غور شخصية القائد الذي يعترف قادة كيان الاحتلال أنه مصدر القلق الوجودي لكيانهم، وليس المعيار هو النجاح أو الفشل، بمقدار ما هو الجدية، والاستناد إلى درجة من المقاربة الموضوعية العلمية التي يجب ان يتحلى بها العدو عندما يحلل نقاط قوة ونقاط ضعف عدوه. فعندما نقرأ تقرير فينوغراد الذي أعدّته لجنة التحقيق الخاصة بحرب تموز 2006، نقع على هذه الجدية وهذه المحاولة لمقاربة الوقائع بعيداً عن روح تزيين الهزيمة وتحويلها الى نصر، أو تهوين العدو والاستخفاف بمقدراته وإنجازاته، فقيمة تقرير فينوغراد تكمن في أنه أظهر أن الكيان الذي أصيب بفشل استراتيجي كبير في الحرب التي فشل بتحقيق أهدافها، لا يزال قادراً على التصرف بمعايير «الدولة»، أي فصل التقييم عن الموقف، وامتلاك مساحة للقراءة تحتكم لمعايير على درجة من محاكاة الوقائع بعيداً عن «النرجسية»، التي تختصرها معادلة إخضاع الوقائع للتمنيات والرغبات، وتجاهل الحقائق لخدمة السياسات.
–
بمعزل عن أي قراءة في المعلومات والتحليلات التي تضمّنها تقرير أمان حول السيد نصرالله، ستقدّم لأصحابها خدمة مجانيّة في النفي والتأكيد، تقول سيرة المواجهة بين الكيان وحزب الله، وفقاً للرواية الإسرائيلية الصادرة عن أعلى المستويات السياسية والعسكرية في مؤسساته، أن حرب عام 2006، التي يصنفها التقرير كنقطة صدمة في مسيرة حزب الله، هي نقطة التحوّل إلى قوة استراتيجية عظمى، بينما هي بداية عدّ تنازلي للقيمة الاستراتيجية للكيان وقدرته على شنّ الحروب. والمعيار هنا ليس بالرغبات بل بالوقائع، هل شكل القرار 1701 مدخلاً لإضعاف حزب الله كمصدر لقلق جيش الاحتلال على الحدود اللبنانية، كما قال قادة الكيان في تسويقه، أم أنه شكّل إطاراً لتعاظم مقدرات حزب الله كتهديد جدّي ووجوديّ للكيان. وهل شكلت الحرب في سورية سبباً لإغراق حزب الله في حرب استنزاف، كما راهن قادة الكيان، أم تحوّلت الى فرصة لتعملق حضوره الإقليميّ ومصدر شراكته في انتصارات كبرى، وامتلاكه خبرات استثنائية وتحالفات عابرة للمنطقة وما وراءها، كما تعترف تقارير المؤسسات الإسرائيلية واعترافات قادته؟ وهل ظهر حزب الله منذ حرب 2006 صاحب خطة لبناء المزيد من عناصر القوة التي تجعله أقرب لرفع درجة التهديد لأمن الكيان، بينما ظهر الكيان يراوح مكانه في السعي لردم الفجوة التي ظهرت بينه وبين الحزب في حرب تموز 2006 والآخذة في الاتساع لصالح الحزب، مع فشل سياسات ترميم قدرة الدرع، سواء على صعيد الجبهة الداخلية، أو على صعيد القوات البرية، أو على صعيد القبة الحديديّة؟ وماذا عن قطع حزب الله لأربع مراحل إضافية من التهديد بعد تموز 2006 يعترف بها كل قادة الكيان، القدرة على الدخول الى الجليل، الانتقال من صواريخ محدودة المدى والقدرة التدميريّة الى صواريخ ثقيلة بعيدة المدى، وثالثا الانتقال الى عهد الصواريخ الدقيقة، وأخيراً هل نجح حزب الله بالانتقال من حرب الجبهة الواحدة الى حرب الجيهات المفتوحة عبر تأسيس محور المقاومة الممتدّ بين لبنان وفلسطين وسورية والعراق وإيران وصولاً إلى اليمن؟
–
يأتي تقرير أمان في غربة عن الواقع أمام حجم التحديات والتحولات التي تمثلها لصالح حزب الله وقائده، ليخبرنا عن شخصية مأزومة بعد صدمة 2006، متردّدة، نرجسيّة، وهو ما يصحّ فعلاً في حال الكيان وليس أفراد قياداته، بل روحه الجماعيّة، التي تبدو قد دخلت آخر مراحل الانحطاط التي تسبق عادة الأفول، عندما تعيش حالة اغتراب ومفارقة وانفصام تجعلها تزين الواقع لتعزي نفسها المأزومة والمهزومة، بعدما فشلت في تغييره، ويكفي كمثال أن نتذكر ونذكر، أن السيد نصرالله الذي يقول التقرير إنه خفّض لهجة تهديداته وصار يشترطها بشنّ حرب إسرائيليّة ويحصرها بحال الردّ على هذه الحرب، لم يغادر هذه المعادلة يوماً، ولم يتحدّث يوماً عن حرب يبادر اليها، بينما مَن فعل العكس هو الكيان، الذي كان يتحدث دائماً عن حرب استباقية تؤكد قدرة الدرع، ثم حرب استباقية ترمم هذه القدرة، وصار اليوم يتحدث بلسان كل قادته عن قدرته التدميريّة في أي حرب مقبلة يشنّها حزب الله، وحزب الله لم يقل يوماً إنه سيشنّ حرباً. وذروة الانحطاط في حال الدول والكيانات قبل الأفول، عندما تزيّف الحقائق لترضي غرورها وتطمئن ولو كان التهديد وراء الباب يقترب، وتصير القراءات التي يفترض أن تستند الى العلم مجرد ادوات لبروباغندا قائمة على الأكاذيب والتلفيقات.
–
السؤال الذي يطرحه التقرير، ماذا لو فعل حزب الله الشيء نفسه، أي قرأ كيان الاحتلال بالعيون الزائفة التي يظهرها التقرير في القراءة الإسرائيليّة؟ فالحزب يبني قوته بالتوازي مع الحفاظ على قراءة موضوعيّة لمصادر قوة الكيان، وسعي لاستكشاف نقاط الضعف، لبناء خططه على العلم، والعلم وحده. وهذه المفارقة التي تبدأ مع انتقال الكيان من مرحلة فينوغراد الى مرحلة أمان، تفتح سياقاً جديداً للتعبير عن تفوّق حزب الله، الذي بدأ أساساً كتفوق أخلاقي، في القضية والبنية والعقيدة والسياسة والقيادة، وفي آلية الأداء وقراءة العدو وفهمه. وهذا التفوّق ينمو كما تنمو فجوة القوة، ويستمر كما تستمر.
«إسرائيل» تقرأ «في عقل نصر الله»: فضيحة استخبارات وفضيحة صحافة
فضيحة صحافة واستخبارات في «إسرائيل»: أهوَ عقل «أمان» أم عقل نصر الله؟
السبت 13 آذار 2021
أتابع الإعلام الإسرائيلي منذ تسعينيّات القرن الماضي. كنّا نحصل على صحف العدوّ من خلال بريد خاص في قبرص. صديق لديه اشتراك في صحف «إسرائيل» يرسلها مع صديق يعمل في شركة طيران الشرق الأوسط، وينتظرها زميل تعلّم العبريّة عن بُعد. قبل أن يصل إلى بيروت مترجمون عاشوا في السجون الإسرائيلية، ثم انطلق عالم الإنترنت في بلادنا، وكانت «إسرائيل» سبّاقة، ما أفادنا في الحصول على كلّ دوريّاتها، سواء الصحافية أو نشرات دراسية أو خلافه. ولطالما تميّز الكثير من الصحافيّين والكتّاب في «إسرائيل» بمعرفة واسعة، والأهم، بدرجة عالية من الاستقلالية، برغم مقصّ الرقابة العسكريّة الصارم. وكان الأفضل في تلك الفئة من الإعلاميين الإسرائيليين، عدم الانجرار الى البروباغندا الرديئة، حتى لو اقتضت المصلحة العليا لبلادهم ذلك.
مفاجأة أمس، ليست سوى إشارة إضافية الى تدهور يحصل في «إسرائيل» على مستويات كثيرة، من بينها الصحافة نفسها. لا أعرف كيف قبلت إدارة التحرير في صحيفة «يديعوت أحرونوت» تلقّي هذه الإهانة المهنية ووافقت على إنتاج مادة كان يمكن لطالب في كلية الإعلام أن يعدّ ما هو أفضل منها لو طلب منه أستاذه إعداد بحث موجز عن شخصية عدو إسرائيل الأبرز، أي السيّد حسن نصر الله.
على مدى أيام، روّجت الدعاية الإسرائيلية لحدث صحافي سينشر يوم الجمعة (أمس) ويتعلّق بكشف شعبة «أمان» (الاستخبارات العسكرية في جيش العدوّ) معلومات مصنّفة تتعلق بالسيّد نصر الله. وتم أمس نشر التقرير المفصّل تحت عنوان «الملفّ السرّي لنصر الله، في أمان». ومع أن الموجز الذي سرّب في الأيام الماضية لم يكن يحمل عناوين مغرية، إلا أن الصدمة كانت في التقرير نفسه الذي كان من الأفضل نشره في موقع «ديبكا» وبقلم رئيس تحريره المشهور بنقص صدقيّته، غيورا شاميس، وليس عبر كاتبين مخضرمين وبارزين مثل يوسي يهوشع ورؤوفين فايس.
من المفيد الإشارة أولاً، إلى أن التقرير يستند إلى مقابلات مع عاملين في «أمان»، وهي أكبر الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية وأكثرها كلفةً من حيث الموازنة. ويتركّز نشاطها حول جمع وتحليل المعلومات العسكرية من خلال المصادر المختلفة، وتتولّى مهمة تشخيص الإنذار المبكر ضد الحرب والأنشطة العسكرية المعادية بشكل عام. إضافة إلى أنها مكلّفة بإعداد التقدير الاستخباري الاستراتيجي لوضعه أمام صانعي القرار في «إسرائيل». ولذلك يجري وصف «أمان» بأنه جهاز «التقدير القومي» لدى العدوّ، ولأوراقه دور بارز في صياغة سياسات تل أبيب تجاه الأطراف المعادية. ويشكّل قسم الأبحاث (الذي ينتمي إليه الضبّاط الذين أجروا المقابلة) نواة «أمان»، بوصفه الجهة التي تتجمّع فيها كلّ المواد الاستخبارية الواردة ليقوم بمعالجتها وتحليلها واستخلاص التقديرات اللازمة منها. ومن بين هؤلاء، عناصر من متخرّجي برنامج «حبتسالوت»، وهو البرنامج العَلَم لسلاح الاستخبارات الذي يجمع بين الخدمة الدائمة ودراسات العلوم السياسية وعلوم الشرق الأوسط، بالاندماج مع الأقسام التحليلية الآتية: علوم الكومبيوتر، الرياضيات، الاقتصاد والسياسة. ويتطوّع لاختبار برنامج «حبتسالوت» (تعني بالعربية زهرة الزنبق أو النرجس، سبق أن ذكرت في التوراة وطبعت على عملة الشيكل) نحو 50 متدرباً ومتدربة سنوياً، يتمّ العمل على تأهيلهم لدور ضباط الاستخبارات الرائدين الذين يتعاملون مع القضايا المركزية على جدول الأعمال الوطني والعسكري.
كان من الأفضل نشر التقرير نفسه في موقع «ديبكا» وبقلم رئيس تحريره المشهور بنقص صدقيّته، غيورا شاميس
حقيقةً، يحتار المرء في تقييم الصحافيين الذين نشروا التقرير للذين قدّموا لهم المعلومات. كان عليهم التدقيق فعلياً عمّا إذا كانوا أمام محلّلين وضبّاط جهاز محترف، أم أمام مجموعة هواة يحترفون الرصد الإعلامي. وبداهةً، كما يحلو لهم القول تكراراً، كان على الصحافيين إدراك أن «إسرائيل» في قلب معركة محتدمة وقاسية جداً. وفي هذه الحالة، لا تخسر الاستخبارات معلومات ذات قيمة من دون ضمان نتائج توازي أهمية المعلومة. وهذا ما ظهر في مضمون التقرير الذين يمكن الجزم بأنه «يخلو من أي معلومة ذات طابع استخباري»… لم تقدم لكم «أمان» أي معلومة ذات قيمة استخبارية، وهو أمر بالمناسبة يمكن فهمه لمن يعيش في قلب صراع بهذا الحجم. وحتى لا يتكرر الاستخفاف بكم مرة جديدة، سأروي لكم ماذا يجري من صوبنا نحن. هل تعتقدون مثلاً أن أجهزة الأمن السياسية والعسكرية التابعة للمقاومة، يمكنها أن تتسلّى بما يؤذي احترافيّتها عبر ضخّ معلومات ساذجة وسخيفة في الإعلام بقصد التبجّح؟ كان يفترض بصحافيّي العدوّ المحترفين ألّا يقعوا في هذا الفخ، وأن تتصرّفوا ــــ وإن كان هذا الكلام لا يُسعدكم ــــ بمنطق التماثل. وأنا أفيدكم هنا، بأنه لا يجدر بكم تخيّل أن حزب الله مستعدّ لمنحنا مقابلة مع متخصّصين في رصد قيادات العدو الاستراتيجيين، وتوفير تحليلهم ومعطياتهم لنا… أبداً هذا لن يحصل!
لكن، لنعد قليلاً إلى يوم قبل نشر التقرير، حين جرى حوار في القناة 12 الإسرائيلية حول التقرير. وفيه يسأل المحاور عن الهدف من التقرير، فيأتي الجواب مباشرة ومن دون تحضير على لسان يعقوب أخيمئير، وهو صحافي مخضرم ومقدم برامج سابق في قناة «كان»: التبجّح، التبجّح…
يحاول آفي بنياهو، وهو ناطق باسم الجيش الإسرائيلي سابقاً كبحَه بالردّ: كلا. لكن أخيمئير يكمل حديثه: كل أسبوع هناك مسرح، يقول لنا نجحت ونجحنا وفتحنا ملف نصر الله، كفى، حقاً كفى!
لكن بنياهو يحاول رتق الموقف: من الممكن أننا نريد أن نريه إلى أيّ مدى هو مكشوف، ومن الممكن أن هناك أموراً أخرى مكشوفة، كي يعلم بألّا يتعاطى معنا. كل ذلك عمل استخباري، تخفيض التصنيف الأمني لمعلومات استخبارية من أجل احتياجات عملانية، أفترض أنه يوجد هنا اعتبار من هذا النوع، لم يقم أيّ أحد بأيّ أمر سياسي إن قام طاقم من عناصر الخدمة النظامية في وحدة الأبحاث في أمان..
ومع ذلك يعود أخيمئير ليصدم الحضور: أكره هذا التبجّح كثيراً، بالتأكيد الأسبوع المقبل أيضاً سيكون هناك «انتصرنا» مرة أخرى…
الأمر هنا ليس سباقاً بين من يسجّل النقاط على الآخر. المسألة هنا في التواطؤ السيئ بين الصحافة وأركان المؤسسة العسكرية والأمنية في «إسرائيل» لمواجهة «عجز ما» أو حتى «عقدة نفسية». وهو عجز يتّصل بعدم قدرة العدوّ، ليس على عدم تحمّل تعاظم قوة المقاومة العسكرية وحسب، بل أيضاً على عدم تحمّل الموقع المتقدّم جداً الذي يحتلّه نصر الله في الوعي عند الجمهور الإسرائيلي، وليس حصراً عند أهل القرار في «إسرائيل». ويبدو أن حجم الأضرار والخشية لدى الجمهور الإسرائيلي، هو ما دفع بالقيادة العليا للجوء إلى الاستخبارات العسكرية، من أجل الترويج لبعض المفردات حول شخص السيد نصر الله، وإنْ مع إقرار لا بدّ منه، بصدقيّته وجدّية تهديداته وقدرته على تنفيذها، وتحديداً ما يتّصل باستهداف العمق الإسرائيلي.
ماذا يريدون أن يقولوا لنا؟ هل هي رغبة في ادّعاء المعرفة لدى الاستخبارات العسكرية، الى حدّ الزعم بأنه لم يبق شيء لا تعرفه «إسرائيل»، حتى لو كان في خانة النيّات المبيّتة، ومن دون أن يسأل من يفترض أنه يجري مقابلة: كيف لإسرائيل ألّا تُجهز على قيادة حزب الله دفعة واحدة ومن دون بصمة، طالما هي قادرة على معرفة النيّات في الصدور، وليس حصراً أماكن وجود قادة حزب الله وتدابيرهم…
ماذا يعني أن تخرج المقابلة مع 15 ضابطاً ومتخصّصاً وباحثاً ــــ يعملون ليل نهار لجمع المعلومات عن نصر الله وتحليلها ــــ بهذه المعطيات التي لا تزيد عمّا هو موجود في الإعلام العربي عن حزب الله وأمينه العام وعن عائلته وما يرتبط به، صحيحة كانت أو مختلقة أو محوّرة، وجرى عرضها للجمهور الإسرائيلي في سياقات محدّدة وموجّهة، للإيحاء بالقدرة على تحصيل المعرفة والربط بين الأمور، ومن بينها مقابلة نصر الله مع «الأخبار» عام 2014.
«أمان» تعرف الكثير، غير ما أعطته للصحافيين الإسرائيليين. وحتى لا تخرجوا من المولد بلا حمّص، سأفيدكم بالآتي:
نصر الله لا يعيش تحت الأرض، وهو يسافر خارج لبنان، ويتنقّل بين المدن والقرى وفي الشوارع والأحياء. ولديه فرق متخصّصة في كلّ شيء، وجدول أعمال فيه من جو بايدن إلى مختار ميس الجبل ورئيس المجلس المحلّي في مستوطنة شلومي.. وبالمناسبة، يداه تلامسان الأشجار دوماً!
فيديوات متعلقة
No comments:
Post a Comment