Monday, 17 April 2017

هل سيعيدها ترامب؟؟ رهائن أميريكا في سورية بين مجانين البنتاغون ومروض المجانين


بقلم نارام سرجون

تبدو عملية التنبؤ بما سيفعله الأميريكيون مغامرة لمن فاجأه ترامب .. وعندما تقرأ مايكتب أو تسمع آراء المحللين تجد بعض التردد في اطلاق أي توقع أو نبوءة لأن الاعلام الغربي يستغل ضربة الشعيرات التي لم يتوقعها كثيرون لبناء تهديدات والتبشير بعمليات أخرى..

 ووصل الأمر مبلغا فيه اسفاف وتنطح واستعراض ممجوج واستخفاف وصل الى حد نسب قرار الضربة الى مزاج ايفانكا ترامب وانفعالاتها وليس الى قرارات البنتاغون .. بل ان السخرية كانت في ترويج أن ايفانكا هي التي تسببت بالضربة على مطار الشعيرات في جلسة على العشاء مع أبيها .. وكأن أميريكا تقودها مشاعر صبية وليست حسابات النخب .. ولاندري كيف ستقود ايفانكا انفعالاتها اذا توترت الأمور بين روسيا وأميريكا ووصلت الى حد الحرب فتطلب من أبيها الحقيبة النووية على العشاء ..  ولذلك فان هذا التهديد والوعيد باستعمال عملية الشعيرات لايشبه الا طبخ وجبة يعاد تسخينها وتسخين بقاياها كل ساعة لتنتشر رائحتها المتعفنة في الأجواء ..

دعونا نقر بأن المواجهة الآن في العالم ستكون بين الشرق والغرب وتقودها نخب روسيا ونخب أميريكا ..والفرق هو أن نخب أميريكا تقود ترامب فيما يقود بوتين نخب روسيا .. ومفصل الصراع هو سورية .. لأن انتصار النخب سيتقرر في سورية التي تمسك بمفاصل القرن الواحد والعشرين لأسباب جيواستراتيجية ولها علاقة بأنبيب وخطوط الطاقة ..

الخشية ليست في جنون ترامب لأنه لايقرر قرارا دون موافقة النخب السياسية والعسكرية والمالية التي فرضت عليه معادلة المواجهة معها أو المواجهة مع روسيا فاختار ترامب على مايبدو المواجهة الخارجية والهدنة مع النخب الاميريكية حيث أسماك القرش تحيط به لالتهامه ..
وبالغوص في تفاصيل المشهد نجد أن مجانين أميريكا من النخب قد لايوقفهم الا مجانين يتفوقون عليهم في الجنون .. ولكن النظر الى المشهد العسكري في منطقة الشرق يوحي أن توازن القوة لم يتغير منذ عهد  أوباما وأن المعادلات الصعبة التي واجهت فريق أوباما لاتزال هي التي تحكم فريق ترامب دون أي تغيير .. فالنخب العسكرية في البنتاغون والسي آي أيه لم تتغير .. وماتغير هو الرئيس الذي كان يستشير ميشيل أوباما فحل محله ترامب الذي يستشير ايفانكا ..

المعضلة التي وضعها أوباما أمام النخب العسكرية والاستخباراتية عندما طلب منه توجيه ضربة الى سورية عام 2013 كان هو ان كانت هذه النخب قادرة على التنبؤ برد فعل الروس والإيرانيين وحزب الله .. ومدى حماية إسرائيل في هذه المعركة .. وفوجئ أوباما أن الأجوبة كانت متفاوتة ومتناقضة ومتضاربة ولكنها امتنعت عن إعطاء أجوبة كاملة وقاطعة .. وكان أوباما يطلب أن تتخذ قيادة البنتاغون قرارا تقدمه للإدارة يتضمن كل الاحتمالات والاستعدادات .. ولم تتمكن قيادة البنتاغون من تقديم هذا القرار النهائي  ةتقدير دقيق للموقف وتحمل مسؤوليته رغم الحاح الرئاسة ..

اليوم لم يتغير شيء ولاتزال قيادة البنتاغون غير قادرة على التنبؤ فعلا برد فعل روسيا وايران وحزب الله للتضامن مع الحليف السوري .. بل ان روسيا اليوم موجودة على الأرض السورية بعكس عام 20133 .. كما أن الترسانة العسكرية التي تنتشر على الأرض السورية غير مسبوقة .. ولكن أهم معضلة يواجهها البنتاغون اليوم هي في متغير جديد لم يكن في عهد أوباما يكمن في وجود مئات من الرهائن الاميريكيين على الأرض السورية وهو المتمثل في قرابة 3000 جندي وخبير أميريكي ينتشرون في الشمال السوري وفي مقرات ومعسكرات وقواعد معروفة ومرصودة .وهذا الرقم مرشح للتصاعد .. ولن يكون هناك داع  لتوجيه ضربة للأهداف الأميركية خارج الأراضي السورية أمام بنك الأهداف الأميريكية المرصود في الشمال السوري والذي تراقبه مئات العيون والأقمار وأجهزة الاستشعار .. وهذا مايقصده الرئيس بوتين بتذكيره بأجواء عام 2003 حيث أصيب الأميريكيون بالجنون ولكنهم وجدوا حرب استنزاف بانتظارهم ..وكأن هذا تلويح لهم بأنهم يضعون حياة جنودهم في خطر .. كما أن مايعكر صفو المخططات لنخب البنتاغون هو أن كان يمكن تحييد إسرائيل ان اتسعت المواجهة معهم .. بل هناك يقين بان إسرائيل ستعاقب بشكل أو بآخر لأنها أيضا الرهينة الأكبر في المنطقة ان اندلعت الحرب ..

في قراءة ضربة الشعيرات الكل يعرف أن ترامب أبلغ بها من قبل البنتاغون والمخابرات فوافق عليها لأنه لم يبق لديه خيار الا بالقبول بها لأن الاعتراض على خطط البنتاغون يعني أنه أعلن الحرب على البنتاغون والاستخبارات .. وكان البنتاغون يريد أن يرسل رسالة الى الروس مفادها أن الأمور تغيرت وأن الأميريكيين لن يقبلوا بالتسليم بالهزيمة في المشروع السوري وأن مرحلة جديدة بدأت .. ومن الواضح أن البنتاغون لايريد تصعيد الأمور وهو يقوم بحسابات دقيقة جدا .. لكنه يريد تهديد الروس لتغيير بعض التراجعات التي فرضت على الأميريكيين والتي تقدم فيها الروس في الملف السوري والمفاوضات والتي تم التوصل اليها في زمن أوباما ولكنها لاتزال تلاقي معارضة من العسكريين والنخب السياسية التي تعتقد أن إدارة المفاوضات لم تكن موفقة وأن الروس كانوا في غاية المهارة في هذه المفاوضات .. ولذلك فان  الرسالة عبر ضربة الشعيرات تقرر ارسالها ليتم توقيتها قبل زيارة تيلرسون الى موسكو .. ليقول للروس بأن إدارة ترامب غير قادرة على متابعة المسار السابق لنتائج التفاوض دون تحقيق بعض المكاسب .. وان  هناك صقورا أو مجانين في البنتاغون لم يعد بالإمكان ضبطهم أو ارضاؤهم وخرجوا عن السيطرة وفرضوا على الرئاسة إقرار الضربة للقول للروس بانهم جاهزون للحرب في سورية مالم يتم تغيير ملامح المصالح التي يجب أن تراعى للولايات المتحدة في سورية .. وبمعنى آخر فان الاميركيين لايريدون المواجهة ولكنهم غير راضين عن المآل الذي انتهت اليه مصالحهم في الشرق بعد الانسحاب من العراق وعدم حدوث اعتراف بنفوذ لهم في سورية .. وغالب الظن انهم يريدون الاعتراف ببعض النفوذ في الشمال السوري لمنع التلاقي السوري العراقي الإيراني على خط واحد .. وربما يريدون قبولا سوريا روسيا رسميا بتواجد أميريكي في المنطقة الشرقية ..
وهذا ان حصل فانه سيعني أن أميريكا اقتربت من حدود روسيا الجغرافية الجنوبية ولامست حدودها الاستراتيجية كثيرا لأن تركيا رغم أنها أطلسية لكن قاعدة أنجرليك الاميريكية فيها بعيدة نسبيا إضافة الى  أنها قد يتم اغلاقها مستقبلا اذا ماتوترت الأوضاع الداخلية في تركيا وتأزمت علاقتها مع الغرب بسبب الملف الكردي الذي يطفو على السطح كما هو متوقع في المدى المنظور .. ولكن الديبلوماسية الروسية تتوافق مع السورية في توصيف التواجد الاميركي بأنه غير شرعي وعدواني وذلك منعا لتثبيته وتحضيره للمغادرة حالما تنتهي المرحلة المؤقتة ..

الأميريكيون بالخلاصة ليسوا في وضع عسكري جيد – خاصة بعد غموض مصير 36 صاروخ توماهوك – لأن معادلات عام 2013 لازالت تقول انهم في نفس الوضع بينما تغير الوضع المقابل كثيرا لصالح الخصوم حيث نزل الروس على الأرض ونزل سلاحهم النوعي وصار بيد السوريين كما أن الجنود الاميركييين دخلوا الى شمال سورية ليكونوا رهائن وأهدافا سهلة لضربات صاروخية أو جوية أو عمليات كوماندوز وحرب العصابات ناهيك عن وجدو الرهينة الإسرائيلية بيد حزب الله .. وهذا ماسيعيد الساعة الأميركية الى زمن جورج بوش وعقدة التورط ورهاب استقبال النعوش والتوابيت الى مطارات أميريكا ..  ولا يوقف هذا المشهد الا الانسحاب الاميريكي من جديد مع ماسيحمله من خلل كبير في صورة اميريكا وفي قوتها الرادعة وهيبتها بعد الانسحاب الثاني كما أن الانسحاب سيعني أن القوى الكردية والعشارية التي تريد أميريكا نشرها لن تتمكن من ملء الفراغ دون الدعم الأميركي .. وفي حال رفض البنتاغون الذهاب في خيار الانسحاب فلن يبقى من خيارات الا اطلاق العنان للمجانين في البنتاغون للتصعيد نحو الحرب .. وهؤلاء سيجدون على الطرف المقابل في المحور السوري الروسي الإيراني من يجيد التعامل مع المجانين .. والا فستكون الرسالة: أوقفوا مجانينكم لأن لدينا مجانين أيضا لن نقدر على ايقافهم ..

اذا استقبل الرئيس بوتين وزير خارجية أميريكا أو مايمكن تسميته بمبعوث المجانين فان هذا يعني أن رسالة المجانين ووعيدهم مجرد خدعة إعلامية لأن ماسيقوله مبعوثهم خلف الكواليس ليس خطيرا  ولاتهديدا ولاوعيدا بل طلب لاعادة التفاوض حول بعض النقاط التي تقض مضجع المجانين .. وان رفض الرئيس بوتين استقباله فهذا يعني رسالة الرئيس بوتين للمجانين بأنه سيقبل التحدي .. وسيروض المجانين مع حلفائه .. واذا ماهوتالسياط على ظهور المختلين عقليا فقد تصاب ايفانكا بالحزن والقلق وبقلة الشهية على العشاء مع أبيها ولاتقدر أن تطلب منه أن يستدعي حقيبة التوماهوك بعد اليوم ليضرب لها السوريين حتى ترضى ..


River to Sea Uprooted Palestinian   
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!

No comments: