الى من يعتقد أن محمد مرسي قد أخافنا فانه مخطئ جدا لأن الحقيقة هي انه أخافنا على مصر أولا وعليه ثانيا .. وربما لاأغالي ان قلت بأن خطاب مرسي بالذات قد طمأننا .. وان ماقاله هو مؤشرات قوية على أن الثورة السورية ليست بخير وهي في موقف حرج وتمد يدها وهي تغرق في النهايات والأزمات .. وسنمر بسرعة على سبب هذا اليقين ..
مرسي أخافنا على مصر لأن رئيس مصر لايرى شرقه المليء بالتنظيمات التي تتسلل اليه واسرائيل التي تبحث عن حدودها التوراتية وقصصها القديمة في سيناء ومصر .. ورئيس مصر لايرى جنوبه المتفكك في السودان والزاحف اليه والدول الناهضة تحت سريره ومخدته .. ورئيس مصر لايرى غربه الدامي في ليبيا المتفسخة .. ورئيس مصر لايسمع أنين الشوارع المصرية الحبلى بالأزمات الطائفية .. كما ان رئيس مصر لايرى أن نهر النيل يستغيث .. لكنه يرى استنجاد سليم ادريس ..هذا الضجيج يدل على شيئين مهمين وهو أن القلق كبير جدا على مصير الحركة الاخوانية على العموم والتي تبيع مواقفها مقابل البقاء وهي الآن مستنفرة وقلقة .. ولكنه قد يدل برأي البعض على أنها تحضيرات مؤتمر جنيف .. بحيث تظهر المعارضة وقد أرضيت بالسلاح (ولو رمزيا) وتتشدد الأطراف الداعمة .. وعندها تستطيع قوى الثورجيين القول بأنها الآن قادرة على الحضور .. فهي قد اشترطت التسلح لتوازن النظام عسكريا كي تقدر على التفاوض في جنيف .. وهي الآن تحظى بدعم خارجي عارم ينسي الناس مر الهزيمة في القصير وعدد من المواقع ..
ولايرى الكثيرون أن الموضوع يتعدى العض على الأصابع .. لأن تغيير الاتفاق الروسي الأمريكي ليس واردا الآن وهو اتفاق ليس نحو المواجهة .. بل الاتفاق هو حمل الأطراف الى جنيف .. والأمريكيون - كما يتردد - يريدون أن تصل الدولة السورية الى جنيف وهي قلقة من التغيرات المفاجئة ومستعدة لبعض اللين اثناء المفاوضات .. وكذلك يريد الأمريكيون أن تحس المعارضة أنها لم تؤخذ الى جنيف مهزومة ولابد من اعلان تسليحها وتشديد الصراخ بمساندتها كي تبرر لجمهورها الذهاب الى جنيف ..
لذلك قام محور الشر باطلاق مجموعة من المواقف المتتالية والمتلاحقة التي لايفهم من تلاحقها وتسلسلها الا تطمين القلقين والواجفة قلوبهم .. ولذلك بدا الكلام عن جبهة حلب وخطوطها الحمراء والسلاح الكيماوي ثم انتقل الأمريكيون فجأة من حالة الأسد المتأهب الى التسليح المتأهب .. وبحركة سريعة مفهومة متوافقة مع الحركة الأمريكية تداعى الاسلاميون الى مؤتمر في مصر للافتاء بالجهاد السريع التي تلاها موقف من الرئاسة المصرية الأسرع بأن المصريين قادرون على القتال في سورية دون مساءلة .. ثم شمر محمد مرسي عن عضلاته .. وأعلن عن جملة اجراءات هي الأكثر عنفا لمعاقبة النظام السوري وتهديد حزب الله .. وكان يتحدث ويكرر عباراته وكانه يستجمع خطاب عبد الناصر عام 1956 عندما أعلن عن تأميم قناة السويس .. ولكن ليس عند محمد مرسي شيء لتأميمه .. لاشيء بقي في مصر .. يبيع الاخوان كل مابقي من الأثاث السياسي العريق في البيت المصري .. لذلك يبحث مرسي عن شيء يؤممه في الخارج ..
ظهور مرسي كان مسرحيا جدا ومثيرا للسخرية وهو يطالب حزب الله بالخروج من سورية فيما اسرائيل في الأقصى يوميا وفي كل فلسطين ومنذ أن ولد مرسي .. ولكنه مسكين لأننا جميعا نعرف أنه ان مدين لاسرائيل في وصوله للسلطة .. وأنه لاحول له ولاقوة .. وكان الله في عونه ..
لقد أراد مرسي الظهور مع جملة البيانات كما لو كان يظهر في الحملات الدعائية والاعلانية مع حشد كبير يهلل ويصفق .. وربما كان كل واحد من المصفقين ينتظر كيس رز وسكر بعد الخطاب كما درجت عليه عادة الرشوات الاخوانية للفقراء والمتدينين في مهرجانات دعائية وانتخابية .. ولكن الحشد أيضا كان حشدا للاخوان بامتياز وتميز بكثرة اللحى والجلابيب والأغطية والاقنعة والشراشف وغابت مصر الجميلة البهية عنه كليا .. فهو حشد للاخوان المسلمين وليس للشعب المصري الذي ليس همه الآن الجهاد في سورية وهو يرى أنه محاصر بالأزمات في وجود اسرائيل شرقا وحماس التي تتحول الى بلاكوتر على كتف مصر بالتدريج .. وتستعد فوضى ليبيا لاجتياحه غربا .. ومياه النيل وأزمات السودان جنوبا ..ومع هذا يريد الرجل أن يحارب في اقصى الشمال ..
هذه التمثيليات وأبطال الكرتون تسبب التثاؤب .. وعلى الجميع أن يدرك أننا في الحرب لانؤخذ على حين غرة .. والسيد حسن نصر الله كان يعرف انه ان دخل سورية أم بقي خارجها فان الثورجيين قد أحضروه معهم الى سورية في رواياتهم الأسطورية منذ الأيام الأولى وفعلوا العجائب لاتهامه واستفزازه كي يدخل الى سورية حتى وصل الأمر الى اختطاف حجاج لبنانيين في اعزاز .. ولكنه لم يدخل الا عندما عرف أن الثورة هي في النهاية ثورة اسرائيلية خالصة وأنه هو ومقاومته المقصودان وأنهما غاية الثورة .. ولكنه صبر على تحرشات الثورجيين حتى نضجت جلودهم .. فقال لهم: سنكون حيث يجب أن نكون .. لاحيث أنتم تريدون .. وحيث يكون نصر الله تكون الحقيقة ..مرسي 2013 لايمكن أن يقف في حذاء ناصر 56 رغم الجهد الواضخ لاضفاء صورة ناصر 56 على مشهد تأميم (سورية) ..
ولايمكن لمرسي أن يمد جناحيه كما مد عبد الناصر جناحيه اللذين وصلا من المحيط الى الخليج .. ومرسي ليس الا مجرد طائر صغير بلا زغب القطا لايكاد جناحه العاري يخرج من شرفة قصر الاتحادية .. فهو ليس أكثر من هبة قطر لسليم ادريس ..
ولابد من تذكير مرسي أن نهر النيل لاينبع من شمال سورية .. وهيرودوت يراقب هذا الذي يعبث بأم النيل وحضن النيل .. ولابد ان يقول له شيئا قريبا .. انتظر هيرودوت يامرسي .. عند هيرودوت الخبر اليقين ..يامرسي تعلم الجغرافيا ومسير الأنهار الكبرى .. نهر النيل .. ونهر الفرات .. ونهر بردى .. ونهر الأردن .. وأهم الأنهار .. نهر نيران الجيش السوري وحزب الله الذي وصل الى مابعد بعد حيفا .. فكيف بك تريد الوصول الى مابعد بعد حيفا .. شمالا ..
يا مرسي هذا عار ..وهذا حيف ..
فاقعد قبل قبل قبل حيفا مع صديقك العظيم .. وارفع الأذان بصوتك في الكنيست الاسرائيلي أن تمكنت .. تبا لك






No comments:
Post a Comment